الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تقسيم العالم إلى أقاليم مناخية
الغرض من التقسيم والأسس التي يبنى عليها
مدخل
…
10-
تقسيم العالم إلى أقاليم مناخية:
الغرض من التقسيم والأسس التي يبنى عليها:
يتوقف المناخ السائد في أي مكان على عوامل مختلفة يؤثر كل منها فيه بشكل خاص، ولكنها جميعًا تعمل في وقت واحد بحيث يصعب في كثير من الأحيان أن نفصل بين الآثار التي تنتج عن أي عامل منها والآثار التي تنتج عن غيره من العوامل، وقد سبق أن تكلمنا في فصول سابقة على العوامل التي تتحكم في عناصر المناخ المختلفة، ويمكننا أن نلخص أهم هذه العوامل فيما يلي:
1-
موقع المكان بالنسبة لخطوط العرض، فهذا الموقع هو الذي يحدد بصفة عامة مقدار ما يستفيده المكان من أشعة الشمس في الشهور المختلفة؛ لأنه هو الذي يحدد طول الليل وطول النهار من جهة، وزاوية الميل التي تسقط بها الأشعة على سطح الأرض من جهة أخرى.
2-
توزيع الماء واليابس، فمن الثابت أن اليابس يسخن ويبرد أسرع من الماء، وهذا الاختلاف هو أحد العوامل الرئيسية التي يتوقف عليها توزيع الضغط الجوي والرياح، بل وتوزيع الأمطار فوق سطح الكرة الأرضية في الفصول المختلفة.
3-
تضاريس اليابس نفسه، فإن امتداد سلاسل الجبال مثلًا على طول الساحل يعتبر حائلًا قويًّا دون توغل المؤثرات البحرية في اليابس، كما أن مقدار ارتفاع المكان عن سطح البحر، واتجاه منحدرات الجبال بالنسبة لأشعة الشمس، واتجاه الرياح، لها جميعًا آثارها المعروفة على توزيع عناصر المناخ المختلفة.
4-
توزيع الضغط الجوي وما يطرأ عليه من تغير من وقت إلى آخر.
والعوامل السابقة هي العوامل الرئيسية التي يجب بحثها عند دراسة مناخ أي إقليم، وتوجد إلى جانبها عوامل أخرى أقل منها أهمية؛ لأنها وإن كانت تؤثر في المناخ إلا أنها تعتبر في نفس الوقت أثرًا من آثاره، كما هي الحال بالنسبة للحياة النباتية والغطاءات الجليدية التي تغطي الأرض في كثيرًا من المناطق.
وهذه العوامل مجتمعة هي التي تجعل لكل مكان فوق سطح الأرض صفات مناخية خاصة، يختلف بها كثيرًا وقليلًا عن غيره من الأماكن، ويندر أن يوجد مكانان متشابهان في ظروفهما المناخية تمام التشابه من جميع الوجوه، فإن لم يكن هناك فرق في الأمطار فقد يوجد فرق في درجة الحرارة، وإن لم يكن هناك فرق في المعدلين السنويين لهذين العنصرين فقد يكون هناك فرق واضح في توزيعهما على أشهر وفصول السنة. وفضلًا عن ذلك فقد يكون المكانان مختلفين في درجة الرطوبة، أو مقدار الإشعاع الشمسي أو في اتجاه الرياح وسرعتها أو في توزيع أي عنصر من هذه العناصر المناخية على الأشهر والفصول وهكذا. ولما كان من المستحيل في الدراسات المناخية العامة أن تدرس ظروف كل مكان على حدة دراسة تفصيلية فقد كان لا بد من إيجاد تقسيم عام للعالم توضح فيه المناطق التي تتشابه في ظروفها المناخية بصفة عامة تحت قسم أو نوع مناخي واحد، وذلك بصرف النظر عن الفوارق البسيطة التي قد تميز بعض هذه المناطق عن البعض الآخر، وبهذه الطريقة يمكن تقسيم العالم إلى أقاليم مناخية يتميز كل إقليم منها بمظاهر معينة، ويضم جميع الأماكن التي توجد فيها هذه المظاهر. ومعرفة المظاهر المناخية لأي مكان تتطلب دراسة جميع عناصر المناخ بدون استثناء، ولكننا إذا حاولنا أن نقسم العالم إلى أقاليم تتشابه فيها جميع العناصر فإننا سنصل إلى عدد لا نهائي من الأقسام، ولهذا فقد أصبح من الضروري اختيار العناصر الرئيسية فقط واعتبارها أساسًا لتقسيم العالم إلى أقاليم مناخية كبرى، أما في الدراسات التي تحتاج إلى شيء من التفصيل فيمكن تقسيم هذه الأقاليم الكبرى إلى أقاليم أصغر منها، وهذه بدورها إلى أقاليم أصغر وهكذا.
وهناك شبه إجماع بين علماء المناخ على أن أي تقسيم مناخي يجب أن يعتمد قبل كل شيء على العنصرين الرئيسيين من عناصر المناخ وهما درجة الحرارة والأمطار وتوزيعهما على شهور السنة، وذلك لأن هذين العنصرين هما اللذان يتحكمان بصفة عامة في توزيع الحياة النباتية والحيوانية فوق سطح الأرض، كما يتدخلان بطريق مباشر أو غير مباشر في تشكيل مظاهر هذا السطح.
وفضلًا عن ذلك فإن جميع العناصر المناخية الأخرى تتأثر في نظامها وتوزيعها تأثرًا واضحًا بدرجة الحرارة، فدرجة الحرارة مثلًا هي التي تتحكم عمومًا في توزيع مناطق الضغط الجوي، وهذه المناطق هي التي يترتب عليها توزيع الرياح ونظام هبوبها، كما أن الحرارة أيضًا هي التي تساعد على تبخر مياه البحار، وغيرها من المسطحات المائية أو من سطح التربة، ولها بالتالي تأثير مباشر على الأمطار وغيرها من مظاهر التكثف.
ومن الممكن عند تقسيم العالم إلى أقاليم مناخية أن ندخل في اعتبارنا أيضًا العوامل الأساسية التي لها دخل في وجود أي نوع من أنواع المناخ، فبينما يمكننا أن نجمع المناطق الصحراوية مثلًا تحت نوع مناخي واحد تتشابه جميع المناطق التابعة له في قلة أمطارها وارتفاع مدى التغير الحراري فيها، فإننا نستطيع كذلك أن نقسم هذا النوع من المناخ إلى أقسام أصغر على حسب العوامل التي كانت سببًا في وجود هذا المناخ في المناطق المختلفة سواء أكانت هذه العوامل متعلقة بعناصر المناخ مثل نوع الرياح واتجاهها أو متعلقة بتضاريس سطح الأرض أو غير ذلك من العوامل.
وكذلك من الممكن أن نقسم النطاقات الحارة الكبيرة إلى أقاليم صغيرة نسبيًّا على أساس العوامل التي تؤدي إلى سقوط الأمطار في كل منها، فمن هذه الأقاليم ما تسقط أمطاره بسبب التيارات الصاعدة ومنها ما تسقط أمطاره بسبب الرياح الموسمية أو بسبب الرياح التجارية.
وعلى الرغم من أن إدخال مثل هذه العوامل في تقسيم الأقاليم المناخية