الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولكن مهما كان تعقد العناصر التي تساهم في الميزانية الحرارية وتعددها وتداخل بعضها في بعض فلا بد أن تكون محصلتها النهائية هي تعادل جملة ما تكسبه الأرض من الطاقة الإشعاعية مع جملة ما يعود منها إلى الفضاء. ورغم صعوبة قياس عناصر الميزانية الأرضية فإن بعض الباحثين اقترحوا تقديرات تقريبية لبعضها، ومثال ذلك التقديرات التي وصفها الباحثين باور Baur وفيليبس Philipps في ألمانيا سنة 1935 والتي تتلخص فيما يلي:
- الطاقة الإشعاعية التي تصل إلى جو الأرض هي 700 سعر/ سم 2 / يوم، علي أساس أن المعامل الشمسي الثابت هو 1.94سعر/ سم 2 / دقيقة.
- 27% من هذه الطاقة يصل إلى سطح الأرض مباشرة.
- و16% تصل إلى سطح الأرض بالانتشار Difuse Radiation
- 15% تمتص في الجو بما فيه من سحب.
- فيكون مجموع ما تكسبه الأرض وجوها هو 58 %
أما الباقي وهو 42% فيرتد إلى الفضاء بواسطة الألبيدو*.
ولكن ليس معنى أن مكسب الأرض وجوها من الطاقة الشمسية يبلغ 58 % من الطاقة الإشعاعية الكلية الواصلة إلى جو الأرض أن هذا المكسب يبقى فيهما، بل إنه لا بد أن يعود كله في النهاية إلى الفضاء حتى تظل الميزانية الحرارية للأرض ثابتة.
* نظرًا لأن الألبيدو الأرضي يتغير من وقت إلى آخر ومن مكان إلى آخر بسبب تغير العوامل المؤثرة فيه، فليس هناك اتفاق تام على تقديره - والأرقام المذكورة هنا مأخوذه من: haurwitz & austil "1942" p. 15
3-
4-
التوزيع الجغرافي للإشعاع الشمسي:
تكلمنا فيما سبق على الطاقة الإشعاعية الشمسية بالنسبة للكرة الأرضية عمومًا وأوضحنا دور الغلاف الجوي في تقليلها وكيف أن جملة ما تكسبه الأرض وجوها من هذه الطاقة في السنة لا بد أن يتعادل مع جملة ما يرتد منها إلى
الفضاء، وأن هذا التعادل هو الذي يجعل للأرض ميزانية حرارية ثابتة من سنة إلى أخرى.
ولكن ليس معني هذا التوازن أن تكون كل أجزاء سطح الأرض أو كل أيام السنة متعادلة في مكسبها أو خسارتها من الإشعاع الشمسي؛ لأن توزيع هذا الإشعاع يختلف من مكان إلى آخر ومن فصل إلى آخر نتيجة لتأثره بعدة عوامل هي:
1-
اختلاف الألبيدو الأرضي من مكان إلى آخر ومن وقت إلى آخر.
2-
اختلاف البعد بين الأرض والشمس في الصيف عنه في الشتاء.
3-
اختلاف طول الليل والنهار في العروض المختلفة وفي الفصول المختلفة.
4-
اختلاف الزاوية التي تسقط بها أِشعة الشمس علي سطح الأرض.
وقد سبق أن تكلمنا على العاملين الأول والثاني وهما الألبيدو الأرضي والبعد بين الأرض والشمس، وذكرنا أن الألبيدو يختلف من مكان إلى آخر ومن فصل إلى آخر على حسب كمية السحب ودرجة صفاء الجو، وأن الأرض تكون أبعد عن الشمس في أول يوليو بنحو 4.8 مليون كيلو متر عنها في أول ديسمبر.
أما العاملين الثالث والرابع فمن الواضح أن كليهما، مرتبط بالموقع بالنسبة لدوائر العرض ارتباطًا مباشرًا، ففي فصل الصيف يتزايد طول النهار علي حساب طول الليل كلما اتجهنا نحو القطب حتى يصل طوله في يوم الانقلاب الصيفي "21يونيو" إلى 24 ساعة عند الدائرة القطبية وستة أشهر عند القطب، وتنعكس الآية في فصل الشتاء، كما يتبين من الجدول "3".
جدول "3"
أكبر طول للنهار في العروض المختلفة "21 يونيو" في نصف الكرة الشمالي.
"21 يونيو" في نصف الكرة الشمالي
دوائر العرض صفرْ 41 ْ 63 ْ 66.5 ْ 67 ْ 78 ْ 90 ْ
طول نهار 12 15 20 24 30يوم 4 أشهر 6 أشهر
"ساعة"
وكذلك بالنسبة للزاوية التي تسقط بها أشعة الشمس على الأرض فإن هذه الزاوية تكاد تكون قائمة عند دائرة الاستواء في معظم شهور السنة، وخصوصًا في فصلي الاعتدالين، ثم تصغر كلما اتجهنا نحو القطبين حيث يزداد ميل الأشعة وخصوصًا في فصل الشتاء، كما أن زاوية سقوط الأشعة تتغير كذلك خلال اليوم الواحد بحيث تبلغ أدناها عند الشروق وتزداد تدريجيًّا حتى تصل إلى أكبرها في وقت الزوال، ثم تتناقص مرة أخرى حتى تصل إلى أدناها عند الغروب.
والمعروف أن قوة الأشعة تتناسب طرديًّا مع زاوية سقوطها، فهي تبلغ أقصى قوتها إذا كانت زاوية سقوطها 90،ْ وتوصف الأشعة في هذه الحالة بأنها عمودية، وإذا نقصت هذه الزاوية فإن الأشعة تكون مائلة، وكلما نقصت زاوية سقوطها ازداد ميلها وضعفت قوتها لأنها في هذه الحالة تقطع مسافة أطول عند اختراقها للغلاف الجوي وتتوزع في نفس الوقت على مساحة أكبر من سطح الأرض.
وفي ضوء الحقائق فإن المعدل السنوي للإشعاع الشمسي يبلغ أقصى قوته عند خط الاستواء ويتناقص عمومًا نحو القطبين، ويقدر أن الإشعاع الشمسي الواصل إلى الأرض يكون عند خط الاستواء أربعة أمثاله عند أي من القطبين.
وعلى العموم فإن كمية الإشعاع الشمسي الواصل إلى الأرض تكون كبيرة طول السنة فيما بين المدارين ويكون تغيرها محدودًا من فصل إلى آخر. ولكن نظرًا لأن الشمس تتعامد على العروض الواقعة بينهما مرتين في أثناء تزحزحها شمالًا وجنوبًا فإن الإشعاع الشمسي عليها تكون له قمتان متفقتان تقريبًا مع مرتي تعامد الشمس، وأما في المناطق الواقعة بين أحد المدارين والدائرة القطبية فإن الإشعاع الشمسي يبلغ قمته في وقت الانقلاب الصيفي ويبلغ حده الأدنى في وقت الانقلاب الشتوي فإذا ما تجاوزنا الدائرة القطبية نحو القطب وجدنا أن نهار الصيف يزداد طوله من 24 ساعة، عند الدائرة القطبية نفسها في يوم
الانقلاب الصيفي إلى ستة أشهر عند القطب، وتنعكس الآية في فصل الشتاء فلا تظهر الشمس لمدة 24 ساعة في يوم الانقلاب الشتوي، وتتزايد مدة اختفائها حتى تصل إلى ستة أشهر عند القطب، ونتيجة لهذا يكون هناك فائض في الأشعة في فصل الصيف ونقص شديد فيها في فصل الشتاء.
ولكن تقدير الإشعاع الشمسي الواصل إلى الأرض في العروض المختلفة لا يكفي وحده لتقدير صافي الإشعاع المكتسب في هذه العروض بل يجب أن يخصم منه الإشعاع المرتد إلى الفضاء، حيث إن الفرق بينهما هو الذي يحدد الوافر أو العجز في الميزانية الحرارية للأرض كما يتضح من شكل "5"1. ومنه يتبين أن هناك وفرًا حراريًّا في العروض المدارية ويقابله عجز في العروض العليا، وأن هناك تعادلًا بينهما حوالي دائرة عرض 30.ْ
شكل "5"
الميزانية الحرارية للأرض عند دوائر العرض المختلفة
وتبين الخريطة شكل "6" التوزيع السنوي للإشعاع الشمسي الكلي عند سطح الأرض2.
1 Critchfield p.20
2 Lbid.p.21
شكل "6"
التوزيع السنوي للإشعاع الشمسي الكلي على سطح الأرض