الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واحد يقع مركزه حول خط الاستواء ويكون له أثر واضح في اجتذاب الرياح التجارية الشمالية الشرقية من جهة والرياح التجارية الجنوبية الشرقية من نطاق الضغط المرتفع وراء مدار من جهة أخرى.
5-
نطاق الضغط المرتفع وراء مدار الجدي، ويلاحظ أن هذا النطاق يكون له في هذا الفصل مركزان منفصلان يقع أحدهما على المحيط الهندي، ويقع الثاني على المحيط الأطلسي، وتفصل بينهما منطقة الضغط المنخفض التي تتكون على جنوب القارة، ومما يلاحظ أن هذا النطاق يتزحزح في هذا الفصل نحو الجنوب بحيث يمتد عمومًا حول خط عرض 35ْ، ولهذا السبب نجد أن كل جنوب القارة يقع في نطاق الرياح التجارية الجنوبية الشرقية، وتختفي الرياح الغربية التي كانت تهب في الفصل السابق على إقليم رأس الرجاء الصالح في الطرف الجنوبي الغربي.
ونظرًا لأن الضغط المنخفض الاستوائي في غرب القارة يظل في هذا الفصل واقعًا إلى الشمال من ساحل غانة فإن الرياح التجارية الجنوبية الشرقية تضطر لعبور خط الاستواء بحيث تنحرف وتصير جنوبية غربية كما يحدث في فصل الصيف "يوليو" ولكنها لا تمتد في هبوبها نحو الشمال إلى أبعد من خط عرض 10ْ شمالًا بينما يصل هبوبها في فصل الصيف إلى حوالي خط عرض 20ْ شمالًا.
ومما يلاحظ أيضًا أن وجود الضغط المنخفض على جنوب القارة يؤدي إلى ضعف الرياح التجارية وعدم انتظام هبوبها على الساحل الغربي إلى الجنوب من خط الاستواء، وهذا هو السبب في أن الرياح التي تسود على هذا الساحل في فصل الصيف الجنوبي تكون ما بين الجنوبية والجنوبية الغربية والغربية.
خامسًا:
الكتل الهوائية التي تؤثر في مناخ القارة:
لا توجد في الوقت الحاضر بيانات وافية عن أنواع الكتل الهوائية التي تؤثر في مناخ الأقاليم المختلفة للقارة الإفريقية، ولكننا مع ذلك نستطيع أن نكون
فكرة عامة عن هذه الكتل على أساس نظام هبوب الرياح وتوزيع درجة الحرارة في الفصول المختلفة، سواء على القارة نفسها أو على اليابس والماء والمحيط بها.
وكما هو المتوقع نلاحظ أن الكتل الهوائية المدارية هي أكثر أنواع الكتل الهوائية تأثيرًا على مناخ القسم الأكبر من القارة بينما يقتصر أثر الكتل الهوائية القطبية على مناطق محدودة في أطرافها الشمالية والجنوبية، ويمكننا أن نذكر باختصار أهم أنواع الهواء التي تؤثر في مناخ إفريقية بصفة عامة كما يأتي:
الهواء المداري، وهو إما يكون مداريًّا بحريًّا "mt" مصدره المحيط الأطلسي الجنوبي من ناحية والمحيط الهندي من ناحية أخرى، أما مداريًّا قاريًّا "ct" ينشأ على القارة نفسها أو يصل إليها من أوروبا وآسيا.
الهواء القطبي وهو إما أن يكون قطبيًّا بحريًّا مصدره المحيط الأطلسي الشمالي أو قطبيًّا قاريًّا مصدره السهول الوسطى والشمالية لأوروبا.
ومما يلاحظ أن كل نوع من الأنواع السابقة قد يوصف بأنه مستقر أو غير مستقر على حسب الاختلاف بين درجة حرارته ودرجة حرارة المناطق التي ينتقل إليها، فالهواء المستقر هو الذي تكون درجة حرارة المنطقة التي يصل إليها أقل من درجة حرارته ويرمز له بالحرف "w" والعكس في حالة الهواء غير المستقر الذي يرمز له بالحرف "k". وعلى هذا الأساس نجد، على سبيل المثال أن هناك نوعين من الهواء المداري البحري أحدهما مستقر "Mtw" والآخر غير مستقر "mtk".
ويمكننا أن نلقي نظرة عامة على توزيع الأنواع المختلفة من الهواء على قارة إفريقية في الشتاء والصيف كما يلي:
أولًا: فصل الشتاء "يناير":
أ- الهواء المداري:
تعتبر الصحراء الكبرى بسبب اتساعها وانسجام سطحها بصفة عامة من أهم مناطق نشأة الكتل الهوائية المدارية القارية في العالم ct، ويتميز هواؤها بأنه شديد الجفاف طول السنة، وبأنه شديد الحرارة في
فصل الصيف ومائل للبرودة في فصل الشتاء، وهذا هو الهواء الذي يسيطر في فصل الشتاء على الأحوال الجوية في كل شمال إفريقية تقريبًا حتى قرب خط الاستواء، ولهذا فإن معظم هذا القسم من القارة يسوده في هذا الفصل جو صحو عديم الأمطار خصوصًا في العروض المحصورة بين خطي عرض 15 ْو30 ْشمالًا، أما في المناطق الممتدة على طول البحر المتوسط في الشمال وعلى طول ساحل غانة في الجنوب فإن هذا الهواء يؤدي في كثير من الأحيان إلى ظهور السحب وسقوط بعض الأمطار خصوصًا عندما يلتقي بجبهة باردة حيث إنه يضطر في هذه الحالة للارتفاع فوق هذه الجبهة.
وفي جنوب القارة ينشأ الهواء المداري كذلك في منطقة حوض كلهاري ولكن على نطاق أضيق مما يحدث في الصحراء الكبرى، ويسيطر هذا الهواء بصفة خاصة على جنوب غرب إفريقية، ونظرًا لشدة الحرارة في جنوب القارة في هذا الفصل "الصيف الجنوبي" فإن التيارات الهوائية الصاعدة تكون نشطة في هذا النوع من الهواء ويؤدي ذلك إلى سقوط بعض الأمطار، ولكنها تكون قليلة بسبب قلة بخار الماء الذي يحمله الهواء "المداري القاري".
أما الهواء المداري البحري فيظهر أثره بوضوح في منطقتين مختلفتين من إفريقية وهما:
1-
السواحل الشرقية ما بين رأس الرجاء الصالح في الجنوب وخط عرض 5 ْجنوبًا في الشمال فإلى هذه السواحل يصل هواء مداري بحري غير مستقر MTK من المحيط الهندي مع الرياح التجارية الجنوبية الشرقية، ويكون هذا الهواء محملًا بكميات كبيرة من بخار الماء، ونظرًا لأن جنوب القارة يكون شديد الحرارة في هذا الفصل فإن هذا يساعد على زيادة حالة عدم الاستقرار في الهواء عند انتقاله من البحر إلى اليابس، ويترتب على ذلك سقوط كثير من الأمطار على السواحل وعلى المنحدرات الشرقية للجبال والهضاب المتاخمة لهذه السواحل أو القريبة منها.
ساحل غانة حيث يؤدي الهواء المداري غير المستقر إلى سقوط كميات كبيرة من الأمطار.
ويلاحظ أن السواحل الشرقية لإفريقيا إلى الشمال من خط الاستواء يصلها من آسيا نوع من الهواء المداري القاري ct، إلا أن مرور هذا الهواء على المياه الدافئة للبحر العربي يجعل الطبقات السفلى منه تكتسب بعض صفات الهواء المداري البحري MT، ولهذا فإنه يكون سببًا في سقوط قليل من الأمطار على هذه السواحل، ولكن يلاحظ أن الطبقات العليا من هذا الهواء تظل محتفظة بصفات الهواء المداري القاري، حيث إن مساحة البحر العربي ليست كبيرة بدرجة تكفي لأن تغير صفات الهواء كله في جميع طبقاته.
ب-الهواء القطبي:
نظرًا لأن القارة الإفريقية في معظمها واقعة في العروض الحارة فإن تأثير الهواء القطبي في مناخها يكون أقل بكثير من تأثير الهواء المداري، ولذلك فإن أثر الهواء القطبي يقتصر غالبًا على الأطراف الجنوبية للقارة، ففي فصل الشتاء الشمالي نجد أن مرور المنخفضات الجوية على البحر المتوسط من الغرب إلى الشرق يؤدي إلى وصول تيارات من الهواء القطبي البحري MP في مؤخره هذه الانخفاضات إلى السواحل الشمالية الغربية لإفريقية، حيث يؤدي وصولها إلى سقوط الأمطار على هذه السواحل، وتكثر الأمطار بصفة خاصة على المنحدرات الشمالية والغربية، ومصدر هذا الهواء هو الكتل الهوائية القطبية البحرية التي تتكون على المحيط الأطلسي الشمالي، وقد يصل أثره في بعض الأحيان إلى السواحل الشمالية لجمهورية مصر العربية وليبيا حيث يؤدي إلى سقوط بعض الأمطار.
ولكن يلاحظ أن معظم الهواء القطبي الذي يصل إلى هذه السواحل الأخيرة في الشتاء يكون في الأصل من النوع القاري CP الذي ينشأ على السهول الوسطى والشمالية لأوروبا، ولكن مروره على المياه الدافئة للبحر المتوسط يؤدي إلى رفع درجة الحرارة الطبقة السفلى منه وارتفاع نسبة بخار الماء
بها، كما يؤدي إلى ظهور حالة عدم استقرار في هذا الهواء، ولهذا فإنه يكون سببًا في سقوط بعض الأمطار على شمال ليبيا ومصر. وهو يأتي عادة في مؤخرة المنخفضات الجوية التي تغزو البحر المتوسط من ناحية الغرب في فصل الشتاء وكثيرًا ما تصحبه موجات من البرد شديدة القسوة.
ثالثًا- فصل الصيف "يوليو":
الهواء المداري:
تظل الصحراء الكبرى في هذا الفصل أيضًا مركزًا لنشأة الهواء المداري القاري CT، الذي يكون شديد الحرارة والجفاف، وعلى الرغم من أن اشتداد الحرارة في الصحراء يؤدي إلى عدم استقرار هذا الهواء إلا أن صغر كمية الرطوبة العالقة به لا تسمح إلا بسقوط كميات قليلة جدًّا من الأمطار. ويصل إلى السواحل الشمالية للقارة في هذا الفصل من ناحية البحر المتوسط نوع معدل من الهواء المداري القاري مصدره الأجزاء الجنوبية من أوروبا، ورغم أن هذا الهواء يمر فوق مياه البحر المتوسط فإنه يظل محتفظًا في معظم قطاعاته بالصفات القارية، إلا في أجزائه السفلى التي تزداد فيها نسبة بخار الماء، ولكن هذه الزيادة لا تظهر في الطبقات العليا منه؛ لأن البحر المتوسط يكون عندئذ مركزًا لضغط مرتفع يميل فيه الهواء للهبوط إلى أسفل، ولذلك فإن هذا الهواء يكون رغم الرطوبة التي يحملها في أجزائه السفلى، مصحوبًا بجو صحو عديم السحب بسبب جفاف الطبقات العليا منه، وإذا ما انتقلنا إلى جنوب القارة نلاحظ أن الهواء المداري القاري الذي يظهر هنا في هذا الفصل "الشتاء الجنوبي" يكون أميل للبرودة كما يكون أكثر استقرارًا من الهواء المداري القاري الذي رأيناه في الشمال.
أما الهواء المداري البحري فيكون في فصل الصيف سائدًا في النطاق المحصور بين خطي عرض 5 ْو15 ْشمال خط الاستواء، وهو يأتي من المحيط الأطلسي من الرياح الجنوبية الغربية التي يتسع نطاق هبوبها في هذا الفصل بسبب تزحزح نطاق الضغط المنخفض الاستوائي نحو الشمال. ونظرًا
لاشتداد حرارة اليابس فإن الهواء الذي ينتقل إليه يصبح في حالة عدم استقرار ويكون سببًا في سقوط أمطار غزيرة خصوصًا على ساحل غانة ومنحدرات الجبال المواجهة لهبوب الرياح الجنوبية الغربية، كما هي الحال على المنحدرات الجنوبية لمرتفعات غانة الغربية "فوتاجالون" والمنحدرات الغربية لجبال الكاميرون.
يلاحظ أن الهواء المداري البحري يظهر كذلك في هذا الفصل "الشتاء الجنوبي" على القسم الشرقي من جنوب القارة ما بين خط الاستواء وخط عرض 30 ْجنوبًا تقريبًا، ولكن نظرًا لبرودة اليابس فإن هذا الهواء يكون أقرب إلى الاستقرار، ويكون بالتالي قليل الأمطار. كما يسود هذا الهواء أيضًا على السواحل الشمالية الغربية للقارة وعلى سواحلها الغربية في القسم الواقع إلى الجنوب من خط الاستواء، إلا أن هذا الهواء يكون كذلك من النوع المستقر الذي لا يساعد على سقوط أمطار كثيرة.
الهواء القطبي:
كما هي الحال في فصل الشتاء يلاحظ أن أثر الهواء القطبي في مناخ القارة في فصل الصيف يقتصر على مناطق محدودة جدًّا منها، ففي أقصى الجنوب يظهر نوع معدل من الهواء القطبي القاري البحري الدافئ الذي يساعد على سقوط الأمطار، وتحمله إلى جنوب القارة الرياح الجنوبية الغربية بعد مرورها على مسطحات مائية واسعة، وهذا الهواء هو الذي يسبب الأمطار الشتوية في إقليم رأس الرجاء الصالح وفي ناتال.