الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خاتمة في ذكر منامات ونحوها، لا بأس بالإشارة إلى بعضها لأن فيها حثا لمن سمعها على الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
قال ابن هبيرة: كنت أصلّي على النبي صلى الله عليه وسلم وعيناي مطبقتان، فرأيت من وراء جفني كاتبا يكتب بمداد أسود صلاتي على النبي صلى الله عليه وسلم في قرطاس، وأنا أنظر مواقع الحروف في ذلك القرطاس، ففتحت عيني لأنظره ببصري، فرأيته وقد توارى عني حتى رأيت بياض ثوبه.
ورئي إنسان عليه حلة، وعلى رأسه تاج مكلل بالجواهر، فقيل له:
ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي وأكرمني وتوّجني وأدخلني الجنة، فقيل له:
بماذا؟ قال: بكثرة صلاتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم «1» .
ورئي ماجن فقيل له: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي، فقيل: بماذا؟
قال: استمليت على بعض المحدثين حديثا مسندا، فصلّى الشيخ على النبي صلى الله عليه وسلم، فسمع أهل المجلس، فصلّوا عليه صلى الله عليه وسلم، فغفر لنا في ذلك اليوم كلّنا «2» .
ورأى الحافظ أبو الحسن الدارمي من يعرفه، فسأله عن حاله، فقال: غفر لي، وسأله عن عمل يدخل به الجنة، فقال: ألف ركعة في كل ركعة ألف
(1) أخرجه ابن بشكوال في «القربة» (51) ، والمرئي عنده أبو العباس أحمد بن منصور الشيرازي.
(2)
أخرجه ابن بشكوال في «القربة» (63) ، والمرئي عنده الملقب بالمشطاح.
(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)، فقال: لا أطيق ذلك، فقال: ألف مرة صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كل ليلة، قال الدارمي: فأنا أفعل ذلك كل ليلة «1» .
ورئي بعض الصالحين فسئل، فقال: رحمني وغفر لي وأدخلني الجنة، فقيل له: بماذا؟ قال: حسبت الملائكة ذنوبي وصلاتي على النبي صلى الله عليه وسلم فرأوها أكثر، فقال لهم المولى جلّت قدرته:(حسبكم يا ملائكتي، لا تحاسبوه، واذهبوا به إلى جنتي) .
ويروى: أن مسرفا من بني إسرائيل لمّا مات.. رموا به، فأوحى الله عز وجل لموسى على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام: أن غسّله وصلّ عليه؛ فإني قد غفرت له، قال: يا ربّ؛ وبم ذلك؟ قال: إنه فتح التوراة يوما فوجد فيها اسم محمد صلى الله عليه وسلم، فصلّى عليه، فغفرت له بذلك.
ورأى بعض الصالحين صورة قبيحة في النوم، فقال لها: من أنت؟
قالت: أنا عملك القبيح، قال لها: فبم النجاة منك؟ قالت: بكثرة الصلاة على المصطفى صلى الله عليه وسلم.
ورأى بعض الصالحين صالحا على هيئة حسنة، فاستخبره عما عندهم، فقال: كنت من الهالكين لولا كثرة صلاتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: أين أنتم من الرؤية واللقاء؟ فقال: هيهات! قد رضينا منه بدون ذلك.
ورأى الشّبليّ جارا له فسأله، فقال: مرّت بي أهوال عظيمة أرتج عليّ عند السؤال، فقلت في نفسي: من أين أتى عليّ؟! ألم أمت على الإسلام؟! فنوديت: هذه عقوبة إهمالك للسانك في الدنيا، فلما همّ بي الملكان.. حال بيني وبينهما رجل جميل طيب الرائحة، فذكّرني حجتي، فذكرتها، فقلت:
من أنت يرحمك الله؟ قال: أنا شخص خلقت لكثرة صلاتك على النبي صلى الله عليه وسلم، وأمرت أن أنصرك في كل كرب.
(1) أخرجه ابن بشكوال في «القربة» (73) .
وحكي عن العارف أبي الحسن الشاذلي رحمه الله ورضي عنه: أنه جاءه السباع بمفازة فخافهم، ففزع إلى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ مستندا إلى ما صح من أنه من صلّى عليه صلى الله عليه وسلم.. صلّى الله عليه عشرا، وأن الصلاة من الله الرحمة، ومن رحمه.. كفاه همه، فنجا بذلك.
وقال أبو بكير: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، فقلت:
يا رسول الله؛ إن رجلا يكثر الصلاة عليك، قال:«من هو؟» ، قلت:
فلان، قال:«لا جرم أنّ الله أعدّ له مقاما كريما» .
وتوفّي تاجر عن مال وابنين وثلاث شعرات من شعره صلى الله عليه وسلم، فاقتسما المال نصفين وشعرتين، وبقيت واحدة، فطلب الأكبر قطعها نصفين، فأبى الأصغر؛ إجلالا له صلى الله عليه وسلم، فقال له الأكبر:
تأخذ الثلاث بحظّك من المال؟ قال: نعم، ثم جعل الثلاث في جيبه، وصار يخرجها ويشاهدها ويصلّي على النبي صلى الله عليه وسلم، فعن قريب كثر ماله، وفني مال الأكبر، ولمّا توفي الصغير.. رآه بعض الصالحين، ورأى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له:«قل للناس: من كانت له إلى الله عز وجل حاجة.. فليأت قبر فلان هذا ويسأل الله تعالى قضاء حاجته» ، فكان الناس يقصدون قبره، حتى بلغ أن كل من عبر على قبره ينزل ويمشي راجلا «1» .
وجاء أبا الفضل بن زيرك خراسانيّ فقال: أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامي وأنا بمسجد المدينة وقال: «اقرأ على أبي الفضل منّي السلام» ، فقلت: يا رسول الله؛ لماذا؟ قال: «لأنه يصلّي عليّ في كل يوم مئة مرة» ، ثم سأل أبا الفضل أن يعلمه إياها، فعلمه:(اللهم؛ صلّ على محمد النبي الأمي، وعلى آل محمد، جزى الله محمدا صلى الله عليه وسلم عنّا ما هو أهله) .
(1) ذكر القصة الإمام المجد اللغوي في «الصّلات والبشر» (ص 135) وعزاها لأبي حفص عمر بن حسين السمرقندي في «رونق المجالس» .
ورأى أبو عبد الله القسطلاني النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، وشكا إليه الفقر، فقال له:«قل: اللهمّ؛ صلّ على محمد وعلى آل محمد، وهب لنا اللهم من رزقك الحلال الطيّب المبارك ما تصون به وجوهنا عن التعرض إلى أحد من خلقك، واجعل لنا اللهم إليه طريقا سهلا من غير تعب ولا نصب، ولا منّة ولا تبعة، وجنبنا اللهم الحرام حيث كان، وأين كان، وعند من كان، وحل بيننا وبين أهله، واقبض عنا أيديهم، واصرف عنا قلوبهم، حتى لا نتقلب إلا فيما يرضيك، ولا نستعين بنعمك إلا على ما تحب، يا أرحم الراحمين» .
وجاءت امرأة إلى الحسن البصري فقالت: توفّيت لي بنت، وأريد أن أراها في النوم، فأمرها أن تصلّي أربع ركعات بعد صلاة العشاء، [تقرأ] في كل ركعة (الفاتحة) و (ألهاكم التكاثر) مرة، ثم تضطجع وتصلّي على النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن تنام، ففعلت فرأتها في أقبح العذاب وأشده، فانتبهت وجاءت الحسن، فأمرها بصدقة عنها لعل الله عز وجل يعفو عنها، ونام الحسن تلك الليلة، فرأى امرأة في أحسن النعيم، فقالت له: أتعرفني؟
أنا ابنة تلك المرأة التي أمرتها بالصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم، فقال لها: إن أمك قد وصفت حالك بغير هذه الرؤية؟ فقالت: هو كما قالت، قال: فبماذا بلغت هذه المنزلة؟ قالت: كنا سبعين ألفا في العقوبة، فعبر رجل من الصالحين على قبورنا، وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم مرة، وجعل ثوابها لنا، فقبلها الله عز وجل منه، وأعتقنا كلنا من تلك العقوبة ببركته، وبلغ نصيبي ما قد رأيته وشاهدته.
وذكر العلامة المجد الفيروز اباذي عن ابن الخيام: أنه اجتمع بالخضر وإلياس، وأنهما أخبراه: أنهما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم وسمعاه يقول: «ما من مؤمن صلّى عليّ.. إلا نضّر به قلبه، ونوّره الله عز وجل» .
وسمعاه أيضا يقول: «من صلّى على محمد صلى الله عليه وسلم.. طهر قلبه من النفاق، كما يطهّر الثوب الماء» .
ويقول على المنبر: «من قال: صلّى الله على محمد.. فقد فتح على نفسه سبعين بابا من الرحمة» .
ويقول: «من قال سبع ليال: صلى الله على محمد.. رآني في المنام» .
ويقول: «إذا جلستم مجلسا.. فقولوا: بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على محمد، يوكّل الله بكم ملكا يمنعكم من الغيبة، فإذا قمتم..
فقولوا ذلك؛ فإن الناس لا يغتابونكم، ويمنعهم الملك من ذلك» .
وأخبراه أيضا: أن نبيا من بني إسرائيل لم ينصر على عدوّ له حتى أمر قومه بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ «1» .
والمجد وإن ذكر ذلك بسنده إلى ابن الخيام، لكن قال الذهبي وغيره:
إنها موضوعة «2» ؛ أي: وإن كان الصحيح أن الخضر حيّ.
ومن أوضح الأدلة على ذلك ما صح عن إمام الهدى عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه: أن الخضر اجتمع به، وأنه رئي عنده، فسئل، فقال:
هذا الخضر، وقد ذكرت ذلك في أواخر كتابي «الصواعق المحرقة على إخوان الشياطين والضلال والابتداع والزندقة» «3» .
وحكي عن إبراهيم التيمي: أنه اجتمع بالخضر عند الكعبة، وأنه أخبره بكيفية طويلة من فعلها.. رأى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه، وأنه فعلها فرآه صلى الله عليه وسلم، ورأى الجنة ونعيمها وتنعّم به، فإن عمل ذلك ولم يره.. غفر له جميع كبائره، قال الحافظ السخاوي عقبها: (وهذا منكر، بل
(1) الصّلات والبشر (ص 83- 86) .
(2)
ميزان الاعتدال (3/ 602) .
(3)
الصواعق المحرقة (ص 226) .
لوائح الوضع ظاهرة عليه) «1» ، وقال أوّلها:(وروينا في «الصلاة» لعبد الرازق الطبسي بسند لا أشك في بطلانه)«2» .
وجعل بعض الصالحين كل ليلة على نفسه عددا معلوما يصلّي على النبي صلى الله عليه وسلم عند النوم، فأخذته عيناه ليلة، فرأى النبي صلى الله عليه وسلم داخلا عليه، فامتلأ بيته نورا، فقال له:«هات هذا الفم الذي يكثر الصلاة عليّ.. أقبّله» ، قال: فاستحييت، فأدرت له خدي فقبّله، فانتبهت؛ فإذا البيت يفوح مسكا من رائحته صلى الله عليه وسلم، وبقيت رائحة المسك من قبلته في خدي نحو ثمانية أيام «3» .
ويروى: أنه من أراد رؤيته صلى الله عليه وسلم نوما، فليقل: (اللهم؛ صلّ على محمد كما هو أهله، اللهم؛ صلّ على محمد كما تحب وترضى، فمن قال ذلك عددا وترا.. رآه صلى الله عليه وسلم، قيل: ويزيد معه:
اللهم؛ صلّ على روح محمد في الأرواح، اللهم؛ صلّ على جسد محمد في الأجساد، اللهم؛ صلّ على قبر محمد في القبور، اللهم؛ صلّ على محمد إلى يوم البعث والنشور) .
(1) القول البديع (ص 280) .
(2)
القول البديع (ص 279) .
(3)
ذكرها المجد اللغوي في «الصّلات والبشر» (ص 131) ، والرائي هو محمد بن سعيد بن مطرف.