الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحرارة وقيمتها الفعلية بالنسبة لحياة النبات
TEMPERATURE Efficiency:
ليس من شك في أن الحرارة هي أحد العناصر الرئيسية التي تلزم لقيام أي نوع من أنواع الحياة فوق سطح الأرض، ولكن يلاحظ أن أثرها على تنوع فصائل النباتات يكون أوضح من أثرها على المظهر العام للحياة النباتية.
فالغابات والحشائش توجد في كل المناطق الحرارية تقريبًا ما بين خط الاستواء من جهة والدائرة القطبية من جهة أخرى، إلا أن الفصائل التي تتألف منها الغابات والحشائش في المناطق الحارة تختلف في جملتها عن الفصائل التي تتألف منها الغابات الحشائش في المناطق المعتدلة. والواقع أن العلاقة بين درجة الحرارة وحياة النباتات لا تزال غير محدودة تحديدًا دقيقًا واضحًا، فعلى الرغم من أننا نعرف عمومًا أن ارتفاع درجة الحرارة يساعد على نشاط نمو النباتات، فإنه لا يشترط أن يؤدي كل ارتفاع في درجة الحرارة إلى زيادة سرعة النمو أو يؤدي كل انخفاض فيها إلى بطء هذا النمو، كما لا يشترط أن تكون سرعة النمو بالنسبة لجميع أنواع النباتات أو حتى بالنسبة للنوع الواحد متساوية في درجة الحرارة الواحدة، أو أن تكون أصلح درجة لنمو النبات الواحد واحدة في جميع مراحل نموه، ولهذا فإن درجة الحرارة لا تكفي بمفردها لإعطاء فكرة صحيحة عن الأثر الحقيقي الذي تتركه في مظاهر النمو المختلفة، وقد أوضح لفنسجتون ivingston E. هذه الحقيقة في سنة 1913 وذكر أنه من الواجب على الباحثين أن يحاولوا الوصول إلى طريقة يمكن بواسطتها تقدير القيمة الفعلية لدرجات الحرارة المختلفة بالنسبة لحياة النباتات، ورأى أنه من الممكن تقدير هذه القيمة بطريقتين هما:
1 Livingiston، B. E. "Physical Temperature Indices for the plant Growth in Relation to climatic Condition"، Physical Rev، Vol.، 1، 1916، pp. 370- 420.
1-
الطريقة التجريبية، أي بإجراء تجارب معينة على أنواع مختلفة من النباتات لتقدير سرعة نموها في درجات الحرارة المختلفة، ورغم أن إجراء مثل هذه التجارب يعتبر عمومًا من اختصاص الباحثين في علم النبات فإن هذا يجب ألا يحول بين الجغرافيين وبين الاستفادة بنتائجها حتى تكون دراستهم أكثر دقة وواقعية. وهذا في الحقيقة هو أحد الاتجاهات الحديثة في دراسة المناخ.
2-
تحديد فصل النمو "Growing season" وتقدير مجموع الوحدات أو الدرجات الحرارية التي تتجمع خلاله فوق أدنى درجة حرارة ملائمة لنمو النبات، وهي الدرجة التي يطلق عليها عادة اسم "صفر النمو Zero point of Growth" ويطلق عليها مجموع الدرجات الحرارية التي تتجمع فوق هذا الصفر اسم "الحرارة المتجمعة Temprarature Accumulated":
أولًا- الطرق التجريبية لتقدير القيمة الفعلية لدرجة الحرارة:
يعتبر القانون الذي وضعه فانهوف1 "van't Hoff" حوالي سنة 1882 من أهم القوانين الكيميائية التي استفاد بها الباحثون في العلاقة بين حياة النبات والبيئة الطبيعية، حتى إنه لا يزال رغم قدمه من الأسس التي يعتمد عليها هؤلاء الباحثون في دراساتهم، وملخص هذا القانون هو أن التفاعلات الكيميائية في النبات يزداد نشاطها كلما ارتفعت درجة الحرارة، ويتبع ذلك زيادة في سرعة نمو النبات بحيث تتضاعف هذه السرعة كلما زاد متوسط درجة الحرارة بمقدار 10 ْمئوية، فإذا فرضنا أن سرعة نمو نبات معين "يكون قد بدأ نموه في درجة حرارة 6 ْمئوية" هي 1 ْمثلًا فإنها تصبح 2 في درجة حرارة 16 ْم و4 درجة 26 ْم وهكذا حتى يصل إلى أقصاها في درجة حرارة معينة هي التي يمكن اعتبارها أصلح درجة لنمو النبات، فإذا ما ارتفعت درجة الحرارة أكثر من ذلك أخذت سرعة النمو في التناقص من جديد، ويمكننا بناء على هذا القانون
1 Van't Hoff، U.H. "Etudes de dynamique" Amsterdam، 1882.
أن نحسب القيمة الفعلية لأي متوسط يومي لدرجة الحرارة ما يبن درجة 6 ْم وهي الدرجة التي يبدأ عندها النمو "في رأي فانهوف" من جهة، والدرجة التي تصل عندها سرعة هذا النمو إلى أقصاها من جهة أخرى بالمعادلة الآتية:
وذلك على اعتبار أن "ق" هي القيمة الفعلية لدرجة الحرارة و"ح" هي المتوسط اليومي بالدرجات المئوية.
وقد استخدم بعض الباحثين في علم المناخ هذا القانون حديثًا في بعض أبحاثهم، فقد استخدمه ثورنثويت1 "Thornthwaite" مثلًا في سنة 1948 لتقسيم الولايات المتحدة إلى أقاليم حرارية على أساس القيمة الفعلية لدرجة الحرارة، كما استخدمه زتسر2 "zetzer" في سنة 1946 لتقسيم البرازيل إلى أقاليم حرارية على نفس الأساس.
ويلاحظ أن درجة الحرارة التي تبلغ عندها سرعة النمو أقصاها ليست واحدة بالنسبة لجميع النباتات، ولكن معظم التجارب التي أجريت على نباتات المنطقة المعتدلة قد دلت على أن هذه الدرجة تتراوح بين 15 ْو32 ْ، فهي بالنسبة للقمح 31 ْم وبالنسبة للذرة تتراوح بين 29 ْو32 ْ، أما نباتات المنطقة الحارة فيغلب أن يسرع نموها في درجات حرارة أعلى من 32 ْ.
وإننا مع عدم تقليلنا من قيمة هذه التجارب يجب ألا نغالي كثيرًا في الاعتماد على نتائجها التي تعطي في بعض الأحيان صورة غير صحيحة لما يحدث في الطبيعة فعلًا، فالظروف التي تجري فيها مثل هذه التجارب تكون غالبًا ظروفًا
1 Thornthwait C.W.، "An Approach Towards a Rational Classification of Climate،" Geographical Review Vol. 38. 1948، pp. 59-93
2 Zetzer، Jose. "A New Formula for Precipitation Effecciveness" Geographical Review، Vol. 36، 1946، pp. 247-263.
صناعية يحدد فيها أثر كل عنصر من العناصر التي تتدخل في حياة النباتات بصورة يندر أن توجد في البيئة الطبيعية، فعندما يراد مثلًا إجراء تجربة ما لمعرفة سرعة نمو أحد النباتات في درجة حرارة معينة فإن هذا النبات يوضع في مكان معين يمكن تثبيت حرارته على الدرجة المطلوبة لعدة أيام أو أسابيع، وهذا يختلف بالطبع عما يتعرض له النبات في الخلاء، حيث يخضع لدرجات حرارة قد تتغير تغيرًا كبيرًا عن ساعة إلى أخرى، ومن يوم إلى آخر، وهذا فضلًا عن أن درجة الحرارة كما هو معروف ليست هي العامل الوحيد الذي يتحكم في نمو النباتات، بل إن هناك عوامل أخرى كثيرة تتدخل في نموه، منها رطوبة الجو وكمية الأمطار ونظام سقوطها وتوزيعها على أشهر وفصول السنة ونوع التربة، ولذلك فإن نتائج التجارب التي تجري في المعامل على نباتات أو أجزاء من نباتات معينة قد لا تفيدنا كثيرًا في دراسة المظاهر المناخية والحياة النباتية وتوزيعها توزيعًا عامًّا على سطح الكرة الأرضية، وإن كنا مع ذلك لا ننكر أهميتها بالنسبة للدراسات التفصيلية التي تدخل غالبًا في اختصاص المهتمين بالدراسات التحليلية للنباتات وعناصر البيئة التي تعيش فيها وهي الدراسات التفصيلية التي تدخل علمي النبات Botany والبيئة Ecology.
ومن المهم أن نشير كذلك إلى أن التجارب القليلة التي أجريت فعلًا لتحديد القيمة الفعلية لدرجات الحرارة المختلفة كانت مقصورة على أنواع قليلة جدًّا من النباتات، ولذلك فقد يكون من الخطإ تطبيق نتائجها على الحياة النباتية بصفة عامة، إذ المعروف أن لكل نبات ظروفه واحتياجاته الخاصة التي قد تختلف اختلافًا كبيرًا عن ظروف واحتياجات غيره من النباتات، بل إن الفصائل المختلفة للنبات الواحد يختلف بعضها عن بعض اختلافًا واضحًا كذلك من هذه الناحية.
ثانيًا: فصل النمو والحرارة المتجمعة:
تعتبر دراسة الحرارة وقيمتها الفعلية على أساس طول فصل النمو ومقدار الوحدات الحرارية التي تتجمع خلاله من أحدث الدراسات التي صادفت قبولًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة من جانب
علماء المناخ والنبات، الذين أخذوا يوجهون إليها عناية خاصة في كتاباتهم المختلفة. وتمتاز هذه الطريقة عن الطرق التجريبية التي سبقت الإشارة إليها من عدة نواح أهمها:
أ- أنها أبسط منها بكثير حتى إنه من الممكن تطبيقها بسهولة في الدراسات المناخية العامة والتفصيلية على حد سواء لأن كل ما يلزم لتطبيقها كما سنرى فيما بعد هو المعدلات الشهرية لدرجة الحرارة.
ب- أنها تحاول دراسة العلاقة بين درجة الحرارة والحياة النباتية كما هي موجودة فعلًا في الطبيعة.
ج- أنها تستند إلى المبادئ المتفق عليها بين معظم الباحثين في علمي المناخ والنبات ومن أهمها:
1-
أن كل نبات يحتاج لكي يتم نموه ونضجه إلى عدد معين من الوحدات الحرارية التي يجب أن تتجمع في أثناء حياته فوق الحد الأدنى الذي يبدأ عنده هذا النبات في النمو، أي فوق "صفر النمو".
2-
أن كل نبات يحتاج إلى عدد معين من الأيام التي يجب ألا ينخفض متوسط درجة حرارتها عن "صفر النمو".
تحديد فصل النمو:
يجب أن نشير هنا إلى أن فصل النمو كما يفهمه طلاب علم المناخ قد يختلف نوعًا ما عنه في نظر الزراع وطلبة علم الزراعة، وهم الذي يتكلمون غالبًا عن فصل النمو على أنه هو الفترة التي ما بين عمليتي البذر والحصاد، وهذه الفترة كما هو معروف تختلف من نبات إلى آخر، فضلًا عن أنها تتأثر بعوامل أخرى غير درجة الحرارة، ففي بعض دول غرب أوروبا مثلًا قد يحدث في بعض السنين أن تؤدي غزارة الأمطار إلى تأخير عمليات البذر والحصاد عن مواعيدها المعتادة عدة أيام أو أسابيع.
أما في علم المناخ فإننا نقصد بفصل النمو تلك الفترة من السنة التي
لا ينخفض المتوسط اليومي لدرجة الحرارة في أثنائها عن "صفر النمو" بالنسبة للحياة النباتية بصفة عامة، ويتفق كثير من الباحثين على أن معظم النباتات التي تنمو في المنطقة المعتدلة يبدأ نموها بصفة عامة في أوائل الربيع عندما يرتفع المتوسط اليومي لدرجة الحرارة إلى 6 ْم. وهذا بالطبع حكم عام قد لا ينطبق على كثير من الأنواع والفصائل النباتية، فبعض النباتات تستطيع أن تنمو في درجات حرارة اقل أو أعلى بكثير من هذا الحد، فبينما يبدأ القمح مثلًا نموه عندما ينخفض المعدل اليومي إلى 3 ْم. نجد أن الذرة والقطن لا يبدآن نموهما إلا إذا ارتفع المعدل إلى 13 ْم بالنسبة للأول و17 ْ بالنسبة للثاني.
ويحسب طول فصل النمو عادة بالأيام، فإذا اعتبرنا أن المتوسط اليومي 6 ْم في "صفر النمو" أمكننا أن نقدر طول هذا الفصل في أي مكان بالطريقة المبينة في شكل "108".
الصقيع وفصل النمو:
ويجب أن نشير أيضًا إلى أن هناك تحديدًا آخر لفصل النمو يستخدم بصفة خاصة في البلاد التي تهتم بزراعة النباتات الحساسة التي لا تتحمل الصقيع، ومن أشهرها الخضراوات وكثير من أنواع الفواكه والنباتات ذات الزهور فكثيرًا ما يؤدي ظهور صقيع شديد إلى تعطيل نمو هذه النباتات أو هلاكها، وفي مثل هذه البلاد يحدد فصل النمو عادة بالفترة التي لا يحتمل أن يظهر في أثنائها صقيع من هذا النوع، وهذه الفترة تكون غالبًا أقصر من الفترة التي لا يقل المتوسط اليومي لدرجة الحرارة في أثنائها عن 6 ْم1.
والمقصود بالصقيع بمعناه الضيق هو المادة الثلجية البيضاء التي تظهر فوق سطح الأرض وما عليه من أجسام مختلفة بشرط أن تكون هذه المادة قد تكونت نتيجة لانخفاض درجة الحرارة إلى ما دون نقطة التجمد انخفاضًا فجائيًّا يترتب عليه تحول بخار الماء الموجود في الجو من حالته الغازية إلى الحالة الصلبة
1 kincer J.B Climate and weather date for the jrited states، u.s. department
شكل "108" طول فصل النمو وعدد أيام الصقيع في لندن الأعمدة السوداء تدل على عدد أيام الصقيع في الشهر، المسافة المحصورة بين نقطتين تقاطع منحنى الحرارة مع خط 43 ْ"6 ْم" هي التي تبين طول فصل النمو
مباشرة، أي دون أن يتكاثف أولًا إلى ماء ثم إلى ثلج بعد ذلك، وهذا الهبوط الفجائي في درجة الحرارة يكون عادة أشد خطرًا على نمو النبات، من هبوطها بشكل تدريجي.
ولكن كلمة صقيع تستخدم في الوقت الحاضر بمعنى أوسع من معناها الأصلي الذي سبقت الإشارة إليه، فهي تطلق الآن على أي انخفاض في حرارة الجو يؤدي إلى هبوطها إلى درجة الصفر المئوي أو إلى ما دونها حتى ولو لم يؤد هذا الانخفاض إلى ظهور المادة الثلجية البيضاء، وتقدر شدة الصقيع عادة على أساس مقدار انخفاض درجة الحرارة عن الصفر، ويلاحظ أن سرعة الرياح تزيد عادة من قسوة البرودة، فدرجة الحرارة 5 ْم مثلًا تكون أشد تأثيرًا وخطرًا على النباتات إذا كانت الرياح شديدة منها إذا كان الهواء ساكنًا، ويتبين هذا من الجدول "41".
ويعتبر الصقيع من أخطر الظاهرات الجوية على حياة النباتات، وخصوصًا
جدول "41" الحدود الحرارية التي وضعها مكتب الأرصاد الجوية البريطانية للصقيع1
الأنواع الحساسة منها، مثل الأزهار والفواكه والخضراوات، ولهذا فإن محطات الإذاعة والتلفاز في البلاد التي تتعرض كثيرًا لظهوره تذيع باستمرار إنذارات للزراع في حالة توقع ظهوره في بعض الليالي. وكثيرًا ما يعمد هؤلاء الزراع إلى إيقاد النيران في حدائقهم ومزارعهم لتلافي بعض أخطاره، كما هي الحال في الولايات المتحدة.
وينتشر الصقيع في جميع الأقاليم المعتدلة والباردة من العالم، ولو أن مرات حدوثه تتزايد بصفة عامة كلما اتجهنا ناحية القطبين، وموسم ظهوره هو فصل الشتاء، ولكنه قد يظهر كذلك في فصلي الخريف والربيع، ويلاحظ أن صقيع فصل الشتاء لا يهم الزراع كثيرًا؛ لأنه تأتي في الفصل الذي يتوقف فيه نمو معظم النباتات، وخصوصًا في الأقاليم الباردة، كما أن صقيع فصل الخريف ليست له أهمية كبيرة؛ لأنه يأتي غالبًا بعد أن تكون معظم النباتات قد أتمت نموها، أو تكون على الأقل قد وصلت في نموها إلى مرحلة لا تتأثر فيها بظهور
1 نشرة رقم 336 - إدارة الأرصاد الجوية – لندن.
الصقيع. أما صقيع فصل الربيع فهو في الواقع أخطر أعداء الفلاح في العروض المعتدلة لأنه يأتي في الوقت الذي تكون فيه النباتات قد بدأت نموها وتكون الأشجار قد أخذت تخرج براعمها، ويشتد خطر صقيع الربيع بصفة خاصة في السنوات التي يكون شتاؤها دافئًا نسبيًّا؛ لأن جميع النباتات، والأشجار تبدأ نموها وازدهارها في مثل هذه السنوات في أواخر الشتاء وأوائل الربيع، أي قبل مواعيدها المعتادة فإذا حدث وظهر صقيع شديد بعد ذلك فإنه يؤدي إلى هلاكها مما يسبب خسائر كبيرة للزراع، ففي مصر وغيرها من البلاد العربية مثلًا كثيرًا ما يحدث صقيع شديد في بعض الليالي الربيعية فيؤدي إلى هلاك بعض المحاصيل الحساسة مثل محصول الطماطم، مما يتسبب في نقص المعروض منه في الأسواق وارتفاع أسعاره فجأة ارتفاعًا كبيرًا.
الحرارة المتجمعة Accumulated Temperature:
ويقصد بها مجموع الوحدات أو الدرجات الحرارية التي تتجمع فوق أدنى متوسط يومي للحرارة يمكن أن تنمو فيه النباتات بصفة عامة، وهو في رأي معظم الباحثين ومن بينهم كوبن وأوستن ملر 6 ْم، ويمكن أن تحسب الحرارة المتجمعة ليوم واحد أو لأسبوع أو شهر أو لأي فترة غير ذلك، إلا أن المعتاد هو حسابها لفصل النمو بأكمله، والحرارة المتجمعة لأي يوم هي الفرق بين متوسط درجة حرارته وصفر النمو:"6 ْ" فإذا كان متوسط درجة الحرارة في يوم ما هو 16 ْم فإن الحرارة المتجمعة لهذا اليوم تكون 16 - 6 = 10 ْم والحرارة المتجمعة لأي شهر من الأشهر هي مجموع الدرجات الحرارية المتجمعة في جميع أيام هذا الشهر، وأبسط طريقة لحسابها هي: م = "ح- 6" × عدد أيام الشهر.
وذلك على اعتبار أن "م" هي الحرارة المتجمعة و"ح" هي المتوسط اليومي لدرجة حرارة الشهر، فإذا كان المتوسط اليومي لدرجة حرارة شهر يناير مثلًا هو 10 ْم فإن حرارته المتجمعة تكون "10 - 6" × 31 = 124 ْم.
والحرارة المتجمعة لفصل النمو هي مجموع درجات الحرارة التي تتجمع في جميع الأشهر التي يشملها هذا الفصل، وتقدير الحرارة المتجمعة لفصل النمو له أهمية كبيرة بالنسبة للحياة النباتية بصفة عامة والتوسع الزراعي في الأقاليم الباردة بصفة خاصة لأنه هو الذي يحدد نوع الغلات التي يمكن زراعتها في هذه الأقاليم، وذلك على أساس ما سبق أن ذكرناه من أن كل نبات يحتاج لكي يتم حياته إلى عدد معين من الأيام وإلى عدد معين أيضًا من الوحدات الحرارية، وقد ساعد هذا النوع من الدراسة كثيرًا من الدول الواقعة على حدود المناطق القطبية، كما هي الحال كندا وروسيا، على استغلال كثير من الأراضي الواقعة إلى الشمال من الدائرة القطبية في زراعة بعض المحاصيل التي أهمها القمح.
وقد دلت التجارب على أن القمح يحتاج لكي يتم حياته إلى أن تتجمع خلال فصل نموه المعتاد الذي حوالي 215 يومًا، 1090 ْم1 على الأقل، ومع ذلك فقد استنبتت من القمح فصائل يمكن أن تتم حياتها في فترة أقصر من ذلك وبعدد أقل من الدرجات الحرارية المتجمعة، ومن أمثلتها بعض الفصائل التي تزرع في شمال كندا وبعض جهات ألاسكا، وهي تستطيع أن تتم حياتها في يوم واحد أو أقل ولا تحتاج إلا إلى 750 ْم، وليس من شك في أن وفرة ضوء الشمس في هذه العروض العليا في فصل الصيف يعتبر من العوامل التي تساعد على سرعة نمو النباتات وسرعة نضجها؛ لأنه يعوض النقص في درجة الحرارة من جهة وقصر النمو من جهة أخرى2.
ويمكننا أن نلخص العلاقة بين درجة الحرارة وحياة النباتات فيما يلي:
1 Gilbert، J.H. "relation entre les somme de temperature et le production agricole" "archives des sciences physiques et naturelles، genevea 1886. gillbert's results were reviewed by curtis R.H، in symon's met. Magazine vol II، 1954 pp 133-119 under on the amount of geat requiring of wheat،
2 unstead، J. "the climatic limits of wheal cnlivation with special reference to north America" geog journal vol 36، 1612 pp. 347-366.
1-
أن هناك حدًّا أدنى لدرجة الحرارة التي يمكن أن تنمو فيها النباتات، وهذا الحد الأدنى هو الذي يطلق عليه اسم "صفر النمو" zero point of GROWTH" وهو يختلف من نبات إلى آخر، فبينما تستطيع نباتات الأقاليم الباردة أن تنمو في درجة حرارة أقل من الصفر المئوي نجد أن أغلب نباتات الأقاليم المعتدلة لا تنمو إلا إذا ارتفع المتوسط اليومي لدرجة الحرارة عن 6 ْم، "وهذا هو صفر النمو المتفق عليه بين كثير من الباحثين" أما نباتات الأقاليم الحارة فيلزم لنموها من غير شك درجات حرارة أعلى من ذلك.
2-
ولئن كان هناك حد أدنى لدرجة الحرارة التي ينمو فيه النبات، فإن هناك كذلك حدًّا أعلى لها، ويكون هذا الحد أقل بالنسبة لنباتات الأقاليم المعتدلة والباردة منه بالنسبة لنباتات الأقاليم الحارة، فبينما تموت بعض نباتات الأقاليم الباردة إذا زاد المتوسط اليومي لدرجة الحرارة عن 21 ْم، نجد أن أغلب نباتات الأقاليم الحارة لا يؤذيها ارتفاع هذا المتوسط إلى 38 ْم أو أكثر.
3-
أن سرعة نمو أي نبات تبلغ أقصاها في درجة حرارة معينة يمكن اعتبارها أصلح درجة لنموه "Optimum Temperature" وهي ليست واحدة بالنسبة لجميع النباتات، بل إنها ليست واحدة بالنسبة للنبات الواحد في مراحل نموه، المختلفة، وهي تقع بطبيعة الحال بين أدنى وأعلى درجتي حرارة يستطيع أن ينمو فيهما النبات، وتكون أعلى بالنسبة لنباتات الأقاليم الحارة منها بالنسبة لنباتات الأقاليم الباردة.
4-
أن كل نبات يحتاج لكي يتم حياته ونضجه إلى عدد معين من الوحدات الحرارية التي يجب أن تتجمع في أثناء حياته فوق "صفر النمو" ويطلق على هذه الوحدات اسم الحرارة المتجمعة Accumulated Temperature.
5-
في الأقاليم المعتدلة والباردة يقف نمو معظم النباتات في الفصل الذي ينخفض في أثنائه المتوسط اليومي لدرجة الحرارة عن "صفر النمو" ويتزايد طول هذا الفصل، أو بعبارة أخرى يتناقص طوله كلما اقتربنا من