الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بقيت نقطة هي ما عمَّ هذه الأيام وشاع من استعمال العطور التي تدخل الكحولُ المسكرة في صناعتها، فهذه العطور يحرم استعمالها، وقد تقدم بيان ذلك في مسألة الاستحالة، فليحذر المسلمون من استعمالها لأنها نجسة ومحرَّمة، ويمكنهم التَّحرِّي عنها بسؤال الصيدلي الخبير الموثوق عند شرائها، فما دخلت الكحول المسكرة في تركيبها تركوها وما سواها فجائز.
الفصل السابع
الأغسالُ المستحبَّة بالنصوص
وإنما قلنا (بالنصوص) لأجل التفريق بين الأغسال التي وردت نصوص خاصة بها تحث عليها، وبين الأغسال المستحبة التي لم ترد فيها نصوص خاصة بها.
لقد حث الشرع على النظافة، فدخلت عموم الأغسال تحت هذا الحث، فكانت مندوبة لأجل هذا، إلا أن الشرع قد خصَّ مناسباتٍ معينةً بنصوص خاصة، ولم ينصَّ على ما عداها لتبقى داخلة فقط تحت عموم النصوص الحاثة على النظافة. ونحن هنا في هذا الفصل نتناول فقط المناسبات المخصوصة بالنصوص. وهذا الفصل وهذا القول يتناولان المستحبَّ المندوب من الأغسال، دون الواجب منها كغسل الجنابة وغسل الحيض مثلاً، لأن لهذه موضعاً آخر غير هذا الموضع.
باستعراض الأدلة الصالحة نجد أن الشرع قد حدد أربع مناسبات فقط يُغتسل فيها هي:
أ- يوم الجمعة.
ب- عند الإحرام ودخول مكة.
ج- عقب الإفاقة من الإغماء.
د- عقب تغسيل الميت.
هذه هي المناسبات الأربع فحسب التي خصَّها الشرع بنصوص تحث على الاغتسال فيها، أما ما سواها من المناسبات كالعيدين ويوم عرفة والاعتكاف وحلق العانة والحجامة وغيرها فلم ترد فيها نصوص صالحة للاستدلال تحثُّ على الاغتسال فيها. فمثلاً روى أحمد وابن ماجة عن الفاكِهِ بن سعد «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل يوم الجمعة ويوم عرفة ويوم الفطر ويوم النحر، قال: وكان الفاكِهُ بن سعد يأمر أهله بالغسل في هذه الأيام» فهذا الحديث في إسناده يوسف بن خالد متَّهم بالكذب والزَّندقة. ومثلاً روى البيهقي عن ابن عباس قال «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل يوم الفطر ويوم الاضحى» فهذا الحديث في إسناده حجاج بن تميم قال عنه ابن عدي: روايته ليست بمستقيمة. وفي إسناده أيضاً جُبارة ضعَّفه البخاري والنَّسائي، ورماه ابن معين بالكذب. ومثلاً روى البيهقي وأحمد وأبو داود والدارقطني عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «يُغتسل من أربع: من الجنابة ويوم الجمعة ومن غسل الميت والحجامة» قال التِّرمذي (سألت البخاري عنه فقال: إن ابن حنبل وعلي بن عبد الله قالا: لا يصح في هذا الباب شيء وليس بذاك) . ومثلاً روى البيهقي أنَّ عائشة رضي الله عنها تقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الغسل من خمسة: من الجنابة والحِجامة وغسل يوم الجمعة وغسل الميت والغسل من ماء الحمَّام» قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله - يعني ابن حنبل- يتكلم في مصعب - هو مصعب بن شيبة أحد الرواة - ويقول: أحاديثه مناكير، وسمعته يتكلم في هذا الحديث بعينه. ولكنني أقول: لئن لم يثبت حديثٌ في غسل العيدين ولا في الحجامة ولا في يوم عرفة ولا في غيرها غير ما ذُكر من مناسبات أربع، فإن الغسل في هذه المناسبات إن كانت تحصل منه نظافة وإزالة دَرَن ووسخ فإنه مندوب لعموم الأدلة، دونما حاجة لسوق أدلة ضعيفة أو واهية تدلُّ عليه. ونذكر الآن