المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ المناطق الممطرة شتاء: - الجغرافيا المناخية والنباتية

[عبد العزيز طريح شرف]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الفكر المناخي

- ‌الفكر المناخي القديم

- ‌الفكر المناخي منذ عصر النهضة الأوروبية

- ‌ الفكر المناخي منذ أوائل القرن العشرين:

- ‌بعض الاتجاهات المعاصرة في الفكر المناخي

- ‌مدخل

- ‌ دراسة القيمة الفعلية لعناصر المناخ:

- ‌ علم المناخ التفصيلي

- ‌علم المناخ التطبيقي

- ‌مدخل

- ‌المناخ والزراعة:

- ‌المناخ والصناعة:

- ‌علاقة المناخ والجو بالملاحة والحرب:

- ‌المناخ وموارد المياه:

- ‌المناخ والعمران:

- ‌المناخ وصحة الإنسان:

- ‌الغلاف الجوي

- ‌تركيبه

- ‌ طبقات الغلاف الجوي

- ‌قياس عناصر الجو المناخية

- ‌قياسها في الطبقات العليا

- ‌ قياسها في الطبقة السفلى "المجاورة لسطح الأرض

- ‌ أجهزة الرصد ومواصفات المرصد الجوي البسيط:

- ‌الإشعاع الشمسي

- ‌تعريف الإشعاع الشمسي ونصيب الأرض منه

- ‌ تركيبه:

- ‌حساب الطاقة الإشعاعية الواصلة إلى الأرض

- ‌الطاقة الإشعاعية الواصلة إلى أعلى الغلاف الجوي

- ‌ الطاقة الإشعاعية المنتشرة

- ‌ تأثير الغلاف الجوي على الطاقة الإشعاعية:

- ‌ الميزانية الحرارية للأرض

- ‌ التوزيع الجغرافي للإشعاع الشمسي:

- ‌ قياس الإشعاع الشمسي كعنصر من عناصر المناخ:

- ‌حرارة الجو

- ‌مدخل

- ‌التوزيع العام بدرجة الحرارة على دوائر العرض

- ‌تأثير الماء واليابس على التوزيع العام لدرجة الحرارة

- ‌مدخل

- ‌أثر التيارات على حرارة السواحل

- ‌ أثر الارتفاع على درجة الحرارة:

- ‌ الانعكاس الحراري:

- ‌ قياس درجة الحرارة:

- ‌ التوضيح الكارتوغرافي للحرارة:

- ‌الضعط الجوي

- ‌تعريف الضغط الجوي وقياسه

- ‌ التوزيع الأفقي للضغط الجوي:

- ‌النطاقات الدائمة للضغط الجوي والدورة الهوائية العامة المرتبطة بها

- ‌ تأثير الماء واليابس على التوزيع الأفقي للضغط الجوي:

- ‌ الضغط الجوي في المستويات العليا من الجو:

- ‌ الضغط الجوي والطقس:

- ‌الرياح

- ‌تعريف الرياح ونظام هبوبها

- ‌سرعة الرياح

- ‌مدخل

- ‌النظام اليومي لسرعة الرياح:

- ‌قياس سرعة الرياح وتجديد اتجاهها وتوضيحها

- ‌توضيح سرعة الرياح واتجاهها على خرائط الطقس:

- ‌أنواع الرياح السطحية

- ‌مدخل

- ‌الرياح العامة

- ‌الرياح التجارية

- ‌ الرياح الغربية "أو العكسية

- ‌ الرياح الموسمية

- ‌الرياح العليا

- ‌مدخل

- ‌ التيارات الهوائية النفاثة

- ‌‌‌الكتل الهوائيةوالمنخفضات الجوية والأعاصير المدارية

- ‌الكتل الهوائية

- ‌نشأتها وأنواعها

- ‌ استقرار الكتل الهوائية وعدم استقرارها:

- ‌ أثر الكتل الهوائية في مناخ بعض الأقاليم:

- ‌المنخفضات الجوية

- ‌نشأتها

- ‌توزيعها واختلاف بعضها عن بعض

- ‌ ظاهرات الطقس التي تصاحب المنخفضات الجوية:

- ‌الرياح المحلية التي تسببها المنخفضات الجوية

- ‌مدخل

- ‌ المجموعة "أ" "نوع الخماسين

- ‌ المجموعة "ب" "نوع الفهن

- ‌ المجموعة "ج" "نوع المسترال

- ‌الأعاصير أو العواصف الدوارة

- ‌الفرق بينها وبين المنخفضات الجوية

- ‌ نشأتها:

- ‌ خطوط سيرها وتوزيعها:

- ‌ الترنادو

- ‌التبخر ورطوبة الهواء

- ‌تمهيد - "الحالات التي يوجد بها الماء في الجو

- ‌التبخر

- ‌تعريفه

- ‌ أهميته:

- ‌العوامل التي تتحكم في التبخر

- ‌مدخل

- ‌ العوامل المناخية:

- ‌ العوامل المتعلقة بحالة المياه:

- ‌ العوامل المتعلقة بحالة التربة:

- ‌ قياس التبخر أو حسابه:

- ‌النتج

- ‌ التبخر الكلي

- ‌رطوبة الهواء

- ‌طرق التعبير عنها

- ‌ قياس الرطوبة النسبية:

- ‌ أهمية الرطوبة النسبية:

- ‌التكثف ومظاهره

- ‌مدخل

- ‌مظاهر التكثف عند سطح الأرض أو البحر

- ‌الضباب

- ‌ الندى:

- ‌ الصقيع:

- ‌مظاهر التكثف في المستويات المرتفعة

- ‌السحب

- ‌مدخل

- ‌توزيع السحب في العالم:

- ‌أنواع السحب:

- ‌تعيين اتجاه حركة السحاب وقياس سرعتها

- ‌التساقط "المطر

- ‌مدخل

- ‌أنواع المطر "التساقط السائل

- ‌مدخل

- ‌ مطر التصعيد

- ‌ مطر التضاريس

- ‌مطر الأعاصير "أو المطر الجبهات

- ‌قياس المطر

- ‌مدخل

- ‌خطوط المطر المتساوي

- ‌مشكلات قياس التساقط الصلب:

- ‌استكمال النقص في إحصاءات المطر:

- ‌التباين في كميات المطر السنوية والشهرية:

- ‌حساب متوسط مياه المطر على أي منطقة:

- ‌نظم المطر

- ‌توزيع الأمطار على سطح اليابس

- ‌مدخل

- ‌النطاقات العامة للمطر:

- ‌تقسيم العالم إلى أقاليم مناخية

- ‌الغرض من التقسيم والأسس التي يبنى عليها

- ‌مدخل

- ‌الدلائل الحيوية للمناخ:

- ‌بعض التقسيمات المناخية العامة

- ‌مدخل

- ‌تقسيم كوبن للأقاليم المناخية

- ‌مدخل

- ‌ عرض موجز للأنواع المناخية التي يشملها تقسيم كوبن:

- ‌خصائص الأنواع المناخية في تقسيم كوبن وتوزيعها الجغرافي

- ‌ تقسيم أوستن ملر:

- ‌ خلاصة التقسيمات المناخية العامة:

- ‌مناخ العالم حسب خلاصة التقسيمات المناخية العامة

- ‌الأقاليم الحارة

- ‌مدخل

- ‌ الأقاليم الاستوائية:

- ‌صفاتها العامة:

- ‌درجة الحرارة:

- ‌الأمطار:

- ‌الحياة النباتية:

- ‌الأقاليم المدارية

- ‌مدخل

- ‌ الأقاليم المدارية القارية "نوع السودان

- ‌ المناخ المدارى البحري "نوع موزمبيق

- ‌الأقاليم الموسمية الحارة

- ‌الأقاليم الموسمية الاستوائية "نوع إندونيسيا

- ‌الأقاليم الموسمية المدارية "نوع الهند

- ‌ مناخ الجبال في الأقاليم الحارة:

- ‌الأقاليم المعتدلة الدافئة

- ‌مدخل

- ‌الأقاليم المعتدلة الدافئة في غرب القارات "نوع البحر المتوسط

- ‌مدخل

- ‌الحياة النباتية:

- ‌الأقاليم المعتدلة الدافئة في شرق القارات "نوع ناتال

- ‌مدخل

- ‌الحياة النباتية:

- ‌ الأقاليم المعتدلة الدافئة الموسمية:

- ‌الأقاليم المعتدلة الباردة

- ‌مدخل

- ‌ الأقاليم المعتدلة الباردة البحرية "نوع غرب أوروبا

- ‌ الأقاليم المعتدلة الباردة القارية "نوع شرق أوروبا

- ‌ الأقاليم المعتدلة الباردة الموسمية "نوع كوريا وشمال الصين

- ‌الأقاليم الباردة

- ‌مدخل

- ‌ الأقاليم الباردة البحرية "نوع النرويج

- ‌ الأقاليم الباردة القارية "نوع سيبريا

- ‌ الأقاليم الباردة الموسمية "نوع منشوريا

- ‌ الأقاليم القطبية:

- ‌ الأقاليم الصحراوية:

- ‌حدودها وأقسامها:

- ‌الصحاري الحارة

- ‌مدخل

- ‌النواع الساحلي من الصحاري الحارة

- ‌ الصحاري المعتدلة:

- ‌ الصحاري الباردة:

- ‌مناخ إفريقيا

- ‌العوامل التي تؤثر في مناخ القاره

- ‌موقع القارة وشكلها

- ‌ التيارات البحرية:

- ‌ التضاريس:

- ‌ توزيع الضغط الجوي على القارة:

- ‌ الكتل الهوائية التي تؤثر في مناخ القارة:

- ‌الأقسام المناخية لإفريقيا

- ‌مدخل

- ‌الأقاليم الحارة

- ‌المناخ الاستوائي

- ‌ المناخ المداري القاري:

- ‌ المناخ المداري البحري:

- ‌المناخ المداري الصحراوي:

- ‌المناخ المعتدل الدافئ

- ‌مناخ البحر المتوسط

- ‌ مناخ ناتال:

- ‌ المناخ المعتدل القاري:

- ‌ المناخ المعتدل الدافئ الموسمي:

- ‌مناخ العالم العربي

- ‌موقع العالم العربي وآثاره المناخية

- ‌ الآثار التضاريسية على مناخ العالم العربي:

- ‌ الضغوط الجوية الرئيسية المؤثرة على مناخ العالم العربي:

- ‌ الدورات الهوائية والرياح المترتبة على الضغوط الجوية:

- ‌ الرياح المحلية والزوابع الترابية:

- ‌أنواع الهواء "الكتل الهوائية

- ‌مدخل

- ‌ الهواء المداري القاري "ct

- ‌الهواء المدارى البحري "mt

- ‌الهواء القطبي القاري "cp

- ‌الهواء القطبي البحري "mp

- ‌الأحوال الحرارية في العالم العربي

- ‌مدخل

- ‌ فصل الصيف:

- ‌ فصل الشتاء:

- ‌ الفصلان الانتقاليان "الربيع والخريف

- ‌ المدى الحراري والطبيعة القارية للمناخ:

- ‌ الموجات الباردة والموجات الحارة غير العادية:

- ‌الأمطار

- ‌مدخل

- ‌ المناطق الممطرة شتاء:

- ‌المناطق الممطرة صيفًا:

- ‌تذبذب الأمطار في معظم أجزاء العالم العربي:

- ‌الأقسام المناخية للوطن العربي حسب تقسيم كوبن

- ‌مدخل

- ‌الجغرافيا النباتية

- ‌العوامل التي تتحكم في نمو النباتات وتوزيعها

- ‌مدخل

- ‌العوامل المناخية

- ‌مدخل

- ‌الأمطار وقيمتها الفعلية

- ‌الحرارة وقيمتها الفعلية بالنسبة لحياة النبات

- ‌الضوء:

- ‌ التربة:

- ‌تمهيد:

- ‌مواد التربة:

- ‌العوامل التي تتدخل في تكوين التربة:

- ‌تصنيف التربة وأقسامها الكبرى

- ‌ النباتات الطبيعية وتوزيعها العام:

- ‌تمهيد:

- ‌الغابات

- ‌مدخل

- ‌ الغابات المدارية:

- ‌ الغابات المعتدلة الدافئة:

- ‌ الغابات المعتدلة الباردة

- ‌الحشائش

- ‌مدخل

- ‌ السفانا "الحشائش المدارية

- ‌ الإستبس "حشائش العروض المتوسطة

- ‌ الصحاري:

- ‌تعريفها وتوزيعها الجغرافي:

- ‌نباتات الصحاري الحارة والمعتدلة:

- ‌الاستغلال الاقتصادي:

- ‌حيوانات الصحراء:

- ‌ التندرا:

- ‌ نباتات الجبال:

- ‌الملاحق

- ‌مراجع مختارة

- ‌الفهرس

الفصل: ‌ المناطق الممطرة شتاء:

ترابية كثيفة ولئن سقطت بسببها بعض الأمطار فإنها تكون غالبًا أمطارًا قليلة. أما أكثر الأمطار فتأتي في الشتاء بسبب زيادة نشاط المنخفضات الجوية في هذا الفصل عنها في أي فصل آخر.

وتلعب ظروف الموقع الفلكي والمواقع بالنسبة للبحار واتجاه السواحل والمنحدرات بالنسبة لاتجاه الرياح الممطرة وغير ذلك من العوامل الجغرافية أدوارًا متباينة في تحديد كمية الأمطار ونوعها ونظام سقوطها وطول فصل سقوطها ووقت ظهور قمتها، ولذلك فإن الدراسة العامة لأمطار العالم العربي لا يمكن أن تغني عن الدراسة التفصيلية لظروف كل منطقة.

ويتباين فصل سقوط المطر وطوله في الوطن العربي على حسب الموقع بالنسبة للبحر المتوسط من جهة وبالنسبة للنطاق الاستوائي أو الموسمي سواء في إفريقيا أو آسيا من جهة أخرى. ومع ذلك فإننا سنقسم المناطق الممطرة في العالم العربي بصفة عامة إلى قسمين هما:

أ- مناطق ممطرة شتاء.

ب- مناطق ممطرة صيفًا.

ص: 473

أولًا-‌

‌ المناطق الممطرة شتاء:

توجد هذه المناطق بصفة خاصة على امتداد السواحل الجنوبية والشرقية للبحر المتوسط، ولكنها تشمل كذلك معظم المشرق العربي بما في ذلك كل أراضي الخليج العربي وشمال شبه الجزيرة العربية. ووسطها، ولكن ما يستلفت النظر أنه بينما تسقط معظم أمطار مرتفعات اليمن ومرتفعات عسير في جنوب غرب المملكة السعودية في نصف السنة الصيفي فإن معظم الأمطار التي تسقط في كل المناطق السهلية المحيطة بها تسقط في الشتاء. وينطبق هذا على سواحل اليمن الجنوبي وسواحل عمان والسواحل الإفريقية المطلة على جنوب البحر الأحمر وخليج عدن وتشمل سواحل شمال شرقي السودان وسواحل اريتريا وجيبوتي وأجزاء من ساحل الصومال والسبب الرئيسي للأمطار الشتوية في هذه المناطق هو المنخفضات الجوية التي تتقدم عمومًا من الغرب

ص: 473

إلى الشرق والتي يصل تأثيرها أحيانًا إلى الأطراف الجنوبية للبحر الأحمر، وذلك عندما ينحرف أحدها نحو الجنوب على امتداد البحر الأحمر حتى يصل إلى أواسط هذا البحر قبل أن يعود للاتجاه شرقًا.

وبالنظر إلى خرائط توزيع المطر في المناطق المحيطة بالبحر المتوسط ومقارنتها بخرائط الرياح والتضاريس، نلاحظ الحقائق العامة الآتية:

1-

أنه حيثما تتشابه العوامل المحلية التي تتحكم في سقوط المطر وتوزيعه، وخصوصًا ما يتعلق منها بالتضاريس واتجاه السواحل فإن الأمطار تتناقص عمومًا على طول سواحل هذا البحر. وعبر المشرق العربي من الغرب إلى الشرق فبينما يبلغ معدلها السنوي في مدينة الجزائر مثلًا 75 سم فإنه يبلغ 43 سم في طرابلس الغرب و19 سم في الإسكندرية و6سم في بورسعيد و5سم في بغداد و5 سم في الكويت، إلا أن عامل التضاريس واتجاه المنحدرات والسواحل بالنسبة للرياح الممطرة قد يؤدي إلى زيادة الأمطار في أماكن خاصة وسط أقاليم أقل منها مطرًا بكثير.

بالإضافة إلى التناقص العام للمطر من الغرب إلى الشرق فإنه يتناقص تدريجيًّا كذلك كلما اتجهنا من الأطراف الشمالية للوطن العربي نحو النطاق الصحراوي، والذي يعتبر حاجزًا مناخيًّا كبيرًا يفصل بين الأقاليم الممطرة شتاء في الشمال والأقاليم الممطرة صيفًا في الجنوب.

2-

أن تعاريج السواحل واختلاف اتجاهاتها بالنسبة لاتجاه الرياح الممطرة يؤدي أحيانًا إلى تباين توزيع المطر تباينًا كبيرًا في قطاعات متجاورة من الساحل، فبغض النظر عن وجود الجبال بجوار بعض السواحل فإن أي تغيير في اتجاه الساحل بالنسبة لاتجاه الرياح الممطرة كفيل بأن يؤدي إلى تغير واضح في كمية المطر، ففي شمال إفريقيا مثلًا نجد أن السواحل المواجهة للشمال الغربي أو الغرب هي أكثر السواحل مطرًا، وخصوصًا إذا كانت تكتنفها جبال مرتفعة، أما أقلها مطرًا فهي السواحل المقوسة نحو الجنوب مثل سواحل

ص: 474

الخلجان المتسعة، والسواحل المواجهة للشرق أو الشمال الشرقي أو الجنوب الشرقي، وخصوصًا إذا كانت الجبال تكتنفها من ناحية الغرب لأنها تكون في هذه الحالة واقعة في ظل المطر. فعلى سواحل المغرب العربي مثلًا يتراوح معدل المطر السنوي على السواحل التونسية والجزائرية المقوسة نحو الشمال بين 60 و80 سم، بينما يتراوح بين 30 و50 سم على سواحل المملكة المغربية الممتدة إلى الشرق من منطقة الريف الجبلية ما عدا بعض أشباه الجزر البارزة في البحر مثل شبه الجزيرة التي تقع عليها مدينة مليلة، والتي تعرف باسم رأس السواري. كما تقل الأمطار بصورة أوضح على الساحل الشرقي لتونس، وفي شمال ليبيا نجد أن أقل السواحل مطرًا هي ساحل سهل الجفارة الذي يبدأ من حدود تونس في الغرب حتى مدينة الزاوية تقريبًا في الشرق، وكذلك ساحل خليج سرت بين ميناء مصراته في الغرب ومدينة أجدابية في الشرق، وساحل خليج بمبه الواقع في ظل المطر بالنسبة لمرتفعات شبه جزيرة برقة وامتداده نحو الشرق حتى الحدود المصرية، فعلى كل هذه السواحل تتراوح معدلات المطر السنوية بين 10 و15 سم. ولهذا السبب فإن الصحاري تمتد عندها حتى تصل إلى شاطئ البحر نفسه. وعلى العكس من ذلك نجد أن الأمطار تزيد بصورة واضحة على النتوء الساحلي الذي تقع عليه مدينة طرابلس وعلى كل السواحل الأخرى البارزة نحو الشمال والمتجه نحو الغرب أو الشمال الغربي ومنها الساحل الممتد بين مدينتي طرابلس والخمس والساحل الشمالي والشمالي الغربي لشبه جزيرة برقة. وتتراوح معدلات الأمطار على كل هذه السواحل بين 40 و60 سم. وهي تزداد بصفة خاصة على السواحل التي تكتنفها نطاقات جبلية مثل سواحل شبه جزيرة برقة.

وفي شمال مصر تكثر الأمطار نوعًا ما على سواحل الدلتا وعلى ساحل الإسكندرية وساحل سيدي براني، وهي المناطق التي تتقوس سواحلها نحو الشمال، وفيها تتراوح المعدلات السنوية بين 15 و20سم، بينما لا تزيد على 15 سم في المناطق الأخرى التي تتقوس سواحلها نحو الجنوب مثل الساحل

ص: 475

الذي يمتد بين بلدة العامرية ومدينة مرسى مطروح، والذي تقع عليه بلدة الحمام، وكذلك الساحل الذي يمتد بين دمياط والعريش.

وإذا انتقلنا إلى سواحل فلسطين وسوريا ولبنان نجد أن امتدادها بين الشمال والجنوب يضعها في مواجهة الرياح الممطرة مباشرة تقريبًا، ولذلك فإنها تكون أكثر مطرًا من سواحل شمال مصر وليبيا بصفة عامة، وتزيد الأمطار على سواحل لبنان وسوريا بصفة خاصة بسبب وجود سلاسل الجبال بحذاء الساحل بينما تقل نوعًا ما في جنوب فلسطين لسببين هما: عدم وجود مثل هذه الجبال من ناحية والاقتراب من النطاق; الصحراوي الواقع إلى الجنوب منها من ناحية ثانية.

3-

أن تأثير التضاريس على توزيع الأمطار يبدو واضحًا في كل العالم العربي، فحيثما تكون الجبال ممتدة بموازاة السواحل المواجهة للرياح القادمة من البحر فإن معظم الأمطار تسقط على المنحدرات والسهول الساحلية المواجهة لها وتقل كثيرًا بل وربما تنعدم على المنحدرات والسهول الواقعة على الجانب المضاد، أي في ظل المطر، ويظهر هذا التوزيع بوضوح في كل المناطق الجبلية المجاورة للبحر المتوسط في سوريا ولبنان وشمال ليبيا والمغرب العربي، كما أن التضاريس المعقدة وانقسام المناطق الجبلية إلى كتل أو سلاسل تفصل بعضها عن بعض وديان أو أحواض منخفضة يؤدي إلى ظهور أنواع مناخية متباينة في مناطق متجاورة، وينطبق هذا بوضوح على نفس الأقاليم الجبلية السابقة، فعلى معظم المنحدرات الشمالية لسلاسل جبال أطلس التل مثلًا يزيد المعدل السنوي للأمطار على 80 سم، بينما لا يزيد على المنحدرات الجنوبية لنفس السلاسل وفي هضبة الشطوط عن 30 سم، ولكنه يعود فيزيد قليلًا على المنحدرات الشمالية لأطلس الصحراء التي لا تلبث المظاهر الصحراوية الحقيقية أن تسود على منحدراتها الجنوبية، ومن الطبيعي أن ينعكس توزيع الأمطار على كل مظاهر الحياة الطبيعية والبشرية التي تتباين كثيرًا في بعض المناطق المتجاورة، فعلى المنحدرات الشمالية لجبال أطلس التل تتكون الحياة النباتية عن غابات دائمة

ص: 476