الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو مالك تسليم العباد من المهالك؛ أي: فهو المعطي له، فيرجع لصفة القدرة.
أو ذو السلام على المؤمنين في الجنة، فيرجع للكلام القديم.
أو الذي سلّم خلقه من ظلمه.
أو سلّم المؤمنين من العذاب.
أو المسلّم على المصطفين من عباده في الدنيا.
واختار ابن فورك وغيره الأول، وعليه يفارق القدوس بأن السلام للتنزيه عن أفعال النقص، والقدوس للتنزيه عن صفاته، كذا قيل، وهو غفلة عما مرّ في معنى السلام على القول الأول، فالوجه أن يفرق بأن السلام للمعنى الأعم كما مرّ «1» ، والقدوس لأخصّ من ذلك، وهو التنزيه عن صفات النقص.
تنبيه:
نقل ابن عرفة عن ابن عبد السلام: أنه يكفي أن يقال: صلى الله عليه وسلم، وعن غيره: أنه أنكر ذلك، وقال: لا بد أن يزيد (تسليما)، وكأنه أخذ بظاهر: وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً، وليس أخذا صحيحا كما يظهر بأدنى تأمّل.
وإذ انتهت المقدمة، فلنشرع في فصول الكتاب بعون الملك الوهاب، فنقول وبالله التوفيق:
(1) أي: من أنه يدل على التنزيه عن النقص من كل وجه ذاتا وصفة وفعلا.
الفصل الأول في الأمر بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
في أي وقت كان وفي الأمر بتحسينها، وأن علامة أهل السّنة الإكثار منها، وغير ذلك قال تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً؛ مرّ أن الآية مدنية، وذكر أبو ذر الهروي: أن الأمر بها كان في السنة الثانية من الهجرة، وقيل: في ليلة الإسراء.
أخرج ابن عدي في «الكامل» وغيره: أنه صلى الله عليه وسلم قال:
«صلوا عليّ صلى الله عليكم» «1» .
وقال صلى الله عليه وسلم: «صلوا عليّ؛ فإن الصلاة عليّ كفارة لكم وزكاة، فمن صلى عليّ صلاة.. صلى الله عليه عشرا» «2» سنده صحيح على ما قاله العراقي، لكنه معترض بأن فيه انقطاعا وعلّة.
وقال صلى الله عليه وسلم: «صلوا عليّ؛ فإنها لكم أضعاف مضاعفة» ذكره الديلمي بلا إسناد تبعا لأبيه.
وقال أبو ذر رضي الله تعالى عنه: (أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أصلّيها- أي: الضحى- في السفر والحضر، وألّا أنام إلّا على وتر، وبالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وهو ضعيف «3» .
(1) الكامل (4/ 312) .
(2)
أخرجه ابن أبي عاصم في «الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم» (40) .
(3)
أخرجه ابن عدي في «الكامل» (7/ 288) ، وابن عساكر في «تاريخه» (8/ 416) .
ويروى مما لم يعرف له أصل: «الصلاة عليّ نور يوم القيامة عند ظلمة الصراط، ومن أراد أن يكتال بالمكيال الأوفى يوم القيامة.. فليكثر من الصلاة عليّ» .
ويروى أيضا: «أكثروا من الصلاة عليّ؛ لأن أول ما تسألون في القبر عني» قال الحافظ السخاوي: (لم أقف له على سند، وربما يستدل له بثبوت السؤال للمرء في قبره عنه صلى الله عليه وسلم «1» .
وعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا صليتم عليّ.. فأحسنوا الصلاة؛ فإنكم لا تدرون لعلّ ذلك يعرض عليّ، قولوا: اللهم اجعل صلاتك ورحمتك وبركاتك
…
» الرواية الآتية بتخريجها «2» .
وفي رواية مرسلة: «إنكم تعرضون عليّ بأسمائكم وسيماكم، فأحسنوا الصلاة عليّ» «3» .
وروى التّيمي عن زين العابدين عليّ بن الحسين بن علي رضي الله تعالى عنهم أنه قال: (علامة أهل السنة كثرة الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وذكر ابن الجوزي في كتابه «سلوة الأحزان» : (أن آدم لمّا رام القرب من حواء.. طلبت منه المهر، فقال: يا ربّ؛ ماذا أعطيها؟ قال: يا آدم؛ صلّ على صفيي محمد بن عبد الله عشرين مرة، ففعل صلّى الله عليهما وعلى سائر الأنبياء والمرسلين) .
وجاء بسند ضعيف جدّا أنه صلى الله عليه وسلم قال: «بكاء الصغير إلى شهرين شهادة ألاإله إلا الله، وإلى أربعة أشهر الثقة بالله تعالى، وإلى ثمانية
(1) القول البديع (ص 100) .
(2)
انظر (ص 86) .
(3)
أخرجها عبد الرزاق في «مصنفه» (3111) .
أشهر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ولسنتين استغفار لوالديه، فإذا استسقى.. أنبع الله تعالى له من ضرع أمه عينا من الجنة، فيشرب فتجزئه من الطعام والشراب» ، وفي رواية:«وأن محمدا رسول الله» ، و «اليقين» بدل «الثقة» «1» .
وفي رواية: «لا تضربوا أولادكم على بكائهم سنة؛ فإن أربعة أشهر منها يشهد ألاإله إلّا الله، وأربعة أشهر يصلي عليّ، وأربعة أشهر يدعو لوالديه» «2» .
وجاء بسند صحيح- على ما قاله المجد اللغوي-: «إذا صليتم على المرسلين.. فصلوا عليّ معهم؛ فإني رسول من المرسلين» «3» ، وفي لفظ:
«إذا سلمتم عليّ.. فسلموا على المرسلين» «4» .
وللأول طريق أخرى إسنادها حسن جيد، لكنه مرسل.
وجاء من طرق ضعيفة: «صلوا على أنبياء الله تعالى ورسله؛ فإن الله عز وجل بعثهم كما بعثني» «5» . صلّى الله عليهم وسلم تسليما.
وأما ما حكي عن مالك: أنه لا يصلّى على غير نبينا من الأنبياء.. فأوّله أصحابه بأن معناه: أنا لا نتعبّد بالصلاة عليهم كما تعبّدنا بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم.
(1) أخرجه الديلمي في «الفردوس» (2142) ، وانظر «اللآلىء المصنوعة» (1/ 99) .
(2)
أخرجه الخطيب في «تاريخه» (11/ 336) ، وقد ردّه الحافظ ابن حجر في «لسان الميزان» (5/ 478) ، وانظر «اللآلىء المصنوعة» (1/ 98) ، و «تنزيه الشريعة» (1/ 171) .
(3)
أخرجه ابن أبي عاصم في «الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم» (69) .
(4)
أخرجه أبو نعيم في «تاريخ أصبهان» (1/ 311) .
(5)
أخرجه البيهقي في «الشعب» (131) ، والديلمي في «الفردوس» (3710) ، وعبد الرزاق (3118) ، والقاضي إسماعيل الجهضمي في «فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم» (ص 48) .
والصلاة على الملائكة لا يعرف فيها نص، وإنما تؤخذ من الحديث المذكور:«صلوا على أنبياء الله تعالى ورسله» ، وقد ثبت أن الله سبحانه وتعالى سماهم رسلا.
الفصل الثاني في كيفية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم على اختلاف أنواعها
عن أبي مسعود الأنصاري البدري- واسمه عقبة بن عمرو «1» - رضي الله تعالى عنه قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في مجلس سعد بن عبادة، فقال له بشير بن سعد: أمرنا الله أن نصلي عليك يا رسول الله، فكيف نصلّي عليك؟ قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى تمنينا أنه لم يسأله، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«قولوا: اللهم؛ صلّ على محمد وعلى آل محمد، كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد، والسلام كما قد علمتم» رواه مسلم وغيره «2» ، و «علمتم» فيه فتح العين وتخفيف اللام، وضمها وتشديد اللام.
وفي لفظ صحيح أيضا- كما مر في أحاديث أدلة الشافعي رضي الله تعالى عنه على وجوبها في الصلاة-: «إذا أنتم صليتم.. فقولوا: اللهم؛ صلّ على محمد النبيّ الأميّ، وعلى آل محمد، [كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم] ، وبارك على محمد [النبي الأمّي] وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد» «3» .
(1) في النسخ: (ابن مسعود الأنصاري البدري واسمه عقبه بن عامر
…
) وصوابه ما أثبت، والله أعلم، انظر «الإصابة» (2/ 483) ، و «الإستيعاب» (3/ 105) .
(2)
أخرجه مسلم (405) ، وابن حبان (1958) ، وأبو داود (979) ، والترمذي (3220) ، وغيرهم.
(3)
تقدم (ص 69) .
وفي لفظ مرسل: قيل: يا رسول الله؛ أمرنا أن نسلم عليك، وأن نصلّي عليك، فقد علمنا كيف نسلّم عليك، فكيف نصلّي عليك؟ قال: «تقولون:
اللهمّ؛ صلّ على آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، اللهم؛ بارك على آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم» «1» .
وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: لقيني كعب بن عجرة رضي الله تعالى عنه، فقال: ألا أهدي لك هدية؛ إن النبيّ صلى الله عليه وسلم خرج علينا، فقلنا: يا رسول الله؛ قد علمنا كيف نسلّم عليك، فكيف نصلي عليك؟ - وفي رواية للحاكم: كيف الصلاة عليكم أهل البيت؟ - قال:
وفي لفظ للبخاري: «على إبراهيم وعلى آل إبراهيم» في الموضعين «3» .
وفي رواية للبيهقي: أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول في الصلاة:
وصح أن سبب هذا السؤال: أنه لما نزلت آية: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ.. قال رجل: يا رسول الله؛ هذا السلام عليك قد عرفناه، فكيف الصلاة عليك؟
…
الحديث «5» .
(1) أخرجه القاضي إسماعيل الجهضمي في «فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم» (ص 67) .
(2)
البخاري (6357) ، مسلم (406) ، الحاكم (3/ 149) .
(3)
البخاري (3370) .
(4)
السنن الكبرى (2/ 147) .
(5)
أخرجه أحمد (4/ 244) والطبراني في «الكبير» (19/ 125) وابن بشكوال في «القربة» (14) .
وفي رواية مرسلة: أنها لمّا نزلت.. قالوا: يا رسول الله، هذا السلام عليك قد علمنا كيف هو، فكيف تأمرنا أن نصلي عليك؟ قال: «تقولون:
اللهم اجعل صلاتك وبركاتك على محمد، كما جعلتها على إبراهيم، إنك حميد مجيد» ، زاد ابن أبي شيبة، وسعيد بن منصور:«آل» في الموضعين «1» .
وفي أخرى مرسلة أيضا: «قولوا: اللهم؛ صلّ على محمد عبدك ورسولك وأهل بيته، كما صليت على إبراهيم، إنك حميد مجيد» «2» .
وفي لفظ للبخاري وغيره عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه:
قلنا: يا رسول الله؛ هذا السلام عليك قد عرفناه، فكيف نصلي عليك؟
قال: «قولوا: اللهم؛ صلّ على محمد عبدك ورسولك، كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم» ، وفي رواية:«وآل إبراهيم» «3» .
وفي أخرى متفق عليها: «قولوا: اللهم؛ صلّ على محمد وعلى أزواجه وذريته، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذرّيّته، كما باركت على إبراهيم، إنك حميد مجيد» ، زاد أحمد وغيره:«آل إبراهيم» في الموضعين، وابن ماجه:«كما باركت على آل إبراهيم في العالمين» «4» .
وفي أخرى- في سندها مختلط واختلاف، والمعروف وقفها، وحسّن المنذري سند الموقوف، وصححه مغلطاي، لكن اعترضا بأن فيه من اختلط بأخرة، ولم يتميز حديثه الأول من الآخر فاستحق الترك-: «قولوا: اللهم؛
(1) أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 391) ، والقاضي إسماعيل الجهضمي في «فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم» (ص 63) .
(2)
أخرجه القاضي إسماعيل الجهضمي في «فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم» (ص 62) .
(3)
البخاري (6358) .
(4)
أخرجه البخاري (3369) ، ومسلم (407) ، وابن ماجه (905) ، وأحمد (5/ 374) .
اجعل صلاتك ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين، وإمام المتقين، وخاتم النبيين محمد عبدك ورسولك، إمام الخير، وقائد الخير، ورسول الرحمة، اللهم؛ ابعثه مقاما محمودا يغبطه الأولون والآخرون، اللهم؛ صلّ على محمد وأبلغه الوسيلة والدرجة الرفيعة من الجنة، اللهم؛ اجعل في المصطفين محبته، وفي المقربين مودته، وفي الأعلين ذكره- أو قال: داره- والسلام عليه ورحمة الله وبركاته، اللهم؛ صلّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم؛ بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد» «1» .
وفي أخرى غريبة: «قولوا: اللهم؛ صلّ على محمد وعلى آل محمد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما صليت وباركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد» «2» .
وفي أخرى- في سندها اختلاف على راويها-: «قولوا: اللهم؛ صلّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد» «3» .
وفي رواية أبي داود: «اللهم؛ صلّ على محمد النبي، وأزواجه أمهات
(1) أخرجه ابن ماجه (906) موقوفا على ابن مسعود، وذكره المنذري في «الترغيب» (2492) والإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 106) ، وعزاه لابن أبي عاصم، وقال:(فيه المسعودي، وهو ثقة، ولكنه اختلط)، والمسعودي: هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود المسعودي الكوفي، انظر «تهذيب الكمال» (17/ 219) .
(2)
عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 106) للنميري في «فضل الصلاة» .
(3)
أخرجه البخاري (3370) ، ومسلم (406) ، وابن حبان (912) ، والترمذي (483) ، وأحمد (4/ 241) ، وغيرهم.
المؤمنين، وذريته وأهل بيته» «1» .
وفي أخرى صحيحة لكنها معلولة: «قولوا: اللهم؛ صلّ على محمد، كما صليت على إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد» «2» .
وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أنه قال: يا رسول الله؛ كيف نصلّي عليك؟ - يعني: في الصلاة- قال: «تقولون: اللهم؛ صلّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، ثم تسلّمون عليّ» أخرجه الشافعي رضي الله تعالى عنه، وشيخه فيه ضعيف، وهو عند البزار والسرّاج من وجه إسناده صحيح على شرط الشيخين «3» .
وله طريق أخرى عند الطبري: «قولوا: اللهمّ؛ صلّ على محمد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد، والسلام كما علمتم» .
وفي رواية أخرى ضعيفة: «قولوا: اللهم؛ اجعل صلاتك ورحمتك وبركاتك على محمد وعلى آل محمد، كما جعلتها على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد» «4» .
وفي رواية زيادة: «وارحم محمدا وآل محمد، كما صليت وباركت وترحّمت على إبراهيم
…
» إلخ «5» ، وفي سندها مجهول عن رجل مبهم، فتصحيح قوم لها اغترارا بذكر الحاكم لها في «المستدرك» شاهدا.. وهم.
(1) سنن أبي داود (982) .
(2)
أخرجه أحمد (4/ 244) .
(3)
أخرجه البزار في مسنده (942) ، والشافعي في «الأم» (2/ 270) ، وشيخه فيه إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، انظر «الكامل في الضعفاء» (217) .
(4)
أخرجه أحمد (5/ 353) .
(5)
أخرجه الحاكم (1/ 269) ، والبيهقي (2/ 379) .
وفي أخرى- ضعيفة أيضا- زيادة: «وارحم محمدا وآل محمد، كما رحمت على إبراهيم، إنك حميد مجيد» «2» .
وفي أخرى- عن علي كرم الله وجهه- زيادة: «اللهمّ؛ وترحّم على محمد وعلى آل محمد، كما ترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم؛ وتحنّن على محمد وعلى آل محمد، كما تحنّنت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، اللهمّ؛ وسلّم على محمد وعلى آل محمد، كما سلمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد» ، وسندها ذاهب؛ إذ فيه مجهولان وآخر متروك الحديث يضع على أهل البيت، وله طرق أخرى كلها غريبة، وفي بعضها تسلسل بالعدّ؛ أي: أنه صلى الله عليه وسلم عدّ تلك الكلمات في يد عليّ رضي الله تعالى عنه، وقال صلى الله عليه وسلم:
«عدّهن في يدي جبريل، وقال: عدّهن في يدي ميكائيل، وقال: عدّهن في يدي إسرافيل، وقال: عدّهن في يدي ربّ العالمين جل جلاله» «3» ولا يخلو سندها عن متّهم بالكذب والوضع؛ فهو بسبب ذلك تالف، بل قال بعض
(1) أخرجه الدارقطني (1/ 354) .
(2)
قال الإمام الدميري في «النجم الوهاج» (2/ 165) : (نقل الصيدلاني: أن من الناس من يزيد: «وارحم محمدا كما ترحمت على إبراهيم» وربما يقول: «كما رحمت» .. قال: وهذا لم يرد في الخبر، وهو غير فصيح؛ فإنه لا يقال: رحمت عليه) ، وانظر «تلخيص الحبير» (1/ 273) .
(3)
أخرجه البيهقي في «الشعب» (2/ 222) ، والحاكم في «معرفة علوم الحديث» (ص 33) ، وابن عساكر في «تاريخه» (48/ 316) .
محققي الفقهاء والحفاظ من المتأخرين: إن سائر الطرق التي فيها زيادة الرحمة والتحنن لا تخلو عن ذلك، ولشيخ الإسلام الوليّ أبي زرعة إفتاء طويل في ذلك لخّصت حاصله في «شرح الإرشاد» .
نعم؛ أخرج البخاري في «الأدب المفرد» وابن جرير والعقيلي: أنه صلى الله عليه وسلم قال: «من قال: اللهم؛ صلّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم، وترحّم على محمد وعلى آل محمد، كما ترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم.. شهدت له يوم القيامة بالشهادة، وشفعت له» «1» وهو حديث حسن، ورجاله رجال الصحيح إلا واحدا، لكن ذكره ابن حبان في «الثقات» على قاعدته «2» .
وفي رواية ضعيفة: «اللهم؛ اجعل صلاتك ورحمتك وبركاتك على محمد وعلى آل محمد، كما جعلتها على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد» «3» .
وفي أخرى سندها هالك: أنه صلى الله عليه وسلم قال لمن قال: اللهم؛ صلّ على محمد حتى لا تبقى صلاة، اللهم؛ بارك على محمد حتى لا تبقى بركة، اللهم؛ سلّم على محمد حتى لا يبقى سلام، وارحم محمدا حتى لا تبقى رحمة:«إني أرى الملائكة قد سدّوا الأفق» «4» .
وورد بسند حسن: «من قال: اللهم؛ صلّ على محمد، وأنزله المقعد المقرّب عندك يوم القيامة.. وجبت له شفاعتي» ، وفي رواية:«عندك في الجنة» «5» .
(1) الأدب المفرد (641) .
(2)
هو سعيد بن عبد الرحمن الأموي مولى سعيد بن العاصي، «الثقات» (3/ 391) .
(3)
هذه الرواية تقدمت قريبا بلفظها وتقدم تخريجها.
(4)
أخرجه الطبراني في «الكبير» (5/ 141) .
(5)
أخرجه الطبراني في «الكبير» (5/ 25) ، وأحمد (4/ 108) ، والبزار (6/ 299) .
فالمقعد المقرّب على الرواية الأولى يحتمل أنه المقام المحمود؛ لأنه أظهر فضائله التي يتميز بها ذلك اليوم، وعلى الرواية الثانية يحتمل أنه الوسيلة؛ لأنها أرفع درجاته التي يتميز بها على جميع أهل الجنة.
وبسند ضعيف: «من قال: جزى الله عنّا محمدا صلى الله عليه وسلم بما هو أهله.. أتعب سبعين ملكا ألف صباح» «1» ، وضمير (أهله) يحتمل أنه لله تعالى، وأنه لمحمد صلى الله عليه وسلم، وتعب السبعين هذا الزمن الطويل بكتابة ما يقابل ذلك من الثواب، أو بالاستغفار له.
ويروى: «من صلى على روح محمد في الأرواح، وعلى جسده في الأجساد، وعلى قبره في القبور.. رآني في منامه، ومن رآني في منامه..
رآني يوم القيامة، ومن رآني يوم القيامة.. شفعت له، ومن شفعت له..
شرب من حوضي، وحرم الله جسده على النار» ، قال الحافظ السخاوي:
(لم أقف على أصله إلى الآن)«2» .
وروى أبو داود في «سننه» ، وعبد بن حميد في «مسنده» وغيرهما:
أنه صلى الله عليه وسلم قال: «من سرّه أن يكتال بالمكيال الأوفى إذا صلى علينا أهل البيت.. فليقل: اللهم صلّ على محمد النبيّ، وأزواجه أمهات المؤمنين، وذريته وأهل بيته، كما صليت على إبراهيم، إنك حميد مجيد» «3» .
وفي رواية في سندها مجهول، وآخر مختلط:«فليقل: اللهم؛ اجعل صلواتك وبركاتك على محمد النبي» «4» .
(1) أخرجه الطبراني في «الكبير» (11/ 165) ، و «الأوسط» (237) .
(2)
ذكره الحافظ السخاوي في «القول البديع» (ص 116) ، وعزاه إلى أبي القاسم السبتي في كتابه «الدر المنظم في المولد المعظم» .
(3)
أخرجه أبو داود (982) ، والبيهقي (2/ 151) .
(4)
أخرجه ابن عدي في «الكامل» (2/ 424) والمختلط: هو حيان بن يسار، وانظر «تهذيب الكمال» (5/ 348) .