المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَقَدْ ذَهَبَ قُدَامَةُ الكَاتِبُ إِلَى أَنَّ هَذَا هُوَ الوَحْيُ وَالإِشَارَةُ.   وَأَمَّا - الدر الفريد وبيت القصيد - جـ ١

[محمد بن أيدمر]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة التحقيق

- ‌الدر الفريد وبيت القصيد

- ‌فَرادةُ الدر الفريد

- ‌محمَّد بن أيدمر

- ‌ثقافته وأدبه:

- ‌شاعريته وشعره:

- ‌الأشعار:

- ‌مؤلفاته:

- ‌مصادر ترجمته:

- ‌النسخة المعتمدة في التحقيق:

- ‌منهجي في التحقيق:

- ‌شكر وتقدير:

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌ضرُوْبِ الشِّعْرِ

- ‌وَالشِّعْرُ لَهُ أسْبَابٌ:

- ‌وَإِبْدَاعُ المَعْنَى

- ‌وَيَتْلُوْهُمَا أصْنَافُ البَدِيْعِ:

- ‌أَمَّا صِدْقُ التَّشبِيْهِ

- ‌وَمُشَاكَلَةُ التَّجْنِيْسِ

- ‌وَمُبَايَنَة التَّطْبِيْقِ

- ‌وَوُقُوْعُ التَّضْمِيْنِ

- ‌وَنُصُوْعُ التَّرْصِيْعِ

- ‌وَاتِّزَانُ التَّسْمِيْطِ

- ‌وَصِحَّةُ التَّقسِيْمِ

- ‌وَمُوَافَقَةُ التَّوْجِيْهِ

- ‌وَحِدَّةُ الاسْتِطْرَادُ:

- ‌وَحَلَاوَةُ الاسْتِعَارَةِ

- ‌وَلُطْفُ المَخْلَصِ:

- ‌وَنَظَافَةُ الحَشْوِ:

- ‌وَالتَّرْدِيْدِ وَالتَّصْدِيْرِ:

- ‌وَتَأكِيْدُ الاسْتِثْنَاءِ

- ‌وَكَمَالُ التَّتْمِيْمِ:

- ‌وَالإِيْغَالُ فِي التَّبْلِيْغِ:

- ‌وَالإِغْرَاقُ فِي الغُلُوِّ:

- ‌وَمُوَازَاةُ المُقَابَلَة:

- ‌وَسُهُوْلَةُ التَّسْهِيْمِ:

- ‌وَوُقُوْعُ الحَافِرِ عَلَى الحَافِرِ:

- ‌وَدِلَالَةُ التَّتْبِيْعِ

- ‌وَالوَحْيُ وَالإِشَارَةُ وَتَكرِيْرُهَا:

- ‌وَبَرَاعَةُ الابْتِدَاءِ:

- ‌وَأَمَّا تَمْكِيْنُ القَوَافِي:

- ‌وَالمُلَائَمَةُ بَيْنَ صَدْرِ البَيْتِ وَعَجُزِهِ

- ‌وَإِرْدَافُ البَيْتِ بِأَخِيْهِ

- ‌وَإشْبَاعُ المَعْنَى بِأَوْجَزِ لَفْظٍ، وَإبْرَازهُ فِي أحْسَنِ صِيْغَةٍ مِنَ البيانِ:

- ‌وَخَلُوْصُ السَّبْكِ:

- ‌وَلِلشَّاعِرِ أدَوَات لَا غِنَى لَهُ عَنْهَا

- ‌أَقْسَامُ الأَدَبِ

- ‌فَأَمَّا صِحَّةُ الانْتِقَادِ:

- ‌وَأَمَّا التَّمْيِيْزُ بَيْنَ المَدْحِ وَالشُّكْرِ

- ‌وَالفَصْلُ بَيْنَ الهَجْوِ وَالذَّمِّ

- ‌وَالبَوْنُ بَيْنَ الولَعِ وَالهَمْزِ

- ‌وَالتَّرْجِيْحُ بَيْنَ اللَّوْمِ وَالعَتَبِ

- ‌وَالفَرْقُ بَيْنَ الهَزِّ وَالاسْتِزَادَةِ

- ‌وَالتَّصَارفُ بَيْنَ التَّنَصُّلِ وَالاعْتِذَارِ

- ‌وَالحَدُّ بَيْنَ التَّقَاضِي وَالإِذْكَارِ

- ‌وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ أنْوَاع السَّرِقَاتٍ:

- ‌فَالسَّرِقَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ ضُرُوبٍ:

- ‌فَنَظْم المَنْثُوْرِ

- ‌وَإحْسَانُ الآخِذِ عَلَى المَأْخُوْذِ مِنْهُ، وَزِيَادَتُهُ عَلَيْهِ:

- ‌وَالشِّعْرُ المَحْدُوْدُ وَالمَجْدُوْدُ:

- ‌وَتَكَافُؤُ إحْسَانِ المُتَّبِع وَالمُبْتَدِعِ:

- ‌وَنَقْلُ المَعْنَى إِلَى غَيْرِهِ:

- ‌وَتَقَابُلُ النَّظَرِ فِي المَعْنَى إِلَى مِثْلِهِ:

- ‌وَالسَّلْبُ

- ‌وَالسَّلْخُ:

- ‌وَالالْتِقَاطُ وَالتَّلْفِيْقُ:

- ‌فَالخَلْعُ

- ‌وَالاصْطِرَافُ:

- ‌وَالإِغَارَةُ

- ‌وَالاجْتِلَابُ، وَالاسْتِلْحَاقُ:

- ‌وَالانْتِحَالُ

- ‌وَالإِنْحَالُ:

- ‌وَالمُرَافَدَةُ:

- ‌وَتَنَازُعُ الشَّاعِرَيْنِ فِي الشِّعْرِ

- ‌تَقْصِيْرُ المُتَّبعِ عِنْ إِحْسَانِ المُبْتَدِعِ، وَتَكَافُؤُ السَّارِقِ وَالسَّابِقِ فِي الإِسَاءةِ وَالتَّقْصِيْرِ

- ‌وَتَكَافُؤُ السَّارِقِ وَالسَّابِقِ فِي الإِسَاءةِ وَالتَقْصِيْرِ:

- ‌وَبَاقِي المَجَازَاتِ

- ‌الاسْتِعَارَاتُ المُسْتْكْرَهَةُ:

- ‌وَمَا اجْتَمَع فِيْهِ لِلشَّيْءِ الوَاحِدِ اسْمَانِ

- ‌وَمَا يُحْمَلُ الكَلَامُ فِيْهِ عَلَى المَعْنَى لَا عَلَى اللَّفْظِ

- ‌وَمَا لفظُهُ لَفْظُ الموجَبِ وَمَعْنَاهُ مَعْنَى النَّفْي

- ‌وَمَا يُخْبَرُ فِيْهِ عَنْ بَعْضِ الشَّيْءِ يُرَادُ بِهِ جَمِيْعُهُ

- ‌وَمَا يُعْطَفُ عَلَيْهِ الشَّيْءُ، وَلَيْسَ هُوَ مِثْلُهُ

- ‌وَالحَذْفُ

- ‌وَمَا جَاءَ مِنَ التَّقْدِيْمِ وَالتَّأْخِيْرِ

- ‌وَمَا يُحْذَفُ مِنْهُ المُضَافُ، فَيَقُوْمُ المُضَافُ إِلَيْهِ مَقَامَهُ

- ‌وَمَا فُرِّقَ فِيْهِ بينَ المُضَافِ وَالمُضَافِ إِلَيْهِ

- ‌وَمَا يُشَبَّهُ فِيْهِ الشَّيْءُ بِالشَّيْءِ، ثُمَّ يُجْعَلُ المُشَبَّهُ بِهِ هُوَ المُشَبَّهُ بِعَيْنِهِ

- ‌[خاتمة المقدمة]

الفصل: وَقَدْ ذَهَبَ قُدَامَةُ الكَاتِبُ إِلَى أَنَّ هَذَا هُوَ الوَحْيُ وَالإِشَارَةُ.   وَأَمَّا

وَقَدْ ذَهَبَ قُدَامَةُ الكَاتِبُ إِلَى أَنَّ هَذَا هُوَ الوَحْيُ وَالإِشَارَةُ.

وَأَمَّا إِبْرَازُ المَعْنَى فِي أَبْهَى حُلَّةٍ مِنَ البَيَانِ، فَكَقَوْلِ ابنِ الخَيْشِيِّ الحَلَبِيِّ:[من الكامل]

عِقْبَانُ رَوْعٍ وَالسُّرُوْجُ وَكُوْرُهَا

وَلُيُوْثُ حَرْبٍ وَالقَنَا آجَامُ

وَبُذوْرُ تَمٍّ وَالتَّرَائِكُ فِي الوَغَى

هَالَاتُهَا وَالسَّابِرِيُّ (1) غَمَامُ

جَادُوا بِمَمْنُوعِ التِّلَادِ وَجَوَّدُوا

ضَرْبًا يُجَذُّ بِهِ الطُّلَى وَالهَامُ

وَتَجَاوَدَتْ أسْيَافُهُمْ وَجِيَادُهُمْ

فَالأَرْضُ تُمْطِرُ وَالسَّمَاءُ تُغَامُ (2)

وَكَقَوْلِ ابنِ المُعْتَزِّ (3): [من السريع]

مُوَسْوَمَة بِالحُسْنِ مَعْشُوْقَةٌ

تُمِيْتُ مَنْ شاءتْ وَتُحْيِيْهِ

بَاتَ يُرِيْنِيْهَا هِلَالُ الدُّجَى

حَتَّى إِذَا غَابَ أَرَتْنِيِهِ

وَكَقَوْلِ الآخَرِ: [من الكامل]

مَا لِي وَفِكْرِي فِي العَوَاقِبِ بَعْدَ مَا

أيْقَنْتُ أَنَّ عَلَى المَنِيَّةِ مَقْدَمِي

وَإِذَا الأنَامُ تَوَارَدُوا حَوْضَ الرَّدَى

فَالمُقْدِمُ الهَجَّامُ مِثْلُ المُحْجِمِ

عَجَبِي لِمُنْطَلِقِ اليَدَيْنِ مُمَكَّنٍ

مِنْ سَيْفِهِ وَيُرَى بِعَيْنِ المُعْدِمِ

‌وَخَلُوْصُ السَّبْكِ:

هُوَ أَنْ يَكُوْنَ المَعْنَى فِي البَيْتِ مُحْتَاجًا إِلَى جَمِيع لَفْظِهِ، غَيْر مُسْتَغْنٍ عَنْ كَلِمَةِ مِنْهُ تَأْتِي حَشْوًا، أَوْ يُتَمِّمَ بها الشاعِرُ نَظْمِ بَيْتٍ مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ إلَيْهَا إِذَا اعْتُبِرَ بِالنَّقْدِ، وَتَكُوْنَ ألْفَاظُهُ رَائِقَةً مُهَذّبَةً، إِمَّا سَهْلَةً مُمْتَنِعَةً، أَوْ جَزِلَةً طَبِيْعِيَّةً، لَا تَعْرُوْهَا رِكَّةٌ،

(1) السَّابِرِيُّ: الرَّقِيْقُ مِنَ الثِّيَابِ وَالدّرُوْعُ.

(2)

وَكَقَوْلِ الآخَر:

وَالمَجْدُ عِلْقُ مَضِنَّةٍ مُتَفَاوِتٌ

مَا بَيْنَ بَيِّعهِ إِلَى مُبْتَاعِهِ

وَالمَجْدُ المَتْبُوْعُ يَأْنَفُ أَنْ يَرَى

مُتَتَبِّعًا مَا فِي يَدَي أَتْبَاعِهِ

(3)

لم ترد في ديوانه.

ص: 294

وَلَا تَعْلُوْهَا فَضَاضَةٌ (1).

(1) قِيْلَ لأَبِي الشِّيْصِ: ابْنُ أَنْتَ مَنْ؟ فَقَالَ: أَنَا ابْنُ (1):

وَقَفَ الهَوَى بِي حَيْثُ أَبُتْ

فَلَيْسَ لِي مُتَأَخَّرٌ عَنْهُ وَلَا مُتَقَدِّمُ

أَجِدُ المَلَامَةَ فِي هَوَاكِ لَذِيْذَةً

حُبًّا لِذِكْرِكِ فَلْيَلُمْنِي اللُّوَّمُ

أَشْبَهْتِ أَعْدَائِي فَصِرْتُ أُحِبُّهُمْ

إِذْ صارَ حَظِّي مِنْكِ حَظِّي مِنْهُمُ

وَأَهَنْتِنِي فَأَهَنْتُ نَفْسِي عَامِدًا

مَا مَنْ يَهُوْنُ عَلَيْكِ إِلَّا مِمَّنْ أُكْرِمُ

وَمِنْ خُلُوْصِ السَّبْكِ قَوْلُ الآخَرِ (2):

أَمَا وَالرَّاقِصَاتِ بِذَاتِ عِرْقٍ

وَمَنْ لَبَّى بِنُعْمَانَ الأرَاكِ

لَقَدْ أَضْمَرْتُ حُبَّكِ فِي فُؤَادِي

وَمَا أَضْمَرْتُ مِنْ حُبٍّ سِوَاكِي

أَطَعْتِ الآمِرِيْكِ بَصَرْمِ حَبْلِي

مُرِيْهُمْ فِي أَحِبَّتِهِمْ بِذَاكِ

فَإِنْ هُمُ طَاوَعُوْكِ فَطَاوِعِيْهِمْ

وَإِنْ عَاصُوْكِ فَاعْصِ مَنْ عَصَاكِ

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الصِّمَّةَ بن عَبْدِ اللَّهِ القُشَيْرِيّ (3):

أمِنْ نَوْحِ الحَمَامَةِ أَنْتَ بَاكِي

غَدَاةَ تَرَنَّمَتْ فَوْقَ الأَرَاكِ

تَرَنُّمُهَا وَلَيْس لَهَا شَكَاةٌ

يَهِيْجُ هَوًى صبَابَةَ كُلِّ شَاكِي

إِلَى رَيَّا حَنَنْتَ وَدُوْنَ رَيَّا

مَنَاضِي العَسْجَدِيَّهِ وَالمَذَاكِي

سَقَى الطَّلَحَاتِ مِنْ شَرْقِيِّ

نَجْدٍ وَرَوَّى تُرْبَهَا نَوْءُ السِّمَاكِ

بِهَا أَسْرَتْ فُؤَادِي يَوْمَ أَبْدَتْ

مَعَاصِمَهَا وَضنَّتْ بِالفِكَاكِ

حَشَتْ يَوْمَ الفِرَاقِ حَشَاكَ مِنْهَا

لَظَى جَمْرٍ مِنَ الزَّفَرَاتِ ذَاكِي

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ زُهَيْرِ بنِ أَبِي سُلْمَى فِي هَرِمٍ (4):

يَا مَنْ شَكَا الجدْبَ وَخَافَ العَدَمَا

إيْتِ بَنِي مُرٍّ وَنَادِ هَرِمَا

_________

(1)

ديوانه ص 101.

(2)

انظر: لسان العرب (نعم).

(3)

لم ترد في ديوانه.

(4)

لم ترد في ديوانه.

ص: 295

وَذَلِكَ كَقَوْلِ قَيْسِ بن المُلَوَّحِ (1): [من الطويل]

فَإنْ تَمْنَعُوا لَيْلَى وَحُسْنَ حَدِيْثِهَا

فَلَنْ تَمْنَعُوا مِنِّي البُكَا وَالقَوَافِيَا

فَهَلَّا مَنَعْتُمْ إِذْ مَنَعْتُمْ حَدِيْثَهَا

خَيَالًا يُوَافِيْنِي عَلَى النَّأْي هَادِيَا

رَمَانِي وَلَيْلَى العَامِرِيَّةَ قَوْمُهَا

بِأَشْيَاءَ لَمْ لُخْلَق وَلَمْ أدْرِ مَا هِيَا

فَلَيْتَ الَّذِي تَلْقَى وَيُحْزِنُ نَفْسَهَا

وَيُلْقُوْنَهُ بَيْني وَبَيْنَ ثِيَابِيَا (2)

= يُجِبْكَ مِنْهُ مَاجِدٌ ذُو نَائِلٍ

فَاق الغيُوْثَ الهَاطِلَاتِ كَرَمَا

إِذَا الحِمَى أَسْلَمَهُ حُمَاتُهِ

أَلْفَيْتَهُ مِنَ المَخُوْفِ حَرَمَا

يَمُدُّ لِلجوْدِ يَدًا مَا بَرِحَتْ

تُخْجِلُ بِالمَعْرُوْفِ مِنْهُ الدِّيَمَا

يَا هِرِمُ أَنْتَ الفَتَى كُلُّ الفَتَى

إِنْ وَقْعَةٌ شَبَّتْ وَخطْبٌ أَظْلَمَا

سَبَقْتَ كُلَّ قَارِحٍ وَبَازِلٍ

إِلَى العُلَى وَمَا بَلَغْتَ الحُلُمَا

يَرْغَبُ عَنْ حُوْرِ الدُّمَى

إِذَا اقْتَضتْ رِمَاحَهُ أَكُفهُ سَفْكَ الدَّمَا

فَمَا يُبَالِي ابْنُ أَبِي سُلْمَى

إِذَا مَا هَرِمٌ عَاشَ لَهُ وَسَلَّمَا

(1)

ديوان مجنون ليلى ص 300.

(2)

قَدْ أَجْمَعَ العُلَمَاءُ بِالشِّعْرِ وَأَرْبَابِ الكَلَامِ عَلَى أَنَّ أَوْجَزَ شِعْرٍ اقتصَّتْ فِيْهِ قِصَّةٌ فَوَرَدَ مُتَسَاوِي القِسْمَةِ سَهْلِ الكَلَامِ مَنْسُوْقَ المَعَانِي كُلّ كَلِمَةٍ مِنْهُ وَاقِعَة فِي مَوْقِعِهَا الَّذِي أُرِيْدَتْ بِهِ مِنْ غَيْرِ حَشْوٍ مُجْتَلَبٍ وَلَا خَلَلٍ شَائِنٍ قَوْلُ الأَعْشَى فِيْمَا اقْتَصَّهُ مِنْ خَبَرِ السَّمَوْءَلِ وَالأدرع الَّتِي أَودَعَهُ إِيَّاهَا امْرُؤُ القَيْسِ عِنْدَ قَصْدِهِ قَيْصَرَ وَوَفَاءِ السَّمَوْءَلِ بِهَا حَتَّى سَلمَهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ إِلَى أَهْلِهِ وَبَذَل دُوْنهَا تَعِسَ وَلَدِهِ حَتَّى قُتِلَ صَبْرًا بِحَضرَتِهِ وَهِيَ:

كُنْ كَالسَّمَوْءَلِ إِذْ طَافَ الهُمَامُ بِهِ

فِي جحْفَلٍ كَسَوَادِ اللَّيْلِ جَرَّارِ

بِالأَبْلَقِ الفَرْدِ مِنْ تَيْمَاءَ مَنْزلُهُ

حصنٌ حَصِيْنٌ وَجَارٌ غَيْرُ غَدَّارِ

إِذَا سَامَهُ خطَّتَي خَسَفٍ فَقَالَ لَهُ

مهما تَقُلْهُ فَإِنِّي لسَامِعٌ حَارِ

فَقَالَ غَدْرٌ وَثَكْلٌ أَنْتَ بَيْنَهُمَا

فَاخْتَرْ وَمَا فِيْهُمَا خَطٌّ لِمُخْتَارِ

فَشَكَّ غَيْرَ طَوِيْلٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ

اقْتُلْ أَسِيْرَكَ إِنِّي مَانِعٌ جَارِي

إِنَّ لَهُ خَلَفًا إِنْ كُنْتَ قَاتِلَهُ

وَإِنْ قَتَلْتَ كَرِيْمًا غَيْرَ عُوَّارِ

مَالًا كَثيْرًا وَعِرْضًا غَيْرَ ذِي دَنَسٍ

وَإِخْوَةً مِثْلَهُ لَيْسُوا بِأَشْرَارِ =

ص: 296

وَكَقَوْلِ عُمَر بن أَبِي رَبِيْعَةَ المَخْزُوْمِيِّ (1): [من الطويل]

وَلَمَّا تَفَاوَضْنَا الحَدِيْثَ وَأَسْفَرَتْ

وُجُوْهٌ زَهَاهَا الحُسْنُ أَنْ تَتَبَرْقَعَا

تَبَالَهْنَ بِالعِرْفَانِ لَمَّا رَأَيْنَنِي

وَقُلْنَ امْرُؤٌ بَاغٍ أكَلَّ وَأوْضَعَا

وَقَرَّبْنَ أَسْبَابَ الهَوَى لِمُتَيَّمٍ

يَقِيْسُ ذِرَاعًا كُلَّمَا قِسْنَ إصْبَعَا (2)

فَقُلْتُ لِمُطْرِيْهِنَّ: وَيْحَكَ إِنَّمَا

ضَرَرْتَ فَهَل تَسْطِيْعُ نَفْعًا فَتَنْفَعَا؟

وَكَثيْرٌ مِنْ هَذَا البَابِ. وَإِنَّمَا نُوْرِدُ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى نَوْعِهِ. وَهَذَا المِقْدَارُ كَافِ

= جَرُوا عَلَى أَدَبٍ مِنِّي بِلَا نَزَقٍ

وَلَا إِذَا شَمَّرَت حَرْبٌ بِأَغْمَارِ

وَسَوْفَ تُخْلِفُهُ إِنْ كُنْتَ قَاتِلَهُ

رَبٌّ كَرِيْمٌ وَبِيْضٌ ذَاتَ إِظْهَارِ

لَا سِرُّهُنَّ لَدَيْنَا ضَائِعٌ مَذِقٌ

وَكَاتِمَاتٌ إِذَا استُوْدِعْنَ أَسْرَارِي

فَقَالَ تَقْدِمَةً إِذْ قَامَ يَقْتلهُ

أَشْرِفْ سَمَوْءَلَ فَانْظُر لِلدّمِ الجَّارِي

أَأَقْتُلُ ابْنكَ صبْرًا أَوْ يَجِيْءُ بِهَا

طَوْعًا فَأنْكرُ هَذَا أَيُّ إِنْكَارِ

فَشَلَّ أَوْدَاجَهُ وَالصَّدْرُ فِي مَضَضٍ

عَلَيْهِ مُنْطَوِيًا كَاللِّذْعِ بِنذَارِ

وَاخْتَارَ أَدْرَاعَهُ أَنْ لَا يُسَبَّ بِهَا

وَلَكم يَكُنْ عَهْدُهُ فِيْهَا بِخَتَّارِ

وقاتل لَا يَشْتَرِي عَارًا بِمَكْرُمَةٍ

وَاخْتَارَ مَكْرُمَةَ الدُّنْيَا عَلَى العَارِ

وَالصَّبْرُ مِنْهُ قَدِيْمًا شِيمة خُلُقٌ

وَزنْدُهُ فِي الوَفَاءِ الثَّاقِبُ الوَارِي (1)

فَانْظُر إِلَى قَوْلِهِ أَأَقْتلُ ابْنَكَ صَبْرًا أَوْ تَجِيْءُ بِهَا فَأَضْمَر الادْرَاعَ الَّتِي أَوْدَعَهُ امْرُؤُ القَيْسِ ثُمَّ أَظْهَرَهَا فِي قَوْلِهِ وَاخْتَارَ أَدْرَاعُهُ أَلَّا يُسَبُّ بِهَا فَتَلَاقَى فِي ذَلِكَ الخَلَلَ بِهَذَا الشَّرْحِ فَاسْتَغْنَى سَامِعُ الأَبْيَاتِ عَنِ اسْتِمَاعِ القِصَّةِ لاشْتِمَالِهَا عَلَى الخَبَرِ كُلِّهِ بِأَوجَزِ لَفْظٍ وَأَحْسَنِ عِبَارَةٍ وَسِيَاقَةٍ.

(1)

ديوانه ص 209 - 210.

(2)

إِصْبَعٌ فِيْهَا لُغَاتٌ أَحدُهَا بِكَسْرِ الأَلِفِ وَفتحِ البَاءِ وَأُخْرَى بِضمِّ الأَلِفِ وَالبَاءِ وَأُخْرَى أُصْبُوعٌ بِالضَّمِّ عَلَى وَزْنِ فَعْلُوْلٍ وَإِنْ وَرَدَ غَيْرُ ذَلِكَ فَاللُّغَاتِ كَثِيْرَةٌ (2).

_________

(1)

ديوان الأعشى ص 174.

(2)

لسان العرب (صبع).

ص: 297