الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجبال يعتبر من غير شك عاملًا مساعدًا على حدوث التكثف وزيادة كمية المطر تبعًا لذلك.
ومن الظاهرات التي تجدر الإشارة إليها أن كمية الأمطار تتناقص تدريجيًّا كلما ابتعدنا نحو الشمال، ويرجع ذلك إلى زيادة برودة الهواء، وما يتبع ذلك من تناقص في مقدرته على حمل بخار الماء.
ونظرًا لشدة برودة فصل الصيف فإن معظم الأمطار التي تسقط خلاله تكون غالبًا على شكل ثلوج تتراكم على قمم المرتفعات وعلي منحدراتها وتتكون منها في بعض المناطق طبقات سميكة خصوصًا في الشمال.
ويمكننا أن نشير هنا إلى مستوى خط الثلج الدائم على مرتفعات النرويج ويتراوح عمومًا ما بين 1400 متر في الشمال، ولكنه مع ذلك قد يهبط في بعض المناطق الشمالية المتطرفة إلى مستوى حوالي 50 مترًا.
أما الحياة النباتية الطبيعية في هذا المناخ فتتكون بصفة خاصة من غابات صنوبرية دائمة الخضرة تتخللها أحيانًا بعض الغابات الفضية، ولكن يلاحظ أن هذه الغابات أقل من كثافتها وفي ضخامة أشجارها بكثير من الغابات التي تنمو في المناخ المعتدل البارد الممتدة إلى الجنوب منها على الحافات الغربية لليابس، ففي هذه الغابات الأخيرة توجد أنواع من الأشجار النفضية أكثر تعددًا منها في المناخ البارد.
11-
4- 2-
الأقاليم الباردة القارية "نوع سيبريا
":
أهم ما يميز هذه الأقاليم أن البرودة الشديدة التي تسودها في فصل الشتاء يترتب عليها تكون نطاق من الضغط المرتفع الذي يحول دون وصول المؤثرات البحرية إليها من ناحية الغرب، وهي المؤثرات التي تحملها الرياح الغربية، كما أن تأثير المحيطات الواقعة في الشرق لا يستطيع كذلك أن يصل إلى هذه الأجزاء
لأن الرياح الشتوية التي تخرج من القارة إلى البحر تعمل على طردها بعيدًا عن اليابس.
ويظهر هذا النوع من المناخ في مناطق واسعة في شمال أوراسيا وكندا ولكن نظرًا لاتساع كتلة أوراسيا، فإن المناخ البارد فيها يكون أشد قسوة منه في كندا، ففي سيبيريا، نجد أن المعدل الشهري لدرجة الحرارة ينخفض في بعض المناطق إلى أقل من -50 ْمئوية كما هي الحال في منطقة فرخويانسك التي يطلق عليها اسم قطب البرودة، أما في كندا فإن المعدل الشهري لا ينخفض عادة في أي منطقة من المناطق إلى أقل من -30 ْمئوية.
ومن الطبيعي أن تتناقص درجة الحرارة وتشتد وطأة البرودة في فصل الشتاء كلما توغلنا في اليابس بعيدًا عن السواحل الغربية، ويمكننا أن نلاحظ ذلك إذا ما قارنا معدلات الحرارة في بعض المحطات الواقعة على خطوط عرض متقاربة فبينما نجد أن معدل درجة حرارة شهر يناير في مدينة برجن هو 3 ْمئوية نجد أنه ينخفض إلى -4 ْفي أوسلو و -7 ْفي هلسنكي و9 ْفي لننجراد و19 في توبولسك و35 ْفي أوليكمنسك olekminsk. ويمكننا أن ندرك نفس هذه الحقيقة بطريقة أخرى إذا نظرنا إلى امتداد خط حرارة 6 ْمئوية مثلًا لشهر يناير حيث نجد أنه يبدأ عند خط عرض 70 ْشمالًا على ساحل النرويج ثم ينحني تدريجيًّا نحو الجنوب كلما اتجهنا نحو الشرق حتى يصل في سيبيريا إلى حوالي خط عرض 45 ْشمالًا.
ولئن كان الشتاء شديد البرودة بهذا الشكل فإن الصيف يعتبر دافئًا أو معتدلًا بصفة عامة، حيث يزيد معدل شهر يوليو عن 60 ْفي كثير من المناطق، ويكون الانتقال ما بين ظروف الصيف وظروف الشتاء فجائيًّا تقريبًا، ففي مدينة فرخويانسك مثلًا يرتفع معدل درجة الحرارة من -13 ْفي شهر إبريل إلى 2 ْمئوية في أكتوبر، ومن الواضح أن المدى السنوي للحرارة يكون في هذا النوع القاري من المناخ أكبر منه على السواحل الغربية.
وتختلف الحياة النباتية بسبب هذا الاختلاف في درجة الحرارة اختلافًا تامًّا في فصل الصيف عنها في فصل الشتاء، فبينما نجد أن الأرض تكون في فصل الصيف مكسوة بغطاء من الأعشاب والطحالب، نجد أنها تكون في الشتاء مغطاة بطبقة من الثلج.
أما أمطار هذا المناخ فأقل بكثير من أمطار المناخ البحري إذ إنها لا تزيد غالبًا على 45 سنتيمترًا، وهي تتناقص تدريجيًّا كلما اتجهنا شرقًا حتى تكاد تنعدم في وسط آسيا الذي تشغله مناطق صحراوية وشبه صحراوية واسعة، ويكثر التساقط بصفة خاصة في نصف السنة الصيفي، أما في نصفها الشتوي فإن الانخفاض الشديد في درجة الحرارة لا يسمح للهواء بحمل كميات كبيرة من بخار الماء، ومع ذلك فإن التساقط يكثر في هذا الفصل، ولكنه يكون عادة على شكل ثلج.
وتتأثر المناطق الداخلية من اليابس في بعض الأحيان بالمنخفضات الجوية التي تصل من ناحية الغرب مخترقة نطاق الضغط المرتفع الذي يكون متمركزًا على اليابس في فصل الشتاء، وتهب في مؤخرة هذه المنخفضات عواصف قطبية شديدة البرودة جدًّا، تبلغ سرعتها، ما بين 75 و90 كيلومترًا في الساعة، وتنخفض درجة الحرارة عند هبوبها بنحو 10 و15 درجة تحت درجة التجمد، هذه الرياح هي التي يطلق عليها في روسيا اسم البوران Buran، وفي كندا والولايات المتحدة اسم Blizzard وكثيرًا ما تكون هذه الرياح محملة بمقادير كبيرة من الثلج إما بشكل حبيبات دقيقة أو بشكل كرات صغيرة، ووجود هذا الثلج يزيد من غير شك من خطرها على الحياة.
وتختلف الحياة النباتية في المناخ السيبيري على حسب درجة الحرارة أولًا وعلى حسب كمية التساقط ثانيًا، فحيثما يزيد المعدل على 25 سنتيمترًا تنمو غابات صنوبرية دائمة الخضرة، أما إذا قلت الأمطار عن ذلك فإن المظهر النباتي السائد يكون عبارة عن حشائش قصيرة العمر تنمو خلال فصل النمو