المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[خاتمة المقدمة] قَالَ العَبْدُ الضَّعِيْفُ الفَقِيرُ إِلَى رَحْمَة اللَّهِ تَعَالَى وَرضْوَانِهِ، - الدر الفريد وبيت القصيد - جـ ١

[محمد بن أيدمر]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة التحقيق

- ‌الدر الفريد وبيت القصيد

- ‌فَرادةُ الدر الفريد

- ‌محمَّد بن أيدمر

- ‌ثقافته وأدبه:

- ‌شاعريته وشعره:

- ‌الأشعار:

- ‌مؤلفاته:

- ‌مصادر ترجمته:

- ‌النسخة المعتمدة في التحقيق:

- ‌منهجي في التحقيق:

- ‌شكر وتقدير:

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌ضرُوْبِ الشِّعْرِ

- ‌وَالشِّعْرُ لَهُ أسْبَابٌ:

- ‌وَإِبْدَاعُ المَعْنَى

- ‌وَيَتْلُوْهُمَا أصْنَافُ البَدِيْعِ:

- ‌أَمَّا صِدْقُ التَّشبِيْهِ

- ‌وَمُشَاكَلَةُ التَّجْنِيْسِ

- ‌وَمُبَايَنَة التَّطْبِيْقِ

- ‌وَوُقُوْعُ التَّضْمِيْنِ

- ‌وَنُصُوْعُ التَّرْصِيْعِ

- ‌وَاتِّزَانُ التَّسْمِيْطِ

- ‌وَصِحَّةُ التَّقسِيْمِ

- ‌وَمُوَافَقَةُ التَّوْجِيْهِ

- ‌وَحِدَّةُ الاسْتِطْرَادُ:

- ‌وَحَلَاوَةُ الاسْتِعَارَةِ

- ‌وَلُطْفُ المَخْلَصِ:

- ‌وَنَظَافَةُ الحَشْوِ:

- ‌وَالتَّرْدِيْدِ وَالتَّصْدِيْرِ:

- ‌وَتَأكِيْدُ الاسْتِثْنَاءِ

- ‌وَكَمَالُ التَّتْمِيْمِ:

- ‌وَالإِيْغَالُ فِي التَّبْلِيْغِ:

- ‌وَالإِغْرَاقُ فِي الغُلُوِّ:

- ‌وَمُوَازَاةُ المُقَابَلَة:

- ‌وَسُهُوْلَةُ التَّسْهِيْمِ:

- ‌وَوُقُوْعُ الحَافِرِ عَلَى الحَافِرِ:

- ‌وَدِلَالَةُ التَّتْبِيْعِ

- ‌وَالوَحْيُ وَالإِشَارَةُ وَتَكرِيْرُهَا:

- ‌وَبَرَاعَةُ الابْتِدَاءِ:

- ‌وَأَمَّا تَمْكِيْنُ القَوَافِي:

- ‌وَالمُلَائَمَةُ بَيْنَ صَدْرِ البَيْتِ وَعَجُزِهِ

- ‌وَإِرْدَافُ البَيْتِ بِأَخِيْهِ

- ‌وَإشْبَاعُ المَعْنَى بِأَوْجَزِ لَفْظٍ، وَإبْرَازهُ فِي أحْسَنِ صِيْغَةٍ مِنَ البيانِ:

- ‌وَخَلُوْصُ السَّبْكِ:

- ‌وَلِلشَّاعِرِ أدَوَات لَا غِنَى لَهُ عَنْهَا

- ‌أَقْسَامُ الأَدَبِ

- ‌فَأَمَّا صِحَّةُ الانْتِقَادِ:

- ‌وَأَمَّا التَّمْيِيْزُ بَيْنَ المَدْحِ وَالشُّكْرِ

- ‌وَالفَصْلُ بَيْنَ الهَجْوِ وَالذَّمِّ

- ‌وَالبَوْنُ بَيْنَ الولَعِ وَالهَمْزِ

- ‌وَالتَّرْجِيْحُ بَيْنَ اللَّوْمِ وَالعَتَبِ

- ‌وَالفَرْقُ بَيْنَ الهَزِّ وَالاسْتِزَادَةِ

- ‌وَالتَّصَارفُ بَيْنَ التَّنَصُّلِ وَالاعْتِذَارِ

- ‌وَالحَدُّ بَيْنَ التَّقَاضِي وَالإِذْكَارِ

- ‌وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ أنْوَاع السَّرِقَاتٍ:

- ‌فَالسَّرِقَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ ضُرُوبٍ:

- ‌فَنَظْم المَنْثُوْرِ

- ‌وَإحْسَانُ الآخِذِ عَلَى المَأْخُوْذِ مِنْهُ، وَزِيَادَتُهُ عَلَيْهِ:

- ‌وَالشِّعْرُ المَحْدُوْدُ وَالمَجْدُوْدُ:

- ‌وَتَكَافُؤُ إحْسَانِ المُتَّبِع وَالمُبْتَدِعِ:

- ‌وَنَقْلُ المَعْنَى إِلَى غَيْرِهِ:

- ‌وَتَقَابُلُ النَّظَرِ فِي المَعْنَى إِلَى مِثْلِهِ:

- ‌وَالسَّلْبُ

- ‌وَالسَّلْخُ:

- ‌وَالالْتِقَاطُ وَالتَّلْفِيْقُ:

- ‌فَالخَلْعُ

- ‌وَالاصْطِرَافُ:

- ‌وَالإِغَارَةُ

- ‌وَالاجْتِلَابُ، وَالاسْتِلْحَاقُ:

- ‌وَالانْتِحَالُ

- ‌وَالإِنْحَالُ:

- ‌وَالمُرَافَدَةُ:

- ‌وَتَنَازُعُ الشَّاعِرَيْنِ فِي الشِّعْرِ

- ‌تَقْصِيْرُ المُتَّبعِ عِنْ إِحْسَانِ المُبْتَدِعِ، وَتَكَافُؤُ السَّارِقِ وَالسَّابِقِ فِي الإِسَاءةِ وَالتَّقْصِيْرِ

- ‌وَتَكَافُؤُ السَّارِقِ وَالسَّابِقِ فِي الإِسَاءةِ وَالتَقْصِيْرِ:

- ‌وَبَاقِي المَجَازَاتِ

- ‌الاسْتِعَارَاتُ المُسْتْكْرَهَةُ:

- ‌وَمَا اجْتَمَع فِيْهِ لِلشَّيْءِ الوَاحِدِ اسْمَانِ

- ‌وَمَا يُحْمَلُ الكَلَامُ فِيْهِ عَلَى المَعْنَى لَا عَلَى اللَّفْظِ

- ‌وَمَا لفظُهُ لَفْظُ الموجَبِ وَمَعْنَاهُ مَعْنَى النَّفْي

- ‌وَمَا يُخْبَرُ فِيْهِ عَنْ بَعْضِ الشَّيْءِ يُرَادُ بِهِ جَمِيْعُهُ

- ‌وَمَا يُعْطَفُ عَلَيْهِ الشَّيْءُ، وَلَيْسَ هُوَ مِثْلُهُ

- ‌وَالحَذْفُ

- ‌وَمَا جَاءَ مِنَ التَّقْدِيْمِ وَالتَّأْخِيْرِ

- ‌وَمَا يُحْذَفُ مِنْهُ المُضَافُ، فَيَقُوْمُ المُضَافُ إِلَيْهِ مَقَامَهُ

- ‌وَمَا فُرِّقَ فِيْهِ بينَ المُضَافِ وَالمُضَافِ إِلَيْهِ

- ‌وَمَا يُشَبَّهُ فِيْهِ الشَّيْءُ بِالشَّيْءِ، ثُمَّ يُجْعَلُ المُشَبَّهُ بِهِ هُوَ المُشَبَّهُ بِعَيْنِهِ

- ‌[خاتمة المقدمة]

الفصل: ‌ ‌[خاتمة المقدمة] قَالَ العَبْدُ الضَّعِيْفُ الفَقِيرُ إِلَى رَحْمَة اللَّهِ تَعَالَى وَرضْوَانِهِ،

[خاتمة المقدمة]

قَالَ العَبْدُ الضَّعِيْفُ الفَقِيرُ إِلَى رَحْمَة اللَّهِ تَعَالَى وَرضْوَانِهِ، المُسْتَغْفِرُ الَّلائِذُ المُسْتَجِيْرُ المُلْتَجِئ إِلَى عَفْوِهِ وَغُفْرَانِهِ، مُحَمَّدُ بن أيْدَمِرَ، كَاتِبُ هَذَا الكِتَابِ وَمُؤَلِّفُهُ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ وَلِوَالِدَيْهِ وَلِلْمُسْلِمِيْنَ، وَعَفَا عَنْهُمْ (1):

(1) السري الكندي:

سَوْفَ تَبْلَى يَدَايَ وَالخَطُّ بَاقٍ

مُسْتَنِيْر يَلُوْحُ فِي الأَوْرَاقِ

رَحَمَ اللَّهُ مَنْ دَعَا لِي بِعَفْوٍ

يَوْمَ جَمْعِ الوَرَى مِنَ الآفَاقِ

الخَلِيْلُ بن أَحْمَد رحمه الله (1):

كَتَبْتُ بِخَطِّي مَا تَرَى مِنْ دَفَاتِرِي

عَنِ النَّاسِ فِي عَصْرِي وَعَنْ كُلِّ غَابِرِ

خَلَّفْتها بَعْدِي لِغَيْرِي عَتِيْدَةً

سَتَجْنِي يَدَاهُ مِنْ ثِمَارِ الدَّفَاتِرِ

وَلَوْلَا عَزَائِي أَنَّهُ غَيْرُ خَالِدٍ

عَلَى الأرْضِ لاسْتَوْدَعْتُهَا فِي المَقَابِرِ

آخَرُ:

يَبْقَى الكِتَابُ وَيَبْلَى جِسْمُ صَاحِبِهِ

كَمْ قَدْ بَلَى فِي الثَّرَى مِنْ جِسْمِ خَطَّاطِ

آخَرُ:

يَبْقَى الكِتَابُ وَيَفْنَى الكَاتِبُوْنَ لَهُ

وَعَامِلُ الخَيْرِ يَلْقَى الخَيْرَ مَسْرُوْرَا

وَالمَشْهُوْرُ قَوْلُ الشَّاعِرِ (2):

وَمَا مِنْ كَاتِب إِلَّا سِتَبْقَى

كِتَابَتُهُ وَإِنْ بَلِيَتْ يَدَاهُ

فَلَا تَنْسَخْ بِخطِّكَ غَيْرَ شَيْءٍ

يَسُرُّكَ فِي العَوَاقِبِ أنْ تَرَاهُ

آخَرُ:

أَكْفِفْ يَمِيْنَكَ عَمَّا أَنْتَ كَاتِبُهُ

مِنَ المَسَاوِي فَمَا تَأْتِيْهِ مَسْطُوْرُ

_________

(1)

مجموع شعره ص 345.

(2)

محاضرات الأدباء 1/ 100.

ص: 491

لَمْ أَجْهَلْ قَوْلُ القَائِلِ: لَا يَزَالُ الرَّجُلُ فِي أَمَانٍ مِنْ عَقْلِهِ، وَسَلَامَةٍ فِي عِرْضِهِ حَتَّى يَقُوْلَ شِعْرًا، أَوْ يُؤَلِّفَ كِتَابًا (1)، فَحِيْنَئِذٍ عَنْدَ الإِمتحانِ يُكْرَمُ الرَّجُلُ أَوْ يُهَانُ.

(1) فِيْمَا قَالَهُ الشُّعَرَاءِ مِنْ وَصْفِ القَلَمِ وَتَعْبِيْرِهِ عَنْ الضَّمَائِرِ وَأَنَّهُ أَخْرَسٌ نَاطِقٌ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ مُحَمَّد بن أَحْمَد العَلَوِيّ المَعْرُوْفُ بِابْنِ طَبَاطَبَا:

أَخْرَسٌ يُنْسِيْكَ بِأَطْرَافِهِ

عنْ كُلِّ مَا شِئْتَ بِهِ مِنَ الأمرِ

وَيُرْوَى: أَخْرَسُ تُبْدِي لَكَ أَطْرَافُهُ

يُذْرِي عَلَى قِرْطَاسِهِ دَمْعَةً

يُبْدِي بِهَا السِّرَّ وَمَا يَدْرِي

كَعَاشِقٍ أَخْفَى هَوَاهُ وَقَدْ

نَمَّتْ عَلَيْهِ عَبْرَةٌ تَجْرِي (1)

آخَرُ (2):

أَجْرَيْتَ فَوْقَ صُدُوْرِ كُتبكَ دَامِعًا

يُبْكِيْهِ ضِحْكُ الفِكْرِ وَالأَوْهَامِ

مُسْتَعْجِمًا فَإِذَا اللَّوَاحِظُ تَرْجَمَتْ

عَنْهُ أَتَى بِفَصَاحَةِ اعْجَامِ

آخَرُ:

عَجِبْتُ لِذِي سِنَّيْنِ فِي المَاءِ نَبْتُهُ

لَهُ أَثَرٌ فِي كُلِّ مِصرٍ وَمَنْزِلِ

عَيٍّ إِذَا يُلْغَى فَصِيْحٍ إِذَا جَرَى

رَسُوْلٍ يُؤَدِّي قَوْلَهُ غَيْرِ مُرْسَلِ

يُعَبِّرُ عَمَّا قُلْتَهُ وَهُوَ أَخْرَسٌ

يُصيْبُ مَا يُرْمَى بِهِ كُلَّ مَقْتَلِ

آخَرُ:

نَوَاطِقُ إِلَّا أَنَّهُنَّ سَوَاكِتٌ

يُتَرْجِمْنَ غَيْبًا فِي الضَّمِيْرِ مُكَتِّمَا

وَتَجْهَلُ إِنْ خَاطَبْتَهَا كُلّ مَنْطِقٍ

وَتُصْبِحُ مِنْ لُقْمَانَ فِي النَّاسِ أَحْكَمَا

أَبُو سَعِيْدٍ بنُ بُوْقَةَ:

وَأَخْرَسَ نَاطِقٍ أَعْمَى

بَصِيْرٍ بَلِيْغٍ عِندَ مَنْطِقِهِ عَيِّ

_________

(1)

لمحمد بن أحمد الأصفهاني فِي الحماسة المغربية 2/ 788 - 789، ولمحمود بن الأحمد الأصفهاني في زهر الآداب 1/ 432.

(2)

لصالح بن عبد الملك بن صالح في أدب الكاتب للصولي 2/ 85.

ص: 492

وَمَا عَدَوْتُ أَنْ أَلَّفْتُ، فَاسْتَهْدَفْتُ. وَهَا أَنَا أَعْتَذِرُ إِلَى المُطَّلٍ فِيْمَا جَمَعْتُهُ، وَالوَاقِفِ عَلَى مَا اسْتَحْسَنْتُهُ فَسَطَّرْتُهُ مِنْ خَلَلٍ فِيْهِ إِنْ وَجَدَهُ، أَوْ زَلَلٍ لَمْ أَقْصِدْ تَعَمُّدَهُ. [من الرجز]

وَإِنْ تَجِدْ عَيْبًا فَسُدَّ الخَلَلَا

فَجَلَّ مَنْ لَا عَيْبَ فِيْهِ وَعَلَا

وَلَعَمْرِي إِنَّ المُؤَلِّفَ لَا يَأتِي إِلَّا بِمَا قَالَهُ الأوَّلُ، وَعَلَيْهِ فِيْمَا سَنَّ لَهُ المُعَوِّلُ. وَمِمَّا لَا رَيْبَ فِيْهِ أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الفُضَلَاءِ، وَأعْيَانِ الكُتَّابِ وَالأُدَبَاءِ، سَبَقُوا إِلَى تَرْصِيع مَا وَضَعُوْهُ، وَتَزْيِيْنِ مَا أَلَّفُوْهُ، وَجَمَعُوْهُ بِلُمَعٍ مِنْ جَوَاهِرِ الأَبْيَاتِ الأَفْرَادِ المُتَدَاوَيَةِ فِي التَّمَثُّلِ وَالاسْتِشْهَادِ. إِلَّا أَنَّهُمْ لَمَّا رَأُوا مَرَامَهَا بَعِيْدًا، وَتَحْصِيلَهَا صَعْبًا شَدِيْدًا، أَحْجَمُوا عَنِ الإِيْغَالِ فِي الإِكْثَارِ مِنْ إِثْبَاتِ أَبْيَاتِهَا، وَقَصَّرَتْ عَزَائِمُهُمْ عَنِ

= مَتَى تَرْعَفْ مَنَاخِرُهُ سَوَادًا

يُعَبِّرُ عَنْكَ بِالمَعْنَى المَضِيِّ

ابن أَبِي البَغل:

بِيَمِيْنِهِ قَلَمٌ يَخُطُّ بِحَدِّهِ

حِكَمًا تُفتِّحُ كُلّ قَلْبٍ أَبْكَمُ

فَإِذَا ثَلاثُ أَنَامِلٍ أَجْرَيْنَهُ

أرْزَى بِمِقْوَلِ وَائِلٍ وَبِأَكْثَمِ

آخَرُ (1):

وَأَجْوَفَ يَمْشِي عَلَى رَأْسِهِ

يَطِيْرُ حَثيْثًا عَلَى أَمْلَسِ

فَهِمْتُ بِآثَارِهِ مَا مَضَى

وَمَا هُوَ آتٍ وَلَمْ يَيْئَسِ

آخَرُ:

وَمُكَشَّفٍ سِرَّ الضَّمِيْر

بِلا مُعَانَاةِ السُّؤَالِ

بِلِسَانِهِ نَطْقُ الضَّمِيْرِ

وَحَلُّ عَقْدٍ أَوْ وِصَالِ

آخَرُ (2):

لَهُ تَرْجَمَانٌ مُطْرِقُ اللَّفْظِ أَخْرَسٌ

عَلَى حَذْوِ شِبْرٍ أَوْ يَزِيْدُ عَلَى شِبْرِ

إِذَا خَرَّ يَوْمًا سَاجِدًا عِنْدَ وَجْهِهِ

تَضَعْضَعَ أَصْحَابُ المُثَقَّفَةِ السُّمْرِ

_________

(1)

محاضرات الأدباء 1/ 113.

(2)

أدب الكاتب للصولي ص 78.

ص: 493

الانْتِهَاءِ إِلَى غَايَاتِهَا؛ لأَنَّهَا قَلِيْلَةٌ جِدًّا، مَعْدُوْمَةٌ مَعْدُوْدَةٌ عَدًّا، فَلَا تَكَادُ تُصَادُ إِلَّا فِي النَّادِرِ مِنْ أَلْفَاظِ الرِّجَالِ، وَآحَادِ الأمْثَالِ. فَأَمَّا أَنَا، فَإنَّنِي أَنْفَقْتُ فِي ابْتِغَائِهَا بِضْعَةً مِنَ أَيَّامِ العُمْرِ، وَأَنْفَذْتُ فِي إِحْصائِهَا، وَمِنْ جَرَّاهَا مُعْظَمَ الصَّبْرِ، وَرَجَوْتُ بِذَلِكَ جَزِيْلَ الأَجْرِ، وَجَمِيْلَ الذِّكْرِ، وَاسْتَخَرْتُ اللَّهَ جَلَّ اسْمُهُ، وَأَلَّفْتُ هَذَا الكِتَابِ، وَوَسَمْتُهُ بِكِتَابِ (الدُّرِّ الفَرِيْدِ وَبَيْتِ القَصِيْدِ)، وَأَرْسَلْتُ فِيْهِ عِشْرِيْنَ ألْفَ بَيْتٍ فَرْدٍ قَائِمٍ بِذَاتِهِ شَرُوْدٍ فَذٍّ (1)، مُحْكَمٍ مُحَرَّرٍ، مَضْبُوْطٍ مُنَقَّحٍ، مُحَكَّكٍ مُحْتَوٍ عَلَى الشُّرُوْطِ، فَصِيْحِ اللَّفْظِ، صحِيْحِ المَعْنَى، وَاقِعٍ التَّشْبِيْهِ، جَيِّدِ الكِنَايَةِ مُسْتَوْلٍ عَلَى أسَالِيْبِ الحُسْنِ وَالجَّمَالِ، مُشْتَمِلٍ عَلَى أَوْصَافِ التَّمَامِ وَالكَمَالِ، مُنْتَخَبٍ مُعَدٍّ لِمُبْتَغِيْهِ، قَابِلٍ لِكُلِّ مَعْنًى يُصاغُ فِيْهِ، وَقَفَيْتُهُ عَلَى حُرُوْفِ المِعْجَمِ اقْتِدَاءً بِمَنْ سَبَقَ مِنَ المُؤَلِّفِيْنَ، وَتَقَدَّمَ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ وَالأحَادِيْثِ، وَالطِّبِّ وَالتَّوَارِيْخِ. وَهُوَ أَنْ نُرَاعِي حُرُوْفَ أَوَّلِ الكَلِمَةِ مِنَ البَيْتِ المُفْرَدِ، فَنُورِدَهُ فِي بَابِهِ عَلَى تَرْتِيْبِ حُرُوْفِ اب ت ث فِي أَوَائِلِهَا؛ لِيَسْهُلَ طَرِيْقُ الطَّلَبِ عَلَى مُتَنَاوِلِهَا، ثُمَّ نُرُاعِي مَا يَتَرَتَّبُ مِنْ حُرُوْفِ البَيْتِ بَعْدَ ذَلِكَ حَرْفًا حَرْفًا، فَنُقَدِّمَ مَا هُوَ مُقَدَّمٌ مَا أَمْكَنَ حَذَرًا مِنَ التَّكْرَارِ؛ وَلِيُؤْمَنَ حَتَّى نَأْتِي عَلَى الأَبْوَابِ الثَّمَانِيَةِ وَالعِشْرِيْنَ عَلَى هَذَا النَّسَقِ المُبيْنِ؛ لأنَّ البَيْتَ قَلَّمَا يَقَعُ إلَيْنَا أبَدًا إِلَّا عَازِبًا، شَرُوْدًا مُفْرَدًا. وَلَا بُدَّ فِي إثْبَاتِهِ مِنْ ضَابِطٍ يَمْنَعُ مِنَ التَّكْرِيْرِ، فَرَتَّبْنَاهُ عَلَى هَذَا النِّظَام وَالتَّقْريْر، سوَى ثَلَاثَةِ أَحْرُفِ هُنَّ مِنْ بَابِ الأَلِفِ.

أحَدُهَا مَا أَوَّلُهُ: الحَمْدُ للَّهِ؛ فَإنَّا بَدَأْنَا بِهِ فِي صدُوْرِ الأَبْيَاتِ، وَنَسْتَفْتِحُ بِهِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الأَفْرَادِ السَّائِرَاتِ. وَذَلِكَ لِمَا وَقَعَ الاجْمَاعُ عَلَيْهِ مِنْ تَقْديْم الحَمْدِ فِي النُّطْقِ، وَكَمَا نُدِبَ إِلَيْهِ.

وَثَانِيْهُمَا ما أَوَّلُهُ: اللَّهُ جل جلاله؛ فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَ تِلْوَهُ، إِذْ كَانَ الحَمْدُ وَالشُّكْرُ كُلُّهُ لَهُ.

(1) الفَذُّ: الوَاحِدُ. يُقَالُ شَاةٌ مِفْذَاذٌ إِذَا وَلِدَتْ سَخْلًا وَاحِدًا وَلَا يُقَالُ نَاقَةٌ مَفْذَاذٌ لأَنَّهَا لَا تَلِدُ إِلَّا وَاحِدًا.

ص: 494

وَثَالِثُهَا مَا أَوَّلُهُ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ؛ فَإِنَّا سَنُوْرِدُهُ فِي آخِرِ الأَبْوَابِ، وَسَنَأْتِي بِهِ خَاتِمًا لأَبْيَاتِ هَذَا الكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَكُلُّ حَرْفٍ مِنْ هَذِهِ الحُرُوْفِ المُسْتَثْنَاةِ الثَّلَاثَةِ عَلَى انْفِرَادِهِ وَحِدَتِهِ يَجْرِي مَجْرَى غَيْرِهِ فِي تَزْييْبِ كُلِّ حَرْفٍ مِنْ أَوَّلِ الكَلِمَةِ مِنَ البَيْتِ فِي مَرْتَبَتِهِ، وما عَدَاهُ، فَهُوَ عَلَى مَا أَوْضَحَنَاهُ مِنْ قَبْلُ، وَشَرَحْنَاهُ، ثُمَّ جَعَلْنَاهُ أَبْوَابًا مَفْتُوْحَةً، وَفُصُوْلًا مَشْرُوْحَةً، وَأَعْلَامًا مَنْصُوْبَةً لَائِحَةً، وَسُبُلًا مَسْلوْكَةً وَاضِحَةً لَعَلَّ الَّذِي يَقِفُ عَلَيْهِ فِيْمَا بَعْدُ مِنْ فَضَلَاءِ النُّقَادِ إِذَا ظَفِرَ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الأَفْرَادُ، مِمَّا لَمْ يَرِدْ فِيْهِ، يُثْبتُهَا فِي أَبْوَابِهَا، كَمَا يَرْتَضِيْهِ، لأَنَّنِي لَا أَدَّعِي الإحَاطَةَ بِهَا كُلِّهَا وَالاحْتِوَاءَ عَلَىَ كُثْرِهَا وَقُلِّهَا؛ فَإنَّ أَنْفَاسَ النَّاسِ لَا يَأتِي عَلَيْهَا الحَصرُ، وَلَا يَنْفَدُ أَوْ يَنْفَدُ العَصْرُ. كِيْفَ وَالمَادَّةُ يَسِيْرَةٌ، وَالمَوَانِعُ كَثيْرَةٌ، وَالحَوَادِثُ قَارِعَةٌ، وَالأَوْقَاتُ مُنَازِعَةٌ، وَالعُمُرُ أقْصَرُ مِنْ إِنْفَادِهِ فِي تَتَبُّعِ ذَلِكَ وَارتيَادِهِ، فَإنْ أَصبْتُ، فَلِي مِنَ الإِحْمَادِ نَصِيْبٌ، وَإِنْ أَخْطَأْتُ، فَكُلّ مُجْتَهِدٍ مُصِيْبٌ. وَإلَى اللَّهِ الكَرِيْمِ أَرْغَبُ وَأَتَوَسَّلُ، وَبِهِ أَسْتَعِيْنُ وَعَلَيْهِ أَتَوَكَّلُ، وَإيَّاهُ سبحانه وتعالى أَسْأَلُ أَنْ يُوَفِّقَنَا لِمَرَاضِيْهِ، وَيُحَقِّقُ رَجَاءنَا الَّذِي نَحْنُ آخِذُوْن فِيْهِ، وَأنَّ لَا يُؤَاخِذَنَا بمَا نشغَلُ بِهِ الفِكْرَةَ، وَنَصرِفُ إِلَيْهِ الهِمَّةَ، مِمَّا غَيْرُهُ أَزْلَفُ لَدَيْهِ، وَأَزْكَى عَنْدهُ، وَأَقْرَبُ إِلَيْهِ، وَأنْ يَهْدِيْنَا لصَّوَابِ القَوْلِ وَالفِعَالِ، وَأَنْ يَتَوَلَّانَا فِي جَمِيعْ الأَحْوَالِ، إنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيْرٌ، وَبالإِجَابَةِ جَدِيْرٌ، وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الوَكِيْلُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ العَلِيِّ العَظِيْمِ (1).

(1) قَالَ ابْنُ الرُّوْمِيّ (1):

يَمْلأُ القَلْبَ صَامِتًا وَتَرَاهُ

يَمْلأُ القَلْبَ سَائِلًا وَمُجِيْبَا

إِنْ قَضَى طَبَّقَ المَفَاصلَ أَوْ

سَاءَلَ أَعْيَا أَوْ قَالَ قَالَ مُصيْبَا

وَلأبِي تَمَّامٍ فِي قَرِيْبٍ مِنْهُ (2):

_________

(1)

ديوانه 1/ 239.

(2)

ديوانه 2/ 254.

ص: 495

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ثبتُ الخِطَابِ إِذَا اصْطَكَّتْ بِمُظْلِمَةٍ

فِي رِحْلَةِ أَلْسُنِ الأَقْوَامِ وَالرُّكَبِ

لَا المَنْطِقُ اللَّغْوِ يَزْكُو فِي مُقَاوِمِهِ

يَوْمًا وَلَا حُجَّةُ المَلْهُوْفِ تُسْتَلَبُ

وَقَالَ حَسَّانُ بن ثَابِتٍ فِي عَبْدِ اللَّهِ بن العَبَّاسِ (1):

إِذَا قَالَ لَمْ يَتْرِكْ مَقَالًا لِقَائِلٍ

بِمُلْتَقَطَاتٍ لَا تَرَى بِيْنَهَا فَصْلَا

يَقُوْلُ كَلَامًا لَا يَقُوْلُوْنَ مِثْلَهُ

كَنَحْتِ الصَّفَا لَمْ يُبْقِ فِي غَايَةٍ فَضْلَا

كَفَى وَشَفَى مَا فِي النُّفُوْسِ فَلَمْ يَدَعْ

لِذِي رَايَةٍ فِي القَوْلِ جدًّا وَلَا هَزْلَا

صَفْوَانُ:

مُلَقَّن مُلْهَمٌ فِيْمَا يُحَاوِلُهُ

جَمٌّ خَوَاطِرُهُ جَوَّابُ. . . . .

_________

(1)

ديوانه (حسنين) ص 246.

ص: 496