الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 -
تساعد النباتات على حماية التربة من التبخر المباشر، وكلما كان الغطاء النباتي كثيفًا كان تأثيره أكبر، ومع ذلك فإن عملية النتح من النباتات تؤدي إلى ضياع مقادير كثيرة من مياه التربة، حيث تمتص المياه بواسطة الجذور وتنطلق إلى الجو من مسام النباتات، وإذا كانت التربة مغطاة بطبقة من بقايا النباتات المتراكمة، كما يحدث غالبًا من مناطق الغابات، فإن هذه الطبقة تحمي التربة كذلك من التبخر.
5-
إذا كانت التربة مكسوة بغطاء من الجليد فإن هذا الغطاء يساعد على حمايتها من التبخر حماية تكاد تامة.
6-
يتأثر التبخر بلون التربة، والمعتاد هو أن يكون في التربة السوداء أو الداكنة أسرع منه في التربة الفاتحة؛ لأن اللون الداكن يساعد على امتصاص الحرارة ويساعد بالتالي على نشاط التبخر.
8-
2- 4-
قياس التبخر أو حسابه:
يقاس التبخر بواسطة أجهزة خاصة عليها عمومًا اسم مقاييس التبخر "vaporometers" ويوجد منها نوعان رئيسيان هما:
1-
نوع يقاس بواسطته التبخر من سطح مائي مكشوف ويستخدم فيه حوض معدني اتساعه حوالي ستة أقدام مربعة وعمقه حوالي قدم ونصف. وعند استخدامه يملأ الحوض بالماء ويعرض للجو، ثم يقاس الانخفاض الذي يطرأ على سطح الماء به من حين إلى آخر. والجهاز القياسي المستخدم في محطات الأرصاد الجوية الأمريكية، والمستخدم كذلك في كثير من محطات العالم العربي هو الجهاز المعروف باسم "Cladss Apn".
2-
نوع يقاس بواسطته التبخر من سطح مبلل بالماء. مثل ورقة من الجفاف أو أي مادة أخرى مشابهة له، ومن أبسط الأجهزة التي من هذا النوع وأشهرها الجهاز المعروف بجهاز "بيشي plass" وهو عبارة عن أنبوبة زجاجية مدرجة توضع منكسة بعد أن تملأ بالماء، ويثبت فوق فوهتها قرص
من الجفاف، فالذي يحدث في هذه الحالة هو أن الماء يتبخر من سطح ورقة الجفاف التي تمتص بدورها الماء من الأنبوبة فينخفض ارتفاع الماء بها، وتدل سرعة هذا الانخفاض في فترة معينة على نشاط عملية التبخر أو بطئها، "شكل 46".
شكل "46" مقياس التبخر "بيشي".
ولكن يلاحظ أن طريقة قياس التبخر بواسطة أي نوع من الأجهزة السابقة تشوبها بعض العيوب التي تقلل كثيرًا من قيمتها للدراسات الجغرافية وغيرها، فالنتائج التي أمكن الحصول عليها حتى الآن بواسطة هذه الطريقة لا تمثل في الغالب ما يحدث في الطبيعة فعلًا؛ لأنها لا تراعي بعض العوامل المهمة التي تتحكم في تبخر المياه من سطح الأرض أو من سطح البحار والمحيطات، ومنها سرعة الرياح واتساع المسطحات المائية وعمق المياه فيها، ثم نوع التربة ودرجة رطوبتها وغير ذلك. ومن أهم عيوب هذه الطريقة أيضًا أن الأجهزة التي تستخدم في المحطات المختلفة يتباين بعضها عن بعض، لا في أنواعها فحسب، بل وفي تصميم أجهزة النوع الواحد وطريقة استخدامها والظروف التي تستخدم فيها. ومن الغريب أنه لا يوجد حتى الآن جهاز واحد متفق عليه
دوليًّا لقياس التبخر كما هي الحال في قياس درجة الحرارة أو الضغط الجوي مثلًا1، ولذلك فإن النتائج القليلة التي تنشرها بعض محطات الأرصاد للتبخر يجب ألا ينظر إليها إلا على أنها نتائج تقريبية فقط ويجب أن نكون حريصين عندما نقارن بعضها ببعض أو نستخدمها لرسم خريطة نبين عليها توزيع التبخر في أي منطقة من المناطق. والواقع أن التبخر يعتبر من الظاهرات المناخية التي لا توجد لها خرائط عامة موثوق به في الوقت الحاضر، وذلك باستثناء الخرائط القليلة التي رسمها بعض الجغرافيين أو علماء المناخ لتوزيع التبخر بصورة تقريبية جدًّا في بعض دول أوروبا وأمريكا.
ولتلافي العيوب الكثيرة التي تشوب قياس التبخر بواسطة الأجهزة التي سبقت الإشارة إليها رأى بعض الباحثين في علوم الطبيعة أنه من الممكن الحصول على تقديرات قريبة من الصحة للتبخر إذا أمكن إيجاد معامل الارتباط بينه وبين العناصر الأخرى التي تتحكم فيه. فبهذه الطريقة يكون من السهل تقدير التبخر إذا عرفنا نتائج قياس أو تقدير هذه العناصر، فإذا استطعنا مثلًا أن نوجد معامل الارتباط بين درجة الحرارة والتبخر، فإننا نستطيع أن نقدر على أساسه سرعة التبخر في أي درجة حرارة معينة، وهذا بالطبع على فرض أن الحرارة هي العنصر الوحيد الذي يتحكم في التبخر، وهذا غير صحيح كما ذكرنا، وقد اقترح بعض الباحثين في دول مختلفة مثل إنجلترا وألمانيا وأمريكا عدة معادلات وطرق رياضية من هذا النوع لحساب التبخر2. ولو أن العناصر والعوامل التي بنيت عليها هذه المعادلات تختلف اختلافًا واضحًا من
1 "report on standard methods of measurement of evaporation" journal of the institute of water engineer VOL.2.1948.PP.97-299
2 Thornthwaite، C.W. "An approach Towards Rational Classification of Climate" grog. rev، vol.38.1948 pp 59-39.
Penman. H.I. "Natural Evaporation Form Open Water، bare soil and grass" Proceedings of the Royal Society، Series a، vol. 193. 1948. pp. 120-45.
&"Evaporation over the briyish isles" Quarterly journal of the royal meteorological society، London vol، 79. 1950. pp 59-65 and pp. 372-385
معادلة إلى أخرى، وفضلًا عن ذلك فإن كل المعادلات تقريبًا معقدة بدرجة لا تشجع الباحث الجغرافي على الاستفادة بها في دراساته.
ويمكن القول على أية حال أن طريقة التقدير الرياضي للتبخر تشوبها هي الأخرى عيوب وتعترضها صعوبات لا تقل في خطورتها عن العيوب والصعوبات التي تشوب وتعترض طريقة قياس التبخر بواسطة الأجهزة ويكفي أن نشير إلى ما سبق أن ذكرناه من أن العناصر التي تتحكم في التبخر ليست معروفة بالضبط، كما أن الدور الذي يلعبه كل عنصر منها ليس محددًا تحديدًا دقيقًا، وفضلًا عن ذلك فإن كثيرًا من هذه العناصر نفسها، ومن أهمها الرطوبة النسبية أو ضغط بخار الماء في الجو لا توجد لها بيانات دقيقة في الوقت الحاضر، لعدم وجود أجهزة مضمونة لقياسها، ولذلك فإنها هي الأخرى تحسب بطرق رياضية معقدة تكون نتائجها غالبًا تقريبية.
وأخيرًا يجب أن نوجه النظر إلى أن نتائج قياس التبخر في أي منطقة من المناطق لا يدل في معظم الأحيان على ما يحدث في الطبيعة فعلًا؛ لأن هناك فرقًا بين ما يتبخر من سطح المنطقة في ظروفها العادية وما يمكن أن يتبخر منها إذا فرض وكان سطحها مغطى باستمرار بالماء، وهذا في الواقع هو ما تدل عليه نتائج القياس بالأجهزة المختلفة ففي الصحاري الحارة مثلًا تدل نتائج القياس على أن معدل ارتفاع طبقة المياه التي تتبخر سنويًّا يزيد على 700 سنتيمتر، ولكن هل هذا هو ما يتبخر فعلًا من سطح هذه الصحاري؟ من الواضح أن الإجابة عن ذلك يجب أن تكون بالنفي لسبب بسيط، وهو أن الصحراء لا يمكن أن يتوفر فيها هذا القدر من الماء لكي يتبخر.