الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويجب أن نشير على أي حال أن حدود الأقاليم المناخية أو حدود الأقاليم النباتية التي ترسم على الخريطة لا يمكن أن تمثل الحدود الواقعة لهذه الأقاليم لأن مثل هذه الحدود ليس لها وجود فعلي في الطبيعة؛ إذ الواقع أن الانتقال من أي نوع مناخي أو نباتي إلى الأنواع الأخرى المجاروة له يحدث غالبًا بشكل تدريجي بحيث تظهر بين كل نوع مناخي والنوع المجاور له منطقة انتقالية يتدرج فيها المناخ وما يتبعه من نباتات طبيعية تدرجًا بطيئًا أو سريعًا على حسب الظروف السائدة خصوصًا ما يتعلق منها بمظاهر السطح، ويكون التدرج بطيئًا بصفة خاصة في الأقاليم السهلية، أما في المناطق التي توجد بها حواجز جبلية مرتفعة فإن الانتقال يأتي غالبًا بشكل فجائي، وكثيرًا ما نجد أن سلاسل الجبال تفصل في بعض المناطق أنواعًا مختلفة عن بعضها تمام الاختلاف، سواء في مظاهرها المناخية أو في أنواع الحياة النباتية والحيوانية التي توجد فيها، ويظهر هذا بوضوح إذا قارنا على سبيل المثال الأنواع المناخية والنباتية الموجودة إلى الغرب من جبال الإنديز أو جبال روكي بالأنواع الموجودة إلى الشرق منها.
بعض التقسيمات المناخية العامة
مدخل
…
10– 2- بعض التقسيمات المناخية العامة:
حتى أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين كان معظم الجغرافيين يقسمون العالم إلى أقاليم مناخية على أساس النطاقات الحرارية الكبرى التي قسم اليونانيون القدماء إليها سطح الكرة الأرضية، وهي المنطقة الحارة المحصورة بين المدارين ثم المنطقتان المعتدلتان ما بين المدارين والدائرتين القطبيتين، ثم المنطقتان الباردتان إلى الشمال من الدائرة القطبية الشمالية من جهة وإلى الجنوب من الدائرة القطبية الجنوبية من جهة أخرى.
ورغم أن المناخ لا يتمشى في كثير من الأحيان مع خطوط العرض نتيجة لتأثير العوامل المختلفة التي سبقت الإشارة إليها فإن بعض الجغرافيين ظلوا يتخذونها أساسًا لتقسيم العالم إلى أقاليم مناخية حتى وقت قريب، إلا أن هذا التقسيم لم تعد له قيمة تذكر في الوقت الحاضر، وحلت محله تقسيمات أخرى.
تعتمد على توزيع درجة الحرارة وتوزيع الأمطار، من جهة أخرى بغض النظر عن خطوط العرض، ونظرًا لأنه من الصعب في التقسيمات العامة أن نعتمد على درجات الحرارة الفعلية فقد كان لا بد أن يكون الاعتماد في هذه التقسيمات على خطوط الحرارة المتساوية وذلك على الرغم من العيوب الكثيرة التي تقلل من قيمتها، أما التقسيمات المناخية للمناطق ذات المساحة الصغيرة نسبيًّا فمن المستحسن أن نراعي فيها درجات الحرارة الفعلية، مع الاهتمام ليس فقط بمعدلاتها الشهرية بل وكذلك بمعدلات النهايات العظمى والنهايات الصغرى فيها.
ومن استعراض التقسيمات المناخية التقليدية والحديثة يمكننا أن نضعها في ثلاث مجموعات هي:
أ- التقسيمات التجريبية lmperical classifications وهي التي تعتمد على الربط بين المناخ وبين توزيع الأشكال البيئية الرئيسية مثل النبات الطبيعي والتربة، ومثال ذلك تقسيم كوين والتقسيمات المشتقة منه مثل تقسيم ترايوارثا1 Trewartha والمهم في هذه التقسيمات هو أن تتضمن أقسامًا مناخية متشابهة في ظروفها البيئية المرتبطة بالمناخ دون الاهتمام كثيرًا بالعوامل التي تتدخل في تشكيل مناخها نفسه.
ب- التقسيمات المناخية الأصولية Genetic classifications وفيها تراعى العوامل التي تتدخل في تشكيل المناخ مثل الموقع الفلكي والموقع الجغرافي ومناطق الضغط الجوي العامة والكتل الهوائية، ومثال ذلك تقسيم تيرجونج "1970"2 وتقسيم أوليفر3 Oliver" 1970".
ج- التقسيمات البشرية، وهي تمثل اتجاهًا حديثًا في التقسيمات المناخية وفيها يراعى تأثير المناخ على حياة الإنسان ونشاطه، مثل شعوره
1 TREWATTHA. G.a "1966" An introduction to chimate.
2 terjung. W.H. "1970" toward a climatc class fication baed upon et radiation. Proc Ass. Of amer. Geographers
3 oliver. J.E "1970" a genetic approach to climatc lassifications. Annak. Assoe of amercan geyrapher
بالضيق أو الراحة أو قدرته على العمل وبذل الجهد، وفي هذا المجال وضعت معايير مختلفة لحساب الحدود التي يبدأ الإنسان عندها يشعر بالراحة أو بالضيق على أساس الربط بين درجة الحرارة ورطوبة الهواء.
وهذا النوع من التقسيمات لا يستخدم عادة إلا عند تحليل المناخ في مناطق معينة وليس على نطاق العالم ومثال ذلك تقسيم تيرجونج Terjung لمناخ الولايات المتحدة1.
وليست التقسيمات المناخية التي أشرنا إليها إلا أمثلة قليلة جدًّا للعديد من التقسيمات التي وضعت لخدمة أغراض متباينة، ويلاحظ أن بعض التقسيمات تصلح أكثر من غيرها لتحليل ظواهر الارتباط المكاني بينما البعض الآخر ذو طبيعية وصفية، وتعتمد أغلب التقسيمات الحديثة على الجمع بين عنصرين مناخيين أو أكثر مثل تقسيم كوبن الذي يجمع بين الحرارة والمطر وتوزيعهما الفصلي، مع إدخال بعض العناصر والحالات المناخية المميزة مثل الضباب والتطرف الحراري وزيادة الرطوبة.
ومثل تقسيم أوستن ملو A.Austin Miller الذي اقترحه في بريطانيا سنة 1936، وحاول فيه أن يحدد الأقاليم المناخية على أساس طول فصل النمو، وذلك على اعتبار أن طول هذا الفصل هو الذي يحدد نوع الحياة النباتية التي يمكن أن تنمو في أي إقليم من الأقاليم، وهو تقسيم سهل وبسيط، ولذلك فإنه يعتبر من أصلح التقاسيم للدراسات الجغرافية العامة2، ولهذا فإننا سنحاول عرضه بشيء من التفصيل بعد قليل.
1 austin miller. A "1950" climatology London.
2 Turjung. W.h."1966 plimatology cilimates of the conterminous united states A bioclimaus lilassification based on manannals. Association o