المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌وَنَظَافَةُ الحَشْوِ: هَذَا بَابٌ لَطِيْفٌ جِدًا، لَا يَتَيَقَّظُ لَهُ إِلَّا مَنْ - الدر الفريد وبيت القصيد - جـ ١

[محمد بن أيدمر]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة التحقيق

- ‌الدر الفريد وبيت القصيد

- ‌فَرادةُ الدر الفريد

- ‌محمَّد بن أيدمر

- ‌ثقافته وأدبه:

- ‌شاعريته وشعره:

- ‌الأشعار:

- ‌مؤلفاته:

- ‌مصادر ترجمته:

- ‌النسخة المعتمدة في التحقيق:

- ‌منهجي في التحقيق:

- ‌شكر وتقدير:

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌ضرُوْبِ الشِّعْرِ

- ‌وَالشِّعْرُ لَهُ أسْبَابٌ:

- ‌وَإِبْدَاعُ المَعْنَى

- ‌وَيَتْلُوْهُمَا أصْنَافُ البَدِيْعِ:

- ‌أَمَّا صِدْقُ التَّشبِيْهِ

- ‌وَمُشَاكَلَةُ التَّجْنِيْسِ

- ‌وَمُبَايَنَة التَّطْبِيْقِ

- ‌وَوُقُوْعُ التَّضْمِيْنِ

- ‌وَنُصُوْعُ التَّرْصِيْعِ

- ‌وَاتِّزَانُ التَّسْمِيْطِ

- ‌وَصِحَّةُ التَّقسِيْمِ

- ‌وَمُوَافَقَةُ التَّوْجِيْهِ

- ‌وَحِدَّةُ الاسْتِطْرَادُ:

- ‌وَحَلَاوَةُ الاسْتِعَارَةِ

- ‌وَلُطْفُ المَخْلَصِ:

- ‌وَنَظَافَةُ الحَشْوِ:

- ‌وَالتَّرْدِيْدِ وَالتَّصْدِيْرِ:

- ‌وَتَأكِيْدُ الاسْتِثْنَاءِ

- ‌وَكَمَالُ التَّتْمِيْمِ:

- ‌وَالإِيْغَالُ فِي التَّبْلِيْغِ:

- ‌وَالإِغْرَاقُ فِي الغُلُوِّ:

- ‌وَمُوَازَاةُ المُقَابَلَة:

- ‌وَسُهُوْلَةُ التَّسْهِيْمِ:

- ‌وَوُقُوْعُ الحَافِرِ عَلَى الحَافِرِ:

- ‌وَدِلَالَةُ التَّتْبِيْعِ

- ‌وَالوَحْيُ وَالإِشَارَةُ وَتَكرِيْرُهَا:

- ‌وَبَرَاعَةُ الابْتِدَاءِ:

- ‌وَأَمَّا تَمْكِيْنُ القَوَافِي:

- ‌وَالمُلَائَمَةُ بَيْنَ صَدْرِ البَيْتِ وَعَجُزِهِ

- ‌وَإِرْدَافُ البَيْتِ بِأَخِيْهِ

- ‌وَإشْبَاعُ المَعْنَى بِأَوْجَزِ لَفْظٍ، وَإبْرَازهُ فِي أحْسَنِ صِيْغَةٍ مِنَ البيانِ:

- ‌وَخَلُوْصُ السَّبْكِ:

- ‌وَلِلشَّاعِرِ أدَوَات لَا غِنَى لَهُ عَنْهَا

- ‌أَقْسَامُ الأَدَبِ

- ‌فَأَمَّا صِحَّةُ الانْتِقَادِ:

- ‌وَأَمَّا التَّمْيِيْزُ بَيْنَ المَدْحِ وَالشُّكْرِ

- ‌وَالفَصْلُ بَيْنَ الهَجْوِ وَالذَّمِّ

- ‌وَالبَوْنُ بَيْنَ الولَعِ وَالهَمْزِ

- ‌وَالتَّرْجِيْحُ بَيْنَ اللَّوْمِ وَالعَتَبِ

- ‌وَالفَرْقُ بَيْنَ الهَزِّ وَالاسْتِزَادَةِ

- ‌وَالتَّصَارفُ بَيْنَ التَّنَصُّلِ وَالاعْتِذَارِ

- ‌وَالحَدُّ بَيْنَ التَّقَاضِي وَالإِذْكَارِ

- ‌وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ أنْوَاع السَّرِقَاتٍ:

- ‌فَالسَّرِقَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ ضُرُوبٍ:

- ‌فَنَظْم المَنْثُوْرِ

- ‌وَإحْسَانُ الآخِذِ عَلَى المَأْخُوْذِ مِنْهُ، وَزِيَادَتُهُ عَلَيْهِ:

- ‌وَالشِّعْرُ المَحْدُوْدُ وَالمَجْدُوْدُ:

- ‌وَتَكَافُؤُ إحْسَانِ المُتَّبِع وَالمُبْتَدِعِ:

- ‌وَنَقْلُ المَعْنَى إِلَى غَيْرِهِ:

- ‌وَتَقَابُلُ النَّظَرِ فِي المَعْنَى إِلَى مِثْلِهِ:

- ‌وَالسَّلْبُ

- ‌وَالسَّلْخُ:

- ‌وَالالْتِقَاطُ وَالتَّلْفِيْقُ:

- ‌فَالخَلْعُ

- ‌وَالاصْطِرَافُ:

- ‌وَالإِغَارَةُ

- ‌وَالاجْتِلَابُ، وَالاسْتِلْحَاقُ:

- ‌وَالانْتِحَالُ

- ‌وَالإِنْحَالُ:

- ‌وَالمُرَافَدَةُ:

- ‌وَتَنَازُعُ الشَّاعِرَيْنِ فِي الشِّعْرِ

- ‌تَقْصِيْرُ المُتَّبعِ عِنْ إِحْسَانِ المُبْتَدِعِ، وَتَكَافُؤُ السَّارِقِ وَالسَّابِقِ فِي الإِسَاءةِ وَالتَّقْصِيْرِ

- ‌وَتَكَافُؤُ السَّارِقِ وَالسَّابِقِ فِي الإِسَاءةِ وَالتَقْصِيْرِ:

- ‌وَبَاقِي المَجَازَاتِ

- ‌الاسْتِعَارَاتُ المُسْتْكْرَهَةُ:

- ‌وَمَا اجْتَمَع فِيْهِ لِلشَّيْءِ الوَاحِدِ اسْمَانِ

- ‌وَمَا يُحْمَلُ الكَلَامُ فِيْهِ عَلَى المَعْنَى لَا عَلَى اللَّفْظِ

- ‌وَمَا لفظُهُ لَفْظُ الموجَبِ وَمَعْنَاهُ مَعْنَى النَّفْي

- ‌وَمَا يُخْبَرُ فِيْهِ عَنْ بَعْضِ الشَّيْءِ يُرَادُ بِهِ جَمِيْعُهُ

- ‌وَمَا يُعْطَفُ عَلَيْهِ الشَّيْءُ، وَلَيْسَ هُوَ مِثْلُهُ

- ‌وَالحَذْفُ

- ‌وَمَا جَاءَ مِنَ التَّقْدِيْمِ وَالتَّأْخِيْرِ

- ‌وَمَا يُحْذَفُ مِنْهُ المُضَافُ، فَيَقُوْمُ المُضَافُ إِلَيْهِ مَقَامَهُ

- ‌وَمَا فُرِّقَ فِيْهِ بينَ المُضَافِ وَالمُضَافِ إِلَيْهِ

- ‌وَمَا يُشَبَّهُ فِيْهِ الشَّيْءُ بِالشَّيْءِ، ثُمَّ يُجْعَلُ المُشَبَّهُ بِهِ هُوَ المُشَبَّهُ بِعَيْنِهِ

- ‌[خاتمة المقدمة]

الفصل: ‌ ‌وَنَظَافَةُ الحَشْوِ: هَذَا بَابٌ لَطِيْفٌ جِدًا، لَا يَتَيَقَّظُ لَهُ إِلَّا مَنْ

‌وَنَظَافَةُ الحَشْوِ:

هَذَا بَابٌ لَطِيْفٌ جِدًا، لَا يَتَيَقَّظُ لَهُ إِلَّا مَنْ شَفَّ جَوْهَرُهُ، وَتَوَقَّدَتْ قَرِيْحَتُهُ، وَغَزُرَتْ مَادَّتُهُ، وَكَانَ طَبًّا بِمَجَارِي الكَلَامِ، عَارِفًا بِأسْرَارِ الشِّعْرِ، مُتَصَرِّفًا فِي أَفَانِيْنِهِ، عَالِمًا بِقَوَانِيْنِهِ.

فَالحَشْوُ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أحَدُهُمَا: يُسَمَّى الالْتِفَاتُ، وَيُسَمِّيْهِ قَوْمٌ الاعْتِرَاضِ، وَهُوَ أَنْ يَكُوْنَ الشَّاعِرُ آخِذًا فِي مَعْنًى، فَيَعْدِل عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ قَبْلَ إتْمَامِ الأوَّلِ، ثُمَّ يَعُوْدَ إِلَيْهِ فَيُتَمِّمَهُ، فَيَكُوْنِ مَا عَدَلَ إِلَيْهِ مُبَالَغَةً فِي المَعْنَى الأوَّلِ، وَزِيَادَةً فِي حُسْنِهِ حَتَّى رُبَّمَا نَقَصَ رَوْنَقُ الكَلَامِ وَالمَعْنَى بِفَقْدِهِ، وَهُوَ دُوْنَ دَرَجَةِ التَّتْمِيْمِ الآتِي ذِكْرُهُ فِيْمَا بَعْدُ.

وَقَرِيْبٌ مِنْهُ كَقَوْلِ النَّابِغَةِ الذُّبْيَانِيِّ (1): [من الوافر]

ألَا زَعِمَتْ بَنُو عَبْسٍ بِأنِّي

ألَا كَذَبُوا كَبِيْرُ السِّنِّ فَانِي

فَقَوْلُهُ: ألَا كَذَبُوا اعْتِرَاضٌ بَيْنَ أوَّلِ الكَلَامِ وَآخِرِهِ، وَفِيْهِ زِيَادَةُ مُبَالَغَةٍ لَمَا أرَادَهُ.

= وَأَوَلُ هَذِهِ الأَبْيَاتِ:

عُوْجُوا فَحَيُّوا لنعمٍ دُمْنَةَ الدَّارِ

مَاذَا تُحَيُّوْنَ مِنْ نُؤْيِ وَأَحْجَارِ

يَقُوْلُ مِنْهَا:

فَمَا وَجَدْتُ بِهَا شَيْئًا أَعِجُّ بِهِ

إِلَّا الثَّمَامَ وَإِلَّا مَوْقِدَ النَّارِ

وَقَدْ أَرَانِي وَنعْمًا لَاهِبيْنَ بِهِ فِي الدَّهْرِ

وَالعَيْشِ لَمْ يَهْمم بِإِمْرَارِ

أَيَّامَ تُعْجِبُنِي نعمٌ وَأُخْبرُهَا مَا

أَكْتَمَ النَّاسُ مِنْ حَاجِي وَأَسْرَارِي

لَوْلَا حَبَائِلَ مِنْ نعمٍ عَلِقْتُ بِهَا

لأَقْصَرَ القَلْبُ مِنِّي أَيُّ إِقْصَارِ

أُنْبِئْتُ نُعْمًا عَلَى الهِجْرَانِ عَاتِبَةً

سَقْيًا وَرَعْيًا لِذَاكَ العَاتِبِ الزَّارِي

إِذَا تَغَنَّى الحَمَامُ الوُرْقُ ذَكَّرَنِي

وَلَوْ تَغَرَّبَتْ عَنْهَا أُمُّ عَمَّارِ

(1)

البيت للنابغة الجعدي في ديوانه ص 126 وليس للذبياني، وهذا وهم من المؤلف.

ص: 220

وَيَجْرِي هَذَا المَجْرَى قَوْلُ أَبِي الطَّيِّبِ المَتَنَبِّيُّ (1): [من الطويل]

(1) أَبُو الطَّيِّبُ المُتَنَبِّيّ مَوْلدُهُ بِالكُوْفَةِ فِي كِنْدَةَ سَنَة ثَلَاثِ وَثَلَاثِمِائَةَ، ثُمَّ سَافَرَ أَبُوْهُ إِلَى الشَّامِ وَلَمْ يَزَلْ يَنْقُلُهُ مِنْ بَادِيَتِهَا إِلَى حَضرِهَا وَيُرَدِّدُهُ بَيْنَ مَوَاطِنِ الأَدَبِ وَقَبَائِلِ العَرَبِ حَتَّى تَوَفَّى أَبُوْهُ وَقَدْ تَرَعْرَعَ أَبُو الطَّيِّبِ وَشعرَ وَبَرَعَ وَكَاَنَتْ لَهُ هِمَّةٌ فَبَلَغَ مِنْ عُلُوِّ هِمَّتِهِ أَنْ دَعَا قَوْمًا بَيْعَتِهِ مِنْ عَلَى حَدَاثَةِ سِنَّهِ وَحِيْنَ كَادَ يَتِمُّ لَهُ أَمْرُهُ وَصَلَ الخَبَرُ إِلَى البَلَدِ وِعَرَفَ مَا هُمْ بِهِ مِنَ الخُرُوْجِ فَأَمَرَ بِحَبْسِهِ وَتَقْيِيْدِهِ فَاسْتَعْطَفَهُ أَبُو الطَّيِّبِ وَقَالَ فِيْهِ أَشْعَارًا فَخَلَّى سَبِيْلَهُ.

وَيُقَالُ أَنَّهُ تَنَبَّأَ فِي صِبَاهُ وَفَتَن شرْذِمَةٌ مِنَ النَّاسِ بِقُوَّةِ أَدَبِهِ وَحُسْنِ كَلَامِهِ وَقَالَ أَبُو الفَتْحِ عُثْمَان بن جِنِّي: سَمِعْتُ أَبَا الطَّيِّبِ يَقُوْلُ إِنَّمَا لُقِبْتُ بِالمُتَنَبِّيّ لِقَوْلي (1):

أَنَا تِرْبُ النَّدَى وَرَبُّ القَوَافِي

وَسِمَامُ العِدَى وَغَيْظُ الحَسُوْدِ

أَنَا فِي أُمَّةٍ تَدَارَكَهَا اللَّهُ

غَرِيْبٌ كَصَالِحٍ فِي ثَمُوْدِ

مَا مَقَامِي بَأَرْضِ نَحْلَةَ إِلَّا

كَمَقَامِ المَسِيْحِ بَيْنَ اليَهُوْدِ

فَهُوَ كُوْفِيُّ المَوْلدِ شَامِيُّ المَنْشَأِ وبِهَا تَخَرَّجَ وَهُوَ شَاعِرُ سَيْفُ الدَّوْلَةِ بنش حَمْدَانَ وَالمَنْسُوْبِ إِلَيْهِ وَهُوَ الَّذِي رَفَعَ مِنْ قَدْرِهِ وَنَوَّهَ بِذِكْرِهِ وَأَلْقَى عَلَيْهِ شُعَاعَ سَعَادَتِهِ وَضمَّهُ إِلَى سُؤْدَدِ سَيَادَتِهِ وَقَدْ كَانَ قَبْلَ اتِّصالِهِ بِسَيْفِ الدَّوْلَةِ يَمْدَحُ القَرِيْبَ وَالغَرِيْبَ وَيَصْطَادُ الكَرْكِيَّ وَالعَنْدَلِيْبَ.

قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: وَلَمَّا قَدِمَ أَبُو الطَّيِّبِ مِنْ مِصْرَ إِلَى بَغْدَادَ تَرَفَّعَ عَنْ مَدْحِ الوَزِيْرِ المُهَلَّبِيّ ذهَابًا بِنَفْسِهِ عَنْ مَدْحِ غَيْرِ المُلُوْكِ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى المُهَلَّبِيّ فَأَغْرَى بِهِ شُعَرَاءَ بَغْدَادَ حَتَّى نَالُوا مِنْ عِرْضِهِ وَتَبَارُوا فِي هِجَائِهِ مِنْهُمْ ابْنُ الحَجَّاجِ وابنُ سُكَّرَةَ وَالحَاتِمِيّ وَأَسْمَعُوْهُ غَلِيْظ مَا يَكْرَهُ وَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا الحَسَنِ ابنَ لَنْكَكَ البَصْرِيَّ وَكَانَ حَاسِدًا لِلْمُتَنَبِّيِّ مُهَاجِيًا لَهُ زَاعِمًا أَنَّ أَبَاهُ كَان سَقَّاءً بِالكُوْفَةِ فَشَمَتَ بِهِ ثُمَّ إِنَّ المُتَنَبِّيّ فَارَقَ بَغْدَادَ تَحْتَ اللَّيْلِ مُتَوَجَّهًا إِلَى أَبِي الفَضْلِ بنِ العَمِيْدِ فَلَمَّا وَرَدَ عَلَيْهِ - مَوْرِدَهُ وَلَمَّا وَصَلَ إِلَى أَصْبَهَانَ طَمِعَ الصَّاحِبُ بنُ عَبَّادِ فِي زِيَارَةِ المُتَنَبِّيّ إيَّاهُ وَإِجْرَائِهِ لَهُ مَجْرَى مَقْصُوْدٍ بِهِ مِنْ رُؤَسَاءِ

_________

(1)

ديوانه 1/ 319 - 323 - 324.

ص: 221

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الزَّمَانِ وَهُوَ إِذْ ذَاكَ شَابٌ وَلَمْ يَكُنْ اسْتُوْزِرَ بَعْدُ فَكَتَبَ إِلَيْهِ يُلَاطِفُهُ فِي اسْتِدْعَائِهِ وَيَضْمَنُ لَهُ مُشَاطَرَتَهُ جِمِيع مَالِهِ فَلَمْ يَلتفِتْ المُتَنَبِّيّ إِلَيْهِ وَلَا أَجَابَهُ عَنْ كِتَابِهِ فَاتَّخَذَهُ الصَّاحِبُ غَرَضًا يَرْشُقُهُ بِسِهَامِ الوَقِيْعَةِ وَيَتْبَعُ سَقَطَاتِهِ فِي شِعْرِهِ وَهَفَوَاتِهِ فِي نَظْمِهِ وَنَثْرِهِ وَقَصَدَ المُتَنَبِّيّ حَضْرَةَ عَضدُ الدَّوْلَةِ شِيْرَازَ فَلَمَّا أَنْجَحَتْ سَفْرَتَهُ وَرَبِحَتْ تِجَارَتَهُ بِحَضرَةِ عَضدُ الدَّوْلَةِ وَوَصَلَ إِلَيْهِ مِنْ صِلَاتِهِ أَكْثَرَ أَلْفِ دِرْهَمٍ اسْتَأْذَنَهُ فِي المَسِيْرِ عَنْهَا لِيَقْضي حَوَائِجَهُ ثُمَّ يَعُوْدُ إِلَيْهَا فَأَذِنَ لَهُ وَأَمَرَ أَنْ يُخْلَعَ عَلَيْهِ وَتُعَادُ إِلَيْهِ الجِّمَالُ الخَاصَّةُ وَتُعَادُ صَلَتَهُ بالمَالِ الكَثيْرِ فَامْتُثِلَ لِذَلِكَ.

وَأَنْشَدَهُ أَبُو الطَّيِّبِ الكَافِيَّةِ الَّتِي هِيَ آخِرُ مَا قَالَ وَفِي غُضوْنهَا مَا جَرَى عَلَى لِسَانِهِ كَأَنَّهُ يِنْعِي فِيْهِ نَفْسَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِد ذَلِكَ فَمِنْهَا قَوْلهُ (1):

فَلَو أَنَّ اسْتَطَعْتُ خَفَضْتُ طَرفِي

فَلَمْ أُبْصرْ بِهِ حَتَّى أَرَاكَا

وَهَذِهِ لَفْظَةٌ يَتَطَيَّرُ بِهَا.

إِذَا التَّوْدِيْعُ أَعْرَضَ قَالَ قَلْبِي

عَلَيْكَ الصَّمْتُ لا صَاحَبْت فَاكَا

وَهَذَا أَيْضًا مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ:

قَدْ اسْتَشْفَيْتَ مِنْ دَاءٍ بِدَاءٍ

وَأَقْتَلُ مَا أَعَلَّكَ مَا شَفَاكَا

يقول له قُدُوْمِي ذا بِذَاكَا.

الثويِّة مِنَ الكُوْفَةِ وَقَالَ قدُوْمِي وَلَمْ يَقُل إِنْشَاءَ اللَّهُ وَقَالَ:

إِذَا اشْتَبَكَتْ دُمُوْعٌ فِي خُدُوْدٍ

تَبَيَّنَ مَنْ بَكَى مِمَّنْ تَبَاكَى

وَهَذَا مِنْ ذَاكَ أَيْضًا وَفِي آخِرِ القَصيْدَةِ قَوْلَهُ:

وَأَيًّا شِئْتِ يَا طُرُقِي فَكُوْنِي

أَذَاةً أَوْ نَجَاةً أَوْ هَلَاكَا

جَعَل قَافِيَةَ البَيْتِ

_________

(1)

ديوانه 2/ 385.

ص: 222

وَتَحْتَقِرُ الدُّنْيَا احْتِقَارَ مُجَرِّبٍ

يَرَى كُلَّ مَا فِيْهَا وَحَاشَاكَ فَانِيَا (1)

= ومهلكه عَضدُ الدَّوْلَةِ خَرَجَ عَلَيْهِ سَرِيَّةٌ بَيْنَ الأَعْرَابِ فَحَارَبَهُمْ فَقُتِلَ هو وَابْنهُ وَنَفَرٌ مِنْ غُلْمَانِهِ وَفَازَ الأَعْرَابُ بِأَمْوَالِهِ.

(1)

يَقَوْلُ المُتَنَبِّيّ: (تَرَى كُلَّ مَا فِيْهَا وَحَاشَاكَ فَانِيَا) حَشْوٌ حَسَنٌ وَكَانَ جَمَاعَةٌ مِنَ المُعْجَبِيْنَ بِشِعْرِ أَبِي الطَّيِّبِ إِذَا مَرَّ بِهِمْ هَذَا البَيْتُ قي مُذَاكَرَتِهِمْ يَقُوْلُوْنَ هَذَا حَشْوُ القَطَائِف.

وَأَمَّا قَوْلُ الحِصْنِي: (حَللتَ مِنَ القُلُوْبِ وَأَنْتَ أَهْلٌ) فَقَوْلهُ: (وَأَنْتَ أَهْلٌ) حَشْوٌ لِطِيْفٌ جِدًّا، وَحَشْوُ القَطَائِفِ حَقًا.

وَمِنَ الاعْتِرَاضِ وَالالْتِفَاتِ قَوْلُ الآخَر (1):

فَإِنِّي إِنْ أَفُتْكَ يَفُتْكَ مِنِّي

فَلَا تُسْبَق بِهِ عِلْقٌ نَفِيْسُ

فَقَوْلَهُ لَا تَسْبَق بِهِ اعْتِرَاضٌ حَسَنٌ فِي مَوْضِعِهِ وِمِنَ الحَشْوِ المُسْتَطَابِ. قَوْلُ الآخَر وَهُوَ عَوْفُ بن مُحْلمَ - يُخَاطِبُ عَبْدُ اللَّهِ بنِ طَاهِرٍ:

إِنَّ الثَّمَانِيْنَ وَبُلغْتُهَا

قَدْ أَحْوَجَتْ سَمعِي إِلَى تَرْجمَانِ

فَقَوْلهُ: وَبُلِّغْتَهَا مِنْ أَلْطَفِ الحَشْوِ وَأَحْسَنِهِ.

وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ عَوْفًا دَخَلَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ فَلَمْ يَسْمَع فَأُعْلِمَ بِذَلِكَ فَزَعَمُوا أَنَّهُ ارْتَجَل هَذِهِ الأَبْيَاتِ فَأَنْشَدَه (2):

يَا ابْنَ الَّذِي دَانَ لَهُ المَشْرِقَانِ

وأنبسَ العَدْلُ بِهِ المَغْرِبَانِ

إِنَّ الثَّمَانِيْنَ وَبُلِّغتُهَا

قَدْ أَحْوَجَتْ سَمعِي إِلَى تَرْجمَانِ

وَبَدَّلَتْنِي بِالشِّظَاطِ الجَنَا

وَكُنْتُ كَالصُّعْدَةِ تَحْتَ السِّنَانِ

الشِّظَاطُ: اعْتِدَالُ القَامَةِ وَانْتِصابِهَا، والجَّنَاءُ: الحَدبُ.

وَبَدَّلَتْنِي مِنْ زِمَاعِ القَنَى

وهمتي هَمَّ الجَبَانِ الهِدَانِ

_________

(1)

البيت لعبد الرحيم بن عبد الملك في معيار النظار ص 107.

(2)

الأمالي 1/ 50 معاهد التنصيص 1/ 369.

ص: 223

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وَقَارَبَتْ مِنِّي خطَى لَمْ تَكُنْ

مُقَارِبَاتٌ وثبت مِنْ عِنَانِ

وَأَنشأت بيني وَبَيْنَ الوَرَى

عنانةً مِنْ غَيْرِ نَسْجِ العَنَانِ

وَلَمْ تَدَعْ فِيّ لِمُسْتَمِعٍ

إِلَّا لِسَانِي وَبِحَسبِي لِسَانِي

أَدْعُو بِهِ اللَّهَ وَأثْنِي عَلَى

الأَمِيْرِ المصعبيِّ الهِجَانِ

فقر بَأَنِّي بِأَبِي أَنْتُمَا

مِنْ وَطَنِي قَبْلَ اصْفِرَارِ البَنَانِ

وَقَبْل منعايَ إِلَى نُسْوَةٍ أَوْطَانُهَا حَرَّانُ وَالرَّقَّتَانِ.

سَتَبْقَى قُصُوْرُ الشاذياخ الحيا الحَيَا

بَعْدَ انْصِرَافِي وَقُصوْرَ المَبَانِي

فَكَمْ وَكَمْ لِي فِيْكَ دَعْوَةٌ

إِنْ تَتَخَطَّاكَ صُرُوْفُ الزَّمَانِ

وَمِنْ هَذَا البَابِ قَوْلُ كُثَيِّرٍ (1):

لَوْ أَنَّ البَاخِلِيْنَ وَأَنْتَ مِنْهُمْ

رَأَوْكَ تَعَلَّمُوا مِنْكَ المطَالَا

فَقَوْلهُ وَأَنْتَ مِنْهُمْ اعْتِرَاضٌ فِي كَلَامِهِ وَزِيَادَةٌ حَسَنَةٌ فِيْهِ قَبْلَ إِتْمَامِ مَا ابْتَدَأَ بِهِ. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ المُوْصلِّيّ (2) قَالَ لِي الأَصْمَعِيُّ أتَعْرِفُ الْتِفَاتَاتِ جَرِيْرٍ فَقُلْتُ لَا فَأَنْشَدَنِي قَوْلَهُ (3):

أَتَنْسَى إِنْ تُوَدِّعُنَا سُلَيْمَى

بِفَرْعِ بَشَامَةٍ سَقِيَ البَشَامِ

ثُمَّ قَالَ أَمَا تَرَاهُ مُقْبِلًا عَلَى شِعْرِهِ كَيْفَ الْتَفَتَ إِلَى البَشَامِ فَدَعَا لَهُ.

وَمِنَ الحَشْوِ المُسْتَطَابِ قَوْلُ المُتَنَبِّيّ (4):

صَلَّى الإِلَهُ عَلَيْكَ غَيْرَ مُوَدَّعٍ

وَسَقى ثَرَى أَبَوَيْكَ صَوْبُ غَمَامِ

_________

(1)

حلية المحاضرة 1/ 157 الصناعتين ص 5/ 410.

(2)

حلية المحاضرة 1/ 157 وفيه: إسحاق بن إبراهيم الموصلي.

(3)

ديوان جرير ص 279.

(4)

ديوانه 4/ 14.

ص: 224

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= غَيْرُ مُوَدَّعٍ حَشْوٌ وَلَكِنَّهُ حَشْوٌ حَسَنٌ وَقَوْلهُ أَيْضًا (1):

إِذَا خَلَتْ مِنْكَ حِمْصٌ لَا خَلَتْ أَبَدًا

فَلَا سَقَاهَا مِنَ الوَسْمِيِّ بَاكِرهُ

يَقْوْلُ لَا خَلَتْ أَبَدًا حَشْوٌ.

* * *

وَمِمَّا يُسْتَحْسَنُ مِنْ هَذَا البَابِ قَوْلُ أَبِي العَبّاسِ عَبْدِ اللَّهِ ابن المُعْتَزِّ عَلَى تَأَخُّرِهِ (2):

وَخَيْلٍ طَوَاهَا القَوْدُ حَتَّى كَأَنَّهَا

أَنابِيْبُ صُمٌّ مِنْ قَنَا الخَطِّ دُبَّلُ

صَبَبْنَا عَلَيْهَا ظَالِمِيْنَ سِيَاطَنَا

فَطَارَتْ بِهَا أَيْدٍ سِرَاعٌ وَأَرْجُلُ

فَانْظُر إِلَى قَوْلِهِ: ظَالِمِيْنَ مَا أَعْجَبَهَا وَأَعْذَبَ مَوْقِعِهَا وَأَجْمَعَهَا مِنْ غَيْرِ إِحْوَاجٍ إِلَيْهِ وَأَحْسَبُ أَبَا العَبَّاسِ نَظَرَ فِي هَذَا إِلَى قَوْلُ أَعْرَابِيٍّ قَدِيْمٍ (3):

وَعُوْدٌ قَلِيْلُ الذَّنْبِ عَاوَدْتُ ضَرْبَهُ

إِذَا هَاجَ شَوْقِي مِنْ مَعَاهِدَهَا ذِكْرُ

وَقُلْتُ لَهُ ذَلْفَاءُ وَيْحَكَ سَبَّبَتْ لَكَ

الضَّرْبَ فَاصْبِرْ إِنَّ عَادَتَكَ الصَّبْرُ

وَمِمَّا جَاءَ بِهِ الشَّاعِرُ حَشْوًا لِيَتِمَّ وَزْنُ الشِّعْرِ فَقَط قَوْلُ البُحْتُرِيِّ (4):

إِذَا نَضَوْنَ شُفُوْفَ الرَّيْطِ آوِنَةً

قَشَرْنَ عَنْ لُؤْلُؤِ البَحْرَيْنِ أَصْدَافَا

شَبَّهَ أَجْسَادَهُنَّ إِذَا خَلَعْنَ ثِيَابَهُنَّ بِلُؤْلُؤٍ قُشِّرَ عَنْهُ الصدَفَ فَتَمَّ مَعْنَى البَيْتِ وَلَمْ يَتِمَّ وَزْنُهُ فَجَاءَ بِذِكْرِ البَحْرَبْتِ حَشْوًا لَوْ تَرَكَهُ لاسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِهِ.

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ دِيْكِ الجِّنِّ يَصِفُ الخَمْرَةَ (5):

فَتنَفَّسَتْ فِي البَيْتِ إِذْ مُزِجَتْ

بِالمَاءِ وَاسْتَلَّتْ سَنَا اللَّهَبِ

_________

(1)

ديوانه 2/ 119.

(2)

ديوانه 1/ 282.

(3)

حلية المحاضرة 1/ 85، المنصف ص 75، شرح مقامات الحريري 3/ 145.

(4)

ديوانه 3/ 1380.

(5)

ديوانه ص 209.

ص: 225

فَقَوْلُهُ (وَحَاشَاكَ) الْتِفَاتٌ وَحَشْوٌ حَسَنٌ وكَقَوْلِ الحِصْنِيِّ: [من الوافر]

حَلَلْتَ مِنَ القُلُوْبِ وَأَنْتَ أَهْلٌ

لِذَاكَ مَحَلَّ حَبَّاتِ القُلُوبِ

وَالضَّرْبُ الآخَرُ هُوَ أَنْ يَأتِي الشَّاعِرُ فِي البَيْتِ بِمَعْنًى يَكْمُلُ فِي بَعْضِ لَفْظِهِ، وَيَحْتَاجُ إِلَى إتْمَامِ نَظْمِ البَيْتِ بِلَفْظَةٍ، أَوْ لَفْظَتَيْنِ حَتَّى يَصحَّ وَزْنُهُ، وَيَلْحَقَ بِعَرُوْضهِ، فَيُسَمَّى مَا يُتَمَّمُ بِهِ البَيْتُ حَشْوًا؛ لأَنَّ المَعْنَى قَدِ اسْتَكْفَى مِنَ اللَّفْظِ وَصَارَ مَا فَضَلَ عَنْهُ زِيَادَةً وَحَشْوًا، فَمِنْهُ مَا يُفِيْدُ مَعْنَى التَّأكِيْدِ، فَيَسُوْغُ وَيَحْسُنُ، كَقَوْلِ الأخْطَلِ (1):[من البسيط]

فَأَقْسَمَ المَجْدُ حَقًّا لَا يُجَاوِرُهُمْ

حَتَّى يُحَالِفَ بَطْنَ الرَّاحِةِ الشَّعَرُ

وكَقَوْلِ أَبِي تَمَّامٍ (2): [من البسيط]

لَوْ لَمْ يَقُدْ جَحْفَلًا يَوْمَ الوَغَى لَغَدَا

مِنْ نَفْسِهِ وَحْدَهَا فِي جَحْفَلٍ لَجِبِ

فَقَوْلُ الأخْطَلُ حَقًّا، وَقَوْلُ أَبِي تَمَّامٍ وَحْدَهَا وَاقعٌ مَوْقِعَهُ مِنَ التَّأكِيْدِ وَهُوَ حَشْوٌ،

= كَتَنَفُّسِ الرَّيْحَانِ خَالَطَهُ

مِنْ وَرْدِ جُوْرٍ نَاضِرُ الشُّعَبِ

فَقَوْلُهُ بِالمَاء مع ذِكْرِ مُزْجَتْ لَا فَائِدَةَ فِيْهِ لأنَّهُ مُسْتَغْنٍ بِقَوْلهِ عَنْ ذِكْرِ المَاءِ وَإِنَّمَا اعْتَمَدَ فِيْهِ عَلَى قَوْلِ أَبِي نُواسٍ (1):

سَلُوا قِنَاعَ الطِّيْنِ عَنْ رَمَقٍ

حَيَّ الحَيَاةَ مُشَارِفِ الحَتْفِ

فَتَنَفَّسَتْ فِي البَيْتِ إِذْ مُزِجَتْ

كَتَنَفُّسِ الرَّيْحَانِ فِي الأنِفِ

وَقَالَ سَلَامَةَ بن جَنْدَلٍ فِي وَصفِ فَرَسٍ (2):

حَاضِرُ الجوْنِ مُخْضَرًّا جَحَافِلَهَا

وَيَسْبِقُ الأَلْفَ عَفْوًا غَيْرَ مَضرُوْبِ

(1)

ديوانه 1/ 211.

(2)

ديوانه.

_________

(1)

ديوانه ص 66.

(2)

ديوانه ص 16.

ص: 226

لَوْ لَمْ يُذْكَرُ، لَمَا نَقصَ مِنَ المَعْنَى شَيْءٌ. وَمِمَّا لَا فَائِدَةَ فِي إيْرَادِهِ حَشْوًا إِلَّا تتمِيْمُ وَزْنِ الشِّعْرِ فَقَط قَوْلُ أَوْسِ بن حَجَرٍ (1):[من الطويل]

وَهُمْ لَمُقِلِّ المَالِ (2) أوْلَادُ عَلَّةٍ

وَإِنْ كَانَ مَحْضًا فِي العُمُوْمَةِ مُخْوِلَا

(1) ديوانه ص 91.

(2)

لَا يُقَالُ مُقِلُّ المَالِ وَقَدْ أُخِذَ عَلَى أَوْسٍ هَذَا وَاعْتَذَرُوا عَنْهُ بِأَنَّهُمْ قَالُوا مَعْنَاهُ الَّذِي أَقَلَّ مَالَهُ بِإِنْفَاقِهِ وَإِتْلَافِهِ فَلَمْ يُكْثِرْهُ وَلَمْ يُثمِرْهُ. نَسَبُهُ:

* * *

هُوَ أَوْس بن حجر بن عَتَاب بن عَبْد اللَّهِ بن عَديّ بن خَلَف بن نمير بن أَسِيْد بن عمْرُو بن تَمِيْمٍ. وَقَوْلهُ أوْلَادُ عَلة أي لأُمَّهَاتٍ شَتَّى (بَنُو العِلَّاتِ الَّذِيْنَ أَبُوْهُمُ وَاحِدٌ وَأُمَّهَاتهمْ شَتَّى وَبَنُو الأَعْيَانِ الَّذِيْنَ أَبُوْهُمْ وَاحِدٌ وَأُمُّهُمْ وَاحِدَةٌ وَبَنُو الأَخْيَافِ الَّذِيْنَ أُمهُمْ وَآبَائِهِمْ شَتَّى) يَقُوْلُ إِنْ كَانَ مُكْثِرًا عَظمُوْهُ لِمَالِهِ وَإِنْ كَانَ مُقِلًّا عَدُّوْهُ بَعِيْدَ النَّسَبِ وَهَذَا البَيْتُ مِنْ قَصيْدَتِهِ الَّتِي أَوَّلُهَا (1):

صَحَا قَلْبُهُ عَنْ سَكْرَةٍ فَتَأَمَّلَا

وَكَانَ بِذِكْرَى أُمِّ عَمْرُو مُوَكَّلَا

يَقْوْلُ مِنْهَا:

لَا أَعْتَبُ ابنَ العَمِّ إِنْ كَانَ ظَالِمًا

وَأَغْفِرُ عَنْهُ الذَّنْبَ إِنْ كَانَ أَجْهَلَا

وَإِنْ قَالَ لِي مَاذَا تَرَى يَسْتَشِيْرنِي

يَجِدْنِي ابنَ عَمٍّ مخلطَ الأمْرِ مزِيْلَا

أي أُخَالِطُ فِي مَوْضِعِ المُخَالَطَةِ وَأُزَايِلُ فِي مَوْضِعِ المُزَايَلَةِ أي هُوَ عَالِمٌ بِإِصْدَارِ الأُمُوْرِ وَإِيْرَادِهَا.

أُقِيْمُ بِدَارِ الحَزْمِ مَا كَانَ حَزْمُهَا

وَأحر إِذْ حَالَتْ بِأَنْ أتَحَوَّلَا

قَالَ الأَصْمَعِيُّ: إِذَا حَالَتْ عَنِ الحرّة فَصَارَتْ دَار معجزة.

المَأْفُوْنُ الَّذِي لَا عَقْلَ لَهُ ولا -. =

_________

(1)

ديوانه ص 82.

ص: 227