المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌وَالاجْتِلَابُ، وَالاسْتِلْحَاقُ: قَالَ الحَاتِمِيُّ، وَبَعْضُ العُلَمَاءِ: لَا يَرَاهُمَا عَيْبًا. وَوَجْدْتُ يُوْنُسُ - الدر الفريد وبيت القصيد - جـ ١

[محمد بن أيدمر]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة التحقيق

- ‌الدر الفريد وبيت القصيد

- ‌فَرادةُ الدر الفريد

- ‌محمَّد بن أيدمر

- ‌ثقافته وأدبه:

- ‌شاعريته وشعره:

- ‌الأشعار:

- ‌مؤلفاته:

- ‌مصادر ترجمته:

- ‌النسخة المعتمدة في التحقيق:

- ‌منهجي في التحقيق:

- ‌شكر وتقدير:

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌ضرُوْبِ الشِّعْرِ

- ‌وَالشِّعْرُ لَهُ أسْبَابٌ:

- ‌وَإِبْدَاعُ المَعْنَى

- ‌وَيَتْلُوْهُمَا أصْنَافُ البَدِيْعِ:

- ‌أَمَّا صِدْقُ التَّشبِيْهِ

- ‌وَمُشَاكَلَةُ التَّجْنِيْسِ

- ‌وَمُبَايَنَة التَّطْبِيْقِ

- ‌وَوُقُوْعُ التَّضْمِيْنِ

- ‌وَنُصُوْعُ التَّرْصِيْعِ

- ‌وَاتِّزَانُ التَّسْمِيْطِ

- ‌وَصِحَّةُ التَّقسِيْمِ

- ‌وَمُوَافَقَةُ التَّوْجِيْهِ

- ‌وَحِدَّةُ الاسْتِطْرَادُ:

- ‌وَحَلَاوَةُ الاسْتِعَارَةِ

- ‌وَلُطْفُ المَخْلَصِ:

- ‌وَنَظَافَةُ الحَشْوِ:

- ‌وَالتَّرْدِيْدِ وَالتَّصْدِيْرِ:

- ‌وَتَأكِيْدُ الاسْتِثْنَاءِ

- ‌وَكَمَالُ التَّتْمِيْمِ:

- ‌وَالإِيْغَالُ فِي التَّبْلِيْغِ:

- ‌وَالإِغْرَاقُ فِي الغُلُوِّ:

- ‌وَمُوَازَاةُ المُقَابَلَة:

- ‌وَسُهُوْلَةُ التَّسْهِيْمِ:

- ‌وَوُقُوْعُ الحَافِرِ عَلَى الحَافِرِ:

- ‌وَدِلَالَةُ التَّتْبِيْعِ

- ‌وَالوَحْيُ وَالإِشَارَةُ وَتَكرِيْرُهَا:

- ‌وَبَرَاعَةُ الابْتِدَاءِ:

- ‌وَأَمَّا تَمْكِيْنُ القَوَافِي:

- ‌وَالمُلَائَمَةُ بَيْنَ صَدْرِ البَيْتِ وَعَجُزِهِ

- ‌وَإِرْدَافُ البَيْتِ بِأَخِيْهِ

- ‌وَإشْبَاعُ المَعْنَى بِأَوْجَزِ لَفْظٍ، وَإبْرَازهُ فِي أحْسَنِ صِيْغَةٍ مِنَ البيانِ:

- ‌وَخَلُوْصُ السَّبْكِ:

- ‌وَلِلشَّاعِرِ أدَوَات لَا غِنَى لَهُ عَنْهَا

- ‌أَقْسَامُ الأَدَبِ

- ‌فَأَمَّا صِحَّةُ الانْتِقَادِ:

- ‌وَأَمَّا التَّمْيِيْزُ بَيْنَ المَدْحِ وَالشُّكْرِ

- ‌وَالفَصْلُ بَيْنَ الهَجْوِ وَالذَّمِّ

- ‌وَالبَوْنُ بَيْنَ الولَعِ وَالهَمْزِ

- ‌وَالتَّرْجِيْحُ بَيْنَ اللَّوْمِ وَالعَتَبِ

- ‌وَالفَرْقُ بَيْنَ الهَزِّ وَالاسْتِزَادَةِ

- ‌وَالتَّصَارفُ بَيْنَ التَّنَصُّلِ وَالاعْتِذَارِ

- ‌وَالحَدُّ بَيْنَ التَّقَاضِي وَالإِذْكَارِ

- ‌وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ أنْوَاع السَّرِقَاتٍ:

- ‌فَالسَّرِقَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ ضُرُوبٍ:

- ‌فَنَظْم المَنْثُوْرِ

- ‌وَإحْسَانُ الآخِذِ عَلَى المَأْخُوْذِ مِنْهُ، وَزِيَادَتُهُ عَلَيْهِ:

- ‌وَالشِّعْرُ المَحْدُوْدُ وَالمَجْدُوْدُ:

- ‌وَتَكَافُؤُ إحْسَانِ المُتَّبِع وَالمُبْتَدِعِ:

- ‌وَنَقْلُ المَعْنَى إِلَى غَيْرِهِ:

- ‌وَتَقَابُلُ النَّظَرِ فِي المَعْنَى إِلَى مِثْلِهِ:

- ‌وَالسَّلْبُ

- ‌وَالسَّلْخُ:

- ‌وَالالْتِقَاطُ وَالتَّلْفِيْقُ:

- ‌فَالخَلْعُ

- ‌وَالاصْطِرَافُ:

- ‌وَالإِغَارَةُ

- ‌وَالاجْتِلَابُ، وَالاسْتِلْحَاقُ:

- ‌وَالانْتِحَالُ

- ‌وَالإِنْحَالُ:

- ‌وَالمُرَافَدَةُ:

- ‌وَتَنَازُعُ الشَّاعِرَيْنِ فِي الشِّعْرِ

- ‌تَقْصِيْرُ المُتَّبعِ عِنْ إِحْسَانِ المُبْتَدِعِ، وَتَكَافُؤُ السَّارِقِ وَالسَّابِقِ فِي الإِسَاءةِ وَالتَّقْصِيْرِ

- ‌وَتَكَافُؤُ السَّارِقِ وَالسَّابِقِ فِي الإِسَاءةِ وَالتَقْصِيْرِ:

- ‌وَبَاقِي المَجَازَاتِ

- ‌الاسْتِعَارَاتُ المُسْتْكْرَهَةُ:

- ‌وَمَا اجْتَمَع فِيْهِ لِلشَّيْءِ الوَاحِدِ اسْمَانِ

- ‌وَمَا يُحْمَلُ الكَلَامُ فِيْهِ عَلَى المَعْنَى لَا عَلَى اللَّفْظِ

- ‌وَمَا لفظُهُ لَفْظُ الموجَبِ وَمَعْنَاهُ مَعْنَى النَّفْي

- ‌وَمَا يُخْبَرُ فِيْهِ عَنْ بَعْضِ الشَّيْءِ يُرَادُ بِهِ جَمِيْعُهُ

- ‌وَمَا يُعْطَفُ عَلَيْهِ الشَّيْءُ، وَلَيْسَ هُوَ مِثْلُهُ

- ‌وَالحَذْفُ

- ‌وَمَا جَاءَ مِنَ التَّقْدِيْمِ وَالتَّأْخِيْرِ

- ‌وَمَا يُحْذَفُ مِنْهُ المُضَافُ، فَيَقُوْمُ المُضَافُ إِلَيْهِ مَقَامَهُ

- ‌وَمَا فُرِّقَ فِيْهِ بينَ المُضَافِ وَالمُضَافِ إِلَيْهِ

- ‌وَمَا يُشَبَّهُ فِيْهِ الشَّيْءُ بِالشَّيْءِ، ثُمَّ يُجْعَلُ المُشَبَّهُ بِهِ هُوَ المُشَبَّهُ بِعَيْنِهِ

- ‌[خاتمة المقدمة]

الفصل: ‌ ‌وَالاجْتِلَابُ، وَالاسْتِلْحَاقُ: قَالَ الحَاتِمِيُّ، وَبَعْضُ العُلَمَاءِ: لَا يَرَاهُمَا عَيْبًا. وَوَجْدْتُ يُوْنُسُ

‌وَالاجْتِلَابُ، وَالاسْتِلْحَاقُ:

قَالَ الحَاتِمِيُّ، وَبَعْضُ العُلَمَاءِ: لَا يَرَاهُمَا عَيْبًا. وَوَجْدْتُ يُوْنُسُ بن حَبِيْبٍ وَغَيْرَهُ مِنْ عُلَمَاءِ الشِّعْرِ يُسَمِّي البَيْتَ يَأْخُذُهُ الشَّاعِرُ عَلَى سَبيْلِ التَّمْثِيْلِ، فَيُدْخِلُهُ شِعْرَهُ اجْتِلَابًا وَاسْتِلْحَاقًا، وَلَا يَرَى ذَلِكَ عَيْبًا وَإِذَا كَانَ الأَمْرُ كَذَلِكَ، فَلَعَمْرِي إنَّهُ لَا عَيْبَ فِيْمَا هَذِهِ سَبِيْلُهُ. فَإمَّا جَرِيْرٌ فَعَيَّرَ بِهِ الفَرَزْدَقَ فَقَالَ (1):[من الوافر]

سَتَعْلَمُ مَنْ يَكُوْنُ أبُوْهُ قَيْنًا

وَمَنْ كَانَتْ قَصائِدُهُ اجْتِلَابَا

وَمَا أَرَاهُ أَرَادَ بِالاجْتِلَابِ هَاهُنَا إِلَّا السَّرَقَ وَالانْتِحَالَ.

وَعَن الأَصْمَعِيّ. قَالَ: رُبَّمَا اجْتَلَبَ الشَّاعِرُ البَيْتَ لَيْسَ لَهُ، وَاجْتَذَبَهُ مِنْ غَيْرِهِ، فَأوْرَدَهُ شِعْرَهُ عَلَى سَبِيْلِ التَّمْثيْلِ بِهِ، لَا عَلَى طَرِيْقِ السَّرَقِ لَهُ، كَمَا قَالَ النَّابِغَةُ الذُّبْيَانِيّ (2):[من الطويل]

وَصَفْرَاءَ لَا تُخْفِي القَذَى وَهِيَ دُوْنَهُ

تُصَفِّقُ فِي رَاوُوْقِهَا حِيْنَ يُقْطَبُ

تَمَزَّزْتُهَا وَالدِّيْكُ يَدْعُو صِحَابِهُ

إِذَا مَا بَنُو نَعْشٍ دَنَوا فَتَصَوَّبُوا

فَقَالَ الفَرَزْدَقُ: وَاجْتَلَبَ البَيْتَ الأَخِيْرَ (3): [من الطويل]

وَإِجَّانَةٍ رَيَّا الشَّرُوْبِ كَأَنَّهَا

إِذَا غُمِسَتْ فِيْهَا الزُّجَاجَةُ كَوْكَبُ

تَمَزَّزْتُهَا وَالدِّيْكُ يَدْعُو صحَابَهُ

إِذَا مَا بَنُو نَعْشٍ دَنَوا فَتَصَوَّبُوا

قَالَ: وَأَحْسِبُهُ تَنَاوَلَ ذَلِكَ مُغِيْرًا عَلَيْهِ، وَإِنْ كَاَنَتِ الغَارَةُ عَارِيَةً، وَلَا أَرَاهُ أَوْرَدَهُ إِلَّا اجْتِلَابًا وَاسْتِلْحَاقًا.

= لَفظهُ وَكِيْسَهُ فَقَالَ صُبَّهَا عَلَى رَأْسِهِ. ثُمَّ قَالَ: هَاتِ عِشْرِيْنَ ثَوْبًا مِنْ خَاصِّ كسْوَتِي وَدَابَّتِي الفُلَانِيَّ وَبَغْلِي الفُلَانِيَّ فَانْصَرَفْتُ بحِبَاءِ الأَعْرَابِيُّ لَا بحبَاءِ مَعْنٍ (1).

(1)

ديوان جرير ص 814.

(2)

العمدة 2/ 283، ولم يردا في ديوانه.

(3)

ديوانه 1/ 18.

_________

(1)

الموشح ص 393.

ص: 396

وَقَالَ أَبُو عَمْرُو بن العَلَاءِ: مَا أَرَى الاجْتِلَابَ وَالاسْتِلْحَاقَ إِلَّا سَرَقًا.

وَقَدْ يَجْتَلِبُ الشَّاعِرُ البَيْتَ وَالبَيْتَيْنِ، وَالمَعْنَى وَالمَعْنَيَيْنِ مِنْ شِعْرِ شَاعِرٍ آخَرَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ الشَّاعِرُ مُخَاطِبًا لَهُ، وَكَانَ هُوَ مُجِيْبًا عَنْ مُخَاطَبَتِهِ، كَالَّذِي يُلْفَى فِي شِعْرِ جَرِيْرٍ وَالفَرَزْدَقُ، وَلَا يَرَى ذَلِكَ سَرَقًا، كَقَوْلِ الفَرَزْدَقِ يُخَاطِبُ جَرِيْرًا (1):[من الكامل]

وَتَرَكْتَ أُمَّكَ يا جَرِيْرُ كَأَنَّهَا

لِلنَّاسِ بِارِكَةٌ طِرِيْقٌ مُعْمَلُ

فَاجْتَلَبَ هَذَا المَعْنَى جَرْيِرٌ رَادًّا عَلَيْهِ فَقَالَ (2): [من الكامل]

بَاتَ الفَرَزْدَقُ يَسْتَجِيْرُ بِجِعْثنٍ

وَعِجَازُ جِعْثنَ كَالطَّرِيْقِ المُعْمَلِ

وَإِنَّمَا اعْتَمَدَ جَرِيْرٌ إِعَادَةَ هَذَا المَعْنَى عَلَى طَرِيْقِ السَّرَقِ، وَلَوْ رَآهَ عَيْبًا لَمَا انْتَظَمَ عَلَيْهِ قَصِيْدَةً يُهَاجِي وَيُفَاخِرُ بِهَا شَاعِرًا كَالفَرَزْدَقِ. وَقَالَ الفَرَزْدَقُ فِي هَذِهِ القَصِيْدَةِ (3):[من الكامل]

إِنَّ الَّذِي سَمَكَ السَّمَاءَ بَنَى لنَا

بَيْتًا دَعَائِمُهُ أعَزُّ وَأَطْوَلُ

فَقَالَ جَرِيْرٌ رَادًّا عَلَيْهِ: [من الكامل]

إِنَّ الَّذِي سَمَكَ السَّمَاءَ بَنَى لنَا

عِزًّا عَلَاكَ فَمَا لَهُ مِنْ مَنْقَلِ

وَمِثَالُ هَذَا قَوْلُ الرَّجُلِ للآخَرِ: أَنَا أعْلَى مِنْكَ بَيْتًا، وَأَسْنَى ذِكْرًا، فَيَقُوْلُ الآخَرُ:

بَلْ أَنَا أعْلَى مِنْكَ بَيْتًا، وَأَسْنَى ذِكْرًا. وَلَوْ رَأَى جَرِيْرٌ مَعَ مَعْرِفَتِهِ بِأَسَالِيْبِ الشِّعْرِ وَأَفَانِيْنِ الفَخَارِ أَنَّهُ عَيْبٌ وَسَرَقٌ؛ لتَنَكَّبَهُ وَلَا سِيَّمَا وَالفَرَزْدَقُ يَقُوْلُ لَهُ فِي هَذِهِ القَصِيْدَةِ:[من الكامل]

إِنَّ اسْتِرَاقَكَ يا جَرِيْرُ قَصائِدِي

مِثْلُ ادِّعَاءِ سِوَى أَبِيْكَ تَنَقَّلُ (4)

(1) لم يرد في القصيدة.

(2)

ديوانه ص 941.

(3)

ديوانه 2/ 155.

(4)

أَخْبَرَ الطَّاهِرِيُّ عَنِ الدِّمَشْقِيِّ عَنْ الزُّبَيْرِ بن بَكَّارٍ عَنْ شَيْخٍ مِنْ بَنِي لَيْثٍ عَنْ مُحَمَّد بن =

ص: 397

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الرَّبِيعِ ابن أَبِي حُمَيْمَةَ الجبْدَعِيّ أَنَّ أَبَاهُ مَرَّ عَلَى كُثَيِّرٍ بِالبَرَّوْحَاءِ وَهُوَ ينْشِدُ (1):

وَكُنْتُ كَذي رِجْلَيْنِ رِجْلٍ صَحِيْحَةٍ

وَأُخْرَى رَمَى فِيْهَا الزَّمَانُ فَشَكَّتِ

قَالَ: وَيْحَكَ يَا ابْنَ أَبِي جُمْعَةَ هَذَا وَاللَّهِ لِصاحِبِنَا أُمَيَّةَ بنَ الأُسْكَرِ. فَقَالَ: هُوَ ذَاكَ يَا ابْنَ أَبِي حَمِيْمَةَ أَنَا أَحْظَى بِهِ مِنْهُ.

وَأَخْبَرَ أَيْضًا أَنَّ الدِّمَشْقِيَّ عَنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عِمْرَانَ مَوْلَى قُرَّةَ عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: كُنْتُ مَعَ الأَحْوَصِ بِقُبَاءٍ فَقَرَأَ عَلَيْنَا مُوْسَى شَهَوَاتٌ قَصِيْدَةً لَهُ عَلَى الرَّاءِ أَحِسَنَ فِيْهَا حَتَّى مَرَّ بِهَذَا البَيْتِ (2):

وَكَذَاكَ الزَّمَانُ يَذْهَبُ بِالنَّاسِ

وَتَبْقَى الدِّيَارُ وَالآثَارُ

فَقَالَ الأَحْوَصُ عَلَى رَوِيِّهَا مَكَانَهُ قَصِيْدَةً أَوَّلُهَا (3):

ضوْءُ نَارٍ بَدَا لِعَيْنِيْكَ أَمْ شُبّ

بِذِيء اثْلِ مِنْ سَلَامَة نَارُ

وَأَدْخَلَ فِيْهَا هَذَا البَيْتَ فَقَالَ مُوْسَى شَهَوْاتٌ مَا رَأَيْتُ مِثْلَكَ يَا أَحْوَصُ أَنْشَدْتُكَ لِي فَذَهَبْتَ بِأَفْضَلِ فِيْهَا. فَقَالَ الأَحْوَصُ: وَاللَّهِ مَا هُوَ لِى وَلَا لَكَ وَمَا هُوَ إِلَّا لِلَبيْدٍ حَيْثُ يَقُوْلُ (4):

وَكَذَاكَ الزَّمَانُ يَذْهَبُ بِالنَّاسِ

وَتَبْقَى الدِّيَارُ وَالآثَارُ

فَعَفَا آَخِرُ الزَّمَانِ عَلَيْهِمْ

فَعَلَى آخِرِ الزَّمَانِ الدَّمَارُ

* * *

أَخْبَرَ عَلِيُّ بن أَبِي غَسَّانَ عن الفضل بن الحباب عن ابن سَلَامَ قَالَ: سَأَلْتُ يُوْنُسُ عَنْ هَذَا البَيْت (5):

_________

(1)

ديوان كثير ص 55.

(2)

الأغاني 9/ 333.

(3)

ديوانه ص 124.

(4)

لم يردا في ديوانه.

(5)

البيت للنابغة الذبياني في هامش ديوانه ص 84.

ص: 398

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= تَعْدُو الذِّئَابَ عَلَى مَنْ لَا كِلَابَ لَهُ

وَتَتَّقِي مَرْبَضَ المُسْتَأْسِدِ الحَامِي

فَقَالَ: هُوَ لِلنَّابِغَةِ فِي قَصيْدَتِهِ الَّتِي أَوَّلُهّا (1):

قَالَتْ بَنُو عَامِرٍ خَالو بَنِي أسَدٍ

يَا بُؤْسَ لِلْحَرْبِ ضَرَّارًا لأَقْوَامِ

قَالَ: وَأَظُنُّ الزُّبَرَقَانَ اسْتَزَادَهُ فِي شِعْرِهِ كَالمَثَلِ حِيْنَ جَاءَ مَوْضِعَهُ مُجْلِبًا لَهُ فِي قَصِيْدَتِهِ الَّتي أَوَّلُهَا:

أَبْلِغْ سَرَاةَ بَنِي عَوْفٍ مُغَلْغَلَةً.

وَقَدْ تَفْعَلُ ذَلِكَ العَرَبُ لَا يُرِيْدُونَ السَّرَقَ.

وَأَخْبَرَ عُبَيْدُ اللَّهِ بن أَحْمَد عَنْ أَبِي دُرَيْدٍ عَنْ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ الأَصْمَعِيّ قَالَ: مَاتَ النَّابِغَةُ الذُّبْيَانِيُّ وَهُوَ ابْنُ خَمْسِيْنَ سَنَةً وَإِنَّمَا قَالَ مِنَ الشِّعْرِ قَلِيْلًا. قَالَ وَالنَّابِغَةُ الجَّعْدِيّ فَحْلٌ وَكَانَ جَيِّدَ الصِّفَةِ لِلْخَيْلِ وَقَدْ أَحْسَنَ فِي قَصيْدَتِهِ الَّتِي يَقُوْلُ فِيْهَا:

تِلْكَ المَكَارِمُ لَا قَعْبَانُ مِنْ لَبَنٍ

شِيْبًا بِمَاءٍ فَصَارَا بَعْدُ أَبْوَالَا (2)

قُلْتُ: فَمَا مَذْهَبُهُ فِي هَذَا البَيْتِ يَدْخُلُ شِعْرَ غَيْرِهِ؟ قَالَ: لَمَّا قَالَ سِوَارُ بن الحَثَا القُشَيْرِيّ:

وَمِنَّا الَّذِي أسرَ حَاجِبًا

وَمِنَّا الَّذِي سَقَى اللَّبَنَ

فَقَالَ النَّابِغَةُ: "حَسَدَ تِلْكَ المَكَارِمَ لَا قَعْبَانُ مِنْ لَبَنٍ". وَقَالَ (3):

فَإنْ يَكُنْ حَاجِبًا مِمَّنْ فَخَرْتَ بِهِ

فَلَمْ يَكُنْ حَاجِبٌ عَمًّا وَلَا خَالَا

قَالَ الأَصْمَعِيُّ: وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ القَصِيْدَةِ لِلنَّابِغَةِ الأَكْبَرِ بَلَغَتْ كُلَّ مَبْلَغٍ.

قَالَ ابْنُ سَلَامٍ: وَقَالَ أَبُو الصَّلْتِ بن أَبِي رَبِيْعَةَ الثَّقْفِيُّ فِي سَيْفِ ذِي يَزَنٍ حِيْنَ ظَهَرَ عَلَى الحَبَشَةِ:

_________

(1)

ديوانه ص 82.

(2)

ديوانه ص 112.

(3)

ديوان النابغة الجعدي ص 109.

ص: 399

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= تِلْكَ المَكَارِمُ لَا قَعْبَانُ مِنْ لَبَنٍ

وَذَكَرَ البَيْتَيْنِ.

وَقَالَ النَّابِغَة الجَّعْدِيَّ فِي كَلِمَةٍ لَهُ فَخَرَ فِيْهَا وَرَدَّ عَلَى القُشَيْرِيّ (1):

أَلَا فَخَرْتَ بِيَوْمي رَحْرَحَانَ وَقَدْ

ظَنَّتْ هَوَازِنَ أَنَّ العِزَّ قَدْ زَالَا

تِلْكَ المَكَارِمُ لَا قَعْبَانُ مِنْ لَبَنٍ

شِيْبًا بِمَاءٍ فَصارَا بَعْدُ أَبْوَالَا

قَالَ: فَبَنُو عَامِرٍ بن صَعْصَعَةَ تَرْوِيْهِ لِلنَّابِغَةِ وَالرُّوَاةُ مُجْمِعُوْنَ عَلَى أَنَّ أَبَا الصَّلْتِ بن أَبِي رَبِيْعَةَ قَالَهُ مِنْ قَصِيْدَتِهِ الَّتِي يَقُوْلُ فِيْهَا:

اشْرَبْ هَنِيْئًا عَلَيْكَ التَاجُ مُقْتَبِلَا

بِظَهْرِ غُمْدَانَ دَارًا مِنْكَ مِحْلَالَا

وَأَحْسَبُ أَنَّ الجّعْدِيّ جَاءَ بِهِ مَثَلًا. وَقَالَ يُوْنُسُ: هَذَا اسْتِلْحَاقٌ وَلَيْسَ بِانْتِحَالٍ وِغَيُرهُ يُسَمِّيْهِ انْتِحَالًا وَلَكِنَّهُ حَسَّنَ العِبَارَةَ (2).

* * *

كَانَ جَرِيْرُ اشْتَرَى جَارِيَةً مِنْ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ زَيْدٌ مِنْ أَهْلِ اليَمَامَةِ فَفَرَكَتْ جَرِيْرًا وَجَعَلَتْ تَحِنُّ إِلَى زَيْدٍ فَقَالَ جَرِيْرٌ (3):

تُكَلِّفُنِي مَعِيْشَةَ آلِ زَيْدٍ

وَمَنْ لِي بِالمرقّقِ وَالصّنَابِ

وقالت لَا تَضُمُ كَضمِّ زَيْدٍ

وَمَا ضَمِّي وَلَيْسَ معي شَبَابِي

فَقَالَ الفَرَزْدَقُ (4):

فَإِنْ تَفْرُككَ عِجْلَةُ آلِ زَيْدٍ

وَيُعْوِزُكَ المُرَقَّقُ وَالصّنَابُ

فَقِدْمًا كَان عَيْشُ أَبِيْكَ مُرًّا

يَعِيْشُ بِمَا يِعِيْشُ بِهِ الكِلَابُ

_________

(1)

ديوانه ص 111 - 112.

(2)

طبقات فحول الشعراء ص 58، الأغاني 5/ 12 - 15.

(3)

ديوانه ص 812.

(4)

ديوانه 1/ 106.

ص: 400