الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3-
عن جابر بن عبد الله «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى أُحُدٍ في ثوب واحد ثم يقول: أيهم أكثر أخذاً للقرآن؟ فإذا أُشير له إلى أحدهما قدَّمه في اللحد وقال: أنا شهيد على هؤلاء، وأمر بدفنهم بدمائهم ولم يصلِّ عليهم ولم يغسِّلهم» رواه البخاري والنَّسائي والترمذي. وروى أحمد عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال في قتلى أُحُد «لا تُغَسِّلوهم، فإن كل جرح أو كل دم يفوح مِسكاً يوم القيامة، ولم يصل عليهم» . وهذا الحديث أصلٌ في عدم غسل الشهيد، وأنه يُدفن بثيابه ولا يُصلى عليه، فإن دماءه ستفوح مِسكاً يوم القيامة.
الحديث الأول يبين كيف يغسل الميت، وأن الغاسل له يبدأ بميامنه ومواضع الوضوء منه ثم يغسل سائر بدنه، ويُستحب أن يُغسل ثلاثاً أو أكثر ولا يُزاد على السبع، ويُجعل في الماء القليلُ من السدر للتنظيف وهو اليوم الصابون، والقليل من الكافور للتحنيط والتطييب، ولا بأس بوضع أي طيب آخر.
ولإتمام الفائدة أذكر عدداً من أحكام غُسل الميت، رغم أن هذا الموضوع مكانه كتاب الجنائز وليس كتاب الطهارة، فأقول: يلي غسلَ الميت زوجتُه إن كان متزوجاً، أو زوجها إن كانت متزوجة، والأقارب: الأقرب فالأقرب، وإن كان المتوفَّى في غير أهله غسَّله الرجال إن كان رجلاً، والنساء إن كانت امرأة، ولا يحل لهؤلاء النظر إلى عورته، لأن حُرمة العورة سواء للحي والميت، ويَلُفُّ الغاسلُ على يده خرقةً يغسل بها عورته حتى لا يمسَّها، وتكون العورة مغطَّاة، فيُدخل يده من تحت الغطاء.
والحديث الثاني يبين كيفية غسل من مات وهو مُحْرِمٌ بالحج، وكذا العمرة، وهو واضح لا حاجة إلى شرحه.
والحديث الثالث يبين أن الشهيد لا يُغسَّل ولا تُنزع ثيابه، وإنما يدفن بها بما عليها من دماء، ولا يُصلَّى عليه.
رابعاً: الحيض
الحيضُ لغةً: السيلان والجريان، فيقال حاضت المرأة تحيض حيضاً ومحيضاً ومحاضاً إذا سال دمها، والمرأة حائض وحائضة، ومنه يقال للحوض حوض لأن الماء يحيض إليه أي يسيل ويجري. وفي الشرع: جريان دم المرأة من رحمها بعد بلوغها في أوقات معتادة. والحيض يجب له الغسل بلا خلاف، وهو معلوم من الدين بالضرورة، وقد وردت في غسل الحيض النصوص التالية:
1-
عن أنس بن مالك «أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يُؤاكلوها ولم يجامعوهن في البيوت، فسأل أصحابُ النبي صلى الله عليه وسلم النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى: {ويسألونك عن المَحيضِ قل هو أذىً فاعتزلوا النِّساءَ في المَحِيض} ، إلى آخر الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اصنعوا كل شيء إلا النكاح، فبلغ ذلك اليهود فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئاً إلا خالفنا فيه، فجاء أُسيد بن حُضَير وعباد بن بشر فقالا: يا رسول الله إن اليهود تقول كذا وكذا فلا نجامعهن، فتغيَّر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ظننَّا أن قد وَجَدَ عليهما فخرجا، فاستقبلهما هدية من لبن إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل في آثارهما فسقاهما، فعرفا أنْ لم يَجِدْ عليهما» رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنَّسائي. قوله: لم يجامعوهن: أي يتركونهن وحدهن. وقوله: وَجَد عليهما: أي غضب عليهما.
2-
عن عائشة رضي الله عنها «أن أسماء سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسل المحيض فقال: تأخذ إِحداكنَّ ماءها وسِدْرتها فتطَّهَّر فتحسن الطهور، ثم تصب على رأسها فتدلكه دلكاً شديداً حتى تبلغ شؤون رأسها، ثم تصب عليها الماء، ثم تأخذ فِرْصةً مُمَسَّكةً فتطَّهَّر بها فقالت أسماء: وكيف تَطَهَّر بها؟ فقال: سبحان الله تطهَّرين بها، فقالت عائشة كأنها تُخفي ذلك: تَتَبَّعين أثَر الدم
…
» رواه مسلم. وفي لفظٍ «
…
قال: خذي فِرصة مُمَسَّكةً فتوضَّئي ثلاثاً، ثم إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم استحيا، فأعرض بوجهه أو قال: توضَّئي بها، فأخذتُها فجذبتُها، فأخبرتُها بما يريد النبي صلى الله عليه وسلم» رواه البخاري. قوله شؤون رأسها: أي أصول شعر رأسها. وقوله الفرصة
- مثلَّثة -: أي القطعةٌ من الصوف أو القطن أو ما إلى ذلك. وقوله مُمسَّكة: أي مُطيَّبة بالمسك. وأسماء الواردة في الحديث هي أسماء بنت شَكَل الأنصارية.
3-
عن أم سلمة رضي الله عنها قالت «قلت يا رسول الله: إني امرأة أشدُّ ضَفْر رأسي أفأنقضه للحيضة والجنابة؟ فقال: لا، إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حَثَيات ثم تُفيضين عليك بالماء فتَطْهُرين» رواه مسلم. وقد مرَّ. ووردت في الحيض أحاديث أخرى منها الصحيح ومنها الضعيف، إلا أننا اكتفينا بهذه الأحاديث الثلاثة لأنها تفي بالغرض.
الحديث الثالث يدل على أنَّ صفة الغسل من الحيض تماثل تماماً صفة الغسل من الجنابة، ففي الحديث إجابة واحدة من الرسول عليه الصلاة والسلام على سؤال أم سلمة عن غسل الجنابة والحيض. فالحائض تغتسل كما تغتسل من الجنابة ولا يجب عليها نقض شعرها في غسل الحيض، كما لا يجب عليها نقضه في غسل الجنابة. وقد مرَّ بحثُه فلا نعيد.