الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
14-
2- 1- 2-
الغابات المعتدلة الدافئة:
1-
غابات البحر المتوسط "شكل 75، 76":
يتميز مناخ البحر المتوسط بشتائه المعتدل، الذي لا ينخفض في أثنائه المتوسط اليومي لدرجة الحرارة في معظم المناطق انخفاضًا يؤدي إلى توقف نمو معظم الأشجار، أما فصل الصيف فيمتاز بحرارته وجفافه، ولكن رغم ذلك فإن الغابات التي تنمو في هذا المناخ تتكون في جملتها من أشجار عريضة الأوراق دائمة الخضرة لا تنفض أوراقها بسبب الجفاف، كما يحدث للغابات الموسمية أو الأحراج المدارية مثلًا، وتعتبر غابات البحر المتوسط في الواقع نوعًا فريدًا في بابه من أنواع الغابات لأنه ليس من المألوف أن تنمو غابات عريضة الأوراق في إقليم يوجد به فصل جاف طويل نسبيًّا دون أن تنفض أوراقها خلال هذا الفصل.
وتتميز هذه الغابات بصفات خاصة هي التي تساعدها على الاحتفاظ باخضرارها في فصل الصيف، ومن هذه الصفات أن الأشجار تكون متباعدة نوعًا ما بحيث تستطيع الشجرة الواحدة أن تستفيد من المياه الموجودة في منطقة واسعة من الأرض، كما تكون الجذور متشعبة، وطويلة بدرجة تستطيع معها أن تصل إلى طبقة المياه الباطنية، أما الأوراق فتكون قليلة، كما يكون أغلبها صغيرًا سميكًا متصلبًا "Stiff" ذا سطح أملس ناعم أو غير ذلك من الصفات التي تحول دون سرعة فقدان المياه بالنتح، وبعض الأشجار مثل الفلين تغلف جذوعها بقشور سميكة جدًّا تحول دون ضياع مياهها وعصارتها بالتبخر وكثيرًا ما تكون الأوراق شوكية متشابهة لأوراق كثير من النباتات التي تنمو في الأقاليم الجافة1.
1 preston E. James، "A Geography of man"1944. p.126.
وغابات البحر المتوسط في جملتها من نوع الأدغال "Scrub Forests" التي تتكون من أشجار متوسطة الارتفاع أو قصيرة، أما الأشجار الضخمة فيقل وجودها بصفة عامة، إلا في بعض المواضع التي تساعد ظروف المناخ والتربة فيها على سرعة النمو، فهنا تنمو أشجار ذات جذوع سميكة، يلتوي بعض أغصانها على البعض الآخر، وتتغطى الأرض فيما بينها بطبقة من الحشائش القصيرة، ورغم أن الأشجار لا تنقص أوراقها غالبًا في أي فصل من الفصول فإن هناك موسمًا معينًا لخروج البراعم والأوراق الجديدة، ويكون ذلك عند بداية الفصل المطير، في الخريف، أما خروج الأزهار والثمار فيحدث عمومًا في فصل الربيع، وهذا بخلاف الحال في الغابات المدارية المطيرة التي لا يوجد فيها موسم خاص لخروج الأوراق أو الزهور؛ إذ إن هذا يحدث في جميع شهور السنة على حد سواء.
ويعتبر البلوط دائم الخضرة "Oak" والفلين "Cork" من أهم الأشجار التي يختص بها مناخ البحر المتوسط، وهي تمتاز بأن جذوعها مغلفة بقشور سميكة جدًّا تقطعها شقوق عميقة وبأن أوراقها صغيرة سميكة، ومتصلة سطحها أملس، وتعتبر أشجار الزيتون أيضًا من الأنواع الرئيسية، وهي ذات جذوع ضخمة مغلفة بقشور سميكة تقطعها كذلك شقوق عميقة، ويلتوي بعض فروعها على البعض الآخر، أما أوراقها فصغيرة متصلبة قليلة المسام، ومن الأشجار المهمة أيضًا شجرة القسطل "أبو فروة""Sweet Chestnut" والغاز "Laurel" وبعض أنواع الأشجار المخروطية "Conifers" مثل الأرز "Cedar" والسرو، ثم أشجار اليوكاليبتوس1 "Eucalyputs"، وأشجار الكافور التي تكثر بصفة خاصة في أستراليا.
1 كلمة Eukalyptos أصلها يوناني، وهي مكونة من مقطعين هما EU ومعناها جيد Kalyptos ومعناها مغطى أو مغلف، وذلك لأن ثمارها مغلفة تغليفًا جيدًا.
وإلى جانب الغابات التي سبق وصفها تنمو في مناخ البحر المتوسط كذلك أحراج كثيفة تتغطى بها الأرض في بعض المناطق وتتخللها أحيانًا شجيرات أو أشجار قصيرة، وتشتهر هذه الأحراج في كاليفورنيا باسم "شابارول Chaparral" أما في البلاد المحيطة بالبحر المتوسط فيطلق عليها اسم "ماكي Maqui" وإلى جانب المناطق التي تصلح بطبيعتها لنمو هذه الأحراج نجد أنها تظهر كذلك في بعض المناطق الأخرى التي كانت تغطيها الغابات، وذلك بعد أن اجتثت أشجارها، وأهم فائدة لهذه الأحراج هي أنها تنظم انحدار المياه على جوانب المنحدرات وتحول دون جرفها للتربة.
وفضلًا عن النباتات الطبيعية السابق ذكرها يشتهر مناخ البحر المتوسط بصلاحيته لغرس أشجار الفاكهة التي أهمها الموالح والمشمش والكمثرى والتفاح والخوخ والتين واللوز والكروم وأشجار الزيتون.
ويظهر مناخ البحر المتوسط بصفة عامة في غرب القارات ما بين خطي عرض 30ْ و40ْ تقريبًا، وأكبر منطقة يتمثل فيها هي التي تحيط بالبحر المتوسط نفسه في العالم القديم، وإلى جانب ذلك نجد أنه يتمثل في كاليفورينا بأمريكا الشمالية، وفي وسط شيلي وأمريكا الجنوبية، وفي منطقة رأس الرجاء الصالح في إفريقية، وفي منطقتين صغيرتين في الطرفين الجنوبي الشرقي والجنوبي الغربي لأستراليا.
2-
الغابات الرطبة الدافئة في شرق القارات "غابات الصين":
تنمو هذه الغابات في بعض العروض التي توجد فيها غابات البحر المتوسط وذلك في المناطق التي تنتمي عمومًا إلى المناخ المعرف "بالمناخ الصيني" ومن أهمها الصين، وجنوب شرقي الولايات المتحدة وجنوب شرقي البرازيل والساحل الشرقي لأستراليا وساحل ناتال في إفريقية، وهي تنمو كذلك في الأقاليم المدارية، ولكن على مستويات أعلى من 900 متر فوق سطح البحر، كما هي الحال في شرق المكسيك وأمريكا الوسطى، وعلى المنحدرات الشرقية لجبال الإنديز.
ونظرًا لأن أمطار هذه الأقاليم تسقط طول السنة فإن الغابات التي تنمو بها تكون غالبًا أشد كثافة من غابات البحر المتوسط، وهي تتكون في جملتها من أشجار عريضة الأوراق معظمها دائمة الخضرة وأخشابها من النوع الجامد، وتشمل بعض أنواع الأشجار التي تنمو في مناخ البحر المتوسط مثل البلوط دائم الخضرة وكثير من الأشجار التي تتكون منها الغابات عريضة الأوراق في الأقاليم المعتدلة في غرب القارات، كما هو الحال في غرب أوروبا مثلًا، ومن الأشجار المهمة التي من هذا النوع أشجار الزان "Beech" والجوز "Walnut" والبتولا "Birch" والهيكوري "Hickory""وهو نوع من أشجار الجوز" والحور "poplar" والأسفندان "maple" وتختلط هذه الأشجار في بعض المناطق بكثير من الأشجار الصنوبرية ذات الأوراق الإبرية مثل الصنوبر "pine" والشوكران "Hemlock" ويحدث ذلك بصفة خاصة في المناطق رديئة التربة وعلى منحدرات الجبال حيث تنمو غابات مكونة من النوعين، ويطلق عليها اسم "الغابات المختلطة "Mixed Forests" وقد تسود الأشجار الصنوبرية في بعض المناطق بحيث تتكون منها معظم الغابة أو كلها، كما هي الحال في بعض السهول الساحلية في جنوب شرقي الولايات المتحدة، حيث تسود التربة الرملية الفقيرة، وعلى منحدرات السلاسل الجبلية لجبال الأبلاش، حيث يكون سطح الأرض صخريًّا بصفة عامة، أو يكون مغطى بطبقة رقيقة جدًّا من التربة، وتعتبر الغابات التي تنمو على هذه المنحدرات في الواقع لسانًا من الغابات الصنوبرية يمتد ناحية الشمال وسط إقليم تسود فيه غابات عريضة الأوراق ويزداد اختلاط الأشجار كذلك كلما اتجهنا ناحية القطبين بسبب تناقص الحرارة حتى تصل إلى المناطق التي تسود فيها الغابات الصنوبرية.
وتعتبر الغابات الصنوبرية والغابات المختلطة موردًا من المورد المهمة للأخشاب في العالم؛ إذ إن كثيرًا من أشجارها يمتاز بجودة أخشابه، ومثال ذلك أشجار الجوز والزان، وقد أزيلت هذه الغابات من مناطق واسعة في العالم لكثرة الطلب على أخشابها من جهة ولإحلال الزراعة محلها من جهة أخرى.