الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَا يُعْطَفُ عَلَيْهِ الشَّيْءُ، وَلَيْسَ هُوَ مِثْلُهُ
وَذَلِكَ أنَّهُم إِذَا أَعْمَلُوا فِي الشَّيْءِ فِعْلًا، ثُمَّ عَطَفُوا عَلَيْهِ شَيْئًا آخَرَ، أَجْرَوْهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَيْسَ يَعْمَلُ فِيْهِ الفِعْلُ إِذَا كَانَ إِلَى جَنْبهِ فَلا يَتَكَلَّمُوْنَ بِهِ إِلَّا مَعْطُوْفًا، فَيَقُوْلُوْنَ: أَكَلْتُ خَبْزًا وَلَبَنًا، وَأكَلْتُ خُبْزًا وَمَاءً، ولا يقولون: أَكَلتُ لَبَنًا وماءً، وَلَكِنَّهُمْ يُجْرُوْنَهُ عَلَى الأوَّلِ. فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّاعِرُ:[من مجزء الكامل]
يا لَيْتَ زَوْجَكِ قَدْ غَدَا
…
مُتَقَلِّدًا سَيْفًا وَرُمْحَا (1)
= وقال ساعده بن جؤية يذكر فرسًا (1):
يَهتَزُّ فِي طَرَفِ العنَانِ كَأَنَّهُ
…
جَذعٌ إِذَا قَرَعَ النَّخِيْلَ مُشَذَّبُ
يُرِيْدُ: يَهْتَزُّ فِي العَنَانِ.
(1)
وَقَالَ بَعْضُ الرُّجَّازِ (2):
شرَابُ أَلْبَانٍ وَتَمْرٍ وَأَقِط
وَقَالَ الشَّاعِرُ وَهُوَ خَالِدُ بن عَلْقَمَةَ (3):
تَرَاهُ كَأَنَّ اللَّهَ يَجْدَعُ أَنْفُهُ
…
وَعَيْنَيْهِ إِنَّ مَوْلَاهُ ثَابَ لَهُ وَفْرُ
وأوَّلُ هَذِهِ الأَبْيَات:
وَمَوْلًى كَمَوْلَى الزَّبْرَقَانِ دَمَلْتُهُ
…
كَمَا دَمِلَتْ سَاقٌ تُهَاضُ بِهَا وَقْرُ
إِذَا مَا أَحَالَتْ وَالجبَايِرُ فَوْقَهَا
…
مَضى الحَوْلُ لَا بِرْؤٌ مَبِيْنٌ ولا كَسْرُ
تَرَى الشَّرَّ قَدْ أَفْنَى دَوَائِرَ وَجْهِهِ
…
كَضبِّ الكَدَى أَفْنَى بَرَاثِنَهُ الحَفْرُ
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ النَّابِغَةِ الذُّبْيَانِيّ (4):
_________
(1)
ديوان الهذليين 1/ 186.
(2)
الكامل 1/ 159، 2/ 33، حلية المحاضرة 2/ 21.
(3)
لخالد بن الطيفان في الحيوان 6/ 40.
(4)
ديوانه ص 93، 96.
وَمَا ذُكِرَ فِيْهِ اسْمَانِ، ثُمَّ أُخْبِرَ عَنْ أحَدِهِمَا، فَرُبَّمَا كَانَ الخَبَرُ عَنْ الأَوَّلِ مِنْهُمَا، وَرُبَّمَا كَانَ عَنِ الأخِيْرِ. مِثَالُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عز وجل:{وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} [الجمعة: 11]. فَجَاءَ بِالخَبَرِ عَنِ الأَوَّلِ.
وَمِمَّا جَاءَ فِي الشِّعْرِ قَوْلُ الشَّاعِرُ (1): [من المنسرح]
نَحْنُ بِمَا عِنْدَنَا وَأَنْتَ بِمَا
…
عِنْدَكَ رَاضٍ وَالرَّأْيُ مُخْتَلِفُ (2)
وَمَا لُفِظَ فيهِ بِلَفْظِ الجَمَاعَةِ لِلْوَاحِدِ قَالَ الأَعْشَى (3): [من المتقارب]
وَمِثْلِكِ مُعْجِبَةٍ بِالشَّبَابِ
…
صَاكَ العَبِيْرُ بِأَجْيَادِهَا
وَقَالَ جَرِيْرٌ (4): [من الطويل]
وَمَا ذُقْتُ طَعْمَ النَّوْمِ إِلَّا مُرَوَّعًا
…
وَلَا سَاغَ لِي بَيْنَ الحَيَازِمِ رِيْقُ
وَقَالَ امْرؤُ القَيْسِ (5): [من الطويل]
كُمَيْتٍ يَزِلُّ اللِّبْدُ عَنِ صَهَوَاتِهِ
…
كَمَا زَلَّتِ الصَّفْوَاءُ بِالمُتَنَزِّلِ
= وَرَنَتْ إِلَيْكَ بِمُقْلَةٍ مَكْحُوْلَةٍ
…
نَظَرَ المَرِيْضِ إِلَى وُجُوْهِ العُوَّدِ
وَبِفَاحِمٍ زَجِلٍ أَثِيْثٍ نَبْتُهُ
…
كَالكَرْمِ مَالَ عَلَى الدِّعَامِ المُسْنَدِ
وَإِنَّمَا رَنَتْ إِلَيْهِ بِمُقْلَةٍ فَعَطَفَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَبِفَاحِمٍ زَجِلٍ.
(1)
لعمرو بن امرئ القيس الأنصاري في جمهرة أشعار العرب 2/ 675، 1/ 113.
(2)
وَقَالَ الآخَرُ (1):
وَمَنْ يَكُ سَائِلًا عَنِّي فَإِنِّي
…
وَجِرْوَةَ لَا تَرُوْدُ وَلَا تُعَارُ
(3)
ديوانه ص 119.
(4)
ديوانه ص 373.
(5)
ديوانه ص 30.
_________
(1)
لشداد العبسي في لسان العرب (جرا).
وَإِنَّمَا هِيَ صَهْوَةٌ وَاحِدَةٌ (1).
وَمَا لُفِظَ فِيْهِ بِلَفْظِ الوَاحِدِ يُرَادُ بِهِ الجَمَاعَةُ. قَالَ زُهَيْرٌ (2): [من الطويل]
تَدَارَكْتُمُ الأَحْلَافَ قَدْ ثُلَّ عَرْشُهَا
…
وَذُبْيَانُ قَدْ زَلَّتْ بِأَقْدَامِهَا النَّعْلُ
أَرَادَ النِّعَالَ.
وَقَالَ حُمَيْدُ بن ثَوْرٍ الهِلَالِيُّ (3): [من الطويل]
لَيَالِيَ أَبْصَارُ الغَوَانِي وَسَمْعُهَا
…
إلَيَّ وَإذْ رِيْحِي لَهُنَّ جَنُوْبُ (4)
(1) وَقَالَ ابْنُ المُعْتَزِّ (1):
وَجُرِّدَ عَنْ أَغْمَادِهِ كلُّ مُرَهَّفٍ
…
إِذَا مَا انْتَضَتْهُ الكَفُّ كَادَ يَسِيْلُ
تَرَى فَوْقَ مَتْنَيْهِ الفِرَنْدَ كَأَنَّمَا
…
تَنَفَّسَ فِيْهِ القِيْنُ وَهُوَ صَقِيْلُ
قَالَ: أغْمَدِهِ وَإِنَّمَا هُوَ غِمْدٌ وَاحِدٌ.
(2)
ديوانه ص 105.
(3)
ديوانه ص 52.
(4)
وَقَالَ الشَّاعِرُ (2):
ألكَنيُ إِلَيْهَا وَخَيْرُ الرَّسُوْلِ
…
أَعْلَمَهُمْ بِنَوَاحِي الخَبَر
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى عز وجل: {ثُمَّ يُخرِجُكُمْ طِفْلًا} [غافر: 67].
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَا مِنْكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَجِزِينَ} [الحاقة: 47].
وَقَالَ جَرِيْرٌ (3):
هَذِي الأَرَامِلُ قَدْ قَضَّيْتَ حَاجَتَهَا
…
فَمَنْ لِحَاجَةِ هَذَا الأَرْمَلِ الذَّكَرِ
وَقَالَ الآخَرُ فِي إِفْرَادِ الاثْنَيْنِ (4):
_________
(1)
ديوانه ص 374 (ط صادر).
(2)
حلية المحاضرة 2/ 22.
(3)
العقد الفريد 5/ 389.
(4)
العقد الفريد 5/ 389.
وَمَا جَعَلَ فِيْهِ الاثنانِ جَمْعًا كقَوْلهِمْ: رَجُلٌ ذُو مَنَاكِبَ، وَامْرَأَةً عَظِيْمَةُ المَآكِمِ، وَإِنَّمَا لَهَا مَأْكُمَتَانِ. وَمِثْلُهُ قَوْلُ أَبِي ذُؤَيْبٍ (1):[من الكامل]
فَالعَيْنُ بَعْدَهُمُ كَأَنَّ حِدَاقَهَا
…
سُمِلَتْ بِشَوْكٍ فَهْيَ عُوْرٌ تَدْمَعُ
وَقَالَ آخَرُ مِنْ هُذَيْلٍ (2): [من الكامل]
آلَيْتُ لَا أَنْسَى مَنِيْحَةَ وَاحِدٍ
…
حَتَّى تَخَبَّطَ بِالبَيَاضِ قُرُوْني (3)
وَمَا لُفِظَ بلَفْظِ الوَاحِدِ يُرَادُ بِهِ الاثنانِ، وَلَفْظِ الاثنيْنِ يُرَادُ بِهِ الوَاحِدِ. مِثَالُ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّاعِرِ (4):[من الوافر]
فَرَجِّي الخَيْرَ وَانْتَظِرِي إيَابِي
…
إِذَا مَا القَارِظُ العَنْزِيُّ آبَا
وَإِنَّمَا هُمَا قَارِظَا عَنَزَةَ.
= وَكَأَنَّ بِالعَيْنَيْنِ حَبُّ قرنْفلٍ
…
أَوْ فلفلٍ كَحِلَتْ بِهِ فَانْهَلَّتِ
(1)
أشعار الهذليين 1/ 9.
(2)
لبدر بن عامر في أشعار الهذليين 1/ 413.
(3)
وَقَالَ كُثَيِّرٌ:
مَسَايِحُ فَوْدَي رَأْسِهِ مُسْبَغِلَّةٌ
…
جَرَى مِسْكُ دَارِيْنَ الأَحَمِّ خِلَالَهَا
وَمِمَّا نَطَقَ بهِ الكِتَابُ العَزِيْزُ فِي جَمْعِ الاثْنَيْنِ وَالوَاحِدِ قَوْلهُ عز وجل: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: 11] يُرِيْدُ أَخَوَيْنِ فَصَاعِدًا. وَقَوْلهُ تَعَالَى: {وَأَلقَى الْأَلْوَاحَ} [الأعراف: 150] وَإِنَّمَا هِيَ لَوْحَانِ. وَأَمَّا جَمْعُ الوَاحِدِ فَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ} [الحجرات: 4]، وَإِنَّمَا نَادَا رَجُلٌ وَاحِدٌ.
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
لَوْلَا الرَّجَاءُ لأَمْرٍ لَيْسَ يَعْلَمهُ
…
خلقٌ سِوَاكَ لَمَا ذَلَّتْ لَكُمْ عُنُقِي
وَهَذَا كَثيْرٌ فِي الشِّعْرِ القَدِيْمِ وَالمُحْدَثِ فَأَمَّا إِفْرَادُ الجَّمْعِ وَجَمْعِ الاثْنَيْنِ فَهُوَ أَقَلُّ مِنْ هَذَا.
(4)
لبشر بن أبي خازم في ديوانه ص 35.