الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأمطار:
تعتبر الأقاليم الاستوائية من أغزر بقاع العالم أمطارًا، ويتراوح متوسط ما يسقط بها ما بين 150 و200 سنتيمتر، ولكنه قد يزيد على ذلك كثيرًا في بعض المناطق بحيث يصل أحيانًا إلى أكثر من 500 سنتيمتر. والأمطار التي تسقط في هذه الأقاليم معظمها من نوع أمطار التيارات الصاعدة وهي تتبع في سقوطها غالبًا نظامًا مألوفًا يتكرر كل يوم تقريبًا، فهي تسقط عادة بعد الظهر ويكون سقوطها بغزارة شديدة بسبب ما يحمله الهواء من كميات عظيمة من بخار الماء فإذا ما ارتفع هذه الهواء تكثف البخار وسقطت الأمطار التي تكون عادة مصحوبة ببرق ورعد.
ويرتبط نظام الأمطار هذا على وجه الخصوص بالنظام اليومي لدرجة الحرارة وما يترتب عليه من نشاط في صعود التيارات الهوائية. فقبل شروق الشمس مباشرة تكون الأرض مغطاة بطبقة من الضباب الذي يتكون بسبب برودة سطح الأرض في أثناء الليل إلا أن هذه الضباب لا يلبث أن ينقشع بعد شروق الشمس بقليل، وتأخذ درجة الحرارة في الارتفاع بسرعة ويتبع ذلك تزايد في نشاط التيارات الهوائية الصاعدة، وحوالي الظهر يكون هذا النشاط قد بلغ أشده ويتبعه تكون سحب ركامية عظيمة السمك "CUMULUS" ثم تنهمر الأمطار بغزارة متناهية، وعند الغروب تصفو السماء من جديد حتى الصباح وهكذا.
ويمتاز المناخ الاستوائي عادة بأن أمطاره لها قمتان تظهران في الأشهر التي تعقب تعامد الشمس على خط الاستواء مباشرة ولهذا فإن إحدى القمتين تظهر في إبريل بينما تظهر الأخرى في نوفمبر، ولكن لا يشترط أن تكون القمتان دائمًا متساويتين لأننا كثيرًا ما نلاحظ أن إحدى القمتين تكون أكثر وضوحًا من القمة الأخرى، فمثلًا إذا نظرنا إلى توزيع الأمطار في بلدة عنتبة التي تقع على خط الاستواء نفسه نجد أن القمة التي تظهر في الربيع أوضح بكثير من القمة التي تقع في الخريف. فبينما نجد أن مجموع ما يسقط في أشهر
الربيع "مارس – إبريل– مايو" يبلغ 65 سنتيمترًا نجد أن ما يسقط في أشهر الخريف "سبتمبر – أكتوبر – نوفمبر" يبلغ حوالي 35 سنتيمترًا فقط.
وكما هي الحال في بقية الأقاليم الحارة نلاحظ أن المناخ الاستوائي أوسع انتشارًا في شمال خط الاستواء منه في جنوبه. فهو يشمل على وجه الإجمال نطاقًا يمتد ما بين خطي عرض 3 جنوبًا و8 شمالًا، ولكنه يتزحزح نحو الشمال في فصل الصيف بحيث يصل أحيانًا إلى خط عرض 18، ونحو الجنوب في فصل الشتاء "الشمالي" بحيث يمتد أحيانًا إلى خط عرض 10 جنوبًا.
وإلى جانب أمطار التيارات الصاعدة التي تشتهر بها الأقاليم الاستوائية بصفة عامة تتميز بعض المناطق المرتفعة من هذه الأقاليم بسقوط مقادير كبيرة من أمطار التضاريس التي تكثر بصفة خاصة على المنحدرات المواجهة لهبوب الرياح المحملة ببخار الماء، ففي إفريقية مثلًا تسقط مقادير كبيرة من هذه الأمطار على المنحدرات الغربية لجبال الكاميرون بسبب الرياح الجنوبية الغربية الممطرة التي تهب من ناحية المحيط الأطلسي، وتبلغ كمية المطر التي تسقط سنويًّا على هذه المنحدرات أكثر من عشرة أمتار مقابل 150 سنتيمترًا فقط على المنحدرات الشرقية لهذه الجبال، وتسقط كذلك كثير من أمطار التضاريس على المنحدرات الشرقية لهضبة إفريقية الشرقية الاستوائية نتيجة لهبوب الرياح التجارية الجنوبية الشرقية التي تأتي من المحيط الهندي.
وتتكرر هذه الظاهرة في أمريكا الجنوبية حيث تسقط مقادير كبيرة من أمطار التضاريس على المنحدرات الشرقية لجبال الإنديز "في إكوادور وكولومبيا" نتيجة لتصادم الرياح التجارية الآتية من الشرق بهذه المنحدرات بينما تكون الهضاب المحصورة بين سلاسل الجبال قليلة الأمطار بصفة عامة وإذا انتقلنا إلى الجزر الإندونسية نلاحظ أن أمطار التضاريس هي التي تسود في معظم هذه الجزر وذلك نتيجة لوقوعها في مهب الرياح الموسمية الشمالية في الشتاء والموسمية الجنوبية في الصيف.