الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لابن طولون، فقال للسياف: صدقت، هذه دعوة مستجابة.
وبقي في الباب آثار عن ابن عباس وغيره.
والحاصل: أن من توسّل بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم أنجح قصده، وبلّغ مراده؛ فإنه ذو الجاه الرّفيع، والجود الوسيع، وكيف لا؛ وقد برىء الأكمه بواسطة التّوسل به؟! وهذا من أعظم المعجزات، بل إجابة المتوسلين بجاهه صلى الله عليه وسلم تتضمن معجزات لا حصر لها ولا انقضاء.
فنتوسّل إليك اللهم بجاهه الأعظم، وبقربه الأكمل الأفخم: أن تتفضّل علينا بجميع ما نحبه من الخير، إنك على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير.
[السادس والثلاثون: في سائر الأحوال]
، مرّ في (الفصل الثالث) أحاديث كثيرة دالّة على طلبها في كل وقت، ومرّ قريبا «1» عن ابن مسعود: (أنه ما جلس في مأدبة ولا غيرها فيقوم.. حتى يحمد الله تعالى، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم .
وحكي: أن رجلا حجّ، فكان يكثر الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في مواقف الحج وأعماله، فقيل له: لم لم تشتغل بالدعاء المأثور؟! فاعتذر بأنه خرج للحج هو ووالده، فمات بالبصرة، فكشف عن وجهه؛ فإذا هو صورة حمار، فحزن حزنا شديدا، ثم أخذته سنة فرآه صلى الله عليه وسلم وتعلّق به، وأقسم ليخبرنّه بقصة والده فقال:«إنه كان يأكل الرّبا، وآكله يقع له ذلك دنيا وأخرى، ولكنه كان يصلّي [عليّ] كل ليلة عند نومه مئة مرة، فلمّا عرض له ذلك.. أخبرني به الملك الذي يعرض عليّ أعمال أمتي، فسألت الله، فشفّعني فيه» ، فاستيقظ فرأى وجه والده كالبدر، ثم لمّا دفنه.. رأى هاتفا يقول له: سبب العناية التي حفّت والدك.. الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاليت على نفسي ألا أتركها على أيّ حال كنت، وفي أيّ مكان كنت.
(1) انظر (ص 230) .
ونظيره: أن شخصا كان يكثرها، فسئل فذكر: أنه خرج حاجّا ومعه أبوه، فبينا هو نائم في بعض المنازل، وإذا قائل يقول له: قم فقد أمات الله أباك، وسوّد وجهه، فاستيقظ فرآه كذلك، فدخله منه رعب شديد، ثم نام، فرأى أربعة سودان محدقين بأبيه ومعهم أعمدة من حديد، فأقبل رجل حسن الوجه فنحّاهم عنه، ورفع الثوب عن وجهه ومسحه بيده، ثم أتاني فقال:
«قم قد بيّض الله تعالى وجه أبيك» ، فقلت: من أنت بأبي أنت وأمي؟ قال:
«محمد» صلى الله عليه وسلم، فكشفت الثوب عن وجه أبي؛ فإذا هو أبيض «1» فدفنته، ثم ما تركت بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم «2» .
ونظير ذلك أيضا: ما حكاه سفيان الثوريّ رضي الله تعالى عنه: أنه رأى حاجّا يكثرها، فقال له: هذا موضع الثناء على الله تعالى؟! فأخبره أن أخاه لمّا حضرته الوفاة.. اسودّ وجهه فأحزنه ذلك، فبينا هو كذلك؛ إذ دخل عليه رجل وجهه كالسراج المضيء، فمسح بيده وجهه، فزال سواده، وصار كالقمر، ففرح وسأله عن اسمه، فقال: أنا ملك موكّل بمن يصلّي على النبي صلى الله عليه وسلم، أفعل به هكذا، وقد كان أخوك يكثر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وكان قد حصل له محنة، فعوقب بسواد الوجه، ثم أدركه الله عز وجل ببركة صلاته على النبي صلى الله عليه وسلم، فأزال عنه ذلك السواد، وكساه هذا.
وأخرج أبو نعيم وغيره عن سفيان قصة أخرى فيها: أنه حج فرأى شابّا لا يرفع قدما ولا يضع أخرى.. إلّا وهو يصلّي على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: أبعلم تقول هذا؟ قال: نعم، ثم ذكر له: أنه حجّ بوالدته، فسألته أن يدخلها البيت ففعل، فوقعت وتورّم بطنها، واسودّ وجهها، فحزن ثم رفع يديه وقال: يا ربّ؛ هكذا تفعل بمن دخل بيتك؛
(1) في النسخ: (أبي) ، والتصويب من هامش (أ) .
(2)
أخرجها ابن بشكوال في «القربة» (96) .