الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَا اجْتَمَع فِيْهِ لِلشَّيْءِ الوَاحِدِ اسْمَانِ
اتَّفَقَا مَعًا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ. وَالعَرَبُ لَا تَكْرَهُ ذَلِكَ بَلْ تَسْتَعْمِلُهُ كَثِيْرًا. فَإِذَا اخْتَلفَ اللَّفْظَانِ، جَاءُوا بِالاسْمَيْنِ جَمِيْعًا وَيُجْرُوْنَهُ عَلَى وُجُوْهٍ. فَمِنْهُ مَا يُجْرُوْنَ الأَخِيْرَ مِنْهُمَا عَلَى الأوَّلِ بِحَرْفِ عَطْفٍ، وَمِنْهُ مَا يُضِيْفُوْنَ الأوَّلَ مِنْهُمَا إِلَى الأَخِيْرِ. وَمِمَّا جَاءَ مِنْهُ تَوْكِيْدًا كَقَوْلِ رُؤْبَةَ:[من الرجز]
= يُرِيْدُ بِالعُمَرَيْنِ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ إِنَّمَا هُوَ عُمَرُ بن الخَطَّابِ وَعُمَرُ بن عَبْدِ العَزِيْزِ لَمْ يُصبْ لأَنَّ أَهْلُ الجمَلِ نَادُوا بِعَلِيّ رضي الله عنه أَعْطُوْنَا سِنَّةُ العُمَرَيْنِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَلِمْ لَمْ يَقُوْلُوا أَبُو بَكْرٍ وَأبُو بَكْرٍ فَضلُهُمَا قِيْلَ لأَنَّ عُمَرًا اسْمٌ مُفْرَد وَإِنَّمَا طَلَبُوا الخِفَّةِ (1).
* * *
قَالَ الثَّعَالِبِيُّ: كَانَ زِيَادٌ يَقُوْلُ: الكُوْفَةُ جَارِيَةٌ جَمِيْلَةٌ لَا مَالَ لَهَا فَهِيَ تُخْطَبُ لِجَمَالِهَا، وَالبَصْرَةُ عَجُوْزٌ شَوْهَاءُ ذَاتُ مَالٍ كَثيْرٍ فَهِيَ تُخْطَبُ لِمَالِهَا (2).
وَقَالَ آخَرُ: مِثْلُ الكُوْفَةِ كَمِثْلِ اللهاةِ يَأْتِيْهَا المَاءُ بِبَرْدِهِ وَعذُوْبَتِهِ، وَمِثْلُ البَصْرةِ كَمِثْلِ المَثَانَةِ يَأْتِيْهَا المَاءُ وَقَدْ تَغَيَّرَ وَفَسَدَ (3).
وَقَالَ آخَرُ: نَسِيْمُ الكُوْفَةِ مِنَ الجَّنَّةِ وَهَوَاءُ البَصْرَةِ مِنَ النَّارِ.
وَقَالَ الجَّاحِظُ مِنْ عُيُوْبِ البَصْرَةِ أخْتِلَافُ هَوَائِهَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ لأَنَّهُمْ يَلْبَسُوْنَ القَمِيْصَ مَرَّةً، وَالمُبْطِّنَاتِ مَرَّةً وَالجِبَابَ مَرَّةً، لاخْتِلَافِ جَوَاهِرِ السَّاعَاتِ. وَمِنْ بَلِيغِ مَا قِيْلَ فِي ذَمِّهَا قَوْلُ أَبِي إِسْحَق الصَّابِئ (4):
لَيْسَ لِعَيْنَيْكَ فِي الطَّهَارَةِ بِالـ
…
ـبَصْرَةِ إِنْ حَانَتِ الصَّلَاةُ اجْتِهَادُ
إِنْ تَطَهَّرْتَ فَالمِيَاهُ سلَاحٌ
…
أَوْ تَيَمَّمْتَ فَالصَّعِيْدُ سَمَادُ
_________
(1)
المزهر 2/ 186.
(2)
العقد الفريد.
(3)
لابن عياش الهمذاني في العقد الفريد 6/ 349.
(4)
يتيمة الدهر 2/ 317.
أَغْدُو قَرِيْنَ الفَارِغِ السَّبَهْلَلِ
وَقَوْلِ الجَعْدِيِّ: [من البسيط]
فَإنَّ قَصْرَكَ مِنِّي صلْدِمٌ صَمَمُ
وَهُمَا بِمَعْنَى الشَّدِيْدِ.
وَقَوْلُ رُؤْبَةَ (1): [من الرجز]
قُلْتُ وَقَوْلِي صائِبٌ سَدِيْدُ
وَهُمَا بِمَعْنَى القَاصِدِ.
وَمِمَّا جَاءَ مَعْطُوْفًا كَقَوْلِ الحُطَيْئَةِ (2): [من الطويل]
ألَا حَبَّذَا هِنْدٌ وَأَرْضٌ بِهَا هِنْدُ
…
وَهِنْدٌ أَتَى مِنْ دُوْنهَا النَّأيُ وَالبُعْدُ
وَهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ.
وَكَقَوْلِ الخَنْسَاءِ (3): [من الطويل]
بِدَمْعٍ حَثِيْثٍ لَا بكِيٍّ وَلَا نَزْرِ
وَمِمَّا جَاءَ الأوَّلُ مِنْهُ مُضَافًا إِلَى الثَّانِي. قَالَ طَرَفَةُ (4): [من الطويل]
كَأنَ حُدُوْجَ المَالِكِيَّةِ غُدْوَةً
…
خَلَايَا سَفِيْنٍ بِالنَّوَاصِفِ مِنْ دَدِ (5)
(1) حلية المحاضرة 2/ 17.
(2)
ديوانه ص 140.
(3)
ديوانها ص 46.
(4)
شرح ديوانه ص 89.
(5)
الحُدُوْجُ: مَرَاكِبُ النِّسَاءِ خَاصَةً.
وَالخَلايَا السُّفنُ الضِّخَامُ، الوَاحِدَةُ خَلِيَّةٌ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: لَا تَكُوْنُ خَلِيَّةَ إِلَّا وَمَعَهَا زَوْرَقٌ شَبِيْةٌ بِالقَارِبِ.
وَالنَّوَاصِفُ: مَوْضِعٌ مِنَ الأَوْدِيَةِ يَتَّسِعُ وَقِيْلَ مَجَارِي المَاءِ إِلَى الأَوْدِيَةِ.