الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَالخَلْعُ
(1):
هُوَ أَنْ يَأْخُذَ الشَّاعِرُ بَيْتًا لِشَاعِرٍ آخَرَ، بِلَفْظِهِ وَوَزْنِهِ وَمَعْنَاهُ وَصِيْغَتِهِ، فَيُرَكِّبَ عَلَيْهِ قَافِيَةً غَيْرَ قَافِيَتِهِ الأُوْلَى، وَيُلْحِقَهُ بِشِعْرِهِ، فَيَصيْرَ لَهُ، على مَذْهَبِ العَرَبِ.
كَقَوْلِ امْرِئِ القَيْسِ (2): [من الطويل]
وُقُوْفًا بِهَا صحْبِي عَلَيَّ مَطِيُّهُم
…
يَقُوْلُوْنَ لَا تَهْلِكْ أَسًى وَتَجَمَّلِ
خَلَعَهُ طَرْفَةُ فَقَالَ (3): [من الطويل]
وُقُوْفًا بِهَا صَحْبِي عَلَيَّ مَطِيُّهُم
…
يَقُوْلُوْنَ لَا تَهْلِكْ أَسًى وَتَجَلَّدِ
وَكَقَوْلِ امْرِئِ القَيْسِ (4): [من الكامل]
نَظَرَتْ إلَيْكَ بِعَيْنِ جَازِيَةٍ
…
حَوْرَاءَ حَانِيَةٍ عَلَى طِفْلِ
خَلَعَهُ المُسَيَّبُ بنُ عَلَسٍ. وَهُوَ خَالُ الأَعْشَى، فَقَالَ (5):[من الكامل]
نَظَرَتْ إلَيْكَ بِعَيْنِ جَازِيَةٍ
…
حَوْرَاءَ فَادِرَةٍ مِنَ السَّدْرِ
وَكَقَوْلِ مَرْوَان بن أَبِي حَفْصَةَ (6): [من الطويل]
وَإنِّي لتُغْنِيْنِي عَنِ المَاءِ نُغْبَةٌ
…
وَأَصْبِرُ عَنْهُ مِثْلَ صبْرِ الأَبَاعِرِ
= كَفَى وَشَفَى مَا فِي النُّفُوْسِ فَلَمْ يَدَعْ
…
لِذِي إِرْبَةٍ فِي القَوْلِ جِدًّا وَلَا هَزلَا
أَخَذَ المِصْرَاعَ الأَخِيْرَ مِنْ هَذَا البَيْتِ فَأَضَافَهُ إِلَى صَدْرِ بَيْتِ الشَّاعِرِ الأوَّلِ.
(1)
أنظر: البديع لابن أفلح العبسي ص 147 وما بعدها.
(2)
ديوانه ص 70.
(3)
ديوانه ص 6.
(4)
ديوانه ص 338 (ط القاهرة).
(5)
البديع لأسامة ص 218.
(6)
نضرة الإغريض ص 446، ولم يرد في ديوانه.
خَلَعَهُ المُتَنَبِّي فَقَالَ (1): [من الطويل]
وَإنِّي لتُغْنِيْنِي عَنِ المَاءِ نُغْبَةٌ
…
وَأَصبِرُ عَنْهُ مِثْلَ مَا تَصْبِرُ الرُّبدُ
وَهَذَا غَيْرُ مُسْتَحْسَنٍ مِن أَبِي الطَّيِّبِ؛ لأَنَّهُ إِنَّمَا تَسْتَعْمِلُ العَرَبُ الخَلْعَ مَجَازًا. عَلَى أَنْ أَهلَ الفَضْلِ لَا يَرْضوْنَهُ لأَنْفُسِهِمْ، فَكَيْفَ بِمَنْ سَارَ ذِكْرُهُ، وَاشْتَهَرَ بِالأدَبِ وَالحِذْقِ فِي صِنَاعَةِ الشِّعْرِ أَمْرُهُ. وَأَنَا لَا أَخُصُّ أبَا الطَّيِّبِ وَحْدَهُ بِالإِنْكَارِ عَلَيْهِ دُوْنَ غَيْرِهِ فِي الخَلْعِ، بلْ كُلُّ مَنْ عَلِمَ مِنَ الفَضْلِ مَا عَلِمَهُ أَبُو الطَّيِّبِ، وَتَأَدَّبَ كَتَأَدُّبِهِ مِنَ المُحْدَثِيْنَ؛ فَإنَّ المُسَامَحَةَ بِمِثْلِ ذَلِكَ تَضِيْقُ عَنْهُ (2).
(1) ديوانه 1/ 376.
(2)
قَالَ عَمْرُو بنُ شَاسٍ الأَسَدِيُّ (1):
فَأَطْرَقَ إِطْرَاقَ الشُّجَاعِ وَلَوْ يَرَى
…
مَسَاغًا لِنَابِيَة الشُّجَاعُ لَقَدْ أَزِمْ
خَلَعَهُ المُتَلَمِّسُ فَقَالَ (2):
فَأَطْرَقَ إِطْرَاقَ الشُّجَاعِ وَلَوْ يَرَى
…
مَسَاغًا لِنَابِيَة الشُّجَاعُ لَصَمَّمَا
وَقَالَ جَرِيْرٌ (3):
لَمْ يَرْكَبُوا الخَيْلَ إِلَّا بَعْدَمَا هَرِمُوا
…
فَهُمُ ثِقَالٌ عَلَى أَعْجَازِهَا عُنُفُ
خَلَعَهُ الآخَرُ فَقَالَ:
لَمْ يَرْكَبُوا الخَيْلَ إِلَّا بَعْدَمَا هَرِمُوا
…
فَهُمُ ثِقَالٌ عَلَى أَعْجَازِهَا مُيُلُ
وَقَالَ امْرُؤُ القَيْسِ (4):
كَأَنِّي لَمْ أَرْكَب جوَدًا للِذَةٍ
…
وَلَمْ أَتَبَطَّنْ كَاعِبًا ذَاتِ خلْخَالِ
وَلَمْ أَسْبَأِ الرِّزْقَ الرَّوِيَّ وَلَمْ أَقُلْ
…
لِخَيْلِي كِرِّي كَرَّةً بَعْدَ إِجْفَالِ
_________
(1)
ديوانه ص 70.
(2)
معجم الشعراء ص 213.
(3)
ديوانه ص 1032.
(4)
ديوانه ص 35.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= خَلَعَهُ عَيْدُ يَغُوْثَ بن وَقَّاصٍ الحَارِثِيُّ وَقَدْ أَسَرَتْهُ بَنُو تَمِيْمٍ يَوْمَ الكُلَابِ فَقَالَ (1):
كَأَنِّي لَمْ أَرْكَب جوَدًا وَلَمْ أَقُلْ
…
لِخَيْلِي كِرِّي نَفّسِي عَنْ رِجَالِيَا
وَلَمْ أَسْبَأِ الرِّزْقِ الرَّوِيَّ وَلَمْ أَقُلْ
…
لإِسَارِ صِدْقٍ عَظِمُوا ضَوْءَ نَارِيَا
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ المَلِكِ أَبِي مَنْصوْر بن جَلَالِ الدَّوْلَةِ:
تَغَرَّبْتُ عَنْ أَهْلِي فَبِتُّ مُشَرَّدًا
…
وَحِيْدًا فَرِيْدًا فِي البِلَادِ أَدُوْرُ
وَخَلَّفْتُ أُخْوَانِي وَأَهْلِي وَجِيْزَتِي
…
يبِكوْنَ شَجْوًا إنَّنِي لَصَبُوْرُ
حَرِيْصٌ عَلَى رِزْقٍ قَضَى اللَّهُ
…
أَنَّهُ عَلَى دَعَةٍ مِنِّي إَلَيَّ يَصِيْرُ
ولي وَطَنٌ مَا إِنْ عَلَى الأَرْضِ مِثْلُهُ
…
وَلَكِنَّ أَحْكَامٌ جَرَتْ وَأُمُوْرُ
خَلَعَ هَذَا البَيْتَ الأخِيْرَ مِنْ قَوْلُ تَمِيْمِ بنِ مَعَدّ المِصْرِيّ حَيْثُ يَقُوْلُ (2):
إِذَا حان مِنْ شَمْسِ النَّهَارِ غُرُوبُ
…
تَذَكَّرَ مُشْتَاقٌ وَحَنَّ غَرِيْبُ
وَمَا بَلَدُ الإنسَانِ إِلَّا الَّذِي بِهِ
…
لَهُ شَجَنٌ يَعْتَادُهُ وَحِبيْبُ
ولي وَطَنٌّ مَا إِنْ عَلَى الأَرْضِ مِثْلهُ
…
وَلَكِنَّ أَحْكَامٌ جَرَتْ وَخُطُوْبُ
فَلَمْ يَصْنَعَ فِي البَيْتِ إِلَّا أنْ غَيَّرَ القَافِيَةَ حَسْبُ.
وَكَقَوْلِ طُرْفَةَ (3):
فَلَوْلَا ثُلْثٌ هُنَّ مِنْ لذَّةِ الفَتَى
…
وَجَدّكِ لَمْ أَحْفِلْ مَتَى قام عُوْدِي
وَقَالَ ابْنُ الطّثْرِيَّةِ (4):
فَلَوْلَا ثُلْثٌ هُنَّ مِنْ لذَّةِ الفَتَى
…
وَجَدّكِ لَمْ أَحْفِلْ مَتَى قام رَأْسِي
* * *
_________
(1)
المفضليات 2/ 613.
(2)
ديوانه ص 52.
(3)
شرح ديوانه ص 106.
(4)
لم يرد في مجموع شعره.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَمِنْ هَذَا البَابِ قَوْلُ حَاتِمٍ الطَّائِيّ إِنْشَادُ ابن الكَلْبِيّ (1):
تَبَغَّ ابنَ عَمِّ الصِّدْقِ حَيْثُ لَقِيْتَهُ
…
فَإِنَّ ابنَ عَمِّ السُّوْءِ إِنْ سَرَّ يُخْلِفُ
وَقَوْلُ الحارثُ بن كِلْدَةَ (2):
تَبَغَّ ابنَ عَمِّ الصِّدْقِ حَيْثُ وَجَدْتَهُ
…
فَإِنَّ ابنَ عَمِّ السُّوْءِ أَوْعَرَ جَانِبُه
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ امْرُؤُ القَيْسِ (3):
فَلأيًا بِلأيٍ مَا حَمَلْنَا غُلامَنَا
…
عَلَى ظَهْرِ مَحْبُوْكِ السَّرَاةِ مُحَنَّبِ
المُحَنَّبُ الأَقْنَى الذّرَاع وَهُوَ أَنْ تَكُوْنَ ذرَاعُهُ عَصَبُهَا ظَاهِرَةٌ لَيْسَتْ بِمَلْسَاءَ وَهَذَا يُسْتَحَبُّ فِي خلقةِ الجَّيَادِ.
خَلَعَهُ زَهَيْرُ بن أَبِي سُلْمَى فَقَالَ (4):
فَلأيًا بِلأيٍ مَا حَمَلْنَا غُلامَنَا
…
عَلَى ظَهْرِ مَحْبُوْكٍ ظِمَاءٍ مَفَاصِله
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ امْرُؤُ القَيْسِ أَيْضًا (5):
كَأَنَّ المدَامَ وَصَوْبَ الغَمَامِ
…
وَرِيْحُ الخُزَامَى وَنَشْرَ القُطُر
يُعَلّ بِهِ بَرْدُ أَنْيَابِهَا
…
إِذَا طَرَّبَ الطَّائِرُ المُسْتَحر
خَلَعَهُ عُمَرُ بن أَبِي رَبِيْعَةَ المَخْزُوْمِيّ فَقَالَ (6):
كَأَنَّ المدَامَ وَصَوْبَ الغَمَامِ
…
وَرِيْحُ الخُزَامَى وَذَوْبَ العَسَل
يُعَلّ بِهِ بَرْدُ أَنْيَابِهَا
…
إِذَا مَا صَفَا الكَوْكَبُ المُعْتَدِل
_________
(1)
ديوان حاتم الطائي ص 223.
(2)
الوحشيات ص 120، حماسة البحتري ص 82.
(3)
ديوانه ص 50.
(4)
ديوانه ص 118.
(5)
ديوانه ص 158.
(6)
لم ترد في ديوانه. أنظر: زهر الآداب 1/ 237.