الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَكَانَ ذَلِكَ قَلِيْلًا مَعْدُوْدًا، وَنَزْرًا مَحْدُوْدًا" (1).
وَيَعُمُّ جَمِيْعَ الأَسْمَاءِ المُصْطَلَحَ عَلَيْهَا عِنْدَ الفُضَلَاءِ كُلِّهَا اسْمُ السَّرِقَةِ فِي الحَقِيْقَةِ؛ لأَنَّهَا جِنْسٌ لَهَا. وَهَذَا البّابُ يَحْتَاجُ إِلَى تَمْيِيْزِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الأَنْوَاعِ بِحَدٍّ يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ فِي مَوْضِعِهِ مُفَصَّلًا، بِحَيْثُ يَتَّضِحُ الفَرْقُ بَيْنَ كُلِّ نَوْعٍ، وَيَزُوْلُ الإِشْكَالُ الَّذِي عَرَضَ فِي اشْتِمَالِ اسمٍ وَاحِدٍ عَلَى الكُلِّ. وَأَنَا أُبيِّنُهُ فِيْمَا أذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
فَالسَّرِقَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ ضُرُوبٍ:
ضَرْبٌ قَدْ أجْمَعَ الأُدَبَاءُ مِنْ عُلَمَاءِ الشِّعْرِ وَنُقَّادِ الكَلَامِ عَلَى اسْتِحْسَانِهِ وَتَسْوِيْغِهِ، وَتَجْوِيْزِهِ وَمُسَامَحَةِ الشَّاعِرِ فِيْهِ، وَهُوَ:
نَظْمُ المَنْثُوْرِ، وَإحْسَانُ الآخِذِ على المَأخُوْذِ مِنْهُ، وَالشِّعْرُ المَحْدُوْدُ وَالمَجْدُوْدُ، وَتَكَافُؤُ إحْسَانِ المُتَّبَعِ والمُبْتَدِعِ، وَنَقْلُ المَعْنَى إِلَى غَيْرِهِ، وَتَقَابُلُ النَّظَرِ فِي المَعْنَى إِلَى مِثْلِهِ، وَالسَّلْبُ، وَالاهْتِدامُ، وَهُوَ السَّلْخُ، وَالالْتِقَاطُ، وَالتَّلْفِيْقُ.
فَنَظْم المَنْثُوْرِ
(2):
هُوَ أَنْ يُخْفِي الشَّاعِرُ المَطْبُوْعُ السَّرَقَ، وَيُلْبسُهُ اعْتِمَادًا عَلَى مَنْثُوْرِ الكَلَامِ دُوْنَ مَنْظُوْمِهِ اسْتِرَاقًا لِلأَلْفَاظِ الرَّائِقَةِ، وَالمَوَاعِظَ الرَّائِعَةِ، وَالفِقَرِ الوَاقِعَةِ، وَالخُطَبِ البَارِعَةِ (3).
(1) حلية المحاضرة 2/ 29 وفيه أن الكلام لأحمد بن أبي طاهر.
(2)
أنظر: حلية المحاضرة 2/ 93.
(3)
قَالَ العَبْدُ الفَقِيْرُ إِلَى اللَّهِ تَعالَى مُحَمَّد بن أَيْدِمَرَ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمَا: سَمِعْتُ قَوْلَ القَائِلِ وَهُوَ ابن عَائِشَةَ:
"كُنْ لِمَا لَا تَرْجُو أَرْجَا مِنْكَ لِمَا تَرْجُو، فَإنَّ مُوْسَى عليه السلام ذَهَبَ لِيَقْبِسَ نَارًا فَكَلَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى تَكْلِيْمًا" فَنَظِمْتُ ذَلِكَ فَقُلْتُ:
لَا تُطِيْلُوا لِمَدَى التَّوْكِيْلِ قَوْلًا
…
وَاسْمَعُوْهُ فِيْمَا أَقُوْلُ وَعُوْهُ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= كُلَّ مَا لَسْتُ أَرْتَجِيْهِ فَأَوْلَى
…
بِرَجَاءٍ مِنْ كُلِّ مَا أَرْجُوْهُ
وَقَرِيْبٌ مِنْهُ قَوْلُ الآخَرِ نثرًا: إِذَا أَصْبَحْتُ فَمَا يَأْتِيْنِي مِمَّا لَا أَحْتَسِبُ أَكْثَرُ مِمَّا يَأْتِيْنِي مَا أَحْتَسِبُ.
وَقَالَ آخَرُ:
وَكُنْ لِمَا لَسْتَ لَهُ رَاجِيًا
…
أَرْجَا لِمَا تَرْجُوْهُ مِنْ غُنَمِ
إِنَّ ابنَ عِمْرَانَ مَضَى
…
قَابِسًا عَاذِبِيًّا مِنْ أُوْلى الغُرمِ
وَأخَذَ أَبُو تَمَّامٍ قَوْلَ ابن عَائِشَةَ هَذَا فَقَالَ (1):
اصْبِرِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ
…
فَإنَّ الصَّبَّ أَحْجَى
رُبَّمَا خَابَ رَجَاءٌ
…
وَأَتَى مَا لَيْسَ يُرْجَى
وَمِنْ أَظْرَفِ مَا قِيْلَ فِي المُتَكَبِّرِ البَخِيْلِ بِكَلَامِهِ قَوْلُ ابن بَسَّامٍ لِعَلِيِّ بن عِيْسَى (2):
لَسْتَ رُوْحَ اللَّهِ عَيْسَى
…
إِنَّمَا أَنْتَ ابن عِيْسَى
كَلِّمِ النَّاسِ فَإنَّ اللَّهَ
…
قَدْ كَلَّمَ مُوْسَى
* * *
أَخْبَرَ مُحَمَّد بن يَحْيَى عَنْ أَبِي مَالِكٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا تَمَّامٍ يَقُوْلُ البَلَاغَةُ نَقْصُ المَنْظُوْمِ وَنَظْمُ المَنْثُوْرِ وَلِذَلِكَ قِيْلَ الشِّعْرُ رَسِائِلُ مَعْقُوْدَةٌ وَالرَّسَائِلُ أَشْعَارٌ مَجْلُوْلَةٌ.
وَقِيْلَ لِلعَتَابِيّ: بِمَ قَدرتَ عَلَى البَلَاغَةِ فَقَالَ بِحَلِّ مَعْقُوْدِ البَلَاغَةِ.
وَأَخْبَرَ ابن أَبِي خَلادٍ البَصْرِيُّ قَالَ قَالَ أَبُو تَمَّامٍ لابنِ عبَادَةَ أَبِي دُؤَادٍ لَمَّا غَضِبَ عَلَيْهِ: أَنْتَ النَّاسُ كُلَّهُمُ وَلَا طَاقَةَ لِي مغضبَ جَمِيعْ النَّاسِ فَقَالَ ابن أَبِي دُوَادٍ مَا أَحْسَنَ
_________
(1)
ديوان أبي تمام 4/ 504.
(2)
شعراء عباسيون 2/ 450.
وَمَحْمُوْدٌ الوَرَّاقُ، وَأبُو العَتَاهِيَةِ، وَصَالِحُ بنُ عَبْدِ القُدُّوْسِ، وَسَابِقٌ البَرْبَرِيُّ يَسْتَعْمِلُونَ ذَلِكَ كَثيْرًا فِي أَشْعَارِهِمْ إِلَّا أَنَّ هَؤُلَاءِ لَمْ يُكْثِرُوا إِكْثَارَ أَبِي العَتَاهِيَةِ وَمَحْمُوْدٍ. ومِنَ المُتَقَدِّمِيْنَ مَنْ نَظَمَ ذَلِكَ (1)، وَهُوَ الأَخْطَلُ. عَمَدَ إِلَى قَوْلِ بَعْضِ
= هَذَا الكَلَامَ فَمِنْ أَيْنَ أَخَذْتَهُ قَالَ مِنْ قَوْلِ أَبِي نُواسٍ (1):
وَلَيْسَ للَّهِ بِمُسْتَنْكَرٍ
…
أَنْ يَجْمَعَ العَالَمَ فِي وَاحِدٍ (2)
وَأَبُو نوَاسٍ أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ جَرِيْرٍ (3):
إِذَا غَضِبَتْ عَلَيْكَ بَنُو تَمِيْم
…
رَأَيْتَ النَّاسَ كُلَّهُمْ غِضَابَا
(1)
وَقَالَ نَادِبُ الإِسْكَنْدَرِ عِنْدَ وَفَاتِهِ وَقَدْ بَكَى مَنْ بِحَضْرَتِهِ حَرَّكَنَا بِسُكُوْتِهِ، فَنَظَمَ هَذَا أَبُو العَتَاهِيَةِ فَقَالَ (4):
قَدْ لَعَمْرِي حَكِيْتَ لِي غُصَصَ المَوْ
…
تِ وَحَرَّكَتْنِي لَهَا وَسَكَنتَا
وَيُقَالُ أَنَّهُ لَمَّا مَاتَ الإِسْكَنْدَرُ نَدَبَهُ أَرْسْطَالِيْسُ الحَكِيْمُ فَقَالَ: طَالَمَا كَانَ هَذَا الشَّخْصُ وَاعِظًا بَلِيْغًا وَمَا وَعَظَ بِكَلَامِهِ مَوْعِظَةً قَطْ أَبْلَغَ مِنْ مَوْعِظَتِهِ بِسُكُوْتِهِ فَنَظَمَ هَذَا المَعْنَى صَالِحُ بن عَبْدِ القُدُّوْسِ فَقَالَ وَأَحْسَنَ (5):
وَيُنَادُوْنَهُ وَقَدْ صَمَّ عَنْهُمُ
…
ثُمَّ قَالُوا وَلِلنِّسَاءِ نَحِيْبُ
مَا الَّذِي عَاقَ أنْ تَرُدَّ جَوَابًا
…
أَيُّهَا المِقْوِلُ الأَلَدُّ اللَّبِيْبُ
إِنْ تَكُنْ لَا تُطِيْقُ رَجْعَ جَوَابٍ
…
فِيْمَا قَدْ تُرَى وَأَنْتَ خَطِيْبُ
ذُو عِظَاتٍ وَمَا وَعَظْتَ بِشَيْءٍ
…
مِثْلَ وَعْظِ السُّكُوْتِ إِذْ لَا تُجِيْبُ
وَأَحْسَبُهُ نَظَرَ فِي قَولهِ: إِنْ تَكُنْ لَا تَطِيْقُ رَجْعَ جَوَابٍ إِلَى مُخَاطَبَةِ المُؤَبَّذ لِقُبَّاذَ بَعْدَ
_________
(1)
ديوانه ص 454.
(2)
الصناعيتن ص 221 - 222، وفيات الأعيان 1/ 81.
(3)
ديوانه 823.
(4)
ديوانه ص 105.
(5)
مجموع شعره ص 133.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= مَوْتهِ: كَانَ المَلِكُ أَمْسِ أَنْطَقَ مِنْهُ اليَوْمَ وَهَذَا اليَوْمَ أَوْعَظَ مِنْهُ أَمْسِ.
وَفِي خُطْبَةٍ لأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ عَلَيُّ بن أَبِي طَالِب عليه السلام وَعَظَ النَّاسَ بِهَا حِيْنَ ضرَبَهُ ابْنُ مَلْجِمَ فَقَالَ: وَلْيَعِظَكُمْ هُدُوْئِي وَخُفُوْتُ أَطْرَافِي فَإِنَّهُ أَوْعَظَ لَكُمْ مِنَ النُّطْقِ البَلِيغِ.
فَنَظَم أَبُو العَتَاهِيَةِ لَفْظَ المُوبِذِ فَقَالَ وَعَضَدَ المَعْنَى مَا يَهِيْجُ اللَّوْعَةَ وَيَقْدَحُ زَنَادَ الوَجْدِ وَالكَآبَةِ (1):
طَوَتْكَ خُطُوْبُ دَهْرِكَ بَعْدَ نشرٍ
…
كَذَاكَ خُطُوْبُهُ نشرًا وَطَيَّا
فلو نَشَرَتْ قُوَاكَ لنَا المَنَايَا
…
شَكَوْتُ إِلَيْكَ مَا صَنَعَتْ إِلَيَّا
كَفَى حَزْنًا بِدَفْنِكَ ثُمَّ أنِّي
…
نَفَضْتُ تُرَابَ قَبْرِكَ مِنْ يَدَيَّا
بَكَيْتُكَ يَا أَخِي بِدُمُوْعِ عَيْنٍ
…
فَلَمْ يُغْنِ البُكَاءُ عَلَيْكَ شَيَّا
وَكَانَتْ فِي حَيَاتِكَ لِي عِظَاتٌ
…
فَأَنْتَ اليَوْمَ أَوْعَظُ مِنْكَ حَيَّا
فَاحْتَذَى هَذَا المَعِنى ابْنُ طَبَاطَبَا العَلَوِيُّ فَقَالَ (2):
وَعَظَ الوَرَى بِسُكُوْتِهِ فَأَتَاهُمُ
…
بِبِيَانِ قسٍّ حِيْنَ قِيْلَ لَهُ اخْطُبِ
وَقَالَ أَرِسْطَالِيْسُ: قَدْ تَكَلَّمْتُ بِكَلَامٍ لَوْ مَدَجْتُ بِهِ الدَّهْرَ لَمَا جَارَتْ عَلَيَّ صُرُوْفُهُ فَنَظَمَهُ أَبُو عُثْمَانَ النَّاجِمُ وَأَحْسَنَ فَقَالَ:
وَلِي فِي حَامِدٍ أَمَلٌ قَدِيْمٌ
…
وَمَدْحٌ قَدْ مَدَحْتُ بِهِ طَرِيْفُ
مَدِيْحٌ لَوْ مَدَحْتُ بِهِ اللَّيَالِي
…
لَمَا جَارَتْ عَلَيَّ لَهَا صُرُوْفُ
وَقَالَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ عَلَيُّ بن أَبِي طَالِبٍ لابْنِهِ الحَسَنِ عليهما السلام: يَا بُنَيَّ الغَرِيْبُ مَنْ لَيْسَ لَهُ حَبِيْبٌ. فَنَظَمَهُ العَبَّاسِ بن الأَحْنَفِ فَقَالَ (3):
_________
(1)
ديوان أبي العتاهية ص 491.
(2)
حلية المحاضرة 2/ 94.
(3)
حلية المحاضرة 2/ 95.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَمُسْتَوحشٍ لَمْ يُمْسِ فِي دَارِ غُرْبَةٍ
…
وَلَكِنَّهُ مِمَّنْ يُحِبُّ غَرِيْبُ
قَالَ أَبُو حَمْدُوْنَ: كَانَ الفَتْحُ بنُ خَاقَانَ يَأْنسُ بِي وَيُطْلُعنِي عَلَى الخَاصِّ مِنْ سِرِّهِ فَقَالَ لِي مَرَّةً شَعَرْتَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنِّي انْصرَفْتُ البَارِحَةُ مِنْ مَجْلِسِ أمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ فَلَمَّا دَخَلْتُ مَنْزِلي اسْتَقْبَلتنِي فُلَانَةُ يَعْنِي جَارِيَةً لَهُ فَلَمْ أَتَمَالَكَ أنْ قَبَّلْتُهَا فَوَجَدْتَ فِيْمَا بيت شَفَتَيْهَا هَوَاءٌ لَوْ رَقَدَ المَخْمُوْرُ فِيْهِ لَصَحَا. فَكَانَ هَذَا مِمَّا يُسْتَحْسَنُ وَيُسْتَظْرَفُ مِنْ كَلَامِ الفَتْحِ فَسَمِعَ أَبُو الفَرَجِ الوَأوَاء الدِّمَشْقِيُ ذَلِكَ فَنَظمَهُ فَقَالَ (1):
سَقَى اللَّهُ لَيْلًا طَابَ إِذْ زَارَ طَيْفُهُ
…
فَأَفَيْتُهُ حَتَّى الصَّبَاحِ عِنَاقَا
بِطِيْبِ نَسِيْمٍ مِنْهُ يَسْتَجْلِبُ الكَرَى
…
وَلَوْ رَقَدَ المَخمُوْرُ فِيْهِ أَفَاقَا
* * *
سُئِلَ سُقْرَاطُ عَنِ العَشُقِ فَقَالَ حَرَكَةُ قَلْبٍ فَارِغٍ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ حَرَكَةُ نَفْسٍ فَارِغَةٍ.
وَلَمَّا نَظَم هَذَا الكَلَامُ زَادَ فِيْهِ شَيْئًا وَهُوَ ذِكْرُ القَتْلِ.
وَقَالَ عُمَرُ بن الخَطَّابِ رضي الله عنه لَمَّا حَضِرَتْهُ الوَفَاةُ: لَا تُعمْقُوا قَبْرِي فَإِنْ خَيْرَ الأَرْضِ أَدِيْمُهَا الأعَلَى.
فَنَظَم هَذَا المَعْنَى عَبْدُ الرَّحِيْمِ الحَارِثِيّ فَقَالَ:
وَخُطَّا عَلَى عَلْيَاءَ قَبْرِي فَإِنَّنِي
…
أُحِبُّ مِنَ الأَخْلَاقِ مَا كَانَ عَالِيَا
وَسَمِعَ بِعْضُ الكُتَّابِ قَوْلُ نَصِيْبٍ (2):
وَلَوْ سَكَتُوا أَثْنَتْ عَلَيْكَ الحَقَائِبُ.
فَكَتَبَ فِي فَصْلٍ وَلَوْ أَمْسَكَ لِسَانِي عَنْ شُكْركَ لَنَطَقَ بِهِ أَثَرَكَ عَلَيَّ وَلَوْ جَحَدْتُّكَ
_________
(1)
ديوانه ص 164، يتيمة الدهر 1/ 335، المحمدون ص 54، خاص الخاص ص 51.
(2)
ديوانه ص 59.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= إِحْسَانَكَ لأَكْذَبَتْنِي آثَارُهُ وَنَمَّتْ عَلَيَّ شَوَاهِدُهُ.
وَقَالَ أَحْمَد بن عِيْسَى بن زَيْدٍ العَلَوِيُّ فِي كَلَامٍ لَهُ: لِسَانُ الحَالِ أَنْطَقُ مِنْ لِسَانِ الشَّكْوَى فَنَظَمَ هَذَا المَعْنَى ابْنُ الرُّوْمِيّ فَقَالَ (1):
وَسَائِلِيْنَ بِحَالِي كيْفَ صُوْرَتُهَا
…
فَقُلْتُ قَدْ نَطَقَتْ حَالِي لِمَنْ عَقِلا
وَقَالَ أَبُو تَمَّامٍ (2):
وَإِنْ تَجِد عِلَّةً نِحْمَ بِهَا
…
حَتَّى كَأَنَّا نُعَادُ مِنْ مَرَضهِ
فَنَثَرَهُ بَعْضُ الكُتَّابِ فَقَالَ: مَنْ نَزَلَ مَنْزلَتِي مِنْ طَاعَتِكَ وَمُشَارَكَتِكَ كَانَ حَقِيْقِيًّا أَنْ يُهَنَّأَ بِالنِّعْمَةِ تُحْدثُ لَكَ وَيُعَزَّى عَلَى النَّائِبَةِ تُلِمُّ بِكَ فَنَقَلَ بَابَ العِيَادَةِ إِلَى بَاب التَّهْنِئَةِ وَالتَّعْزِيَةِ وَغَيَّرَ الأَلْفَاظَ.
وَحَدَّثَ مُحَمَّد بن يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو ذَكْوَانَ قَالَ: دَخَلَ الحَسَنِ بنَ سَهْلٍ عَلَى العَلَاءِ بن أَيُّوْبِ قَالَ: مَا تَرَى مَا يُعَامِلُنَا بِهِ إبْرَاهِيْمُ بن العَبَّاسِ، كَانَ يَجْعَلُ خُطَب أمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ عليه السلام رَسَائِلَ فَنُزَاحِمُهُ فِيْهَا فَصَارَ يَجْعَلُ النَّظْمَ نثرًّا، عَمدَ إِلَى قَوْلِ أَبِي تَمَّامٍ (3):
وَإِنْ بين حِيْطَانًا عَلَيْهِ فَإِنَّمَا
…
أُوْلَئِكَ عقَالَاتهُ لَا مَعَاقِلُهُ
وَإِلَى قَوْلِ مُسْلِمِ بنِ الوَلِيْدِ (4):
مُوفٍ عَلَى مُهَجٍ فِي يَوْمِ ذِي رَهَجٍ
…
كَأَنَهُ أَجَلٌ يَسْعَى إِلَى آمِلِ
وَإِلَى قَوْلِ أَبِي تَمَّامٍ (5):
_________
(1)
ديوانه 5/ 1923.
(2)
ديوانه 2/ 318.
(3)
ديوانه 2/ 28.
(4)
ديوانه ص 9.
(5)
ديوانه 2/ 203.
اليُوْنَانِيِّيْنَ: العِشْقُ شُغْلُ قَلْبٍ فَارِغٍ فَقَالَ: [من الطويل]
وَكَمْ قَتَلَتْ أَرْوَى بلا دِيَةٍ لَهَا
…
وَأَرْوَى لِفُرَّاغِ الرِّجَالِ قَتُوْلُ
وَيُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: اليَدُ العُلَيْا خَيْر مِنَ السُّفْلَى (1). فَنَظَمَ هَذَا المَعْنَى أَبُو العتَاهِيَةِ، وَأَخَلَّ بِبَعْضِهِ مُقَصِّرًا فَقَالَ (2):[من السريع]
افْرَحْ بِمَا تَأْتِيْهِ مِنْ طِيْبٍ
…
إِنَّ يَدَ المُعْطِي هِيَ العُلْيَا
وَقَالَ مُعَاوِيَةُ: إِكْرَامُ الشَّاعِرِ مِنْ برِّ الوَالِدَيْنِ، فَقَدِمَ عَلَى أَبِي أيُّوْبَ المَكِّيِّ شَاعِرٌ مِنْ وَاسِطَ، فَمَدَحَهُ، وَنَظَمَ هَذَا الكَلَامَ فَقَالَ:[من الخفيف]
إِنَّ مِنْ بِرِّ وَالِدَيْكَ جَمِيْعًا
…
أَنْ تَوَخَّى مَسَرَّةَ الشُّعَرَاءِ
وَقَالَ القَاسِمُ بن مُحَمَّدٍ: أَبُوْنَا آدَمُ أُخْرِجَ مِنَ الجَّنَةِ بِذَنْبٍ وَاحِدٍ، فَنَظَمَ ذَلِكَ مَحْمُوْد الوَرَّاقُ فَقَالَ (3):[من الكامل]
تَصلُ الذُّنُوْبَ إِلِى الذُّنُوبِ وَتَرْتَجِي
…
دَرَكَ الجِنَانِ بِهَا وَفَوْزَ العَابِدِ
وَنَسِيْتَ أَنَّ اللَّهَ أخْرَجَ آدَمًا
…
مِنْهَا إِلَى الدُّنْيَا بِذَنْبِ وَاحِدِ
وَنَظَمُ مَحْمُوْد أَيْضًا قَوْلَ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُوْدٍ: إِنَّ الرَّجُلَ لِيَظْلِمُنِي، فَأَرْحَمُهُ. حَيْثُ قَالَ (4):[من الكامل]
إنِّي شَكَرْتُ لِظَالِمِي ظُلْمِي
…
وَغَفَرْتُ ذَاكَ لَهُ عَلَى عِلْمِ
= صَلَّى لَهَا حَيًّا وَكَانَ وَقُوْدَهَا
…
مَيْتًا وَيَدْخلهَا مَعَ الكفَّارِ
فنتر ذَلِكَ فِي فتحِ إسْمَاعِيْلَ ابن التَّقْلِيِسِيّ فَقَالَ: وَأَخْرَجَهُ اللَّهُ مِنْ مَعْقِلٍ إِلَى عِقَالٍ وَأَبْدَلَهُ مِنْ آمَالٍ بِآجَالٍ وَقَسَّمَ الخائن ثَلَاثةَ أَقْسَامٍ: فَرُوْحٌ مُعَجَّلَةٌ إِلَى عَذَابٍ، وَهَامَةٌ مَنْقُوْلَةٌ إِلَى خَزَائِنَ خَلِيْفَةِ اللَّهِ، وَبَدَنٌ مَنْصُوْبٌ عِظةً لأَوْلِيَاءِ اللَّهِ. . . .
(1)
مسند أحمد بن حنبل 2/ 243.
(2)
حلية المحاضرة 2/ 92، ولم يرد في ديوانه.
(3)
حلية المحاضرة 2/ 93، الكامل 1/ 235.
(4)
ديوانه 157، حلية المحاضرة 2/ 93، الكامل 1/ 234.