الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأقسام المناخية للوطن العربي حسب تقسيم كوبن
مدخل
…
13-
9- الأقسام المناخية للوطن العربي حسب تقسيم كوبن
إن القسم الأكبر من العالم العربي يدخل ضمن القسم المناخي الكبير "B" في تقسيم كوبن، بينما تدخل أجزاء محدودة منه ضمن القسم "A" وأجزاء أخرى ضمن القسم "C".
وفيما يلي أهم الأنواع المناخية التي توجد في هذا العالم.
أولًا- المناخ "A""الحار الممطر":
إن النوع الموجود في العالم العربي من هذا المناخ هو النوع "AW" وهو الذي يتفق عمومًا مع النوع المشهور باسم نوع السفانا، وهو يشمل معظم جنوب السودان ونطاقًا كبيرًا في وسطه، وأهم ما يميزه هو وجود فصل جاف في الشتاء يشغل ما بين ثلاثة أشهر في أقصى الجنوب وسبعة أشهر في أقصى الشمال. ويمكن اعتبار خط المطر السنوي 60 سم حدًّا تقريبيًّا لهذا المناخ من ناحية الشمال، والأمطار في جملتها من نوع أمطار التصعيد، وهي تتزايد كلما اتجهنا جنوبًا، حتى يصل معدلها في أقصى جنوب السودان إلى 120 سم أو أكثر. أما درجة الحرارة فمرتفعة طول السنة ولا ينخفض معدلها في أي شهر من الشهور عن 18ْ مئوية، بل إنه قد يصل في بعض الأشهر إلى 30ْ أو أكثر، ويحدث هذا عادة في الشهر أو الشهرين اللذين يسبقان الفصل المطير الرئيسي، كما هي الحال في شمال السودان ووسطه، ولكنه يتناقص تدريجيًّا نحو الجنوب بسبب تزايد طول الفصل المطير في هذا الاتجاه مما يؤدي إلى سقوط الأمطار في كل الأشهر الحارة فلا تكون هناك فرصة للارتفاع غير العادي في معدل أي منها، ولذلك فبينما تزيد معدلات بعض الأشهر إلى أكثر من 30ْ في المناطق الواقعة إلى الشمال من بحر الغزال فإنها "تكاد تصل في أي شهر من الشهور إلى 29ْ في المناطق الواقعة إلى الجنوب منه، ويبدو هذا
شكل "107" الأنواع المناخية في العالم العربي حسب تقسيمات كوبن
واضحًا لو قارنا المعدلات الحرارية لبلدة جوبا الواقعة على خط عرض 5 ْشمالًا تقريبًا بنظيراتها في بلدة توزي الواقعة على خط عرض 30 َ 12 ْ شمالًا "وهما واقعتان على ارتفاع واحد من سطح البحر".
وإقليم المناخ "A" في الواقع هو أغنى أقاليم الوطن العربي في موارده المائية والنباتية وفي إمكانات استخدام أراضيه للتنمية الزراعية والحيوانية، وقد بدأت فيه بالفعل كثير من مشروعات التنمية الزراعية والصناعية، ولكن ما زالت مشكلاته الصحية ونقص سكانه، وصعوبة المواصلات بين أجزائه بعضها وبعض، وبينه وبين بقية البلاد تحول دون تنمية موارده بالسرعة المطلوبة.
وتتدرج النباتات الطبيعية في هذا الإقليم من حيث الكثافة والتنوع من الجنوب إلى الشمال تبعًا لتناقص كمية المطر وتناقص طول الفصل الممطر، ففي أقصى الجنوب توجد بعض الغابات دائمة الخضرة التي يظهر معظمها حول مجاري الأنهار، وهذا النوع من الغابات هو الذي يشتهر باسم غابات الدهاليز Gallery Forests.
أما في الشمال فتسود حشائش السفانا الخشنة التي تختلط بها بعض الأشجار النفضية، وتتناقص الأشجار وتقل أحجامها كما تتناقص كثافة الحشائش ويقل ارتفاعها كلما اتجهنا نحو الجنوب.
ثانيًا: المناخ "BS":
هذا النوع من المناخ هو الذي يمكن أن يطلق عليه تعبير المناخ شبه الجاف أو "مناخ الإستبس". وهو يغطي نطاقات واسعة من العالم العربي، وذلك في مناطق الانتقال بين المناطق الممطرة والمناطق الصحراوية، ولذلك فإنه يشغل نطاقًا متسعًا في وسط السودان بين نطاقي السفانا والصحراء، كما يواصل امتداده في شمال شرقي البلاد حتى سواحل البحر الأحمر، وإلى الشمال من الصحراء الكبرى يعود هذا المناخ للظهور في نطاق آخر إلى الجنوب من البحر المتوسط في مصر وليبيا وإلى الجنوب من جبال أطلس في دول المغرب العربي.
وفي قلب الصحراء الكبرى نفسها يظهر هذا المناخ في منطقة المرتفعات الوسطى ومن أهمها مرتفعات الحجاز، وفي الجانب الآسيوي من العالم العربي يوجد هذا المناخ حول صحراء شبه الجزيرة العربية من معظم الجهات، فمن ناحية الشمال يوجد منه نطاق يشمل معظم سهول وسط وغربي العراق وبادية الشام وشمال الأردن، ومن ناحية الغرب يوجد منه نطاق ممتد من شرق وجنوب فلسطين عبر الحجاز إلى هضاب نجد وحضرموت، ومن ناحية الجنوب الشرقي توجد منطقة تابعة له في إقليم عمان.
وتشترك كل هذه المناطق في أن أمطارها لا تكفي إلا لنمو غطاء خفيف من الحشائش والأعشاب التي يمكن أن تصلح للرعي ولكنها لا تكفي لقيام الزراعة دون الاستعانة بالري، وهذه في الواقع هي أهم مناطق الثروة الرعوية في العالم العربي، كما أن كثيرًا منها يمكن أن يستغل للزراعة حيثما تتوفر مياه الري من الأنهار مثل دلتا نهر النيل والأراضي التي ترويها مياه نهر الفرات وشط العرب.
أو من مياه الآبار والعيون، كما هي الحال في الواحات التي يوجد عدد كبير منها إلى الجنوب من جبال أطلس وفي شمال ليبيا وشمال مصر. وهناك مجال واسع جدًّا للتنمية الزراعية في كل مناطق هذا المناخ إذا ما أحسن استخدام مواردها المائية، سواء منها الموارد السطحية أو الموارد الجوفية.
وعلى أساس التباين في المعدلات الحرارية وفي موسم المطر تنقسم المناطق التابعة لهذا المناخ إلى أقسام أصغر كما يأتي:
أ- مناطق حارة صيفًا جافة شتاء "BShw" وتشمل معظم الصومال حيث تمثله معظم البلاد الساحلية، ووسط السودان حيث تمثله الفاشر "في الغرب" والدويم "في الشرق" ومنطقة هضاب وسط الصحراء، وفي شبه الجزيرة العربية لا يتمثل هذا النوع إلا في الأطراف الجنوبية المجاورة للبحر العربي في اليمن الجنوبية وجنوب غرب سلطنة عمان، كما تمثلها بلدة صلالة العمانية، وفي كل هذه المناطق تشتد حرارة فصل الصيف وخصوصًا في المناطق المنخفضة البعيدة
عن تأثير البحار مثل بلدة الدويم في شرق السودان، حيث نجد أن معدل درجة حرارة شهر إبريل الذي يسبق فصل المطر مباشرة يبلغ حوالي 33 ْم، ولكن سقوط الأمطار في الأشهر التالية يؤدي إلى هبوط المعدلات بعض الشيء في أشهر الصيف نفسها.
ب- مناطق حارة جافة صيفًا "Bshs" وهي المناطق التي تخضع لتأثير مناخ البحر المتوسط وتشمل مناطق الإستبس في شمال مصر وليبيا وجنوب جبال أطلس وامتدادها حتى ساحل المحيط الأطلسي، كما تشمل مناطق الإستبس في غرب وأواسط شبه الجزيرة العربية، وفي وسط العراق وجنوبه وفي الأردن وفلسطين وجنوب سوريا، وتعتبر هذه المناطق كذلك من أهم مناطق الرعي في العالم العربي، كما أنها هي أهم مناطق إنتاج الشعير، وحيثما تكون كمية الأمطار مناسبة تزرع بها كذلك محاصيل أخرى أهمها القمح، وقد اتجهت الأنظار في معظم الدول العربية إلى تنمية هذه المناطق عن طريق تطوير حرفة الرعي وتربية الماشية وتحسين سلالاتها وعن طريق تشجيع الاستقرار والاهتمام بالإنتاج الزراعي حيثما تسمح الظروف الطبيعية وموارد المياه بذلك.
ج- مناطق معتدلة جافة صيفًا "BSKS" وهي تقع إلى الشمال من المناطق السابقة "BShS" وتشمل قسمًا من بادية الشام وشمال الأردن وغربي العراق، وهي المناطق التي تشكل الإطار الداخلي للهلال الخصيب حيث تبدأ الصحاري بعده امتدادها الشاسع نحو الجنوب في أواسط الجزيرة العربية وجنوبيها، وفيها تسقط الأمطار في الشتاء بمعدلات تكفي لنمو حشائش تصلح للرعي، ولهذا فإن هذه المناطق تعتبر من أهم مناطق الرعي في الجزيرة العربية، وهي لا تختلف كثيرًا في حرارتها عن الصحاري المجاورة لها، ففيها يرتفع المدى الحراري وتشتد حرارة فصل الصيف كما تشتد برودة فصل الشتاء، وكثيرًا ما تتعرض هذه المناطق لعواصف ثلجية شديدة في فصل الشتاء بسبب وصول هواء قطبي قاري من شمال أوارسيا في مؤخرة المنخفضات الشتوية العميقة.
ثالثًا- المناخ "BW""الصحراوي":
يشغل هذا المناخ مساحات شاسعة في العالم العربي، بل إنه يشغل أكثر من 95% من مساحات بعض الدول العربية مثل الجزائر وليبيا ومصر والمملكة العربية السعودية، وتشترك كل الصحاري العربية في جفافها وشدة حرارتها في الصيف وارتفاع مداها الحراري الفصلي واليومي، وفي قصر الفصلين الانتقاليين "الربيع والخريف" بها وفي ندرة سحبها وقوة الإشعاع الشمسي بها وفي كثرة ما تتعرض له من عواصف رملية وترابية، وخصوصًا في فصل الربيع عندما يصلها من الشمال هواء بارد نسبيًّا بعد أن يكون سطحها قد بدأ يسخن ويجف وتنشط فوقه التيارات الصاعدة، وتتخلل هذه الصحاري بعض المناطق الجبلية التي تجتذب بعض الأمطار التي قد تكفي لجريان الماء في بعض الأودية، ولظهور بعض الواحات عند مصباته ونمو بعض الحشائش على المنحدرات وفي الأراضي التي تنصرف نحوها المياه، ومن أكبر هذه المناطق مناطق جبال الحجاز في الصحراء الكبرى.
ويرتبط موسم الأمطار القليلة التي تسقط على أطراف هذه الصحاري بموسم سقوطها في الأقاليم الممطرة المجاورة لها، ففي الصحاري الواقعة على أطراف مناخ البحر المتوسط في أواسط ليبيا وأواسط الجزائر تأتي معظم الأمطار في الشتاء وهنا يظهر نوع المناخ BWhs أي الجاف في الصيف أما في الجنوب حيث تتدرج الصحاري إلى مناخ السفانا، كما هي الحال في موريتانيا وتشاد وشمال السودان، فيظهر نوع المناخ BWhw أي الجاف في الشتاء.
رابعًا- المناخ "C""المعتدل":
ويوجد منه نوعان هما:
1-
نوع ممطر شتاء وجاف صيفًا Cs، ويشمل كل المناطق المجاورة لسواحل البحر المتوسط في شمال إفريقيا، ويختلف اتساعها من منطقة إلى أخرى على حسب تعاريج الساحل وتضاريس الأراضي المجاورة له، ويبلغ أقصى
اتساعها في بلاد المغرب وفي شمال ليبيا ومصر، كما يشمل كل فلسطين ولبنان ومعظم سوريا وإقليم عمان في أقصى جنوب شرقي شبه الجزيرة العربية.
وتختلف درجة الحرارة في هذا النوع على حسب التضاريس ففي المناطق السهلية يظهر النوع csa أي شديدة الحرارة، أما على المرتفعات وأهمها جبال أطلس والجبل الأخضر في ليبيا وجبال لبنان فيظهر النوع csb المعتدل صيفًا.
2-
نوع يسقط مطره صيفًا cw، ويوجد على المرتفعات الواقعة في الأقاليم المدارية أو بالقرب منها وأهمها هضبة اليمن والأجزاء المرتفعة في الصومال وأثيوبيا.