الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شكل "119" مناطق الحشائش في العالم
الصحراء، بينما يطلق اسم البراري على الحشائش المعتدلة الغنية نسبيًّا كما سنرى فيما بعد.
14-
2- 2- 1-
السفانا "الحشائش المدارية
":
وصفها وتوزيعها الجغرافي:
تعتبر السفانا المظهر النباتي الرئيسي في الأقاليم المدارية الحارة، التي تسقط كل أمطارها تقريبًا في فترة يتراوح طولها بين 4 و6 أشهر في نصف السنة الصيفي، ولكنها لا تكون كافية لنمو الغابات، وهي تتمثل بصفة خاصة في قارة إفريقية، حيث يتكون منها نطاقان عظيمان يشملان معظم الأجزاء الداخلية للقارة، ويمتد أحدهما إلى الشمال من الغابات المدارية، بينما يمتد الثاني إلى الجنوب منها ويتصل النطاقان عبر الهضبة الشرقية الاستوائية، التي لا تساعد ظروفها على نمو الغابات الكثيفة بسبب قلة أمطارها بالنسبة للأقاليم الاستوائية الأخرى، التي تمتد إلى الغرب منها والتي تتمثل بصفة خاصة في حوض الكونغو.
وتظهر السفانا كذلك في أمريكا الجنوبية في منطقتين الأولى منهما معظم هضبة البرازيل إلى الجنوب مباشرة من نطاق الغابات المدارية المطيرة في حوض الأمزون، وتشتهر السفانا هنا باسم الكامبوس "Campos" أما المنطقة الثانية فتوجد إلى الشمال من نطاق الغابات وتشمل حوض الأورينوكو ومعظم مرتفعات جيانا، وهذه المنطقة هي التي تشتهر باسم اللانوس "Llanos" وتوجد السفانا فضلًا عن ذلك في أستراليا حيث تشمل نطاقًا يفصل بين إقليم الغابات الموسمية في الشمال والأقاليم الصحراوية في الوسط، كما أنها تنمو في بعض جهات هضبة الدكن وجنوب شرق آسيا.
وتتكون السفانا عمومًا من أعشاب كثيفة تنمو بها أشجار قصيرة متفرقة تتزايد كلما اقتربنا من خط الاستواء تبعًا لتزايد كمية الأمطار وطول الفصل المطير، ولهذا فإن الانتقال بين الغابات المدارية والسفانا يكون غالبًا تدريجيًّا حتى إنه ليصعب إيجاد حد فاصل بينهما، وعلى العكس من ذلك تتضاءل الحشائش وتتناقص الأشجار كلما بعدنا عن خط الاستواء تبعًا لتناقص الأمطار وتناقص طول الفصل المطير، حتى نصل إلى نطاق شبه صحراوي لا تنمو فيه إلا حشائش قصيرة من نوع الإستبس، ولا تكاد تنمو به أشجار تذكر، وأخيرًا نصل إلى النطاق الصحراوي الجاف الذي تمثله الصحراء الكبرى في شمال إفريقية وصحراء كلهاري وناميبيا في جنوبها.
وحشائش السفانا في جملتها من الأنواع الخشنة ذات الأوراق النصلية الطويلة، وهي تبدأ في النمو بسرعة عظيمة بمجرد أن يبدأ الفصل المطير، وقد يصل ارتفاعها في هذا الفصل إلى 7 أمتار في بعض الجهات، ولو أنه يتراوح في الغالب ما بين مترين وأربعة أمتار، ويكون اختراق المنطقة عندئذ أمرًا غاية في الصعوبة، أما في فصل الجفاف فيختلف الحال عن ذلك تمامًا لأن الحشائش سرعان ما تذبل وتجف بمجرد انقطاع الأمطار، ويتحول سطح الأرض إلى مساحات شاسعة جرداء تغطيها طبقة من الحشائش الجافة ويستمر الحال على ذلك حتى يبدأ موسم المطر من جديد.
والأشجار التي تنمو في أقاليم السفانا معظمها من النوع النفضي، وكثير منها يتميز بأوراقه الشوكية التي تساعده على تحمل الجفاف وقد يوجد كذلك أشجار قليلة دائمة الخضرة تتغطى أوراقها بطبقة جلدية غير مسامية كما تغلف جذوعها بقشور سميكة. والصفة الغالبة على الأشجار هي أنها تكون أشبه بالمظلات وربما كان ذلك راجعًا إلى تباعدها وتعرض هذه الأقاليم لهبوب الرياح التجارية التي تهب بقوة في معظم شهور السنة، مما يعاكس نمو الفروع إلى أعلى فضلًا عن أن الشجرة التي تأخذ شكل المظلة تكون غالبًا أقدر على مواجهة الرياح القوية من غيرها "انظر شكل 120".
الحياة الحيوانية:
تختلف حيوانات السفانا عن حيوانات الغابات المدارية المطيرة من بعض الوجوه، فبينما تتكون معظم الحياة الحيوانية في الغابات المطيرة من أنواع لها القدرة على التسلق وتقضي كل حياتها تقريبًا فوق الأشجار وتتغذى على ثمارها نجد أن حيوانات السفانا معظمها من الأنواع البرية التي تتغذى على الحشائش، ومن أهمها الجاموس والبقر الوحشي "Antelope" والحمار الوحشي "Zebra" والخرتيت "Rhinoceros" والزراف والغزال والفيل، ثم الكانجارو الذي لا يوجد إلا في أستراليا، وهناك كذلك بعض الحيوانات المفترسة مثل الأسد والنمر والفهد وهي تتغذى على لحوم غيرها
شكل "120" منظر للسفانا في روديسيا، "لاحظ شكل الأشجار الذي يشبه المظلات"
من الحيوانات الأضعف منها، ويلاحظ أن معظم هذه الحيوانات كثير التنقل بحثًا عن الماء والغذاء، فالحيوانات التي تتغذى على الحشائش تضطر في كثير من الأحيان للهجرة في فصل انقطاع الأمطار إلى نطاق الغابات بسبب جفاف حشائش السفانا فتنتقل وراءها الحيوانات الأخرى المفترسة.
وتعيش في السفانا كذلك كثير من الحشرات والديدان التي تكثر بصفة خاصة في الفصل المطير، كما توجد بعض الحيوانات القارضة التي تعيش في مساكن تحفرها لنفسها في الأرض ولا تخرج منها إلا ليلًا لكي تتفادى الحيوانات المفترسة، وتعيش هنا أيضًا بعض الطيور المتوطنة التي لا تعرف الهجرة والانتقال، وهي تتغذى على الحشرات والسحالي، وتعتبر النعامة من أهم هذه الطيور، ولكن يلاحظ أنها فقدت القدرة على الطيران بعد أن تطورت أجنحتها وأصبحت صغيرة بدرجة لا تتناسب مع حجم جسمها، ولكنها تتميز في نفس الوقت بسرعة العدو، ويساعدها على ذلك قوة سيقانها.
المستقبل الاقتصادي للسفانا:
ليس من شك في أن حرفة الرعي هي أوسع الحرف انتشارًا في الوقت الحاضر في أقاليم السفانا، حيث يقوم السكان بتربية قطعان عظيمة من الأبقار، ولكنهم لا يتبعون في تربيتها أساليبَ علمية منظمة، ولهذا فإن اللحوم التي تنتج هنا معظمها من الأنواع الرديئة التي ليست لها قيمة كبيرة في التجارة العالمية، إلا أن الدول الاستعمارية بدأت تهتم اهتمامًا كبيرًا باستغلال هذه الأقاليم، سواء بتنظيم حرفة الرعي فيها أو بتحويل بعض أراضيها إلى حقول لإنتاج الغلات المدارية التي يمكن أن تجود فيها مثل الذرة والفول السوداني والقطن وقصب السكر، وقد استطاعت كل من إنجلترا وفرنسا أن تستغل بالفعل مساحات كبيرة من السفانا الإفريقية لإنتاج هذه الغلات ولا تزال توجد رغم ذلك بعض العقبات التي تحول دون سرعة التوسع في هذا الاستغلال، ومن أهمها قلة الأيدي العاملة وصعوبة المواصلات، وإلى جانب الرعي والزراعة يقوم سكان السفانا كذلك بصيد الحيوانات المختلفة التي تعيش فيها مثل الفيل الذي يتجرون في سنه، ثم النمور والقطط المتوحشة وغيرها من