المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

أَوْ يَسْتَطْرِدُ مِنْ مَدْحٍ إِلَى ذَمٍّ، كَمَا قَالَ بَكْرُ بنُ - الدر الفريد وبيت القصيد - جـ ١

[محمد بن أيدمر]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة التحقيق

- ‌الدر الفريد وبيت القصيد

- ‌فَرادةُ الدر الفريد

- ‌محمَّد بن أيدمر

- ‌ثقافته وأدبه:

- ‌شاعريته وشعره:

- ‌الأشعار:

- ‌مؤلفاته:

- ‌مصادر ترجمته:

- ‌النسخة المعتمدة في التحقيق:

- ‌منهجي في التحقيق:

- ‌شكر وتقدير:

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌ضرُوْبِ الشِّعْرِ

- ‌وَالشِّعْرُ لَهُ أسْبَابٌ:

- ‌وَإِبْدَاعُ المَعْنَى

- ‌وَيَتْلُوْهُمَا أصْنَافُ البَدِيْعِ:

- ‌أَمَّا صِدْقُ التَّشبِيْهِ

- ‌وَمُشَاكَلَةُ التَّجْنِيْسِ

- ‌وَمُبَايَنَة التَّطْبِيْقِ

- ‌وَوُقُوْعُ التَّضْمِيْنِ

- ‌وَنُصُوْعُ التَّرْصِيْعِ

- ‌وَاتِّزَانُ التَّسْمِيْطِ

- ‌وَصِحَّةُ التَّقسِيْمِ

- ‌وَمُوَافَقَةُ التَّوْجِيْهِ

- ‌وَحِدَّةُ الاسْتِطْرَادُ:

- ‌وَحَلَاوَةُ الاسْتِعَارَةِ

- ‌وَلُطْفُ المَخْلَصِ:

- ‌وَنَظَافَةُ الحَشْوِ:

- ‌وَالتَّرْدِيْدِ وَالتَّصْدِيْرِ:

- ‌وَتَأكِيْدُ الاسْتِثْنَاءِ

- ‌وَكَمَالُ التَّتْمِيْمِ:

- ‌وَالإِيْغَالُ فِي التَّبْلِيْغِ:

- ‌وَالإِغْرَاقُ فِي الغُلُوِّ:

- ‌وَمُوَازَاةُ المُقَابَلَة:

- ‌وَسُهُوْلَةُ التَّسْهِيْمِ:

- ‌وَوُقُوْعُ الحَافِرِ عَلَى الحَافِرِ:

- ‌وَدِلَالَةُ التَّتْبِيْعِ

- ‌وَالوَحْيُ وَالإِشَارَةُ وَتَكرِيْرُهَا:

- ‌وَبَرَاعَةُ الابْتِدَاءِ:

- ‌وَأَمَّا تَمْكِيْنُ القَوَافِي:

- ‌وَالمُلَائَمَةُ بَيْنَ صَدْرِ البَيْتِ وَعَجُزِهِ

- ‌وَإِرْدَافُ البَيْتِ بِأَخِيْهِ

- ‌وَإشْبَاعُ المَعْنَى بِأَوْجَزِ لَفْظٍ، وَإبْرَازهُ فِي أحْسَنِ صِيْغَةٍ مِنَ البيانِ:

- ‌وَخَلُوْصُ السَّبْكِ:

- ‌وَلِلشَّاعِرِ أدَوَات لَا غِنَى لَهُ عَنْهَا

- ‌أَقْسَامُ الأَدَبِ

- ‌فَأَمَّا صِحَّةُ الانْتِقَادِ:

- ‌وَأَمَّا التَّمْيِيْزُ بَيْنَ المَدْحِ وَالشُّكْرِ

- ‌وَالفَصْلُ بَيْنَ الهَجْوِ وَالذَّمِّ

- ‌وَالبَوْنُ بَيْنَ الولَعِ وَالهَمْزِ

- ‌وَالتَّرْجِيْحُ بَيْنَ اللَّوْمِ وَالعَتَبِ

- ‌وَالفَرْقُ بَيْنَ الهَزِّ وَالاسْتِزَادَةِ

- ‌وَالتَّصَارفُ بَيْنَ التَّنَصُّلِ وَالاعْتِذَارِ

- ‌وَالحَدُّ بَيْنَ التَّقَاضِي وَالإِذْكَارِ

- ‌وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ أنْوَاع السَّرِقَاتٍ:

- ‌فَالسَّرِقَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ ضُرُوبٍ:

- ‌فَنَظْم المَنْثُوْرِ

- ‌وَإحْسَانُ الآخِذِ عَلَى المَأْخُوْذِ مِنْهُ، وَزِيَادَتُهُ عَلَيْهِ:

- ‌وَالشِّعْرُ المَحْدُوْدُ وَالمَجْدُوْدُ:

- ‌وَتَكَافُؤُ إحْسَانِ المُتَّبِع وَالمُبْتَدِعِ:

- ‌وَنَقْلُ المَعْنَى إِلَى غَيْرِهِ:

- ‌وَتَقَابُلُ النَّظَرِ فِي المَعْنَى إِلَى مِثْلِهِ:

- ‌وَالسَّلْبُ

- ‌وَالسَّلْخُ:

- ‌وَالالْتِقَاطُ وَالتَّلْفِيْقُ:

- ‌فَالخَلْعُ

- ‌وَالاصْطِرَافُ:

- ‌وَالإِغَارَةُ

- ‌وَالاجْتِلَابُ، وَالاسْتِلْحَاقُ:

- ‌وَالانْتِحَالُ

- ‌وَالإِنْحَالُ:

- ‌وَالمُرَافَدَةُ:

- ‌وَتَنَازُعُ الشَّاعِرَيْنِ فِي الشِّعْرِ

- ‌تَقْصِيْرُ المُتَّبعِ عِنْ إِحْسَانِ المُبْتَدِعِ، وَتَكَافُؤُ السَّارِقِ وَالسَّابِقِ فِي الإِسَاءةِ وَالتَّقْصِيْرِ

- ‌وَتَكَافُؤُ السَّارِقِ وَالسَّابِقِ فِي الإِسَاءةِ وَالتَقْصِيْرِ:

- ‌وَبَاقِي المَجَازَاتِ

- ‌الاسْتِعَارَاتُ المُسْتْكْرَهَةُ:

- ‌وَمَا اجْتَمَع فِيْهِ لِلشَّيْءِ الوَاحِدِ اسْمَانِ

- ‌وَمَا يُحْمَلُ الكَلَامُ فِيْهِ عَلَى المَعْنَى لَا عَلَى اللَّفْظِ

- ‌وَمَا لفظُهُ لَفْظُ الموجَبِ وَمَعْنَاهُ مَعْنَى النَّفْي

- ‌وَمَا يُخْبَرُ فِيْهِ عَنْ بَعْضِ الشَّيْءِ يُرَادُ بِهِ جَمِيْعُهُ

- ‌وَمَا يُعْطَفُ عَلَيْهِ الشَّيْءُ، وَلَيْسَ هُوَ مِثْلُهُ

- ‌وَالحَذْفُ

- ‌وَمَا جَاءَ مِنَ التَّقْدِيْمِ وَالتَّأْخِيْرِ

- ‌وَمَا يُحْذَفُ مِنْهُ المُضَافُ، فَيَقُوْمُ المُضَافُ إِلَيْهِ مَقَامَهُ

- ‌وَمَا فُرِّقَ فِيْهِ بينَ المُضَافِ وَالمُضَافِ إِلَيْهِ

- ‌وَمَا يُشَبَّهُ فِيْهِ الشَّيْءُ بِالشَّيْءِ، ثُمَّ يُجْعَلُ المُشَبَّهُ بِهِ هُوَ المُشَبَّهُ بِعَيْنِهِ

- ‌[خاتمة المقدمة]

الفصل: أَوْ يَسْتَطْرِدُ مِنْ مَدْحٍ إِلَى ذَمٍّ، كَمَا قَالَ بَكْرُ بنُ

أَوْ يَسْتَطْرِدُ مِنْ مَدْحٍ إِلَى ذَمٍّ، كَمَا قَالَ بَكْرُ بنُ النَّطَاحِ يَمْدَحُ مَالِكَ بن طَوْقٍ التَّغْلِبِيَّ (1):[من الطويل]

عَرَضْتُ عليها مَا أَرَادَتْ مِنَ المُنَى

لِتَرْضى فَقَالَتْ قُمْ فَجِئْنِي بِكَوْكَبِ

فَقُلْتُ لَهَا هَذَا التَّعَنُّتُ كُلُّهُ

كَمَنْ يَتَشَهَّى لَحْمَ عَنْقَاءَ مُغْرِبِ

سَلِي كُلَّ أمْرٍ يَسْتَقِيْمُ طِلَابُهُ

وَلَا تَذْهَبِي يا دُرُّ بِي كُلَّ مَذْهَبِ

فَأُقْسِمُ لَوْ أصْبَحْتُ فِي عِزِّ مَالِكٍ

وَقُدْرتهِ أعْيَا بِمَا رُمْتِ مَطْلَبِي

فتى شَقِيَتْ أمْوَالُهُ بِأكُفِّهِ

كَمَا شَقِيَتْ قَيْسٌ بِأرْمَاحِ تَغْلِبِ

‌وَحَلَاوَةُ الاسْتِعَارَةِ

(2):

(1) حلية المحاضرة 1/ 64.

(2)

وَقَالَ أَرِسْطَالِيْسُ: مِنَ البَلَاغَةِ حُسْنُ الاسْتِعَارَةِ. وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ فِي المَعْنَى أَيْضًا وَهُوَ مِنْ مَحَاسِنِ التَّشْبِيْهِ (1):

وَنَشْوَانَ مِنْ طُوْلِ النُّعَاسِ كَأَنَّهُ

بِحَبْلَيْنِ فِي مَشْطُوْنَةٍ يَتَرَجَّحُ

إِذَا مَاتَ فَوْقَ الرَّحْلِ أُحْيَتْ رُوْحُهُ

بِذِكْرَاكِ وَالعِيْسُ المرَاسِلُ جُنَّحُ

وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ فِي الاسْتِعَارَةِ (2):

أَقَامَتْ بِهِ حَتَّى ذَوَى العُوْدُ فِي الثَّرَى

وَسَاقَ الثُرَيَّا فِي مَلَاءَتِهِ الفَجْرُ

فَتَصيِيْرُهُ فِي مَلَاءَتِهِ الفَجْرُ وَلَا مِلَاءَةَ لَهُ اسْتِعَارَةٌ عَجِيْبَةٌ.

قَالَ أَبُو عَمْرُو بن العَلَاءِ: كَانَتْ يَدِي فِي يَدِ الفَرَزْدَقِ فَأَنْشَدْتهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:

أَقَامَتْ بِهِ حَتَّى ذَوَى العُوْدُ فِي الثَّرَى

فَقَالَ لِي: أُرْشِدُكَ أَمْ أَدَعْكَ؟ فَقُلْتُ: بَلْ ارْشُدْنِي. فَقَالَ: إِنَّ العُوْدَ لَا يَذْوِي أَوْ يَجِفَّ الثَّرَى وَإِنَّمَا الشِّعْرُ: حَتَّى ذَوَى العُوْدُ وَالثَّرَى.

_________

(1)

البيتان لذي الرمة في ديوانه 2/ 1214 - 1215.

(2)

ديوانه 1/ 561.

ص: 203

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قَالَ أَبُو عَمْرُو: وَلَا أَعْلَمُ اسْتِعَارَةً أَحسَنَ مِنْ قَوْلِهِ:

وَسَاقَ الثُّرَيَّا فِي مَلَاءَتِهِ الفَجْرُ (1).

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ جَعْفَرُ بنُ شَمْسِ الخِلَافَةِ:

وَكُنْتُ صبَغْتُ الهَمَّ بِالصَّبْرِ بُرْهَةً

وَلَمْ أَدْرِ أَنَّ الهَمَّ كَالشَّيْبِ يَنْصُلُ

* * *

وَمِنْ هَذَا البَابِ قَوْلُ أَبُو نُوَّاسٍ (2):

شَرِبْتُ فقَاعَ القَلَى بَعْدَكُمْ

لِعَارِضٍ مِنْ - الحُبِّ

حَتَّى تَجَشَّأتُ جَمِيْعَ الَّذِي

قَدْ كَانَ مِنْ حُبِّك فِي قَلْبِي

وَقَوْلُ زُبَيْثَا الدَّسْعَنِيّ:

تجَارَتِي المَدِيْحُ وَلَيْسَ رِبْحِي

سِوَى مَنْعِ النَّوَالِ عَلَى المَدِيْحِ

وَلَكِنْ لَيْسَ لِي فِي الكِيْسِ مِنْهُ

سِوَى نَقْدٍ مِنَ العَدَمِ الصَّحِيْحِ

وَلَسْتُ بِوَاجِدٍ فِي البَيْتِ قُوْتًا

أرُدُّ بِهِ إِذَا مَا جِعْتُ رُوْحِي

سِوَى طَبْخِ المُنَى فِي قِدْرِ وَعْدٍ

بِنَارِ الفِكْرِ فِي القَلْبِ القَرِيْحِ

إِذَا حَضرَ الغَدَاءُ غَرَفْتُ مِنْهَا

ثَرِيْدَةَ بَاطِل فِي صاعِ رِيْحِ

وَلَسْتُ بِدَايِرِ الأَضْرَاسِ إِلَّا

عَلَى الأَشْعَارِ وَالكلِمِ الفَصِيْحِ

وَقَالَ آخَرُ يَصِفُ بَخِيْلًا (3):

أَبُو نُوْحٍ دَخَلْتُ عَلَيْهِ يَوْمًا

فَغَدَّانِي بِرَائِحَةِ الطَّعَامِ

وَجَاءَ بِلَحْمِ لَا شَيْءَ سَمْنٍ

فَقَرَّبَهُ عَلَى طَبَقِ الكَلَامِ

فَلَمَّا مَدَدْتُ يَدِي بِوَهْمٍ

رَأَيْتُ الطِّسْتَ فِي كَفِّ الغُلَامِ

_________

(1)

حلية المحاضرة 1/ 33، المنصف ص 52.

(2)

لم ترد في ديوانه.

(3)

العقد الفريد 6/ 187 - 188.

ص: 204

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فَلَمَّا أَنْ رَفَعْتُ يَدِي سَقَانِي

مُدَامًا بَعْدَ ذَاكَ بلا مُدَامِ

فَكَانَ كَمَنْ سَقَى الظَّمْآنَ آلًا

وَكُنْتُ كَمَنْ تَغَدَّى فِي المَنَامِ

وَهَذِهِ الأَبْيَاتُ بِبَابِ المُبَالَغَةِ وَإِنْ كَانَ فِي البَيْتِ الثَّانِي مِنْهَا نَوْعٌ مِنَ الاسْتِعَارَةِ فِي قَوْلِهِ: عَلَى طَبَقِ الكَلَامِ.

* * *

جَعْفَرُ بنُ شَمْسِ الخِلَافَةِ:

تَكَادُ تَشْرَبُ مَاءَ الحُسْنِ إِنْ سَفَرَتْ

مِنْ وَجِهِهَا مُهَجُ العُشَّاقِ بِالمُقَلِ

وَمِنْ الاسْتِعَارَةِ قَوْلُ أَبِي الفَضْلِ مُحَمَّد بن عَبْدُ الوَاحِدِ بن عَبْدُ العَزِيْزِ بن الحارثِ بن أسَد بن اللَّيْث بن سُلَيْمَانَ بن الأسْوَدِ التَّمِيْمِيّ مِنْ قَصِيْدَةٍ أَوَّلُهَا:

بَعْدَ ارْتحَالِ الحَيِّ مِنْ جَوِّ بَارِقِ

تُؤَمَّلُ أَنْ يَسْلُو الهَوَى قَلْبُ عَاشِقِ

يَقُوْلُ فِيْهَا:

إِذَا طَمْأنَتْنِي الحَادِثَاتُ وَلَمْ أَجِدْ

سِوَى اثنَيْنِ مِنْ مَائِهَا مُتَمَاذِقِ

شَرِبْتُ سُلَافَ السَّيْرِ تَقْطِبُ كَأْسُهُ

بِفَقْدِ خَلِيْلٍ أَوْ حَبِيْبٍ مُفَارِقِ

أنَا ابْنُ السَّرَى لَا بَلْ أَبُوْهَا كَأَنَّمَا

رِكَابِي عَلَى قَلْبٍ مِنَ الدَّهْرِ خَافِقِ

صَفَا تَحْتَ صَفِّ البَيْنِ إِنْ ظَلَّ غَامِرِي

وَصَابًا ذُعَافًا إِنْ غَدَا البَيْنُ ذَائِقِي

أَلِفْتُ الفَيَافِي فَهِيَ تَحْسِبُ أَنَّنِي

صُوَاهَا وَعِيْسِي مِنْ رِئَالِ النَّقَانِقِ

وَعَلَّقْتُ اَمَالِي بِأَبْيَضِ صَارِمٍ

وَاسْمَرَّ حَظِّي وَأَجْرَدَ سَابِقِ

فَقَرَّبْنَ مِنْ بَعْدِ المُنَى كُلَّ شَاسِعٍ

وَأَدْنَيْنَ مِنْ نَيْلِ العُلَى كُلَّ سَابِقِ

فَلَا تَعْذُلْنِي فِي تَسَرُّعِ مُهْجَتِي

إِلَى حَتْفِهَا بَيْنَ القَنَا وَالفَيَالِقِ

فَلَسْتُ مُرِيْحًا مِنْ قِنَى الخَطِّ رَاحَتِي

وَلَا مُعْتِقًا عَنْ مَحْمَلِ السَّيْفِ عَاتِقِي

وَقَدْ اسْتَعْمَلَ كَثيْرٌ مِنَ الشُّعَرَاءِ الفُحُوْلِ المَجِيْدِيْنَ أَشْيَاءَ مِنَ الاسْتِعَارَةِ إِذْ كَانَ =

ص: 205

الاسْتِعَارَةُ: أَنْ يَجْعَلَ الشَّاعِرُ لِلشَّيْءِ مَا لَيْسَ فِيْهِ، فَتَتَّسِعَ عَلَيْهِ العِبَارَةُ، وَيَزْدَانُ بِذَلِكَ اللَّفْظُ، وَيَرُوْقُ بِهِ المَعْنَى، فَقَدْ قِيْلَ فِي المَثَلِ: مِنْ بَرَاعَةِ العِبَارَةِ حُسْنُ

= مَخْرِجُهَا التَّشْبِيْهِ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ امْرِىِ القَيْسِ يَصِفُ طُوْلَ اللَّيْلِ (1):

فَقُلْتُ لَهُ لَمَّا تَمَطَّى بِصلْبِهِ

وَأَرْدَفَ إعْجَازًا وَنَاءَ بِكَلكَلِ

فَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُشَبِّهَ اللّيْلَ لِطُوْلهِ بِالَّذِي يَتَمَطَّى بِصُلْبهِ لَا أَنَّ لَهُ صُلْبًا حَقِيْقِيًّا فَهَذَا مَخْرَجُ لَفْظِهِ إِذَا تُؤَمِّلَ وَمِثْلَهُ فِي الاسْتِعَارَةِ لِزُهَيْرٍ (2):

صَحَا القَلْبُ عَنْ سَلْمَى وَأَقْصَرَ بِاطِلُه

وَعُرِّيَ أَفْرَاسُ الصِّبَا وَرَوَاحِلُه

أَرَادَ أَنَّهُ لَمَّا كَاَنَتِ الأَفْرَاسُ لِلْحَرْبِ إِنَّمَا تَعَرَّى عِنْدَ تَرْكِهَا وَوَضْعُ الحَرْبِ أَوْزَارَهَا فَلِذَلِكَ عُرِّيَ أَفْرَاسُ الصِّبَى لَمَّا تَخَلَّى عَنِ البَاطِلِ قَلْبهُ فَاسْتَعَارَ لِلصِّبَى أَفْرَاسًا وَلَا أَفْرَاسَ لَهُ.

وَكَقَوْلِ ابنِ المُعْتَزِّ فِي طُوْلِ اللَّيْلِ (3):

مَا لِي أَرَى اللَّيْلَ مُسْبِلًا شَعْرًا

عَنْ غُرَّةِ الصِّبْحِ غَيْرَ مَفْرُوْقِ

وَكَقَوْلِ المُوْسَوِيّ (4):

يُشَقُّ الرَّوعُ عَنْ دَاجِي بُدُوْرٍ

بَرَزْنَ مِنَ العَجَاجَهِ فِي دَآدِي

يَرِيْهُمْ فِيْهِ مِرْآةَ المَنَايَا

بَصدْقِ يَقِيْنِهِمْ وَجْهِ المَعَادِ

وَقَوْلُ مَرْوَانَ بن أَبِي حَفْصَة (5):

فَكَمْ لُجَّةٍ قَدْ خُضْتَهَا بَعْدَ لُجَّةٍ

مِنَ المَوْتِ لن تُعْقَدْ عَلَيْهَا جُسُوْرُهَا

_________

(1)

ديوانه ص 18.

(2)

شرح ديوانه ص 113.

(3)

ديوانه/ 284.

(4)

ديوان الشريف الرضي 1/ 330.

(5)

لم ترد في ديوانه.

ص: 206