الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأقاليم المدارية
مدخل
…
11-
1- 2- الأقاليم المدارية:
تحديدها:
تشمل الأقاليم المدارية عظيم الاتساع يمتد إلى الشمال وإلى الجنوب من النطاق الاستوائي الذي سبق الكلام عليه، وتشترك أغلب الأقاليم الواقعة في هذا النطاق في أن المعدل الحراري فيها لا ينخفض في أي شهر من أشهر السنة عن 18 ْمئوية، شأنها في ذلك شأن الأقاليم الاستوائية، أما الأمطار فإن نظامها ليس واحدًا في جميع أجزاء هذا النطاق.
وعلى هذا الأساس يمكننا أن نقسم هذه الأقاليم إلى عدة أقسام يتميز كل منها بنظام خاص للأمطار.
وتعتبر الصحاري الحارة من أهم أقسام الأقاليم المدارية ولكننا مع ذلك لن نتكلم عليها في هذا الفصل حيث إننا سنتكلم عليها مع بقية الأقاليم الصحراوية في فصل مستقل.
أما الأقاليم التي سنتكلم عليها هنا فهي:
1-
الأقاليم المدارية القارية "نوع السودان".
2-
الأقاليم المدارية البحرية "نوع موزمبيق".
1-
الأقاليم المدارية القارية "نوع السودان
":
إذا ما ابتعدنا عن خط الاستواء نحو الشمال أو نحو الجنوب نجد أن الأحوال المناخية تأخذ في التغير تدريجيًّا حتى نصل إلى نطاق تسوده الرياح التجارية طول العام، ونظرًا لأن الرياح التجارية جافة في جملتها فقد ظهرت في نطاق هبوبها أعظم صحاري العالم اتساعًا وأشدها حرارة، وتشمل الأقاليم المدارية القارية عمومًا معظم الأقاليم التي تنحصر بين هذه الصحاري من جهة ونطاق المناخ الاستوائي من جهة أخري، وهذه تتمثل بصفة خاصة في قارة إفريقية
جدول رقم "17"
معدلات الحرارة والأمطار
في بعض محطات الأقاليم المدارية القارية "الارتفاعات منسوبة إلى سطح البحر"
1-
الخرطوم - 35 َ15 ْشمالًا و31 َ 32 ْشرقًا، و345 مترًا.
2-
المالاكول - 35 َ 9 ْشمالًا و47 َ 31 ْشرقًا، و390 مترًا.
3-
كانوا "نيجيريا" - 12 ْشمالًا و20 َ 8 ْشرقًا، و468 مترًا.
أولا: الحرارة "بالدرجات المئوية":
ثانيا: المطر بالملليمترات:
حيث نجد أنها تشغل هنا نطاقين عظيمين إلى الشمال وإلى الجنوب من النطاق الاستوائي إلا أن الشمالي أعظم اتساعًا بكثير من النطاق الجنوبي.
والأقاليم المدارية القارية في جملتها هي نفس الأقاليم التي تشتهر باسم أقاليم السفانا أو "أقاليم المناخ السوداني" وهي تتميز عمومًا بأنها تكون في فصل الشتاء واقعة في مهب الرياح التجارية الجافة وأنها تكون لهذا السبب عديمة الأمطار، أما في فصل الصيف فإنها تدخل في نطاق الضغط المنخفض الذي يتميز بأمطاره التي تسقط بسبب نشاط التيارات الصاعدة، ومعنى ذلك أن أمطار هذه الأقاليم لا تختلف في نوعها عن الأمطار الاستوائية، ولكن الفرق الرئيسي
بينهما هو انقطاع سقوط الأمطار شتاء في الأقاليم المدارية القارية، بخلاف الحال في الأقاليم الاستوائية التي لا ينقطع مطرها في أي فصل من الفصول.
ويلاحظ أن طول الفصل الممطر ينتاقص تدريجيًّا كلما ابتعدنا عن خط الاستواء نحو الشمال أو نحو الجنوب فعلى حدود النطاق الاستوائي مثلًا نجد أن الفصل الممطر قد يشغل تسعة أشهر أو عشرة، أما عند حدود الصحراء فقد لا يزيد هذا الفصل على شهرين أو ثلاثة.
ومما يسترعي النظر في الأقاليم المدارية القارية عمومًا أن الانتقال من الفصل الممطر إلى الفصل الجاف أو العكس يحدث بطريقة شبه فجائية، ويبدو أثر هذا الانتقال واضحًا في الحياة النباتية وما يتبعها من مظاهر الحياة الأخرى، حيث تكون هذه المظاهر في الفصل الممطر مختلفة اختلافًا تامًّا عنها في الفصل الجاف وفيما يلي وصف مختصر للمظاهر المناخية والنباتية العامة في كل فصل من هذين الفصلين:
أ- الفصل الممطر:
يختلف طول هذا الفصل من منطقة إلى أخرى حسب البعد عن خط الاستواء، فعلى حدود النطاق الاستوائي مثلًا نجد أن الفصل الممطر قد يشغل تسعة أشهر أو عشرة.
أما على حدود الصحراء فإنه لا يشغل أكثر من شهرين أو ثلاثة أشهر، وبنفس الشكل تتناقص كمية الأمطار السنوية كلما بعدنا عن خط الاستواء فعلى الرغم من أن متوسط ما يسقط من المطر في معظم الأقاليم المدارية القارية يتراوح بين 50 و100 سنتيمتر في السنة فإن هذه الكمية قد ترتفع إلى 125 سنتيمترًا على حدود النطاق الاستوائي وتنخفض إلى حوالي عشر بوصات فقط على حدود الصحراء ومع ذلك فيجب أن نلاحظ أن كمية المطر تتباين في المنطقة الواحدة تباينًا عظيمًا من سنة إلى أخرى، فقد يحدث أن ترتفع كمية المطر في سنة من السنين إلى ضعف معدلها العام بينما يحدث في سنين أخرى أن تنخفض الكمية إلى نصف هذا المعدل.
ويعتبر عدم الاستقرار في نظام سقوط الأمطار بهذا الشكل من أهم العوامل التي يتعرض بسببها الإنتاج الزراعي في هذه المناطق إلى أخطار شديدة خصوصًا في المناطق الواقعة بالقرب من حدود الصحراء لأن أقل تغير في كمية الأمطار التي تسقط في هذه المناطق تكون لها آثار خطيرة على الحياة النباتية سواء في ذلك الحشائش الطبيعة أو المحاصيل الزراعية.
وفضلًا عن التباين الشديد في كمية المطر السنوية فإن اتفاق فصل المطر مع فصل الحرارة الشديدة يترتب عليه ضياع كمية كبيرة من المياه بالتبخر، مما يقلل من القيمة الفعلية للأمطار، ولهذا فإن الحد الأدنى اللازم لنجاح الزراعة في هذه المناطق يجب ألا يقل في الغالب عن 75 سنتيمترًا. ولكن يلاحظ أن أشد أيام السنة حرارة لا توجد عادة في قلب الفصل الممطر نفسه بل توجد في الشهر الذي يسبق هذا الفصل مباشرة وكذلك في الشهر الذي يعقبه مباشرة، والسبب في ذلك هو أن سقوط الأمطار يعتبر من حد ذاته من العوامل التي تساعد على تلطيف حرارة الجو.
والفصل الممطر هو فصل الحياة والرخاء في الأقاليم المدارية، فما أن يبدأ سقوط الأمطار حتى تأخذ الحياة النباتية في النمو بسرعة عجيبة بحيث يتغطى سطح الأرض في خلال أسبوعين أو ثلاثة بطبقة عظيمة الكثافة من الحشائش المرتفعة كما تعود الأشجار للاخضرار، وليس هذا النمو السريع للحياة النباتية إلا نتيجة طبيعية لاجتماع الأمطار الغزيرة مع الحرارة الشديدة، وهما العاملان الرئيسيان في نمو النباتات وذلك بشرط أن تكون كمية الأمطار كافية لتحمل البخر الشديد الذي يسببه ارتفاع درجة الحرارة في فصل سقوطها.
وعند انتهاء موسم الأمطار تعود الحالة تدريجيًّا إلى ما كانت عليه من فقر وحرارة وجفاف، وتعتبر الأسابيع الأخيرة من الفصل المطير من أجمل أوقات السنة من حيث ملاءمة الأحوال الجوية فيها لحياة الإنسان، فالرطوبة الشديدة التي يتميز بها الفصل الممطر تكون قد نقصت نوعًا ما بينما لا تكون درجة الحرارة قد ارتفعت ارتفاعها الشديد بعد، كما أن التربة الكثيرة التي يتغطى بها
سطح الأرض والتي كثيرًا ما تعكر الجو في الفصل الجاف لا تكون قد كثرت بعد في هذا الوقت.
وعلى العكس من ذلك فإن الفترة التي تسبق فصل المطر مباشرة تتميز بقسوة مناخها؛ لأن درجة الحرارة فيها تكون قد بلغت أقصى ارتفاع لها، كما تكون رطوبة الهواء آخذة في الزيادة المستمرة بينما لا يكون أثر الأمطار في تلطيف حرارة الجو قد أصبح ملموسًا.
ب- الفصل الجاف:
يستمر تأثير الأمطار على سطح الأرض حوالي أسبوعين بعد انتهاء موسم المطر، وتكون التربة خلال هذه الفترة ما زالت تحتفظ بنسبة من رطوبتها، وتظل النباتات التي تغطيها، بما في ذلك الأشجار والأحراج والحشائش بلونها الأخضر.
ولكن سرعان ما يأخذ لونها في الاصفرار ثم الذبول والجفاف، كما أن البرك والجداول التي تكون قد تكونت في فصل المطر تأخذ في الجفاف بسبب ضياع مياهها بالتبخر والتسرب، وتنخفض مناسيب معظم الأنهار، وتتغطى الأرض في معظم الجهات بطبقة من الأتربة الناعمة والنباتات اليابسة التي تتطاير بكثرة مع الهواء فتؤدي إلى تعكير الجو.
ومن الطبيعي أن تكون الرطوبة النسبية في هذا الفصل منخفضة عمومًا، وهي تتراوح في متوسطها ما بين 60% و70% بل إنها كثيرًا ما تنخفض عن ذلك انخفاضًا كبيرًا. ويحدث ذلك بصفة خاصة عند هبوب الرياح الجافة من ناحية الصحراء ومنها رياح الهارماتان التي تهب من الصحراء الكبرى نحو ساحل غانة فكثيرًا ما تنخفض الرطوبة النسبية عند هبوبها إلى 30%.
وتتميز أيام الفصل الجاف عمومًا بصفاء سمائها وشدة حرارتها وارتفاع مدى التغير اليومي للحرارة فيها، وكثيرًا ما ترتفع النهايات العظمى التي تسجل في أيامها عن 43.3 ْمئوية.