المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وللشاعر أدوات لا غنى له عنها - الدر الفريد وبيت القصيد - جـ ١

[محمد بن أيدمر]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة التحقيق

- ‌الدر الفريد وبيت القصيد

- ‌فَرادةُ الدر الفريد

- ‌محمَّد بن أيدمر

- ‌ثقافته وأدبه:

- ‌شاعريته وشعره:

- ‌الأشعار:

- ‌مؤلفاته:

- ‌مصادر ترجمته:

- ‌النسخة المعتمدة في التحقيق:

- ‌منهجي في التحقيق:

- ‌شكر وتقدير:

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌ضرُوْبِ الشِّعْرِ

- ‌وَالشِّعْرُ لَهُ أسْبَابٌ:

- ‌وَإِبْدَاعُ المَعْنَى

- ‌وَيَتْلُوْهُمَا أصْنَافُ البَدِيْعِ:

- ‌أَمَّا صِدْقُ التَّشبِيْهِ

- ‌وَمُشَاكَلَةُ التَّجْنِيْسِ

- ‌وَمُبَايَنَة التَّطْبِيْقِ

- ‌وَوُقُوْعُ التَّضْمِيْنِ

- ‌وَنُصُوْعُ التَّرْصِيْعِ

- ‌وَاتِّزَانُ التَّسْمِيْطِ

- ‌وَصِحَّةُ التَّقسِيْمِ

- ‌وَمُوَافَقَةُ التَّوْجِيْهِ

- ‌وَحِدَّةُ الاسْتِطْرَادُ:

- ‌وَحَلَاوَةُ الاسْتِعَارَةِ

- ‌وَلُطْفُ المَخْلَصِ:

- ‌وَنَظَافَةُ الحَشْوِ:

- ‌وَالتَّرْدِيْدِ وَالتَّصْدِيْرِ:

- ‌وَتَأكِيْدُ الاسْتِثْنَاءِ

- ‌وَكَمَالُ التَّتْمِيْمِ:

- ‌وَالإِيْغَالُ فِي التَّبْلِيْغِ:

- ‌وَالإِغْرَاقُ فِي الغُلُوِّ:

- ‌وَمُوَازَاةُ المُقَابَلَة:

- ‌وَسُهُوْلَةُ التَّسْهِيْمِ:

- ‌وَوُقُوْعُ الحَافِرِ عَلَى الحَافِرِ:

- ‌وَدِلَالَةُ التَّتْبِيْعِ

- ‌وَالوَحْيُ وَالإِشَارَةُ وَتَكرِيْرُهَا:

- ‌وَبَرَاعَةُ الابْتِدَاءِ:

- ‌وَأَمَّا تَمْكِيْنُ القَوَافِي:

- ‌وَالمُلَائَمَةُ بَيْنَ صَدْرِ البَيْتِ وَعَجُزِهِ

- ‌وَإِرْدَافُ البَيْتِ بِأَخِيْهِ

- ‌وَإشْبَاعُ المَعْنَى بِأَوْجَزِ لَفْظٍ، وَإبْرَازهُ فِي أحْسَنِ صِيْغَةٍ مِنَ البيانِ:

- ‌وَخَلُوْصُ السَّبْكِ:

- ‌وَلِلشَّاعِرِ أدَوَات لَا غِنَى لَهُ عَنْهَا

- ‌أَقْسَامُ الأَدَبِ

- ‌فَأَمَّا صِحَّةُ الانْتِقَادِ:

- ‌وَأَمَّا التَّمْيِيْزُ بَيْنَ المَدْحِ وَالشُّكْرِ

- ‌وَالفَصْلُ بَيْنَ الهَجْوِ وَالذَّمِّ

- ‌وَالبَوْنُ بَيْنَ الولَعِ وَالهَمْزِ

- ‌وَالتَّرْجِيْحُ بَيْنَ اللَّوْمِ وَالعَتَبِ

- ‌وَالفَرْقُ بَيْنَ الهَزِّ وَالاسْتِزَادَةِ

- ‌وَالتَّصَارفُ بَيْنَ التَّنَصُّلِ وَالاعْتِذَارِ

- ‌وَالحَدُّ بَيْنَ التَّقَاضِي وَالإِذْكَارِ

- ‌وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ أنْوَاع السَّرِقَاتٍ:

- ‌فَالسَّرِقَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ ضُرُوبٍ:

- ‌فَنَظْم المَنْثُوْرِ

- ‌وَإحْسَانُ الآخِذِ عَلَى المَأْخُوْذِ مِنْهُ، وَزِيَادَتُهُ عَلَيْهِ:

- ‌وَالشِّعْرُ المَحْدُوْدُ وَالمَجْدُوْدُ:

- ‌وَتَكَافُؤُ إحْسَانِ المُتَّبِع وَالمُبْتَدِعِ:

- ‌وَنَقْلُ المَعْنَى إِلَى غَيْرِهِ:

- ‌وَتَقَابُلُ النَّظَرِ فِي المَعْنَى إِلَى مِثْلِهِ:

- ‌وَالسَّلْبُ

- ‌وَالسَّلْخُ:

- ‌وَالالْتِقَاطُ وَالتَّلْفِيْقُ:

- ‌فَالخَلْعُ

- ‌وَالاصْطِرَافُ:

- ‌وَالإِغَارَةُ

- ‌وَالاجْتِلَابُ، وَالاسْتِلْحَاقُ:

- ‌وَالانْتِحَالُ

- ‌وَالإِنْحَالُ:

- ‌وَالمُرَافَدَةُ:

- ‌وَتَنَازُعُ الشَّاعِرَيْنِ فِي الشِّعْرِ

- ‌تَقْصِيْرُ المُتَّبعِ عِنْ إِحْسَانِ المُبْتَدِعِ، وَتَكَافُؤُ السَّارِقِ وَالسَّابِقِ فِي الإِسَاءةِ وَالتَّقْصِيْرِ

- ‌وَتَكَافُؤُ السَّارِقِ وَالسَّابِقِ فِي الإِسَاءةِ وَالتَقْصِيْرِ:

- ‌وَبَاقِي المَجَازَاتِ

- ‌الاسْتِعَارَاتُ المُسْتْكْرَهَةُ:

- ‌وَمَا اجْتَمَع فِيْهِ لِلشَّيْءِ الوَاحِدِ اسْمَانِ

- ‌وَمَا يُحْمَلُ الكَلَامُ فِيْهِ عَلَى المَعْنَى لَا عَلَى اللَّفْظِ

- ‌وَمَا لفظُهُ لَفْظُ الموجَبِ وَمَعْنَاهُ مَعْنَى النَّفْي

- ‌وَمَا يُخْبَرُ فِيْهِ عَنْ بَعْضِ الشَّيْءِ يُرَادُ بِهِ جَمِيْعُهُ

- ‌وَمَا يُعْطَفُ عَلَيْهِ الشَّيْءُ، وَلَيْسَ هُوَ مِثْلُهُ

- ‌وَالحَذْفُ

- ‌وَمَا جَاءَ مِنَ التَّقْدِيْمِ وَالتَّأْخِيْرِ

- ‌وَمَا يُحْذَفُ مِنْهُ المُضَافُ، فَيَقُوْمُ المُضَافُ إِلَيْهِ مَقَامَهُ

- ‌وَمَا فُرِّقَ فِيْهِ بينَ المُضَافِ وَالمُضَافِ إِلَيْهِ

- ‌وَمَا يُشَبَّهُ فِيْهِ الشَّيْءُ بِالشَّيْءِ، ثُمَّ يُجْعَلُ المُشَبَّهُ بِهِ هُوَ المُشَبَّهُ بِعَيْنِهِ

- ‌[خاتمة المقدمة]

الفصل: ‌وللشاعر أدوات لا غنى له عنها

شَافٍ فِيْمَا أَرَدْنَا إيْرَادَهُ مِنْ أسْبَابِ الشِّعْرِ وَفُنُوْيهِ، وَيَجِبُ أَنْ نَذْكُرَ الآنَ مَا يَخْتَصُّ بِالشَّاعِرِ، فَنَقُوْلُ:

‌وَلِلشَّاعِرِ أدَوَات لَا غِنَى لَهُ عَنْهَا

(1).

وَمَتَى أَعْوَزَهُ شَيْء مِنْهَا، نَقَصَ شِعْرُهُ، وَانْحَطَّ قَدْرُهُ، وَكَانَ بَيْنَ الشُّعَرَاءِ كَمُبَارِزِ الأَبْطَالِ بِغَيْرِ سِلَاحِ، وَالغَادِي عَلَى الحَرْبِ بِلَا رِجَالٍ، وَلَا رِمَاحٍ.

قَالَ البَدِيْهِيُّ (2): [من الكامل]

وَأَرَى القَوَافِي لَا تُقَادُ مُطِيْعَةً

إِلَّا إِلَى المُثْرِيْنَ مِنْ أدَوَاتِهَا

وَالطَّبْعُ لَيْسَ بِمُقْنِعٍ إِلَّا إِذَا

حَصَلَتْ إضَافَتُهُ إِلَى آلَاتِهَا

وَطَبَقَاتُ الشُّعَرَاءِ مُتَفَاوِتَةٌ بِحَسَبِ مَرَاتِبهِم مِنَ الأدَوَاتِ وَالآلَاتِ. قَالَ الجَّاحِظُ: يُقَالُ لِلمُجيْدِ مِنَ الشُّعَرَاءِ: فَحْلٌ، وَلِمَن دُوْنَهُ مُفْلِقٌ، ثُمَّ شَاعِرٌ، ثُمَّ شُوَيْعِرٌ، ثُمَّ شُعْرُوْرٌ (3).

(1) انظر: البديع لابن أفلح العبسي ص 118 وما بعدها.

(2)

محاضرات الأدباء 1/ 87.

(3)

قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الشُّعَرَاءِ أَرْبَعَة: شَاعِرٌ، وَشُوَيْعِرٌ، وَشَعْرُوْرٌ، وابن شعْرَه، وَأنْشَدَ (1):

الشُّعَرَاءُ فَاعْلَمَنَّ أَرْبَعَةٌ

فَشَاعِرٌ يَجْرِي وَلَا يُجْرَى مَعَه

وَشَاعِرٌ يُشْعِرُ وَسْط المَجْمَعَه

وَشَاعِرٌ يَقُوْلُ خَمِّرْ فِي دَعَه

وَشَاعِرٌ مِنْ حَقِّهِ أَنْ تَصْفَعَه

صَفْعًا حَثِيْثًا أَوْ تعُطُّ أَخْدَعَه

وَيُرْوَى: وَشَاعِرٌ مِنْ حَقِّهِ أَنْ تَسْمَعَه.

وَيُقَالُ هُوَ رَابع الشُّعَرَاءِ. قَالَ (2):

يَا رَابِعَ الشُّعَرَاءِ فِيْمَ هَجَوْتَنِي

أَحَسِبْتَ أنِّي مُفْحَمٌ لَا أَنْطِقُ

_________

(1)

الموشح ص 550، العمدة 1/ 114، المزهر 2/ 490.

(2)

الموشح ص 551، العمدة 1/ 115، المزهر 2/ 490.

ص: 298

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قِيْلَ: جَاءَ شَعْرُوْرٌ إِلَى زُبَيْدَةَ فَمَدَحَهَا فَقَالَ (1):

أَزُبَيْدَةُ ابْنَةَ جَعْفَرٍ

طُوْبَى لِزَائِرِكِ المُثَابِ

تَعْطِيْنَ مِنْ رِجْلَيْكِ مَا تعْطِي

الأَكُفَّ مِنَ الرَّعَابِ

فَوَثَبَ إِلَيْهِ الخَدَمُ وَهَمُّوا بِضَرْبِهِ فَمَنَعَتْهُمُ وَقَالَتْ: إنَّهُ قَصَدَ مَدْحًا وَأَرَادَ مَا يَقُوْلُ النَّاسُ شَمَالِكِ أَجْوَدُ مِنْ يَمِيْنهِ وَظَنَّ أَنَّهُ إِذَا ذَكَرَ الرَّجُلَ كَانَ أَبْلَغُ وَقَدْ حَمِدْنَا مَا نَوَاهُ وَإِنْ كَانَ أَسَاءَ فِيمَا أتاهُ.

وَمَدَحَ آخَرُ أَمِيْرًا فَقَالَ:

أَنْتَ الهُمَامُ الأَرْيَحِيُّ

الوَاسِعُ بنُ الوَاسِعَة

فَقَالَ لَهُ الأَمِيْرُ: مِنْ أَيْنَ عَرَفْتُهَا؟ فَقَالَ: قَدْ جَرَّبْتُهَا. فَقَالَ: أَسْوَأُ مِنْ شِعْرَكَ مَا أتيْتَ بِهِ مِنْ عِذْرِكَ (2).

وَوَقَفَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى أَمِيْرٍ يَمْدَحَهُ فَقَالَ:

لِمَنِ الدِّيَارُ كَأَنَّهَا قَفْرُ

قَدْ لَاحَ فِي حِيْطَانِهَا البَعْرُ

إِنَّ الأَمِيْرَ يَكَادُ مِنْ كَرَمٍ

أَنْ لَا يَكُوْنَ لأُمِّهِ بَضْرُ

فَقَالَ الأَمِيْرُ: يُعْطَى أَلْفَ دِرْهَمٍ. فَقِيْلَ: إنَّهُ لَمْ يَجِدِ الشِّعْرَ. قَالَ: هَذَا مَدْحُهُ فَكَيْفَ هِجَاؤُهُ وإنَّ عِرضًا يُشْتَرَى مِنْهُ هَذَا المِقْدَارُ فَلَيْس بغَالٍ (3).

وَمِنَ المَدْحِ الَّذِي هُوَ بِالذَّمِّ أَشْبَهُ مِنْهُ بِالمَدْحِ قَوْلُ أَبِي نُوَّاسٍ (4):

جَادَ بِالأَمْوَالِ حَتَّى

حَسَبُوْهُ النَّاسُ حَمَقَا

_________

(1)

الموشح ص 538، 567، المزهر 2/ 490.

(2)

محاضرات الأدباء 1/ 92.

(3)

الموشح ص 564.

(4)

ديوانه ص 492.

ص: 299

فَأَوَّلُ مَا يَضْطَرُّ إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ: الطَّبع وَالأدَبُ. فَالطَّبع: هُوَ رَأْسُ البضَاعَةِ، وَأَسَاسُ هَذِهِ الصِّنَاعَةِ، وَهُوَ فِي الأَدِيْبِ كَالنَّجْدَةِ لِذِي السِّلَاحِ، فَفِقْدَانَ الأَدِيْبِ الطَّبع كَفِقْدَانِ ذِي السِّلَاحِ الشَّجَاعَةَ وَالنَّجْدَةَ، وَفِقْدَانُ صَاحِبِ الطَّبع الأَدَبَ كَفِقْدَانِ ذِي النَّجْدَةِ السِّلَاحَ وَالعُدَّةَ. وَلَا مَحْصُوْلَ لأَحَدِهِمَا دُوْنَ الآخَرِ، وَمَتَى أَحَاطَ الأَدِيْبُ بِطَرَفٍ مِنَ الأدَبِ، وَقَعَدَ بِهِ الطَّبع عَنْ إظْهَارِهِ، كَانَ وَالعَارِي مِنَ الأَدَبِ وَالعُطْلَ مِنَ المَعْرِفَةِ فِي نَظْمِ القَوَافِي سَوَاءً (1).

= وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ (1):

جَادَ بِالأَمْوَالِ حَتَّى

قِيْلَ مَا هَذَا صحِيْحُ

فَذَكَرَ أَنَّهُ مَجْنُونٌ فِي حَالٍ وَأَحْمَقُ فِي حَالٍ أُخْرَى. وَتَبعَهُ أَبُو تَمَّام عَلَى حِذْقِهِ وَتَقَدُّمِهِ فَقَالَ (2):

مَا زَالَ يَهْذِي بِالمَكَارِمِ وَالعُلَى

حَتَّى ظَننَّا أَنَّهُ مَحْمُوْمُ

فَهَذَا جَعَلَهُ مَحْموْمًا يَهْذِي وَكُلّ هَذَا مُسْتَقْبَح مُسْتَهْجَن قَرِيْبٌ مِنَ الذَّمِّ بِعِيْدٌ مِنَ المَدْحِ لَا يَحْسُنَ مِنْ مِثْلِ أَبُو نُوَّاسٍ وَأبِي تَمَّامٍ الإِتْيَانِ بِمِثْلِهِ.

(1)

وَقالَ البَدِيْهِيُّ أَيْضًا فِي هَذَا المَعْنَى:

وَلِلنَّظْمِ آلَات مَتَى مَا تَجَمَّعَتْ

لِمَنْ رَامَ قَوْلَ الشِّعْرِ كَانَ مُجِيْدَا

وَيُنْظَرُ إِلَيْهِ نَظَرًا خَفِيًّا قَوْلُ ابن حَاجِبٍ:

وَمَا الشِّعْرُ إِلَّا مُرَكَّب جَدُّ جَامِحٍ

إِذَا لَمْ يَرُوْضهُ بِالتَّفَكُّرِ رَاكِبُهُ

البَدِيْهِيُّ أَيْضًا:

وَمُدَّعٍ رُتْبَةً فِي الشِّعْرِ قُلْتُ لَهُ

عِنْدَ المِرَاسِ وَقَدْ زَلَّتْ بِهِ القَدَمُ

حَاوَلْتَ نَزْحَ المَعَانِي مِنْ مَنَابِعِهَا

وَمَا وَجَدْتُكَ بِالآلآتِ تَعْتَصِمُ

_________

(1)

ديوانه ص 434.

(2)

ديوانه 3/ 291.

ص: 300

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= تَخْشَى الطِّعَانَ بِلَا رمْحٍ تَصوْلُ بِهِ

فَكَيْفَ يَطعنُ مَنْ أَزْرَى بِهِ الجمَمُ

وَتَدَّعِي أَسْهُمًا بِالقَمْرِ فَائِزَةً

وَأَنْتَ وَإِنْ كَانَ يَوْمًا مَيْسِرٌ بَرَمُ

شَانَ القَرِيْضَ أُنَاسٌ مَا يُسَاعِدُهُمْ

فِي مَوْقِفٍ أَدَوَاتُ النَّظْمِ إِنْ نَظَمُوا

* * *

أَنْشَدَنِي السَّيِّدُ النَّقِيْبُ الطَّاهِرُ جَلَالَ الدِّيْنِ أَبُو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد المُصْطَفَى بن النَّقِيْبِ الطَّاهِرِ السَّعِيْدِ رَضِيّ الدِّيْنِ أَبِي القَسَمِ عَلِيّ بن مُوْسَى بن جَعْفَر بن مُحَمَّد الطَّاوُوْسِ رضي الله عنهما لِلشَّيْخِ أَحْمَدَ الحمال الظَفْرِي مَنْسُوْبٌ إِلَى مَحَلّةِ الظّفْرِيَّةِ مِنْ بَغْدَادَ وَكَانَ أَمْيَالًا يعرفُ مِنَ الأَدَبِ شَيْئًا وَلَكِنْ كَانَتْ لَهُ قَرِيْحَةٌ جِيِّدَ وَطَبع حَسَنٌ فِي نَظمِ الشِّعْرِ وَسَبْكِهِ هُوَ مِنْ مَحَاسِنِ مَا سَمِعْتهُ فِي مَعْنَاهُ حَيْثُ يَقُوْلُ:

وَلَسْتُ بِعَارِفٍ خَطًّا وَنَحْوًا

وَلَا لِي فِي العُرُوْضِ يَدٌ تُفِيْدُ

وَلَكِنِّي إِذَا مَا قُلْتُ شِعْرًا

تَعَجَّبَ مِنْ فَصاحَتِهِ لَبِيْدُ

وَمِنْ مَحَاسِنِ تَشْبِيْهَاتِهِ قَوْلهُ يَصِفُ كَرَزَتهُ وَهُوَ مَا يُوْطِئُهُ الجَّمَّالُوْنَ عَلَى قَفْيِهِمْ لِلْحَمْلِ:

ولي كَرَزْنٌ مِنْ خَفِيْفِ المتَاعِ

أَعْدَدْتهُ مِنْ أَذَى الجمَلِ جُنَّهْ

لَطِيْفٌ حَكَى الغَانِيَاتِ إِذَا

مَا المَوَاشِطِ زَيّنهنَه

الحَدِيْثُ ذِي شُجُوْنٍ ذكرت بِقَوْلِ هَذَا الشَّيْخِ أَحْمَدَ أَبْيَاتًا لِلأَمِيْرِ تَمِيْمُ بن مَعْدُّ بن المَعَزّ لِدِيْنِ اللَّهِ يَمْدَحُ العَزِيْز عَلَى هَذِهِ القَافِيَةِ وَهَذَا العُرُوْضِ وَالرّوْيِ وَهِيَ قَصِيْدَةٌ حَسَنَةٌ أَوَّلُهَا (1):

أسرب مَهًا عَنَّ أُمْ سِرْبُ جَنَّةٍ

حَكَمِتِنَّهُنَّ وَلَستنَّ هُنَّه

أَأَنْتُنَّ نَجْمُ ذَا الجوَ

أمُ بُرُوْجِ النُّجُوْمُ جَلَا بَيْنَكنَّه

إِذَا رُمْنَ وَصْلًا فَسُلْطَانُهُنَّ

عَلَيْنَا مُلَاحِظ أَجْفَانَهُنَّه =

_________

(1)

ديوانه ص 441.

ص: 301

وَيَتْلُوهُمَا.

= قَيَا مَا أُعَيْذَبُ ألْفَاظَهُنَّ

ويا أُمَيْلَحُ أَلْحَاظَهُنَّه

بَرَزَتْ لنَا عَطِرَاتِ الجيُوْبِ

بِسَفحِ العِرَاقِ وَوَادِي يونَّه

فَعَطَّرْنَ مِنْ رِيْحَهِنَّ

وَأَبْدَيْنَ منْ لَوْعَتِي المُسْتَكِنَّه

نَوَاعِمُ لَا يَسْتَطِعْنَ النُهُوْضَ

إِذَا قُمْنَ مِنُ ثَقْلِ أَرْدَافِهِنَّه

حَسُنَّ كَحُسْنِ لَيَالِي العَزِيْزِ

وَجِئْنَ بِبَهْجَةِ أَيَامِهِنَّه

إِمَامٌ يَصنَّ عَلَى عِرضِهِ

وَلَا يَعْتَرِيْهِ عَلَى المَالِ ضِنَّه

فَسَل - قَطّ أَرْمَاحهُ بِدَمِ

العِدَى غَيْرُ حِمْرِ الأَسِنَّه

وَسَلْ هَلْ ثَوَتْ قَطُّ أَمْوَالهُ

وَأَمْسَيْنَ فِي جُوْدِهِ مُطْمَئِنَّه

كِلَى رَاحَتَيْهِ نَدًى أَوْ رَدًى

كَأَنَّكَ لِلنَّاسِ نَارٌ وَجَنَّه

حَمَيْتَ الخِلَافَةَ مَنْعَ الأُسُوْدِ

إِذَا مَا غَضبْنَ لأَشْبَالِهِنَّه

وَأَمْضَيْتَ عَزْمكَ حَتَّى أَخَذْتَ

بِهِ فِي بُطُوْنِ النِّسَاءِ الأَجِنَّه

وَإِنِّي وَإِنْ كُنْتُ تجل المُعِزّ

لِعَبْدِكَ بِالحَقِّ لَا بِالمَظِنَّه

رَأَى الخَيْرَ مَنْ أَضْمَرَ الخَيْرَ فِيْكَ

وَعُوْقِبَ بِالشَّرِّ مَنْ قَدْ أكنَّه

* * *

أَنْشَدَ أَبُو علي للرستمي (1):

قَوَافٍ إِذَا مَا قَرَاهَا المَشُوْقُ

فَهَزَّتْ لَهَا الغَانِيَاتُ القُدُوْدَا

كَسَوْنَ عَبِيْدًا لِبَاسَ العَبِيْدِ

وَأَضحَى لَبِيْدُ لَدَيْهَا بَلِيْدَا

وَلأَبِي العَبَّاسِ أَحْمَد بن مُحَمَّد التامي يَصِفُ شِعْرهُ (2):

وَشِعْرٍ لَوْ عَبِيْدُ الشِّعْرِ أَصْغَى

إِلَيْهِ لَظَلَّ عَبْد أَبِي عَبِيْدُ

كَأَنَّ لِفِكْرِهِ نشرَ ابن حَجْرٍ

وَنودي مِنْ حَفِيْرَتِهِ لَبِيْدُ

_________

(1)

يتيمة الدهر 3/ 319.

(2)

ديوانه ص 56.

ص: 302