المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فَذِكْرُهُ لِلْمَالِ مَعَ مُقِلٍ حَشْوٌ، لَوْ ألْقَاهُ لَاسْتَغْنَى عَنْهُ. وَقَدْ - الدر الفريد وبيت القصيد - جـ ١

[محمد بن أيدمر]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة التحقيق

- ‌الدر الفريد وبيت القصيد

- ‌فَرادةُ الدر الفريد

- ‌محمَّد بن أيدمر

- ‌ثقافته وأدبه:

- ‌شاعريته وشعره:

- ‌الأشعار:

- ‌مؤلفاته:

- ‌مصادر ترجمته:

- ‌النسخة المعتمدة في التحقيق:

- ‌منهجي في التحقيق:

- ‌شكر وتقدير:

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌ضرُوْبِ الشِّعْرِ

- ‌وَالشِّعْرُ لَهُ أسْبَابٌ:

- ‌وَإِبْدَاعُ المَعْنَى

- ‌وَيَتْلُوْهُمَا أصْنَافُ البَدِيْعِ:

- ‌أَمَّا صِدْقُ التَّشبِيْهِ

- ‌وَمُشَاكَلَةُ التَّجْنِيْسِ

- ‌وَمُبَايَنَة التَّطْبِيْقِ

- ‌وَوُقُوْعُ التَّضْمِيْنِ

- ‌وَنُصُوْعُ التَّرْصِيْعِ

- ‌وَاتِّزَانُ التَّسْمِيْطِ

- ‌وَصِحَّةُ التَّقسِيْمِ

- ‌وَمُوَافَقَةُ التَّوْجِيْهِ

- ‌وَحِدَّةُ الاسْتِطْرَادُ:

- ‌وَحَلَاوَةُ الاسْتِعَارَةِ

- ‌وَلُطْفُ المَخْلَصِ:

- ‌وَنَظَافَةُ الحَشْوِ:

- ‌وَالتَّرْدِيْدِ وَالتَّصْدِيْرِ:

- ‌وَتَأكِيْدُ الاسْتِثْنَاءِ

- ‌وَكَمَالُ التَّتْمِيْمِ:

- ‌وَالإِيْغَالُ فِي التَّبْلِيْغِ:

- ‌وَالإِغْرَاقُ فِي الغُلُوِّ:

- ‌وَمُوَازَاةُ المُقَابَلَة:

- ‌وَسُهُوْلَةُ التَّسْهِيْمِ:

- ‌وَوُقُوْعُ الحَافِرِ عَلَى الحَافِرِ:

- ‌وَدِلَالَةُ التَّتْبِيْعِ

- ‌وَالوَحْيُ وَالإِشَارَةُ وَتَكرِيْرُهَا:

- ‌وَبَرَاعَةُ الابْتِدَاءِ:

- ‌وَأَمَّا تَمْكِيْنُ القَوَافِي:

- ‌وَالمُلَائَمَةُ بَيْنَ صَدْرِ البَيْتِ وَعَجُزِهِ

- ‌وَإِرْدَافُ البَيْتِ بِأَخِيْهِ

- ‌وَإشْبَاعُ المَعْنَى بِأَوْجَزِ لَفْظٍ، وَإبْرَازهُ فِي أحْسَنِ صِيْغَةٍ مِنَ البيانِ:

- ‌وَخَلُوْصُ السَّبْكِ:

- ‌وَلِلشَّاعِرِ أدَوَات لَا غِنَى لَهُ عَنْهَا

- ‌أَقْسَامُ الأَدَبِ

- ‌فَأَمَّا صِحَّةُ الانْتِقَادِ:

- ‌وَأَمَّا التَّمْيِيْزُ بَيْنَ المَدْحِ وَالشُّكْرِ

- ‌وَالفَصْلُ بَيْنَ الهَجْوِ وَالذَّمِّ

- ‌وَالبَوْنُ بَيْنَ الولَعِ وَالهَمْزِ

- ‌وَالتَّرْجِيْحُ بَيْنَ اللَّوْمِ وَالعَتَبِ

- ‌وَالفَرْقُ بَيْنَ الهَزِّ وَالاسْتِزَادَةِ

- ‌وَالتَّصَارفُ بَيْنَ التَّنَصُّلِ وَالاعْتِذَارِ

- ‌وَالحَدُّ بَيْنَ التَّقَاضِي وَالإِذْكَارِ

- ‌وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ أنْوَاع السَّرِقَاتٍ:

- ‌فَالسَّرِقَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ ضُرُوبٍ:

- ‌فَنَظْم المَنْثُوْرِ

- ‌وَإحْسَانُ الآخِذِ عَلَى المَأْخُوْذِ مِنْهُ، وَزِيَادَتُهُ عَلَيْهِ:

- ‌وَالشِّعْرُ المَحْدُوْدُ وَالمَجْدُوْدُ:

- ‌وَتَكَافُؤُ إحْسَانِ المُتَّبِع وَالمُبْتَدِعِ:

- ‌وَنَقْلُ المَعْنَى إِلَى غَيْرِهِ:

- ‌وَتَقَابُلُ النَّظَرِ فِي المَعْنَى إِلَى مِثْلِهِ:

- ‌وَالسَّلْبُ

- ‌وَالسَّلْخُ:

- ‌وَالالْتِقَاطُ وَالتَّلْفِيْقُ:

- ‌فَالخَلْعُ

- ‌وَالاصْطِرَافُ:

- ‌وَالإِغَارَةُ

- ‌وَالاجْتِلَابُ، وَالاسْتِلْحَاقُ:

- ‌وَالانْتِحَالُ

- ‌وَالإِنْحَالُ:

- ‌وَالمُرَافَدَةُ:

- ‌وَتَنَازُعُ الشَّاعِرَيْنِ فِي الشِّعْرِ

- ‌تَقْصِيْرُ المُتَّبعِ عِنْ إِحْسَانِ المُبْتَدِعِ، وَتَكَافُؤُ السَّارِقِ وَالسَّابِقِ فِي الإِسَاءةِ وَالتَّقْصِيْرِ

- ‌وَتَكَافُؤُ السَّارِقِ وَالسَّابِقِ فِي الإِسَاءةِ وَالتَقْصِيْرِ:

- ‌وَبَاقِي المَجَازَاتِ

- ‌الاسْتِعَارَاتُ المُسْتْكْرَهَةُ:

- ‌وَمَا اجْتَمَع فِيْهِ لِلشَّيْءِ الوَاحِدِ اسْمَانِ

- ‌وَمَا يُحْمَلُ الكَلَامُ فِيْهِ عَلَى المَعْنَى لَا عَلَى اللَّفْظِ

- ‌وَمَا لفظُهُ لَفْظُ الموجَبِ وَمَعْنَاهُ مَعْنَى النَّفْي

- ‌وَمَا يُخْبَرُ فِيْهِ عَنْ بَعْضِ الشَّيْءِ يُرَادُ بِهِ جَمِيْعُهُ

- ‌وَمَا يُعْطَفُ عَلَيْهِ الشَّيْءُ، وَلَيْسَ هُوَ مِثْلُهُ

- ‌وَالحَذْفُ

- ‌وَمَا جَاءَ مِنَ التَّقْدِيْمِ وَالتَّأْخِيْرِ

- ‌وَمَا يُحْذَفُ مِنْهُ المُضَافُ، فَيَقُوْمُ المُضَافُ إِلَيْهِ مَقَامَهُ

- ‌وَمَا فُرِّقَ فِيْهِ بينَ المُضَافِ وَالمُضَافِ إِلَيْهِ

- ‌وَمَا يُشَبَّهُ فِيْهِ الشَّيْءُ بِالشَّيْءِ، ثُمَّ يُجْعَلُ المُشَبَّهُ بِهِ هُوَ المُشَبَّهُ بِعَيْنِهِ

- ‌[خاتمة المقدمة]

الفصل: فَذِكْرُهُ لِلْمَالِ مَعَ مُقِلٍ حَشْوٌ، لَوْ ألْقَاهُ لَاسْتَغْنَى عَنْهُ. وَقَدْ

فَذِكْرُهُ لِلْمَالِ مَعَ مُقِلٍ حَشْوٌ، لَوْ ألْقَاهُ لَاسْتَغْنَى عَنْهُ. وَقَدْ عِيْبَ عَلَى أَبِي العِيَالِ الهُذَلِيِّ قَوْلُهُ (1):[من مجزوء الوافر]

ذَكَرْتُ أخِي فَعَاوَدَنِي

صدَاعُ الرَّأْسِ وَالوَصَبُ

لأَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الرَّأْسِ حَيْثُ ذَكَرَ الصُّدَاعَ، لَاسْتَغْنَى عَنْ إيْرَادِهِ.

‌وَالتَّرْدِيْدِ وَالتَّصْدِيْرِ:

فَالتَّرْدِيْدُ هُوَ أَنْ يُعَلِّقَ الشَّاعِرُ لَفْظَةً فِي البَيْتِ بِمَعْنًى، ثُمَّ يَرُدَّهَا فِيْهِ بِعَيْنِهَا، وَيُعَلِّقُهَا بِمَعْنًى آخَرَ، كَقَوْلِ أَبِي حَيَّةَ النُّمَيْرِيّ (2):[من الطويل]

أَلَا حَيِّ مِنْ أَجْلِ الحَبيْبِ المَغَانِيَا

لَبِسْنَ البِلَى مِمَّا لَبِسْنَ اللَّيَالِيَا

إِذَا مَا تَقَاضَى المَرْءُ يَوْمًا وَلَيْلَةً

تَقَاضَاهُ شَيْءٌ لَا يَمَلُّ التَّقَاضِيَا (3)

= يَقْوْلُ مِنْهَا:

فَإِنِّي رَأَيْتُ النَّاسَ إِلَّا أَقَلّهُمْ

خِفَافَ العُهُوْدِ يُكْثِرُوْنَ التَّنَقُّلَا

أَم ذِي المَالِ الكَثيْرِ يَرُوْنَهُ

وَإِنْ كَانَ عَبْدًا سَيِّدَ الأَمْرِ جَحْفَلَا

- لِمُقِلِّي المَالِ. البَيْتُ وَبَعْدَهُ:

أَخُوْكَ الدَّائِمُ العَهْدِ بِالَّذِي

يَذمُّكَ إِنْ وَلَّى وَيُرْضِيْكَ مُقْبلَا

أكنْ أَخُوْكَ النَّائِي مَا دُمْتَ آمِنًا

- الأَدْنَى إِذَا الأَمْرُ أَعْضَلَا

(1)

أشعار الهذليين 1/ 424.

(2)

شعره ص 100.

(3)

وَيَقُوْلُ مِنْهَا (1):

جَنَتْنِي اللَّيَالِي بَعْدَ مَا كُنْتُ مَرَّة

قَوِيْمَ العَصَا لَوْ كُنَّ يُبْقِيْنَ بَاقِيَا

إِذَا مَا تَقَاضى المَرْءُ يَوْمُ وَلَيْلَةٌ. البَيْتُ

يَقُوْلُ مِنْهَا: =

_________

(1)

ديوانه ص 100 - 101.

ص: 228

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وَذَلِكَ يَنْهَانِي عَنِ الجَهْلِ

إنَّنِي أَرَى وَاضِحًا مِنْ لَمَّتِي كَانَ دَاجِيَا

وَطُوْلُ تَجَارِيْبِ الأُمُوْرِ وَلَا تَرَى

لِذِي نُهْيَةٍ مِثْلَ التَّجَارِبِ نَاهِيَا

وَهَمٌّ طَرَى مِنْ بَعْدِ لَيْلٍ وَلَا تَرَى

لِهَمٍّ طَرَى مِثْلَ الصَّرِيْمَةِ قَاضِيَا

يَقُوْلُ مِنْهَا:

وَكُنَّا إِذَا قِيْلَ اظْعُنُوا قَدْ أتَيْتُمُ

أَقَمْنَا وَلَمْ يُصْبِحْ بِنَا الظَّعْنُ غَادِيَا

بِحَيٍّ حَلَالٍ يَرْكُزُوْنَ رِمَاحَهُمْ

عَلَى الظُّلْمِ حَتَّى يُصْبِحَ الأمْنُ دَاجِيَا

يَقُوْلُ مِنْهَا:

إِذَا النَّاسُ مَاجُوا أَوْ وَزَنْتَ حُلُوْمَهُمْ

بِأَحْلَامِنَا كُنَّا الجِبَالَ الرَّوَاسِيَا

* * *

وَيُرْوَى: إِذَا مَا تَعَاصَى المَرْءُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ.

وَالرِّوَايَةُ الأُوْلَى أَصَحُّ.

* * *

وَمِنْ التَّصْدِيْرِ وَالتَّرْدِيْدِ قَوْلُ جَعْفَرُ بنُ شَمْسِ الخِلَافَةِ مِنْ قَصِيْدَةٍ وَفِي أَبْيَاتِهِ هَذِهِ مُطَابَقَةٌ وَجِنَاسٌ أَيْضًا:

ظَبْيٌ مِنَ التُّرْكِ ظُبَى لَحْظِهِ

مُذْ جُرِّدَتْ لَمْ يُقْضَ أَنْ تُغْمَدَا

إِذَا ضَلَلْنَا فِي دُجَى شِعْرِهِ

أَهْدَى مُحَيَّاهُ إلَيْنَا الهُدَى

أُفْرِدَ بِالحُسْنِ فمن أَجْلِ ذَا

صِرْتُ عَلَيْهِ بِالأَسَى مُفْرَدَا

(البَيْتُ مَصْدَرٌ)

بَدْرٌ وَلَكِنْ ضلَّ حلمِي بِهِ

وَالبَدْرُ مُذْ كَانَ بِهِ يُهْتَدَا

صَدَّ فَهَلْ تُرْجَى لَهُ عَطْفَةٌ تَجْلُو

صَدَى قَلْبِي وَتَشْفِي الصَّدَا

يَا لَيْتَهُ يُسْعِدُ أَوْ لَيْتَنِي

ألْقَى عَلَى حُبِّي لَهُ مُسْعِدَا

(البَيْتُ مَصْدَرٌ) =

ص: 229

ابْتَدَأ المِصْرَاعَ الأوَّلَ، فَأَحْسَنَ الابْتِدَاءَ، وَرَدَّ فِي المِصْرَاعِ الثَّانِي، فَأَحْسَنَ التَّرْدِيْدَ، ثُمَّ ابْتَدَعَ فِي البَيْتِ الثَّانِي مَا لَيْسَ مِثْلُهُ لأحَدٍ. وَكَقَوْلِ الخَلِيْعِ البَاهِلِيِّ (1):[من الطويل]

لَقَدْ مَلأَتْ عَيْنِي بِغُرِّ مَحَاسِنٍ

مَلأْنَ فُؤَادِي لَوْعَةً وَهُمُوْمَا

وَالتَّصْدِيْرُ هُوَ أَنْ يَأتِي الشَّاعِرُ فِي صَدْرِ البَيْتِ بِكَلِمَةٍ، ثُمَّ يُعِيْدَهَا فِي عَجُزِهِ، أَوْ

= يَقُوْلُ مِنْهَا فِي المَدْحِ وَالاجْتِدَاءِ:

غَدَا وَرَاحَ النَّاسُ فِي إِثْرِهِ

أَيَلْحَقُ الرَّائِحُ مَنْ قَدْ غَدَا؟

(البَيْتُ مَصْدَرٌ)

عَبْدُكَ يَا مَوْلَايَ مُسْتَنْجِزٌ

وَعْدَكَ يَا أَكْرَمَ مَنْ يُجْتَدَى

بَلِّغْهُ مِنْ سَيْبكَ أَقْصى المُنَى

وَاجْعَلْ ذَوِي الوُدِّ لَهُ جُسَّدَا

وَبَادِرِ الفُرْصَةَ مَا أمْكَنَتْ

فَمَا قَضَاءُ الفَرْضِ مِثْلَ الأَدَا

حَاشَاكَ أَنْ تَحُوْجَ وَجْهِي

إِلَى غَيْرِكَ أَوْ غَيْرِ الَّذِي عُوِّدَا

فَرُبَّ وَجْهٍ أَبْيَضٍ وَاضحٍ

ذِيْلَ بِبَذْلٍ فَانْثَنَى أَسْوَدَا

إِذَا غَرِيْمِي جَدَّ فِي عَسْفِهِ

جَعَلْتُ جَدْوَاكَ لَهُ مَوْعِدَا

وَقَائِلٍ مَهْلًا عَلَى مَا لَهُ

فَقُلْتُ مَهْلًا هَكَذَا عَوَّدَا

لَسْتُ كَمَا أَوْلَيْتَنِي جَاحِدًا

وَمِثْلُ مَا أَوْلَيْتَ لَنْ يُجْحَدَا

(البَيْتُ مَصْدَرٌ)

فاتَّقِ سَعِيْدَ الجَدِّ فِي نِعْمَةٍ

جَدِيْدَةِ السَّعْدِ وَعِشْ سَرْمَدَا

وَقَدْ ذَكَرَ التَّصدِيْرُ بَعْضُ شُعَرَاءِ الأَنْدَلُسِ وَهُوَ أَبُو عَامِرٍ مُحَمَّد بن عَبْدٍ فِي المَدْحِ فَقَالَ:

أَنْتَ الَّذِي قَادَ العُلَى بِخِطَامِهَا

بِعَزَائِمٍ مَا ضُمِّنَتْ تَقْصيْرَا

وَبَدَأْتَ بِالحُسْنَى وَعُدْتَ بِمِثْلِهَا

كَمُصَرِّفٍ فِي شِعْرِهِ التَّصْدِيْرَا

(1)

للحسين بن الضحاك الملقب بالخليع الباهلي في ديوانه ص 107.

ص: 230

النِّصْفِ مِنْهُ، ثُمَّ يَرُدَّهَا فِي النِّصْفِ الأَخِيْرِ وَإِذَا نُظِمَ الشِّعْرُ عَلَى هَذِهِ الصيْغَةِ تَيَسَّرَ اسْتِخْرَاجُ قَوَافِيهِ قَبْلَ أَنْ يَطْرُقَ أسْمَاعَ مُسْتَمِعِيْهِ.

وَرُبَّمَا أَتَى الشَّاعِرُ فِي صَدْرِ بَيْتِهِ بِلَفْظٍ فِي مَعْنًى لَا يَتِمُّ ذَلِكَ المَعْنَى وَلَا يَكْمُلُ حَتَّى يَعُوْدَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ اللَّفْظِ فِي عَجُزِهِ وَآخِرِهِ وَيُسَمَّى رَدَّ العَجُزِ عَلَى الصَّدْرِ (1)

(1) وَمِنْ هَذَا البَابِ قَوْلُ زُهَيْرٍ ابن سُلْمَى يَمْدَحُ هَرِمًا (1):

مَنْ يَلْقَ يَوْمًا عَلَى عِلَّاتِهِ هَرِمًا

يَلْقَ السَّمَاحَةَ مِنْهُ وَالنَّدَى خُلُقَا

وَقَوْلُ أَبِي فِرَاسٍ بن حَمْدَانَ (2):

وَكُنَّ إِذَا أَغَرْنَ عَلَى دِيَارٍ

رَجَعْنَ وَمِنْ طَرَائِدِهَا الدِّيَارُ

وَقَوْلُ أَبِي عَبْد اللَّهِ مُطَرِّف بن شَخِيْصٍ:

وَمُعْتَلَّةِ الأَجْفَانِ مَازِلْتُ مُشْفِقًا

عَلَيْهَا وَلَكِنِّي ألذُّ اعْتِلَالَهَا

جُفُوْنٌ أَجَالَ الحُسْنِ فِيْهِنَّ فتْرَةً

فَحَلَّ عُرَى الآجَالِ منْذُ أَجَالَهَا

فَهَلْ مِنْ شَفِيْعٍ عِنْدَ لَيْلَى إِلَى الكَرَى

لَعَلِّي إِذَا مَا نِمْتُ أَلْقَى خَيَالَهَا

يَقُوْلُوْنَ لِي صبْرًا عَلَى مَطلِ وَعْدِهَا

وَمَا وَعَدَتْ لَيْلَى فَأَشْكُو مَطَالهَا

وَمَا كَانَ ذَنْبِي غَيْر حِفْظِي عُهُوْدهَا

وَطَيّ هَوَاهَا واحْتِمَالِي دَلَالهَا

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ ابن سَرَاج القَارِّي:

يَا سَاكِنِي الدَّارَ حُلُوْلَا بِهَا

تُطْرِبهُمْ فِيْهَا النَّوَاقِيْسُ

قِيْسُوا لنَا القُرْبَ وَكَمْ بَيْنَهُ

وَبَيْنَ أَيَّامِ النَّوَى قِيْسُو

وَكَقَوْلِ الآخَر:

رَأَيْتُ يَحْيَى أَتَمَّ اللَّهُ نِعْمَتَهُ

يَأَتِي الَّذِي لَمْ يَأَتِهِ أَحَدُ

يَنْسَى الَّذِي كَانَ مِنْ مَعْرُوْفِهِ أَبَدًا

إِلَى الرِّجَالِ وَلَا يَنْسَى الَّذِي بَعدُ

_________

(1)

ديوانه ص 67.

(2)

ديوانه ص 126.

ص: 231

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وَكَقَوْلِ عُرْوَة بن أُذَيْنَةَ يَرْثِي أَخَاهُ بَكْرًا (1):

سَرَى هَمِّي وَهَمُّ المَرْءِ يَسْرِي

وَغَارَ النَّجْمُ إِلَّا قَيْدَ شِبْرِ

أُرَاقِبُ فِي المَجَرَّةِ كُلّ نجْمٍ

تَعَرَّضَ أَوْ عَلَى المَجْرَاةِ يَجْرِي

لِهَمٍّ مَا أَزَالُ بِهِ قَرِيْبًا

كَأَنَّ القَلْبَ أَوْطَنَ حَرَّ جَمْرِ

عَلَى بَكْرٍ أَخِي فَارَقْتُ بَكْرًا

وَأَيُّ العَيْشِ يَصْلحُ بَعْدَ بَكْرِ

وَكَقَوْلِ أَبِي الفَتْحِ البُسْتِيّ (2):

سَحْبَانُ مِنْ غَيْر مَالٍ بَاقِلٌ

حَصرٌ وَبَاقِلُ فِي ثَرَاءِ سَحْبَانُ

وَكَقَوْلِ أَبِي نُوَّاسٍ (3):

صَفْرَاءُ لَا تنزلُ الأَحْزَانُ سَاحَتَهَا

لَوْ مَسَّهَا حَجَرٌ مَسَّتْهُ سَرَّاءُ

وَكَقَوْلِ ابن سِنَانَ الخَفَاجِيّ:

مَا عَلَى الوَاشِيْنَ مِنْ حَرَجٍ

مِثْلُ مَابِي لَيْسَ يَنْكَتِمُ

زَعَمُوا أَنِّي أُحِبُّكُمُ

وَغَرَامِي فَوْقَ مَا زَعمُوا

وَكَقَوْلِ جَعْفَرُ بنُ شَمْسِ الخِلَافَةِ:

تمِيْدُ الأَرْضُ مِنْ خَوْفٍ

إِذَا مَا - عَلَى مَنَاكِبهَا تَمِيْدُ

وَلَهُ أَيْضًا:

فَتَى شَهِدَ الزَّمَانُ لَهُ بِفَضْلٍ

جَمِيْع العَالَمِيْنَ بِهِ شُهُوْدُ

وَلَوْ جَحَدُوا عُلَاهُ وَقَدْ

أَقَرَّتْ بِهِ الأعْدَاءُ. . . .

يُبِيْدُ بِجُوْدِهِ الحَاجَاتِ مِنَّا

وَذَاكَ الجُّوْدُ مِنْهُ لَا يَبِيْدُ

_________

(1)

الأغاني 8/ 333 - 334.

(2)

ديوانه ص 315.

(3)

ديوانه ص 6.

ص: 232

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= يَجُوْدُ وَلَا يَمِنُّ عَلَى المُرَجِّي

وَفِيْهِمْ مِنْ يَمِنُّ ودُّ

* * *

وَمِنْ التَّصْدِيْرِ وَرَدَّ العَجْزُ عَلَى الصَّدْرِ قَوْلُ جَرِيْرٍ (1):

سَقَى الرَّمْلَ جَوْنٌ مُسْتَهِلٌّ رَبَابُهُ

وَمَا ذَاكَ إِلَّا حبُّ مَنْ حَلَّ بِالرَّمْلِ

وَقَوْلُ عَامِرِ بن الطُّفَيْلِ (2):

وَكُنْتُ سَنَامًا تَامِكًا فِي فَزَارَةٍ

وَفِي كُلِّ حَيٍّ ذِرْوَةٌ وَسَنَامُ

التَّامِكُ: الصَّلْبُ الشَّدِيْدُ.

وَقَوْلُ ابن أَحْمَرَ (3):

تَغَمَّرْتُ مِنْهَا بَعْدَ مَا نَفَدَ الصِّبَى

وَلَمْ يَرْوَ مِنْ ذِي حَاجَةٍ مَنْ تَغَمَّرَا

وَقَوْلُ عَلِيّ بن جَبَلَةَ يَصِفُ فَرَسًا وَأَحْسَنَ (4):

مُضطَرِبٌ يَرْتَجُّ مِنْ أَقْطَارِهِ

كَالمَاءِ جَالَتْ فِيْهِ رِيْحٌ فَاضْطَرَبْ

إِذَا تَظِنَّيْنَا بِهِ صَدَّقنَا

وَإِنْ تَظُنِّي فَوْتَهُ العِيْرُ كَذَب

لَا يَبْلغُ الجهْدَ بِهِ رَاكِبُهْ

وَتَبْلُغُ العَيْنُ بِهِ حَيْثُ أَحَبْ

وَقَوْلُ الفَرَزْدَقِ (5):

تَصَرَّمَ عَنِّي وُدُّ بَكْر بنِ وَائِلٍ

وَمَا خِلْتُ بَاقِي وُدِّهَا يَتَصرَّمُ

قَوَايِصُ تَأْتِيْنِي وَيَحْتَقِرُوْنَهَا

وَقَدْ يَمْلأُ القَطْرُ الإِنَاءَ فَيَفْعَمِ

_________

(1)

ديوانه ص 948.

(2)

ديوانه ص 126.

(3)

ديوانه ص 79.

(4)

ديوانه ص 33.

(5)

ديوانه 2/ 195.

ص: 233

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وَقَوْلُ دِيْكِ الجِّنِّ (1):

أَنَا أُحْصِي فِيْكَ النُّجُوْمَ وَلَكِنْ

لِذُنُوْبِ الزَّمَانِ لَسْتُ بِمُحْصِ

أَخَذَهُ أَبُو القَاسَمِ الزَّاهِي فَقَالَ (2):

أُحْصِي عَلَى دَهْرِي الذُّنُوْبَ بِمُقْلَةٍ

لِدُمُوْعِهَا لَا أَمْلِكُ الإِحْصَاءَ

وَقَوْلُ حَاتِمٍ الطَّائِيِّ (3):

تَحَلَّم عَنِ الأُذْنَيْنِ وَاسْتَبْقِ وِدّهُمْ

وَلَنْ تَسْتَطِيْعَ الحِلْمَ حَتَّى تَحَلَّمَا

وَقَوْلُ الآخَرِ:

وَقَالُوا يَعِيْشُ المَرْءُ بَعْدَ حَبِيْبِهِ

يَعِيْشُ وَلَكِنْ سَلْهُ كِيْفَ يَعِيْشُ

وَقَوْلُ زُهَيْرٍ (4):

لَوْ كَانَ يَقْعُدُ فَوْقَ الشَّمْسِ مِنْ كَرَمٍ

قَوْمٌ بِأَوَّلِهِمْ أَوْ مَجْدِهِمْ قَعَدُوا

قَوْمٌ سِنَانٌ أَبُوْهُمْ حِيْنَ يَنْسِبُهُم

طَابُوا وَطَابَ مِنَ الأَوْلَادِ مَا وَلِدُوا

مُحَسَّدُوْنُ عَلَى مَا كان مِنْ نِعَمٍ

لَا يَنْزَعُ اللَّهُ مِنْهُمْ مَا لَهُ حُسَدُ

وَقَوْلُ سَلمِ الخَاسِرِ يَصِفُ جَيْشًا (5):

بِمُجْرٍ يَضِلُّ اللَّيْلُ فِي

حَجَرَاتِهِ سُرَادِقُهُ مِمَّا يَثيْرُ

نَشَرْنَ عَجَاجَ الأَرْضِ ثُمَّ طَوَيْنَهُ

فَمَا هُنَّ إِلَّا طَاوِيَاتٍ

قِيْلَ: سُئِلَ أَعْرَابِيٌّ عَنْ حِرْفَتِهِ فَقَالَ: إِذَا صفْتُ نَصَفْتُ وَإِذَا شَتَوْتُ فَتَوْتُ فَأَنَا

_________

(1)

يتيمة الدهر 1/ 391.

(2)

يتيمة الدهر 1/ 291.

(3)

ديوانه ص 237.

(4)

ديوانه ص 205.

(5)

لم ترد في ديوانه.

ص: 234

كَقَوْلِ أَبِي الفَرَجِ القَاسِمِ بنِ حَنْبَلٍ المُرِيِّ (1): [من الوافر]

وَلَوْ أَنَّ السَّمَاءَ دَنَتْ لِمَجْدٍ

وَمَكْرُمَةٍ دَنَتْ لَهُمُ السَّمَاءُ (2)

وَكَقَوْلِ آخَرَ: [من الطويل]

= نَاصِفٌ قَاتِي فِي جِمِيْعِ أَوْقَاتِي. نَصَفَ وَقَتَا إِذَا خَدَمَ.

* * *

وَكَقَوْلِ ابْنُ شَمْسِ الخِلَافَةِ:

كَمَلتَ كَمَالَ مَنْ لَا عَيْبَ فِيْهِ

كَفَاكَ اللَّهُ مِنْ عَيْنِ الكَمَالِ

وَكَقَوْلِ أَبِي نَصرِ بن نُبَاتَةَ (1):

--- أَهْلُهُ وَكُنْتَ جَدِيْرًا

أَنْ تُعِيْدَ كما تُبْدِي

* * *

وَمِنْ هَذَا البَابِ قَوْلُ مُحَمَّد بن العَبَّاسِ الطَّبَّرِيّ:

كَأَنَّ ظِبَاهُمُ اخْتَصَرَتْ طِرِيْقًا

إِلَى الأَرْوَاحِ وَهُوَ مَدًى بَعِيْدُ

غَدَا عُدَاوِهِم وَلَهُمْ بُنُوْدٌ

وَرَاحُوا فِي الرِّمَاحِ وَهُمْ بُنُوْدُ

وَقَوْلُ السّرِّيّ الكِنْدِي (2):

وَأَزْهَرَ كَاليَمَانِي العَضْبِ يَسْطُو

فَيَنْقَعُ غُلَّةَ العَضبِ اليَمَانِي

يُجَرِّدُهُ كَبَرْقِ الثَّغْرِ صَافٍ

وَيَغْمِدُهُ كَوَرْدِ الخَدِّ قَانِي

كَأَنَّ الضَّرْبَ عَوَّضَ شَفْرَتَيْهِ

بِمضاءِ الطَّبْعِ مَاءَ الأُرْجُوَانِ

غَمَدْتُ وَأَغْمَدْتُ وَاغْتَمَدْتُ السَّيْفَ وَالكُلِّ فَصِيْحٌ.

(1)

فِي زَفَرِ بنِ هَاشِمٍ بن مَسْعُود بن سَنَانٍ.

(2)

زهر الآداب 1/ 509.

_________

(1)

ديوانه ص 82.

(2)

ديوانه 2/ 713.

ص: 235