الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأقاليم المعتدلة الباردة
مدخل
…
11-
3- الأقاليم المعتدلة الباردة
أهم ما يميز هذه الأقاليم هو وجود فصل شديد البرودة يزداد طوله وتشتد قسوته كلما توغلنا في اليابس بعيدًا عن المؤثرات البحرية، وفي هذا الفصل لا يرتفع المعدل الحراري في أي شهر من الشهور عن 6ْ مئوية، وهناك ثلاثة أنواع رئيسية من هذه الأقاليم وهي:
1-
الأقاليم المعتدلة الباردة البحرية في غرب القارات، وهي توجد بصفة خاصة في غرب أوروبا.
2-
الأقاليم المعتدلة الباردة القارية، وهي تشمل معظم الأجزاء الوسطى من كتلتي أوراسيا وأمريكا الشمالية، وهي الأجزاء التي يندر أن تصل إليها المؤثرات البحرية.
3-
الأقاليم المعتدلة الباردة الموسمية في شرق القارات وهي تتمثل بصفة خاصة في شمال الصين.
11-
3- 1-
الأقاليم المعتدلة الباردة البحرية "نوع غرب أوروبا
":
أهم الأقاليم التي تدخل تحت هذا القسم هي غرب أوروبا والجزر البريطانية وشمال غرب الولايات المتحدة وكولومبيا البريطانية.
أما في نصف الكرة الجنوبي فلا يتمثل المناخ المعتدل البارد البحري إلا في منطقة صغيرة في جنوب شيلي، ثم في جزيرة تسمانيا ونوزيلندة، وخصوصًا في الجزيرة الجنوبية، ولكنه لا يظهر في أي جزء من أجزاء جنوب إفريقية لأن هذه القارة لا تصل في امتدادها إلى العروض التي يوجد فيها هذا النوع من المناخ.
ومن أهم خصائص هذا المناخ أن المدى السنوي للحرارة فيه منخفض نسبيًّا، نتيجة لتأثير البحار المجاورة، ففي أوروبا مثلًا يصل أثر تيار الخليج الدافئ إلى السواحل الغربية للقارة مما يساعد على تدفئتها في فصل الصيف.
أما في فصل الشتاء فإن مياه المحيط أقل حرارة من اليابس، ولهذا فإنها تساعد على تلطيف درجة الحرارة على السواحل المجاورة.
والرياح السائدة في هذا النوع من المناخ هي الرياح الغربية إلا أن نظامها غير ثابت بسبب كثرة المنخفضات الجوية التي تظهر طول العام تقريبًا، خصوصًا في فصلي الشتاء والخريف، ويلاحظ أن الرياح الغربية لا تستطيع أن تتوغل في فصل الشتاء توغلًا كبيرًا في داخل اليابس، بسبب وجود منطقة ذات ضغط مرتفع متمركزة على أواسط كتلة أوراسيا.
والواقع أن اختلاف نظام الضغط على أواسط أوراسيا في فصل الشتاء عنه في فصل الصيف له علاقة كبيرة باتجاه الرياح التي تهب على السواحل الغربية لأوروبا، ففي فصل الصيف يكون اتجاه هذه الرياح في جملته غربيًّا لأنها تكون مندفعة نحو الشرق، بتأثير الضغط المنخفض العميق الذي ينشأ في هذا الفصل على أواسط أوراسيا.
أما في فصل الشتاء فإن هذا الضغط المنخفض يتلاشى ويحل محله ضغط مرتفع يقف في طريق تقدم الرياح نحو الشرق ويعمل على انحرافها نحو الشمال الشرقي بمعنى أنها تكون جنوبية غربية.
ويتميز النوع البحري من المناخ المعتدل البارد كذلك بأن هواءه يكون محملًا بكميات كبيرة من بخار الماء، وبأن أمطاره تسقط طول السنة، ولكنها تكثر بصفة خاصة في فصلي الشتاء والخريف، وهناك نوعان رئيسيان من هذه الأمطار:
1-
الأمطار الإعصارية التي تسببها المنخفضات الجوية التي تكثر في نطاق الرياح الغربية، وهي المسئولة عن زيادة أمطار فصلي الشتاء والخريف وهما فصلا نشاط المنخفضات الجوية.
2-
أمطار التضاريس، وهي تسقط بغزارة على سلاسل الجبال المرتفعة التي تعترض طريق هبوب الرياح الممطرة التي تهب من ناحية المحيط، ففي
جدول رقم "25" معدلات الحرارة والأمطار في بعض المحطات الواقعة في الأقاليم المعتدلة الباردة البحرية وهي:
1-
دبلن "أيرلندة" - 53 ْ شمالًا و6 ْ غربًا، 50 مترًا فوق سطح البحر.
2-
بوردو "فرنسا" - 45 ْ شمالًا و38 ْ غربًا، 75 مترًا فوق سطح البحر.
3-
بروكسل "بلجيكا" -51 ْ شمالًا و4 ْ شرقًا، 100 مترًا فوق سطح البحر.
4-
فانكوفر "كندا" -49 ْ شمالًا و123 ْغربًا، 41 مترًا فوق سطح البحر.
5-
دانيدين "نيوزيلندة" -46 ْ جنوبًا و171 ْ شرقًا، 73 مترًا فوق سطح البحر.
أ- درجة الحرارة "بالدرجات المئوية":
ب- الأمطار "بالسنتيمترات":
أوروبا مثلًا يكثر هذا النوع من الأمطار بصفة خاصة على المنحدرات الغربية لجبال إسكنديناوه ومرتفعات ويلز. أما في العالم الجديد فيكثر في كولومبيا البريطانية وجنوب شيلي وفي الجزيرة الجنوبية في جزيرتي نيوزيلندة.
ومما تجدر ملاحظته أن وجود السلاسل الجبلية على امتداد السواحل في المناطق المذكورة كان من نتائجه أن أصبح هذا النوع البحري من المناخ المعتدل.
البارد مقصورًا على أشرطة ساحلية ضيقة، ثم يتغير المناخ تغيرًا فجائيًّا بمجرد عبورنا للجبال نحو الداخل حيث تنتقل مباشرة إلى النوع القاري من هذا المناخ، وهذا بخلاف ما نشاهده في معظم غرب أوروبا وشمالها الغربي باستثناء ساحل النرويج حيث نجد أن عدم وجود حواجز جبلية مهمة ممتدة بمحاذاة الساحل قد ساعد على توغل المؤثرات البحرية لمسافات بعيدة في داخل القارة.
وإذا نظرنا إلى الحياة النباتية الطبيعية نجد أنها تتكون في جملتها من غابات نفضية تسقط أوراقها في فصل الشتاء بسبب انخفاض درجة الحرارة إلى أقل من 6ْ، وهي تشمل بعض أنواع الأشجار التي تتميز بأخشابها ذات القيمة الاقتصادية العالية الكبيرة، ومن أمثلتها أشجار البلوط، والزان والدردار والأسفندان، ولكن يلاحظ أن هذه الغابات قد أزيلت من معظم المناطق وحلت محلها حشائش غنية تقوم عليها حرفة رعي الماشية، كما تحولت مناطق واسعة منها لحقول تزرع فيها بعض المحاصيل المهمة مثل البطاطس والشوفان، أما القمح فنظرًا لأنه يحتاج دائمًا لفصل جاف يتفق مع موسم الحصاد فإن محصوله يتعرض في هذه المناطق لأضرار بالغة في بعض السنوات بسبب زيادة الأمطار.
وبالإضافة إلى الغابات النفضية تنمو كذلك الغابات الصنوبرية في بعض المناطق التابعة لهذا المناخ وخصوصًا في المناطق ذات التربة الرملية، وهذا النوع من الغابات هو النوع السائد في غرب كندا وشمال غرب الولايات المتحدة وتعتبر هذه المناطق من أغنى مناطق العالم في إنتاج أخشاب البناء.
ويلاحظ أن الغابات تتناقص تدرجيًّا كلما ابتعدنا عن الساحل الغربي في أوروبا حيث تختلط بالحشائش ثم لا تلبث أن تختفي تمامًا في مناطق الإستبس في الداخل، أما في أمريكا الشمالية فإن وجود سلاسل الجبال بمحاذاة الساحل يجعل الانتقال من نطاق الغابات إلى نطاق الحشائش التي تعرف هنا باسم البراري يأتي فجائيًّا تبعًا للتغير الفجائي في الأحوال المناخية.