الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قِفِ العِيْسَ (1) فِي أَطْلَالِ مَيَّةَ فَاسْأَلِ
…
رُسُوْمًا كَأَخْلَاقِ الرِّدَاءِ المُسَلْسَلِ
فَتَمَّ كَلَامُهُ ثُمَّ احْتَاجَ إِلَى القَافِيَةِ، فَقَالَ المُسَلْسَلِ، فَزَادَ شَيْئًا ثُمَّ قَالَ أَيْضًا (2):
أَظُنُّ الَّذِي يُجْدِي عليك سُؤَالُهَا
…
دُمُوْعًا كَتَبْذِيْرِ الجُمَانِ المُفَصَّلِ
فَتَمَّ الكَلَامُ، ثُمَّ احْتَاجَ إِلَى القَافِيَةِ، فَقَالَ المُفَصَّلِ، فَزَادَ شَيْئًا حَسَنًا.
وَالإِغْرَاقُ فِي الغُلُوِّ:
هُوَ المُبَالَغَةُ فِي وَصْفِ الشَّاعِرِ الشَّيْءَ، أَوِ المَمْدُوْحَ، أوِ المَذْمُوْمَ بِأبْعَدِ غَايَاتِ صِفَاتِهِ. وَالغُلُوُّ فِي ذَلِكَ هُوَ أَنْ نُعطِيَهُ مِنَ الصِّفَةِ مَا تَعْجِزُ طَبِيْعَتُهُ عَنْهُ، وَلَا تَنْتَهِي قُوَاهُ إِلَيْهِ، فَيَكُوْنُ ذَلِكَ غُلُوًّا فِي المُبَالَغَةِ. قَالُوا وَإِذَا أَتَى الشَّاعِرُ مِنَ الغُلُوِّ بِمَا يَخْرُجُ عَنِ المَوْجُوْدِ وَيَلْحَقُ بِالمَعْدُوْمِ، فَإنَّمَا يُرِيْدُ المَثَلَ وَبُلُوْغَ النِّهَايَةِ فِي النَّعْتِ. وَقَدْ طَعَنَ قَوْمٌ عَلَى هَذَا المَذْهَبِ؛ لِمُنَافَاتِهِ الحَقِيْقَةَ، وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ عِنْدَ التَّأَمُّلِ وَالفِكْرَةِ، وَلَيْسَ بِمَوْضِعِ طَعْنٍ. وَسُئِلَ النَّابِغَةُ مَنْ أَشْعَرُ النَّاسِ؟ فَقَالَ: مَنْ أسْتُجِيْدُ كَذِبُهُ، وَأضْحَكَ رَدِيْئُهُ. فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ قَيْسِ بنِ الخَطِيْمِ يَصِفُ طَعْنَةً (3):[من الطويل]
طَعَنْتُ ابنَ عَبْدِ القَيْسِ طَعْنَةَ ثَائِرٍ
…
لَهَا نَفَذٌ لَوْلَا الشُّعَاعُ أضَاءهَا
مَلَكْتُ بِهَا كَفِّي فَأنْهَرْتُ فَتْقَهَا
…
يَرَى قَائِمٌ مِنْ دُوْنهَا مَا وَرَاءهَا
أنْهَرْتُ: أوْسَعْتُ. وَمِثْلُهُ قَوْلُ النَّمِرِ بنِ تَوْلَبٍ يَصِفُ سَيْفًا: [من البسيط]
أَبْقَى الحَوَادِثُ وَالأَيَّامُ مِنْ نَمِرٍ
…
أسْبَادَ سَيْفٍ قَدِيْمٍ أثرُهُ بَادِي
تَكَادُ تَحْفِرُ عَنْهُ إِنْ ضرَبْتَ بِهِ
…
بَعْدَ الذِّرَاعَيْنِ وَالسَّاقَيْنِ وَالهَادِي
وَمِنْ ذَلِكَ مَا يُعَلَّلُ بِلَوْ، وَلَوْلَا، وَيَكَادُ، وَمَا نَاسَبَهُ؛ لِيَخْرُجَ عَنِ المُسْتَحِيْلِ؛
(1) يُقَالُ وَقْفْتُ وَلَا يُقَالُ أَوْقَفْتُ إِلَّا فِي مَوْضعَيْنِ: أَوْقَفْتُ الجَّارِيَةَ إِذَا جَعَلْتَ لَهَا وَقْفًا وَهُوَ سِوَارٌ مِنْ عَاجٍ يَتَّخِذَهُ الأَعْرَاب، وَتَكَلَّمْتُ بِالشَّيْءِ ثُمَّ أَوْقَفْتُ عَنْهُ أَيْ أَمْسَكْتُ. وَلَا يَجُوْزُ فِي غَيْرِ هَذَينِ الحَرْفَيْنِ أَوْقَفْتُ بِوَجْهٍ وَلَا سَبَبٍ.
(2)
ديوانه 3/ 1451.
(3)
ديوانه ص 46.
وَلِيَسْلَمَ مِنَ الاعْتِرَاضِ المُقَدَّمِ ذِكْرُهُ، كَقَوْلِ ابنِ المُعْتَزِّ (1):[من السريع]
وَذُبْتُ حَتَّى صِرْتُ لَوْ زُجَّ بِي
…
فِي نَاظِرِ الوَسْنَانِ لَمْ يَنْتَبِه
وَكَقَوْلِ المُتَنَبِّيّ يَصِفُ رَامِيًا بِالسِّهَامِ مُعَلَّقًا بِلَوْلَا (2): [من الوافر]
يُصِيْبُ بِبَعْضِهَا أفْوَاقَ بِعْضٍ
…
فَلَوْلَا الكَسْرُ لاتَّصَلَتْ قَضِيْبَا
وَكَقَوْلِ أَبِي صَخْرٍ بِدُخُوْلِ يَكَادُ فِيْهِ (3): [من الطويل]
تَكَادُ يَدِي تَنْدَى إِذَا مَا لَمَسْتُهَا
…
وَيَنْبُتُ فِي أطْرَافِهَا الوَرَقُ الخُضْرُ
وَمِثْلُهُ قَوْلُ مُعَاوِيَةَ بنِ مرْدَاسٍ يَصِفُ فَرَسًا (4): [من البسيط]
يَكَادُ فِي شَأوِهِ لَوْلَا أُسَكِّنُهُ
…
لَوْ طَارَ ذُو حَافِرٍ مِنْ سُرْعَةٍ طَارَا
وَمِنَ الغُلُوِّ فِي المُبَالَغَةِ وَالإِغْرَاقِ فِيْهِ قَوْلُ أَبِي وَجْزَةَ السَّعْدِيِّ (5): [من الطويل]
أَلَا عَلِّلَانِي فَالتَّعَلُّلُ أرْوَحُ
…
وَيَنْطِقُ مَا شَاءَ اللِّسَانُ المُسَرَّحُ
بِإِجَّانَةٍ لَوْ أنَّهَا جُزَّ بِازِلٌ
…
مِنَ البَخْتِ فِيْهَا ظَلَّ لِلجنْبِ يَسْبَحُ
(1) لم ترد في ديوانه، وهي في ديوان المعاني 1/ 272، العمدة 2/ 64.
قَبْلَهُ:
وَقَالُوا ذَاكَ أَرْمَى مَنْ رَأَيْنَا
…
فَقُلْتُ رَأَيْتُمُ الغَرَضَ القَرِيْبَا
وَهَلْ يُحْظَى بِأَسْهُمِهِ الرَّمَايَا
…
وَمَا يَحْظَى بمَا ظَنَّ الغويَّا
إِذَا انكبَّتْ كِنَايَتُهُ اسْتَبَنَّا
…
بِأَنْصُلِهَا لأَنْصُلِهَا نُدُوْبَا
يُصيْبُ بِبَعْضِهَا. البَيْتُ
يُرِيْكَ النَّزْعُ بَيْنَ القَوْسِ مِنْهُ
…
وَبَيْنَ رَمِيَّةِ الهَدَفِ اللهِيْبَا
(2)
ديوانه 1/ 143.
(3)
شعراء أمويون ص 95.
(4)
المعاني الكبير 1/ 69.
(5)
حلية المحاضرة 1/ 59، عيار الشعر ص 97.
وَكَقَوْلِ أَبِي الطَّمْحَانِ القَيْنِيِّ (1): [من الطويل]
أَضَاءتْ لَهُمْ أحْسَابُهُمْ وَوَجُوْهُهُمْ
…
دُجَى اللَّيْلِ حَتَّى نَظَّمَ الجزْعَ ثَاقِبُه
وَكَقَوْلِ أَبِي نُوَاسٍ (2): [من الكامل]
وَأَخَفْتَ أهْلَ الشِّرْكِ حَتَّى إنَّهُ
…
لتَخَافُكَ النُّطَفُ الَّتِي لَمْ تُخْلَقِ
وَكَقَوْلِ ابنِ الرُّوْمِيِّ (3): [من الطويل]
دَعَا النَّاسَ حَتَّى أَسْمَعَ الصُّمَّ صوْتُهُ
…
وَأَنْطَقَ حَتَّى قَالَ فِيْهِ الأَخَارِسُ
وَكَقَوْلِ الآخَرِ، وَهُوَ مُهَلْهِلُ بنُ رَبِيْعَةَ أخُو كُلَيْبٍ (4):[من الخفيف]
وَقَتَلْنَا بَكْرًا فَبَادُوا جَمِيْعًا
…
وَنَفَخْنَا فِيْمَنْ سِوَاهُمْ فَطَارُوا (5)
(1) حلية المحاضرة 1/ 95، الصناعتين ص 372.
(2)
ديوانه ص 401.
(3)
ديوانه 3/ 1224.
(4)
لم ترد في ديوانه.
(5)
وَمِنْ الإِفْرَاطِ فِي المُبَالَغَةِ وَالخُرُوْجِ فِيْهِ عَنِ الحَدِّ إِلَى المُسْتَحِيْلِ قَوْلُ أَبُو الطَّيِّبُ فِي المَدْحِ (1):
وَنَالُوْهَا اشْتَهُوا بِالحَزْمِ هَوْنًا
…
وَصَادَ الوَحْشُ نَمْلَهُمُ دَبِيْبَا
وَقَوْلُهُ أَيْضًا (2):
وَضَاقَتِ الأَرْضُ حَتَّى كَانَ هَارِبُهُمْ
…
إِذَا رَأَى غَيْرَ شَيْءٍ ظَنَّهُ رَجُلَا
وَقَولُهُ (3):
فَبَعْدُ وَإلَى ذَا اليَوْمِ لَوْ رَكِضَتْ
…
بِالخَيْلِ فِي لَهَوَاتِ الطِّفْلِ مَا سَعَلَا
_________
(1)
ديوانه 1/ 144.
(2)
ديوانه 3/ 168.
(3)
ديوانه 3/ 168.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَكَقَوْلِ الآخَرِ:
وَبِتْنَا عَلَى رَغْمِ الحَسُوْدِ وَبَيْنَنَا
…
حَدِيْثٌ كَرِيْحِ المِسْكِ شِيْبَ بِهِ الخَمْرُ
حَدِيْثٌ لَوْ أَنَّ المَيْتَ نُوْدِي بِبَعْضِهِ
…
لأَصْبَحَ حَيًّا بَعْدَ مَا ضَمَّهُ القَبْرُ
تَوَسَّدَتْهُ كَفِّي وَبِتُّ ضَجِيْعَهُ
…
وَقُلْتُ لِلَيْلِي طُلْ فَقَدْ رَقَدَ البَدْرُ
فَلَمَّا أَضاءَ الصُّبْحُ فَرَّقَ بَيْنَنَا
…
وَأيُّ نَعِيْمٍ لَا يُكَدِّرُهُ الدَّهْرُ
وَكَقَوْلِ خَالِدِ بن يَزِيْدِ (1):
يَا مَنْظَرًا مَلأَتْ عَيْنِي بِبَهْجَتِهِ
…
عَنْ شَمْسِ حُسْنٍ عَلَى غُصْنٍ مِنَ الآسِ
يُدْمِي تَوَهُّمُ لَحْظ العَيْنِ وَجْنَتُهُ
…
وَلَا يَرِقُّ لِشَيْءٍ قَلْبُهُ القَاسِي
وَكَقَوْلِ الوَاوَاء الدِّمَشْقِيّ (2):
أَتَانِي زَائِرًا مَنْ كَانَ يُبْدِي
…
لِي الهَجْرَ الطَوِيْلَ وَلَا يَزُوْرُ
فَقَالَ النَّاسُ لَمَّا أَبْصَرُوْهُ
…
لِيَهْنِكَ زَارَكَ القَمَرُ المَنِيْرُ
قلت لَهُمْ وَدَمْعُ العَيْنِ
…
يَجْرِي عَلَى خَدِّي لَهُ دُرٌّ نَثِيْرُ
مَتَى أَرْعَى بِرَوْضِ الحُسْنِ مِنْهُ
…
وَعَيْنِي قَدْ تَضَمَّنَهَا غَدِيْرُ
وَلَوْ نُصبَتْ رَحًى بِإزَاءِ دَمِعِي
…
لَكَانَتْ مِنْ تَحَدُّرِهِ تَدُوْرُ
المُبَالَغَةُ فِي هَذَا البَيْتِ الأخَيْرِ.
وَكَانَ أَبَا الفَرَجِ الوَاوَاء ألَمَّ فِي البَيْتِ الرَّابِعِ بِقَوْلِ ابنِ المُعْتَزِّ (3):
وَإِنْ تَكُ فِي خَدَّيْكِ لِلْحُسْنِ رَوْضةٌ
…
فَإنَّ عَلَى خَدِّي غَدِيْرًا مِنَ الدَّمْعِ
وَمِنْ المُبَالَغَةِ قَوْلُ السَّرِيِّ الكِنْدِيِّ وَعَلَّلَهُ بِقَوْلهِ (4):
_________
(1)
لم يرد في ديوانه.
(2)
ديوانه ص 110.
(3)
يتيمة الدهر 1/ 335.
(4)
ديوانه 1/ 395.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= حَسَبْنَاهُ وَخَرْقٍ طَالَ فِيْهِ
…
السَّيْرُ حَتَّى حَسَبْنَاهُ يَسِيْرُ مَعَ الرِّكَابِ
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ جَعْفَرُ بنُ شَمْسِ الخِلَافَةِ يَمْدَحُ:
سَيْفُ عَزْمٍ لَوْ
…
أَشَارَ بِهِ لَلرَّاسِيَاتِ بَرَى
وَسِمِعَ أَبُو الهَذِيْلِ قَوْلُ النِّظَامِ وَكِلَاهُمَا مُتَكَلِّمٌ (1):
رَقَّ فَلَوْ بُزَّتْ سَرَابِيْلُهُ
…
عَلْقَةُ الجَوِّ مِنَ اللُّطْفِ
يَجْرَحُهُ اللَّحْظِ بِتِكْرَارِهِ
…
وَيَشْتَكِي الإِيْمَاءَ بِالطَّرَفِ
فَقَالَ: هَلَّا يُنَاكُ بِأَيْرٍ مِنْ خَاطِرٍ.
وَقَالَ ابْنُ الرُّوْمِيّ (2):
رَقَّ فَلَوْ مَرَّتْ بِهِ نَمْلَةٌ
…
أَرْجُلُهَا مُنْعَلَةٌ بِالحَرِيْرِ
لأَثَّرَتْ بِهِ كَمَا أَثَّرَتْ
…
مَدَامَةُ فِي عَارِضٍ مُسْتَدِيْرِ
وَقَالَ آخَرُ وَبَالَغَ أَيْضًا:
أُضْمِرُ أَنْ أَضْمِرَ عَتْبًا
…
فَيَشْتَكِي إِضْمَارَ إضْمَارِي
رَقَّ فَلَوْ مَرَّتْ بِهِ نَمْلَةٌ
…
لَخَضَبَتْهُ بِدَمٍ جَارِ
* * *
وَمِنَ الإِفْرَاطِ فِي الوَصْفِ قَوْلُ بَعْضُ الأَعْرَابِ يَصفُ بُكَاءَهُ وَغَزَارَةَ دُمُوْعِهِ:
رَعَا اللَّهُ عَيْنًا مِنْ بُكَاهَا عَلَى الحِمَى
…
تَجِفُّ ضُرُوْعُ المُزْنِ وَهِيَ حَلُوْبُ
بَكَتْ وَغَدِيْرُ الحَيّ طَامٍ فَأَصْبَحَتْ
…
عَلَيْهِ الجِمَالُ الجَائِمَاتُ تَلُوْبُ
وَمَا كُنْتُ أَدْرِي أَنَّ عَيْنًا زَكِيَّةٌ
…
وَلَا أَنَّ مَاءَ المُقْلتيْنِ شَرُوْبُ
* * *
_________
(1)
طبقات ابن المعتز 272، المنصف ص 337.
(2)
لم ترد في ديوانه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَكَقَوْلِ أَبي مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بن مُحَمَّد بن مُغِيْثٍ:
أبُو حِسْبَةٍ إِنْ قِيْلَ حَدَّ نُحُوْلَهِ
…
فَلَمْ يَبْقَ مِنْ لَحْمٍ عَلَيْهِ وَلَا عَظْمِ
فَعَادَ قَمِيْصًا فِي فَرَاشِ فَلَمْ يَرَوا
…
وَلَا لَمِسُوا شَيْئًا يَدلُّ عَلَى جِسْمِ
طَوَاهُ الهَوَى فِي ثَوْبِ سَقْمٍ مِنَ الضَّنَا
…
فَلَيْسَ بِمَحْسُوْسٍ بِعَيْنٍ وَلَا وَهْمِ
* * *
وَكَقَوْلِ أَبي أَحْمَد المُنْفَتِلُ:
وَلَوْ حَاوَلْتَ مِنْ سَقْمِي ذِهَابًا
…
جَرَيْتُ مَعَ التَّنَفُّسِ حَيْثُ يَجْرِي
وَلَوْ أُسْكِنْتَ بَاطِنْ جَفْنِ عَيْنٍ
…
بِمُقْلَةِ سَاهِرٍ مَا كَانَ يَدْرِي
* * *
وَكَقَوْلِ أَبِي حبِيْبٍ:
وَلَوْ قَلَمٌ أُلْقِيَتْ فِي شَقِّ رَأْسِهِ
…
مَا غَيَّرَتْ مِنْ خَطِّ الكَاتِبِ
* * *
وَمِنَ المُبَالَغَةِ فِي وَصفِ رَامٍ قَوْلُ المُتَنَبِّيّ:
يَكَادُ يصِيْبُ الشَّيْءَ قَبْلَ رَمْيِهِ
…
وَيُمْكِنُهُ فِي سَهْمِهِ المُرْسَلِ الرَّدُّ
وَيُنْفِذُهُ فِي العَقْدِ وَهُوَ مُضيَّقٌ
…
مِنَ الشّعْرَةِ السّوَدِاء -- أسْوَدِ
-- تصيْغُهُ هَوًى أَوْ أَنَّهَا فِي غَيْرِ أنمله زُهدِ
يَكَادُ يصِيْبُ الشَّيْءَ. البَيْتُ
وَلَيْسَ رَدُّ السَّهْمِ مِنْ وَصفِ الرُّمَاةِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنَ المُبَالَغَةِ الَّتِي تُوْدِي إِلَى المُحَالِ.
* * *
وَقَالَ آخَرُ يَصفُ ضَرْبَةً وَأَسْرَفَ (1): =
_________
(1)
حلية المحاضرة 1/ 88، الموشح ص 88.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ضَرَبْتهُ فِي المُلْتَقَى ضَرْبَةً
…
فَخَرَّ مِنْ مَنْكِبِهِ الكَاهِلُ
فَصَارَ مَا بَيْنَهُمَا فَجْوَةٌ
…
يَمْشِي بِهَا الرَّامِحُ وَالنَّابِلُ
النَّبَالُ: الَّذِي يَعْمَلُ النّبلَ والنَّابِلُ الَّذِي يَحْمِلُ النّبلَ وَكَذَلِكَ سَيَّافٌ وَسَايِفٌ وَرَمَّاحٌ وَرَامحٌ وَنَحْوَهُ.
وَقَالَ النَّابِغَةُ فِي صِفَةِ السُّيُوْفِ (1):
تَقُدُّ السَّلْوُقِيَّ المُضَاعَفَ نَسْجُهُ
…
وَيُوْقِدْنَ بِالصِّفَاحِ نَارَ الحَبَاحِبِ
زَعَمَ أَنَّ هَذَا السَّيْفَ يقُدُّ الدّرْعَ المُضَاعَفَةَ وَالفَارِسَ وَالفَرَسَ ثُمَّ يَقَعُ فِي الأَرْضِ فَيقْدَحُ النَارَ مِنَ الحِجَارَةِ.
وَهَذَا بَعْدَ قَوْلِهِ (2):
وَلَا عَيْبَ فِيْهِمْ غَيْرَ أَنْ سُيُوْفَهمْ
…
بِهُنَّ فُلُوْلٌ مِنْ قِرَاعِ الكَتَائِبِ
وَقَالَ أَيْضًا يَصِفُ حَوْمَ الطَّيْرِ حَوْلَ العَسْكَرِ (3):
جَوَانِحُ قَدْ أَيْقَنَّ أَنَّ قَبِيْلَةَ
…
إِذَا مَا الْتَقَى الجمْعَانِ أَوَّلُ غَالِبِ
فَجَعَلَ الطَّيْرَ الَّذِي يَتْبَعُهُمْ تُوْقِنَ أَنَّ قَبْيْلَةَ غَالِبٌ وَقَدْ تَقَدَّمَهُ الأَفْوَهُ الأودِيُّ إِلَى هَذَا المَعْنَى بِقَوْلهِ (4):
وَتَرَى الطَّيْرَ عَلَى آثَارِنَا
…
رَأْيَ عَيْنٍ ثِقَةً أَنْ سَتُمَارُ
وَلَكِنْ مِنَ أَيْنَ لِلأَفْوَهِ ابْتِدَاءُ النَّابِغَةِ بِمَا يَنْقَادُ إِلَيْهِ القَوْلُ قَبْلَ اسْتِتْمَامِهِ وَهُوَ (5):
إِذَا مَا غَزَا بِالجَيْشِ حَلَّقَ فَوْقَهُمْ
…
عَصَائِبَ طَيْرٍ تَهْتَدِي بِعَصَايِبِ
_________
(1)
ديوانه ص 46.
(2)
ديوانه ص 46.
(3)
ديوانه ص 46.
(4)
ديوانه ص 13.
(5)
ديوان النابغة الذبياني ص 36.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فَقَدَّمَ فِي هَذَا البَيْتِ مَعْنَى مَا يُحَلِّقُ الطَّيْرُ مِنْ أَجْلِهِ ثُمَّ أَوْضَحَهُ بِقَوْلهِ (1):
يُصَاحِبْنَهُمْ حَتَّى يَعِرْنَ مُغَارهِمْ
…
مِنَ الضَّارِيَاتِ بِالدِّمَاءِ الزَّوَارِبِ
تَرَاهُنَّ خَلْفَ القَوْمِ حُزْرًا عُيُوْنهَا
…
حُلُوْسَ الشّيُوْخِ فِي مُسُوْكِ الأَرَانِبِ
لَهُنَّ عَلَيْهِمْ عَادَةٌ قَدْ عَرَفْنَهَا
…
إِذَا وَضعُوا الخَطِيَّ فَوْقَ الكَوَاثِبِ
فَتَبِعَهُ حَمِيْدُ بنُ ثَوْرٍ الهِلَالِيّ فَقَالَ يَصِفُ ذِئْبًا (2):
إِذَا مَا غَدَا يَوْمًا رَأَيْتَ غَيَايَةً
…
مِنَ الطَّيْرِ يَنْظرْنَ الَّذِي هُوَ صَانِعُ
فَهَمَّ بِأَمْرٍ ثُمَّ أَزْمَعَ غَيْرَهُ
…
وَإِنْ ضاقَ رِزْقٌ مَرَّةً فَهْوَ وَاسِعُ
وَتَلَاهُمَا أَبُو نُوَّاسٍ فَقَالَ (3):
تَتَأَيَّا الطَّيْرُ غَدْوَتَهُ
…
ثِقَةً بِالشّبْعِ مِنْ جَزْرِهِ
تَتَأَيَّا: تَنْتَظِرُ
قَالَ عَمْرُو الوَرَّقُ: رَأَيْتُ أَبَا نُوُّاسٍ ينْشِدُ (4):
وَإِذَا مَجَّ القَنَا عَلَقًا
…
وَتَرَاءَى المَوْتُ فِي صوَرِه
رَاحَ فِي ثَنْيِ مَفَاضَتهِ
…
أَسَدٌ يَدْمَى شَبَا ظُفْرِهِ
تَتَأَيَّا الطَّيْرُ غَدْوَتَهُ
…
ثِقَةً بِالشّبْعِ مِنْ جَزْرِهِ
فَقُلْتُ مَا تَرَكْتَ لِلنَّابِغَةِ شَيْئًا قَالَ اسْكُتْ فَلَئِنْ كَانَ سَبَقَ إِلَيْهِمَا لَمَا أَسَاءَتِ الاتبَاع لَهُ. وَأَحْسَنُ مِنْ هَذَا نَسْجَا وَأسْلَمُ تَرْكِيْبًا قَوْلُ أَبي تَمَّامٍ عَلَى تَأَخذُرِ زَمَانِهِ (5):
تَسَرْبَلَ سِرْبَالًا مِنَ الصَّبْرِ وَارْتَدَى
…
عَلَيْهِ بِعَضْبٍ فِي الكَرِيْهَةِ فَاضلِ
_________
(1)
ديوان النابغة الذبياني ص 46.
(2)
ديوانه ص 106.
(3)
ديوانه ص 431.
(4)
ديوانه ص 431.
(5)
ديوانه 3/ 82.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَقَدْ ظُلِّلَتْ عُقْبَانُ أَعْلَامِهِ ضُحًى
…
بِعقْبَانِ طَيْرٍ في السّماءِ نَوَاهلِ
أَقَامَتْ مَعَ الرَّايَاتِ حَتَّى كَأَنَّهَا
…
مِنَ الجيْشِ إِلَّا أَنَّهَا لَمْ تُقَاتِلِ
* * *
يَقُوْلُ لَوْ جَمَعْتَ عُنُقَ البَعِيْرِ وَذِرَاعَيْهِ وَسَاقَيْهِ ثُمَّ ضَرَبْتَهَا وَهِيَ مُجْتَمِعَةٌ لِعَمَل فِيْهَا حَتَّى يَرْسُبَ فِي الأَرْضِ فَيُحْتَقرُ عَلَيْهِ لَخَرجَ.
وَكَقَوْلِ ابْنُ الرُّوْمِيّ (1):
بِوَجْهٍ شَفَّ مَاءُ الحُسْنِ فِيْهِ
…
فلو لُثِمَتْ صَحِيْفَتُهُ لَسَالَا
وَيُؤْثرُ فِيْهِ لَحْظ العَيْنِ حَتَّى
…
تَخَالَ سَوَادَهَا فِي الخَدِّ خَالَا
* * *
وَكَقَوْلِ هَفَّانَ:
لَوْ أَنَّهُ طَارَ بَعِيْرُ طَارَا
وَهَذَا كَقَوْلِ أُبَيّ بن سُلَمِيُّ بن رَبِيْعَةَ بن زَبَّانَ (2):
وَخَيْلٍ تَلَافَيْتُ رَيْعَانَهَا
…
بِعَجْلَزَةٍ جَمَزَى المُدَّخَرِ
جَمُوْمِ الجرَاءِ إِذَا عُوْقِبَتْ
…
وَإِنْ نُوْزِقَتْ بَرَزَتْ بِالحضَرِ
سَبُوْحِ إِذَا اعْتَزَمَتْ فِي العِنَانِ
…
مَرُوْحِ مُلَمْلَمَةٍ كَالحَجَرِ
فلو طَارَ ذُو حَافِرٍ قَبْلَهَا
…
لَطَارَتْ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَطِرِ
وَنَحْوَهُ قَوْلُ سُلَيمَانَ بن عَوْفٍ يَصِفُ فَرَسَ عَامِرٍ بن الطُّفَيْلِ (3):
وَلَوْ أنَّهَا تَجْرِي عَلَى الأَرْضِ أُدْرِكَتْ
…
وَلَكِنَّمَا يَطْلُبْنَ تِمْثَالِ طَائِرِ
_________
(1)
لم ترد في ديوانه.
(2)
حماسة أبي تمام 1/ 287.
(3)
حلية المحاضرة 1/ 91.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَمِنْ بَعِيْدِ الإغْرَاق قَوْلُ الآخَرِ يَصِفُ نَاقَةً:
وَيَمْنَعُهَا مِنْ أَنْ تَطيْرَ زِمَامُهَا
وَمِمَّا هُوَ مُعَلَّل بِلَو قَوْلُ الأَعْشَى وَقِيْلَ هَذَا أَكْذَبُ بَيْتٍ قَالَتْهُ العَرَبُ (1):
لَوْ أَسْنَدْتَ مَيْتًا إِلَى نَحْرِهَا
…
عَاشَ وَلَمْ يُنْقَلْ إِلَى قَابِرِ
حَتَّى يَقُوْلَ النَّاسُ مِمَّا رَأُوا
…
يَا عجبًا للميِّتِ النَّاشِرِ
وَكضأَنَّ تَوْبَةَ بنَ الحُمَيّرِ نَظَرَ إِلَى هَذَا المَعْنَى فَقَالَ (2):
فلو أَنَّ لَيْلَى الأَخْيَلِيَّةَ سَلَّمَتْ
…
عَلَيَّ وَدُوْني جَنْدَل وَصِفَاحِ
لَسَلَّمْتُ تَسْلِيْمَ البَشَاشَةِ أَوْ زَقَا إِلَيْهَا
…
صَدًى مِنْ جَانِبِ القَبْرِ صَائِحِ
وَصَرَّحَ أَبُو النَّجْمِ بِسَرِقَهِ مِنَ الأَعْشَى فَقَالَ (3):
وَلَوْ أَسْنَدْتَ مَيْتًا إِلَيْهَا لَنُشِر
أَوْ مَسَحْنَ عَنْ عَمنِ أَعْمَى لَنَظَر
أَخْبَرَ ابْنُ دَرَسْتَوِيْهِ عَنِ المُبَرَّدِ عَنِ الرَّيَاشِي قَالَ: وَقَفَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى حَلَقَةٍ فِي المَسْجِدِ فَسَأَلَهُمْ أَنْ يُبَدِّلُوا أَطْمَارًا عَلَيْهِ. فَقَالُوا: مَا كُنْيَتُكَ؟ قَالَ: أَبُو وَائِلٍ. قَالُوا: اجْلِس يَا أَبَا وَائِلٍ أتقْرِضُ مِنَ الشِّعْرِ شَيْئًا؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ إنِّي لأَقُوْلُ كَرِيْمَةُ؟ قَالُوا: أَنْشِدْنَا. قَالَ: أُنْشِدُكُمْ فِي صغَرٍ ثُمَّ قَالَ (4):
لَوْ أَنَّ زُبْدَةَ كَلَّمَتْنِي بَعْدَ مَا نَسَبَتْ
…
نَوَايِحِيَ البُكَاءَ وَأُقْبَرُ
لَظَنِنْتُ مَيِّتَ أَعْظُمِي سَيُحْيِيْهَا
…
أَوْ أَنَّ بَالِيْهَا الرَّمِيْمِ سَيُنْشَرُ
فَقَالُوا: يَا أَبَا وَائِلٍ هَلْ كَانَ بَيْنَكُمْ رِيْبَةٌ؟ قَالَ: كَانَ أَقْرَبَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ مِمَّا حَرَّمَ
_________
(1)
ديوانه ص 189.
(2)
ديوانه ص 48.
(3)
لم ترد في ديوانه، وهي لأبي النجم العجلي في حلية المحاضرة 1/ 94.
(4)
لأبي وائل في العقد الفريد 6/ 166. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الإِشَارَة إِلَى غَيْرِ مَسَاسٍ وَاللَّحْظُ مِنْ غَيْرِ بَاسٍ وَبِاللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أَذْكُرُهَا وَبَيْنِي وَبَيْنَهَا عَقْبَةُ الطَّائِرِ فَأَحْيَا بِذِكْرِهَا وَتَضْرِبُنِي سَوَافِعُ المِسْكِ ولئن لَمْ يَكُنْ العِشْقُ جُنُوْنًا فَإِنَّهُ لَعُصَارَةٌ مِنَ السُّحْرِ.
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ أَبِي حَيَّةَ النُّمَيْرِي (1):
حَدِيْثَا إِذَا لَمْ تَخْشَ عَيْنًا كَأَنَّهُ
…
إِذَا سَاقَطَتْهُ الشَّهْدُ بَلْ هُوَ أَطْيَبُ
لَوْ أَنَّكَ تَسْتَشْفِي بِهِ بَعْدَ سَكْرَةٍ
…
مِنَ المَوْتِ كَادَتْ سَكْرَةُ المَوْتِ تَذْهَبُ
* * *
وَمِنْ الإِغْرَاقِ قَوْلُ عَلِيّ بن فَضْلِ الكَاتِبِ (2):
لَوْ زَارَنِي طَيْفُهُم مَا دَرَى
…
مِنَ الضَّنَا أنِّي فِي مَضْجَعِي
كُلُّ سَحَاب أَمْطَرَتْ أَرْضَكُمْ
…
حَامِلَةٌ لِلمَاءِ مِنْ أَدْمُعِي
كُلُّ رِيْحٍ فَإِنَّهَا أَضلُعِي
* * *
وَمِنَ الإغْرَاقِ وَالمُبَالَغَةِ قَوْلُ أَبِي الفَرَجِ الوَاوَاء الدِّمَشْقِيّ ويُرْوَيَانِ لِلْمَاهِرِ (3):
وَمَا أَبْقَى الهَوَى وَالشَّوْقُ مِنِّي
…
سِوَى رُوْحِ تُرَدَّدُ فِي خَيَالِ
أَبَيْتُ عَلَى النَّوَائِبِ أَنْ تَرَانِي
…
كَأَنَّ الرُّوْحَ مِنِّي فِي مُحَالِ
وَيُرْوَى: خَفِيْتُ.
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ أَبِي الفَتْحِ كَشَاجِمَ (4):
_________
(1)
مجموع شعره ص 112 - 113.
(2)
ديوان صردر ص 63.
(3)
ديوانه ص 189.
(4)
ديوانه ص 296.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَمَا زَالَ يَبْرِي جمْلَةَ الجِّسْمِ حُبُّهَا
…
وَيُنْقِصهَا حَتَّى لطفتُ عَنِ النَّقْصِ
وَقَدْ ذبْتُ حَتَّى صِرْتُ إِنْ أَنَا زِرْتُهَا
…
أَمِنْتُ عَلَيْهَا أَنْ يَرَى أَهْلُهَا شَخْصِي
وَقَالَ السَّرِيُّ الرَّفَاء متبعًا لَهُ (1):
أَنَا أَخْفَى مِنْ أَنْ يُحِسَّ بِجِسْمِي
…
أَحَدٌ حَيْثُ كُنْتُ لَوْلَا الأَنِيْنُ
فَكَأَنِّي الهِلَالُ فِي لَيْلَةِ الشَّكَ
…
نحُوْلًا فَمَا تَرَانِي العيُوْنُ
* * *
وَقِيْلَ أَنَّهُمَا لأَبِي الهِنْدِيّ.
وَتُرْوَى:
أَلَا عَلِّلَانِي فَالمُعَلِّلُ أَرْوَحُ
…
وَلَا تَعِدَانِي الشَّرَّ وَالخَيْرُ أَفْسَحُ
بِإِجَابة لَوْ أَنَّهُ جُرَّ بَازِلٌ عَلَيْهَا
…
لأَضحَى وَهُوَ لِلجَّنْبِ فُسَّحُ
* * *
حَدَّثَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيْمٍ قَالَ: كَانَ أَبُو الهِنْدِيّ يَشْرَبُ مَعَنَا بِمَرْوَ وَكَانَ إِذَا سَكِرَ تَقَلَّبَ تَقَلُّبًا قَبِيْحًا وَكُنَّا عَلَى سطْحٍ فَخفْنَا أَنْ يَسْقُطَ مِنْهُ لِغَلْبَةِ السُّكْرِ عَلَيْهِ فَشَدَدْنَا رجْلَهُ وَلَمْ نُقَصِّرْ فَتَدَحْرَجَ حَتَّى سَقَطَ وَبَقِيَ مُعَلَّقًا بِرِجْلِهِ فَاخْتَنَقَ بشرَابهِ فَأَصبَحْنَا فَوَجَدْنَاهُ مَيتًا (2).
* * *
وَكَقَوْلِ الآخَر فِي ملاحة وَجْه الكَرِيْمِ عِنْدَ السُّؤَالِ لَهُ
كَأَنَّ تَلأَلُؤِ المعرُوْفِ فِيْهِ
…
شعَاعَ الشَّمْسِ فِي السَّيْفِ الصَّقِيْلِ
وَمِنَ المُبَالَغَةِ قَوْلُ المُتَلَمِّسِ:
أَحَارِثُ إِنَّا لَوْ تُسَاط دِمَاؤُنَا
…
تَزَايَلْنَ حَتَّى لَا يَمَسَّ دَمٌ دَمَا
_________
(1)
لم ترد في ديوانه.
(2)
طبقات ابن المعتز ص 138، الأغاني 2/ 332.