المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌وَالسَّلْخُ: وَيَسَمِّيْهِ قَوْمٌ الاهْتِدَامُ، وَهُوَ افْتِعَالٌ مِنَ الهَدْمِ، فَكَأَنَّهُ هَدَمَ البَيْتَ - الدر الفريد وبيت القصيد - جـ ١

[محمد بن أيدمر]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة التحقيق

- ‌الدر الفريد وبيت القصيد

- ‌فَرادةُ الدر الفريد

- ‌محمَّد بن أيدمر

- ‌ثقافته وأدبه:

- ‌شاعريته وشعره:

- ‌الأشعار:

- ‌مؤلفاته:

- ‌مصادر ترجمته:

- ‌النسخة المعتمدة في التحقيق:

- ‌منهجي في التحقيق:

- ‌شكر وتقدير:

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌ضرُوْبِ الشِّعْرِ

- ‌وَالشِّعْرُ لَهُ أسْبَابٌ:

- ‌وَإِبْدَاعُ المَعْنَى

- ‌وَيَتْلُوْهُمَا أصْنَافُ البَدِيْعِ:

- ‌أَمَّا صِدْقُ التَّشبِيْهِ

- ‌وَمُشَاكَلَةُ التَّجْنِيْسِ

- ‌وَمُبَايَنَة التَّطْبِيْقِ

- ‌وَوُقُوْعُ التَّضْمِيْنِ

- ‌وَنُصُوْعُ التَّرْصِيْعِ

- ‌وَاتِّزَانُ التَّسْمِيْطِ

- ‌وَصِحَّةُ التَّقسِيْمِ

- ‌وَمُوَافَقَةُ التَّوْجِيْهِ

- ‌وَحِدَّةُ الاسْتِطْرَادُ:

- ‌وَحَلَاوَةُ الاسْتِعَارَةِ

- ‌وَلُطْفُ المَخْلَصِ:

- ‌وَنَظَافَةُ الحَشْوِ:

- ‌وَالتَّرْدِيْدِ وَالتَّصْدِيْرِ:

- ‌وَتَأكِيْدُ الاسْتِثْنَاءِ

- ‌وَكَمَالُ التَّتْمِيْمِ:

- ‌وَالإِيْغَالُ فِي التَّبْلِيْغِ:

- ‌وَالإِغْرَاقُ فِي الغُلُوِّ:

- ‌وَمُوَازَاةُ المُقَابَلَة:

- ‌وَسُهُوْلَةُ التَّسْهِيْمِ:

- ‌وَوُقُوْعُ الحَافِرِ عَلَى الحَافِرِ:

- ‌وَدِلَالَةُ التَّتْبِيْعِ

- ‌وَالوَحْيُ وَالإِشَارَةُ وَتَكرِيْرُهَا:

- ‌وَبَرَاعَةُ الابْتِدَاءِ:

- ‌وَأَمَّا تَمْكِيْنُ القَوَافِي:

- ‌وَالمُلَائَمَةُ بَيْنَ صَدْرِ البَيْتِ وَعَجُزِهِ

- ‌وَإِرْدَافُ البَيْتِ بِأَخِيْهِ

- ‌وَإشْبَاعُ المَعْنَى بِأَوْجَزِ لَفْظٍ، وَإبْرَازهُ فِي أحْسَنِ صِيْغَةٍ مِنَ البيانِ:

- ‌وَخَلُوْصُ السَّبْكِ:

- ‌وَلِلشَّاعِرِ أدَوَات لَا غِنَى لَهُ عَنْهَا

- ‌أَقْسَامُ الأَدَبِ

- ‌فَأَمَّا صِحَّةُ الانْتِقَادِ:

- ‌وَأَمَّا التَّمْيِيْزُ بَيْنَ المَدْحِ وَالشُّكْرِ

- ‌وَالفَصْلُ بَيْنَ الهَجْوِ وَالذَّمِّ

- ‌وَالبَوْنُ بَيْنَ الولَعِ وَالهَمْزِ

- ‌وَالتَّرْجِيْحُ بَيْنَ اللَّوْمِ وَالعَتَبِ

- ‌وَالفَرْقُ بَيْنَ الهَزِّ وَالاسْتِزَادَةِ

- ‌وَالتَّصَارفُ بَيْنَ التَّنَصُّلِ وَالاعْتِذَارِ

- ‌وَالحَدُّ بَيْنَ التَّقَاضِي وَالإِذْكَارِ

- ‌وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ أنْوَاع السَّرِقَاتٍ:

- ‌فَالسَّرِقَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ ضُرُوبٍ:

- ‌فَنَظْم المَنْثُوْرِ

- ‌وَإحْسَانُ الآخِذِ عَلَى المَأْخُوْذِ مِنْهُ، وَزِيَادَتُهُ عَلَيْهِ:

- ‌وَالشِّعْرُ المَحْدُوْدُ وَالمَجْدُوْدُ:

- ‌وَتَكَافُؤُ إحْسَانِ المُتَّبِع وَالمُبْتَدِعِ:

- ‌وَنَقْلُ المَعْنَى إِلَى غَيْرِهِ:

- ‌وَتَقَابُلُ النَّظَرِ فِي المَعْنَى إِلَى مِثْلِهِ:

- ‌وَالسَّلْبُ

- ‌وَالسَّلْخُ:

- ‌وَالالْتِقَاطُ وَالتَّلْفِيْقُ:

- ‌فَالخَلْعُ

- ‌وَالاصْطِرَافُ:

- ‌وَالإِغَارَةُ

- ‌وَالاجْتِلَابُ، وَالاسْتِلْحَاقُ:

- ‌وَالانْتِحَالُ

- ‌وَالإِنْحَالُ:

- ‌وَالمُرَافَدَةُ:

- ‌وَتَنَازُعُ الشَّاعِرَيْنِ فِي الشِّعْرِ

- ‌تَقْصِيْرُ المُتَّبعِ عِنْ إِحْسَانِ المُبْتَدِعِ، وَتَكَافُؤُ السَّارِقِ وَالسَّابِقِ فِي الإِسَاءةِ وَالتَّقْصِيْرِ

- ‌وَتَكَافُؤُ السَّارِقِ وَالسَّابِقِ فِي الإِسَاءةِ وَالتَقْصِيْرِ:

- ‌وَبَاقِي المَجَازَاتِ

- ‌الاسْتِعَارَاتُ المُسْتْكْرَهَةُ:

- ‌وَمَا اجْتَمَع فِيْهِ لِلشَّيْءِ الوَاحِدِ اسْمَانِ

- ‌وَمَا يُحْمَلُ الكَلَامُ فِيْهِ عَلَى المَعْنَى لَا عَلَى اللَّفْظِ

- ‌وَمَا لفظُهُ لَفْظُ الموجَبِ وَمَعْنَاهُ مَعْنَى النَّفْي

- ‌وَمَا يُخْبَرُ فِيْهِ عَنْ بَعْضِ الشَّيْءِ يُرَادُ بِهِ جَمِيْعُهُ

- ‌وَمَا يُعْطَفُ عَلَيْهِ الشَّيْءُ، وَلَيْسَ هُوَ مِثْلُهُ

- ‌وَالحَذْفُ

- ‌وَمَا جَاءَ مِنَ التَّقْدِيْمِ وَالتَّأْخِيْرِ

- ‌وَمَا يُحْذَفُ مِنْهُ المُضَافُ، فَيَقُوْمُ المُضَافُ إِلَيْهِ مَقَامَهُ

- ‌وَمَا فُرِّقَ فِيْهِ بينَ المُضَافِ وَالمُضَافِ إِلَيْهِ

- ‌وَمَا يُشَبَّهُ فِيْهِ الشَّيْءُ بِالشَّيْءِ، ثُمَّ يُجْعَلُ المُشَبَّهُ بِهِ هُوَ المُشَبَّهُ بِعَيْنِهِ

- ‌[خاتمة المقدمة]

الفصل: ‌ ‌وَالسَّلْخُ: وَيَسَمِّيْهِ قَوْمٌ الاهْتِدَامُ، وَهُوَ افْتِعَالٌ مِنَ الهَدْمِ، فَكَأَنَّهُ هَدَمَ البَيْتَ

‌وَالسَّلْخُ:

وَيَسَمِّيْهِ قَوْمٌ الاهْتِدَامُ، وَهُوَ افْتِعَالٌ مِنَ الهَدْمِ، فَكَأَنَّهُ هَدَمَ البَيْتَ مِنَ الشِّعْرِ تَشْبِيْهًا لِلبَيْتِ بِالبنَاءِ وَسَمِّيَ بَيْتًا؛ لأَنَّهُ يَشْتَمِلُ عَلَى الحُرُوْفِ، كَمَا يَشْتَمِلُ البَيْتُ عَلَى مَا فِيْهِ. وَالسَّلْخُ قَرِيْبٌ مِنَ السَّلْبِ لَكِنَّ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ، وَهُوَ أَنَّ السَّلْبَ أَخْذُ المَعْنَى، وَتَغْيِيْرُ لَفْظِهِ، وَالسَّلْخُ أَخْذُ المَعْنَى وَالإِتْيَانُ بِأَكْثَرِ لَفْظِهِ، وَذَلِكَ أَنْ يَأْخُذَ الشَّاعِرُ أَكْثَرَ لَفْظِ بَيْتٍ لِشَاعِرٍ آخَرَ فِي مَعْنًى وَاحِدٍ، فَيَأتِي بهِ فِي بَيْتٍ لِنَفْسِهِ فِي ذَلِكَ المَعْنَى بِعَيْنِهِ كَقَوْلِ بَعْضِهِم (1):[من الطويل]

خَلَقْنَا لَهُمْ فِي كُلِّ عَيْنٍ وَحَاجِبٍ

بِسُمْرِ القَنَا وَالبِيْضُ عَيْنًا وَحَاجِبَا

سَلَخَهُ أَبُو نَصْرِ بن نُبَاتَةَ فَقَالَ (2): [من الطويل]

خَلَقْنَا بِأَطْرَافِ القَنَا فِي ظُهُوْرِهِمْ

عُيُوْنًا لَهَا وَقْعُ السُّيُوْفِ حَوَاجِبُ

وَكَقَوْلِ البُحْتُرِيِّ (3): [من الكامل]

وَغرِيْرَةِ الأَلْحَاظِ نَاعِمَةِ الصِّبَا

غَرِيَ الوُشَاةُ بِهَا وَلَجَّ العُذَّلُ

سَلَخَه المُتَنَبِّيّ فَقَالَ (4): [من الكامل]

كَمْ وَقْفَةٍ سَحَرَتْكَ شَوْقًا بَعْدَمَا

غَرِيَ الوُشَاةُ بِهَا وَلَجَّ العُذَّلُ

وَكَقَوْلِ أَبِي القَوَافِي (5): [من الكامل]

رَدَّتْ صَنَائِعُهُ عَلَيْهِ حَيَاتَهُ

فَكَأَنَّهُ مِنْ نَشْرِهَا مَنْشُوْرُ (6)

(1) معاهد التنصيص 4/ 29، حلية المحاضرة 2/ 64.

(2)

سر الفصاحة ص 252، يتيمة الدهر 2/ 455.

(3)

ديوانه 3/ 1599.

(4)

ديوانه 3/ 252.

(5)

ديوان أبي القوافي الأسدي ص 81.

(6)

وَمِنْ السَّلْخِ وَالاهْتِدَامِ كَقَوْلِ كُثَيِّرٍ فِي قَصِيْدَتِهِ الَّتِي يقَوْلُ فِي أَوَّلِهَا: =

ص: 377

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أَلْمِمْ بِعزَّةَ إِنَّ الرَّكْبَ مُنْطَلِقُ (1).

قَامَتْ تُوَدِّعُنَا وَالعَيْنُ سَاجِمَةٌ

كَانَ إِنْسَانَهَا فِي لُجَّةٍ غَرِقُ

ثُمَّ اسْتَدَارَ عَلَى أَرْجَاءِ مُقْلَتِهَا

مُبَادِرًا خَلَسَاتِ الطَّرْفِ تَسْتَبِقُ

كأنه حين مارَ المأقيانِ به

درُّ تسلّل من أنساقه نَسَقُ

وَإِنَّمَا اهْتَدَمَ كُثَيِّرٌ فِي هَذِهِ الأَبْيَاتِ قَولُ جَمِيْلٍ (2):

قَامَتْ تُوَدِّعُنَا وَالعَيْنُ سَاجِمَةٌ

إِنْسَانُهَا بِفَضِيْضِ الدَّمْعِ مُكْتَحِلُ

ثُمَّ اسْتَدَارَ عَلَى أَرْجَاءِ سَاجِيَةٍ

حَتَّى تَبَادَرَ مِنْهَا دَمْعُهَا الهَمِلُ

أَخْبَرَ الأَصْمَعِيُّ عَنْ عِيْسَى بن عُمَرَ قَالَ شَكَا إِلَيَّ رُؤْبَةُ ذَا الرُّمَّةِ وَقَالَ: كُلَّمَا قُلْتُ شِعْرًا سَرَقَهُ مِنِّي وَاهْتَدَمَهُ. قُلْتُ: حَيِّ الشَّهِيْقَ مَيِّتِ الأَنْفَاسِ. فَقَالَ: حَيِّ الشَّهيْقَ مَيِّتِ الأَوْصَالِ (3).

وَعَنِ الأَصْمَعِيِّ عَنْ ابن أُخْتٍ لآلِ زَيَادٍ قَالَ: قَالَ لِي رُؤْبَةُ ابْنُ العجَاجِ ألَا تَعْجَبُ دَخَل عَلَيَّ ذُو الرُّمَّةِ فَسَمِعَ قَوْلي (4):

يَطْرَحْنَ بِالدَّوِيَّةِ الأَمْلَاسِ

لِكُلِّ ذِئْبٍ قَعْرَةٍ دَلَّاسِ

أَجِنَّةً فِي قُمُصِ الأَعْرَاسِ

مَوْتَى العِظَامِ حَيَّةَ الأَنْفَاسِ

فَبَلَغَنِي أَنَّهُ قَالَ (5):

يَطْرَحْنَ بِالدَّوِيَّةِ الأَغْفَالِ

_________

(1)

صدر بيت في ديوانه ص 130 وعجزه: "وإن نأتك ولم يلمم بها خرق".

(2)

حلية المحاضرة 2/ 64 - 65، ولم ترد في ديوانه.

(3)

أنظر: حلية المحاضرة.

(4)

الوساطة ص 196، ولم ترد في ديوان رؤبة.

(5)

الأبيات لذي الرمة في ديوانه 1/ 281.

ص: 378

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= كُلَّ جَنِيْنٍ السَّرْبَالِ

مِنَ السَّرَى وَجَرْيَةَ الحِبَالِ

وَنَغَضَانِ الرَّحْلِ مِنْ مُعَالِ

عَلَى قَرَى مُعْوَجَّةٍ شِمْلَالِ

قَالَ: قُلْتُ أَجَادَ وَالَّذِي خَلَقَهُ. قَالَ: أَجَلْ وَلَكِنَّهُ نَقَضَ مَا قُلْتُ فَذَهَبَ بِهِ.

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ أَبِي الطَّيِّبِ (1):

وَصِرْتُ أَشُكُّ فِيْمَنْ أَصْطَفِيْهِ

لِعِلْمِي أَنَّهُ بَعْضُ الأَنَامِ

أخَذَهُ أَبُو بَكْر الخَوَارِزْمِيّ فَقَالَ (2):

قَدْ ظَلَمْنَاكَ بِحُسْن

الظنِّ يَا بَعْضُ الأَنَامِ

* * *

ومن هذا الباب قول مَرْوَانَ بن أَبِي حَفْصَةَ في مَعْنِ بنِ زَائِدَةِ بن عَبْد اللَّهِ بن زَائِدَةِ بن مَطَر بن شَرِيكَ ابن عَمْرو بن قَيْس بن شَرَاحِيْلَ بن مُنَبّه بن هَمَّام بن مُرَّةَ بن دَهْبَلَ بن شَيْبَانَ وَيَعُمُّ بِمَدْحِهِ بَنِي مَطَرٍ (3):

بَنُو مَطَرٍ يَوْمَ اللَّقَاءِ كَأَنَّهُمْ

أُسُوْدٌ لَهَا فِي غِيْلِ خَفَّانَ أَشْبُلُ

أَخَذَهُ ابْنُ الرُّوْمِيّ وَزَادَ فِيْهِ فَقَالَ (4):

تَلْقَاهُمُ وَرِمَاحُ الخَطِّ حَوْلَهُمُ

كَالأُسْدِ أَلْبَسَهَا الآجَامُ خفَّانِ

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ قَيْسُ بن الخَطِيْمِ (5):

_________

(1)

ديوانه 4/ 144.

(2)

يتيمة الدهر 1/ 163.

(3)

مجموع شعر مروان بن أبي حفصة ص 88.

(4)

لم ترد في ديوانه.

(5)

ديوانه ص 79.

ص: 379

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= تَبَدَّتْ لنَا كَالشَّمْسِ تَحْتَ غَمَامَةٍ

بَدَا حَاجِبٌ مِنْهَا وَضَنَّتْ بِحَاجِبِ

أَخَذَهُ الآخَرُ فَقَالَ (1):

فَشَبَّهْتهَا بَدْرًا بَدَا مِنْهُ شِقَّهُ

وَقَدْ سَتَرَتْ خَدًّا وَأَبْدَتْ لنَا خَدَّا

وَأَذْرَتْ عَلَى الخَدَّيْنِ دَمْعًا

كَأَنَّهُ تَنَاثَرَ دُرًّا وَنَدًا وَاقِعَ الوَرْدَا

وَكَقَوْلِ النَّابِغَةِ (2):

رِقَاق النِّعَالِ طَيِّبٌ حجُرَاتهم

يُحِبُّوْنَ بِالرَّيْحَانِ يَوْمَ السَّبَاسِبِ

أَخَذَهُ الفَرَزْدَقُ فَقَالَ (3):

بَنِي دَارِمٍ قَوْمِي تَرَى حُجُرَاتِهِمْ

عِتَاقًا حَوَاشِيْهَا رِقَاقًا نِعَالهَا

يجُرُّوْن هداب اليَمَانِيُّ كَأَنَّهُمُ

سُيُوْفٌ جَلَا الأَطْبَاع مِنْهَا صِقَالهَا

وَقَالَ أَبُو الطَّيِّبِ (4):

هَامَ الفُؤَادُ بِأَعْرَابِيَّةٍ سَكَنَتْ

بَيْتًا مِنَ القَلْبِ لَمْ تَمْدُدْ لَهُ طُنُبَا

أَخَذَهُ السَّرِي بنُ أَحْمَدَ فَقَالَ (5):

وَأَحَلَّهَا مِنْ قَلْبِ عَاشِقِهَا الهَوَى

بَيْتًا بِلَا عَمَدٍ وَلَا أَطْنَابِ

وَقَالَ أَبُو الطَّيِّبِ (6):

لَيتَ الغَمَامَ الَّذِي عِنْدِي صَوَاعِقُهُ

يُزِيْلُهُنَّ إِلَى مَنْ عِنْدَهُ الدِّيَمُ

أَخَذَهُ السَّرِي الرَّفَاء فَقَالَ (7):

_________

(1)

العقد الفريد 5/ 339.

(2)

ديوانه ص 47.

(3)

ديوانه ص 472.

(4)

ديوانه 2/ 111.

(5)

ديوان السري الرفاء 1/ 309.

(6)

ديوانه 3/ 371.

(7)

لم ترد في ديوانه.

ص: 380

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وَأَنَا الفِدَاءُ لِمَنْ مَخِيْلَةُ بَرْقِهِ

عِنْدِي وَعِنْدَ سِوَايَ مِنْ أَنْوَائِهِ

وَقَالَ أَبُو الطَّيِّبِ (1):

فَإِنْ يَكُ سَيَّارُ بنُ مُكْرَمِ انْقَضَى

فَإِنَّكَ مَاءُ الوَرْدِ إِنْ ذَهَبَ الوَرْدُ

وَهَذَا مِنْ بَابِ تَفْضِيْلِ البَعْضِ عَلَى الكُلِّ، وَقَالَ أَبُو الطَّيِّبِ مَكَرِّرًا لِهَذَا المَعْنَى (2):

فَإِنْ تَكُنْ تَغْلِبُ الغَلْبَاءُ عُنْصرهَا

فَإِنَّ فِي الخَمْرِ مَعْنًى لَيْسَ فِي العِنَبِ

أَلَمَّ بِهِ أَبُو الفَتْح عَلِيّ بن مُحَمَّدٍ البُسْتِيّ الكَاتِبُ فَقَالَ (3):

أَبُوْكَ حَوَى العَلْيَا وَأَنْتَ مُبَرَّزٌ

عَلَيْهِ إِذَا نَازَعْتَهُ قَصَبَ المَجْدِ

وَلِلْخَمْرِ مَعْنَى لَيْسَ فِي الكَرْمِ مِثْلُهُ

وَفِي النَّارِ نُوْرٌ لَيْسَ تُوْجَدُ فِي الزّنْدِ

خَيرٌ مِنَ القَوْلِ المُقَدَّمِ فَاعْتَرِفْ

نَتِيْجَتهُ وَالنَّحْلُ يكرم للشّهْدِ

* * *

ومِنْ هذا قولُ أبي تَمّام (4):

أَشْكَر نُعْمَى مِنْكَ مَذْكُورةً

وَكَافِرُ النَّعمةِ كَالْكَافِرِ

سَلَخَهُ الْبُحْتُرِيّ؛ فَقَالَ (5):

سَأَجْهَدُ فِي شُكْرِي لِنُعْمَاك إِنَّني

أَرَى الْكُفْرَ لِلنَّعْمَاءِ ضَرْبًا مِنَ الْكُفْرِ

* * *

_________

(1)

ديوانه 2/ 380.

(2)

ديوانه 1/ 91.

(3)

لم ترد في ديوانه.

(4)

ديوانه 2/ 66.

(5)

ديوانه 2/ 1054.

ص: 381

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وَمِنْ ذلَك قَوْلُ الشّاعِرِ وَهُوَ حِفْظُ بْنُ رَبابٍ:

يَعِيشُ الفَتَى بالفَقْرِ يَوْمًا وَبِالغِنَى

وكُلٌّ كَأَنْ لَمْ يَلْقَهُ حِينَ يَذْهَبُ

اهْتَدَمَهُ الآخَر؛ فقال (1):

يعيشُ الفَتَى ما بينَ سُقْمٍ وصِحَّهٍ

وكُلٌّ كَأَنْ لَمْ يَلْقَ حِينَ يُزَابِلُهْ

وَكَقَوْلِ الوزِير أبي الفَضْلِ الحسينِ بْنِ العميدٍ الطُّغَرائي الأَعْجَمِي (2):

مُنًى إِنْ تَكُنْ كِذْبًا فَقَدْ طَابَ كِذْبُهَا

وَإِنْ صَدَقَتْ يَوْمًا تَضَاعَفَ طِيبُهَا

فَقَالَ الآخَر:

مُنًى إِنْ تَكُنْ حَقًا تَكُنْ أَحْسَنَ المُنَى

وَإلّا فَقَدْ عِشْنَا بِهَا زَمَنًا رغَدْا

وَكَقَوْلِ الشَّاعِرِ:

أَسهَرَتْنِي وَطْيَ رَاقِدَةٌ

بِاحْوِرَارِ الْعَيْنِ وَالدَّعَجِ

لَا أَتَاحَ اللَّهُ لِي فَرَجًا

يَوْمَ أَدْعُو مِنْكِ بِالفَرجِ

سَلَخَهُ الآخَرُ فقال:

قُلْ لظَبْيٍ تَسْتَرِقُّ لَهُ

مُهَجُ الأَحْرارِ بالدَّعَجِ

كَيفَ أَدْعُو اللَّهَ أَسْأَلُهُ

فَرَجًا مِمَّنْ بِهِ فَرَجِي

وَكَقَوْلِ القَائِلِ:

أَمَّلْتُهُمْ ثُمَّ تَأَمَّلْتُهُمْ

فَلَاحَ لِي أَنْ لَيْسَ فِيهِمْ فَلَاحُ

سَلَخَهُ ابْنُ شَمْسِ الخِلَافَةِ: فقالَ وعَكَسَ المَعْنَى:

عايَنْتُ نُورَ البِشْرِ فِي وَجْهِهِ

فَلَاحَ لِي مِنْهُ بَشِيرُ الْفَلَاحِ

فَأَيْقَنَتْ نَفْسِي بِنَيْلِ المُنَى

وَالبِشْرُ عُنْوَانُ كتابِ النَّجَاحِ

_________

(1)

البيان والتبيين 2/ 350.

(2)

ديوانه ص 85.

ص: 382

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= يقول منها:

مَوْلًى إِذَا أَخْفَى نَدَى كَفِّه

---- وناحْ

الشمسُ لا تَخْفَى عَلَى مُبْصِرٍ

- أصبتَ ربَّاه فاحْ

أَقْرَبُ ما يعطيهِ أَقْصَى المُنَى

وبَعْضُ ما يُوليهِ كُلّ اقتراحْ

تُرْوَى أحاديثُ عُلَاهُ كَمَا

يُرْوَى حديثُ المُصْطَفَى فِي الصِّحَاحْ

صلى الله عليه وسلم.

وكَقَوْلِ دِيكِ الجِنّ (1):

لَمَّا نَظَرتَ إِليَّ مِنْ حَدَقِ آلْمَهَا

وَضَحِكْتَ عَنْ مُتَفتَّحِ النُّوَّارِ

وعقدتَ بَيْن قضيبِ بانِ أَهْيَفٍ

وكثيبِ رَمْلٍ عُقْدَةَ الزّنارِ

عَفّرْتُ خَدّي فِي الثَّرى خَاضِعًا

وَعَزَمْتُ فِيكَ عَلَى دُخُولِ النّارِ

أَخَذَهُ أَبُو الْفَرَج الْوَأواء؛ فَقَالَ وَزَادَ عَلَيْهِ (2):

شَدَّ زُنَارَهُ على هَيَفِ الخصرِ

فشدَّ القلوبَ فِي الزّنّارِ

وأَدار الأصْداغَ فَوْقَ عِذارٍ

أَنَامِنْ أَجْلِه خَلَعْتُ عِذَاري

وتعجّلتُ جَنَّة الخلدِ لَمَّا

صَحَّ عَزْمى عَلَى دُخُولِ النَّارِ

* * *

وَمِنَ الاهْتِدَامِ وَالسَّلْخِ كَمَا قَالَ أَبُو صَخْرٍ الهَذْلِيُّ فِي قَصِيْدَتِهِ الغَرَّاءَ:

وَإِنِّي لآتِيْهَا وَفِي النَّفْسِ هَجْرُهَا

بتَاتًا لأُخْرَى الدَّهْرِ مَا طَلعَ الفَجْرُ

فَمَا هُوَ إِلَّا أَنْ أَرَاهَا فَجْأَةً

فَأُبْهَتَ لَا عُرْفٌ لَدَيَّ وَلَا نكْرُ

_________

(1)

ديوانه ص 165.

(2)

ديوانه ص 10.

ص: 383

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= اهْتَدَمَهُمَا كُثَيِّرٌ فَقَالَ (1):

وَإِنِّي لآتِيْهَا وَفِي النَّفْسِ هَجْرُهَا

بتَاتًا لأُخْرَى الدَّهْرِ أَوْ لَتُثِيْبُ

فَمَا هُوَ إِلَّا أَنْ أَرَاهَا فَجْأَةً

فَأُبْهَتَ حَتَّى مَا أَكَادُ أُجِيْبُ

وَكَقَوْلِ بَشَّارٍ (2):

وَإِذَا أَقَلَّ لِيَ البَخِيْلُ عَذَرْتهُ

إِنَّ القَلِيْلَ مِنَ البَخِيْلِ كَثِيْرُ

سَلَخَهُ المُتَنَبِّيّ فَقَالَ (3):

وَقَنِعْتُ بِاللُّقْيَا وَأَوَّلِ نَظْرَةٍ

إِنَّ القَلِيْلَ مِنَ الحَبِيْبِ كَثِيْرُ

وَكَقَوْلِ ظَالِمِ بن البَرَاءِ الفَقِيْمِيّ (4):

إِذَا جَعَلَ الحَرْبَاءُ وَالشَّمْسُ تَلْتَظِي

عَلَى الجذْلِ مِنْ حَرِّ النَّهَارِ يَقُوْمُ

يَكُوْنُ حَنِيْفًا بِالعَشِيّ وَبِالضُّحَى

يُصَلِّي لِنُصرَانِيَّةٍ وَيَصُوْمُ

أَخَذَهُ ذُو الرُّمَّةِ فَقَالَ (5):

يَظَلُّ بِهَا الحَرْبَاءُ لِلشَّمْسِ مَائِلًا

عَلَى الجذْلِ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَكْبرُ

إِذَا حَوَّلَ الظِّلَّ العَشِيَّ رَأَيْتَهُ

حَنِيْفًا وَفِي وَقْتِ الضُّحَى يَتَنَصَّرُ

وَكَقَوْلِ عَلِيّ بن الجّهمِ (6):

وَتَفَاضُلِ الأخْلَاقِ إِنْ حَصَّلْتَهَا

فِي النَّفْسِ حَسْبُ تَفَاضُلِ الأَجْنَاسِ

_________

(1)

سمط اللآلي 1/ 400، ولم ترد في ديوانه.

(2)

ديوانه 3/ 256.

(3)

ديوانه 2/ 134.

(4)

الشعر والشعراء 1/ 53.

(5)

ديوانه 2/ 631 - 632.

(6)

لم ترد في ديوانه.

ص: 384