الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الصلاة على غير الأنبياء تبعا]
والصلاة على غير الأنبياء تبعا لا خلاف في جوازها، وقد شرع الدعاء للآحاد بما دعا به النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه في الحديث الصحيح:
«اللهم؛ إني أسألك من خير ما سألك منه محمد صلى الله عليه وسلم» ، والتكرار إنما يأتي عند القائل بأن (الآل) كل الأمة، على أنه لا محذور في ذلك على هذا؛ لأنه من عطف الخاص على العام، ونكتته الاهتمام بالخاص، كما في: وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ.
واعترض الأذرعي ما مرّ عن النووي رحمه الله تعالى أيضا بأن التلفيق يستلزم إحداث صفة في التشهد لم ترد مجموعة في حديث واحد، فالأولى أن يأتي بأكمل الروايات، ويقول كل ما ثبت مرة، وسبقه لنحو ذلك بعض الحنابلة.
وللعزّ بن جماعة اعتراض عليه في قوله: (ينبغي أن يأتي ب «إني ظلمت نفسي ظلما كبيرا كثيرا» ليجمع بين الروايتين) ، ورددته عليه في «حاشية الإيضاح» في (مبحث الوقوف)«1» ، فاستحضر نظيره هنا.. يظهر لك صحة
(1) قال المؤلف رحمه الله تعالى في «حاشيته على الإيضاح» (ص 330) : (قال المصنف- يعني الإمام النووي-: «ينبغي أن يجمع بينهما، أي: لأنه حينئذ يتيقن النطق بما نطق به صلى الله عليه وسلم، وزيادة لفظة على الوارد لا تخرجه عن كونه نطق بالوارد، وبذلك يندفع قول ابن جماعة: ليس فيما ذكره إتيان بالسّنّة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم ينطق بهما، وإنما الذي ينبغي: أن يدعو مرة بالمثلاثة، ومرة بالموحدة؛ لنطقه حينئذ بالوارد يقينا» اهـ على أن ما قاله المصنف فيه إتيان بالوارد يقينا في كل مرة بخلاف ما ذكره ابن جماعة؛ فإنه ليس فيه إتيان به إلا في مرة من كل مرتين. فإن قلت: لا يحتاج إلى ذلك- أي: إلى الجمع بين اللفظتين- ويحتمل اختلاف الروايتين على أنه صلى الله عليه وسلم نطق بكل منهما، فالنطق بكل سنة وإن لم ينطق بالآخرى؛ فلا يحتاج للجمع، ولا أن يقول هذا مرة وهذا مرة.. قلت: هو محتمل، لكن ما ذكراه أحوط فقط؛ لاحتمال أن أحد الروايتين بالمعنى وإن كان بعيدا، كيف؟! وقد قال المصنف في «شرح مسلم» (1/ 178) في قول ابن الصلاح في رواية تقديم الحج على الصوم في خبر «بني الإسلام على خمس» : يحتمل أنها رواية بالمعنى: «هذا-
اتجاه ما ذكره النووي رحمه الله تعالى.
واعترضه الإسنوي بأنه يلزمه أن يجمع الأحاديث الواردة في التشهد، ورددته عليه في «شرح العباب» ، ويفرق بين ما هنا والقراآت؛ حيث لم يقل أحد من الأئمة باستحباب التلاوة بجميع الألفاظ المختلفة في الحرف الواحد، وإن أجازه بعضهم عند التعلم للتمرن.. بأنا متعبّدون بالإتيان بألفاظ القرآن على الكيفية الواردة، فلم يشرع لنا تغييرها بخلاف نحو ألفاظ الصلاة؛ فإن القصد بالذات معاني ألفاظها، دون نفس ألفاظها، فلم يتعين رعاية ذلك، وشرع لنا الإتيان بكل ما فيه زيادة في المعنى المطلوب من ذلك، وهو زيادة تعظيمه صلى الله عليه وسلم وتوقيره.
إذا تقرر ذلك.. فالذي يظهر: أنه متى كان بين لفظين واردين ترادف..
تخيّر بين أن يأتي بهذا أو بهذا، وإلا: فإن أفاد كلّ ما لا يفيده الآخر.. أتى بكل منهما، وإن أفاد أحدهما معنى الآخر وزيادة.. أتى بما يفيد الزيادة، هذا كله إن استويا صحة، وإلا آثر الصحيح.
واعلم أن مذهبنا أنه لا يتعين اللفظ الوارد في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في الصلاة، وقيل: يتعين؛ فعلى الأول: يكفي (اللهم؛ صلّ على محمد) وكذا (صلى الله على محمد) على الأصح؛ لأن الدعاء بلفظ الخبر آكد، بخلاف (الصلاة على رسول الله) صلى الله عليه وسلم لا يجزىء اتفاقا؛ لأنه ليس فيه إسناد الصلاة إلى الله سبحانه وتعالى، فليس في معنى الوارد.
- ضعيف؛ إذ باب احتمال التقديم والتأخير في مثل هذا قدح في الرواة والروايات؛ فإنه لو فتح ذلك.. لم يبق لنا وثوق بشيء من الروايات إلا القليل، ولا يخفى بطلان هذا وما يترتب عليه من المفاسد، وتعلق من يتعلق به ممن في قلبه مرض، ولأن الروايتين قد ثبتتا في الصحيح، هما صحيحتا المعنى، لا تنافي بينهما» اهـ ملخصا. وبتأمله يعلم قوة ما ذكرته من أن النطق بكل سنة، وأنه لا يحتاج للجمع المذكور إلا لمجرد الاحتياط) .