الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الرسول أخصّ مطلقا من النبيّ]
والرسول أخصّ مطلقا من النبيّ؛ إذ هو: من أوحي إليه بشرع، لا مطلقا- فلا تدخل أمّ موسى ومريم عليهما السلام ولم يؤمر بتبليغه، فإن أمر به..
فرسول، سواء أكان له كتاب، أو نسخ لبعض شرع من قبله، أو لا كيوشع، هذا هو المشهور.
[قول ابن عبد السلام: النبوّة أفضل من الرسالة]
واختار ابن عبد السلام: (أن نبوّة الرسول أفضل من رسالته؛ لأن النبوة متعلقة بالحقّ من طرفيها، إذ هي إخبار عما يستحقه الربّ تعالى من صفات الجلال ونعوت الكمال، فهي راجعة إلى التعريف بالإله وما يجب له، والرسالة متعلقة بالحق من طرف، وبالخلق من طرف، وما تعلق بالحق من طرفيه أفضل، وأيضا فالنبوة متقدّمة)«1» والجمهور على خلافه.
ويردّ ما احتج به بأن الرسالة متضمنة لطرفي النبوة؛ لاندراجها فيها اندراج الأعم في الأخص؛ فهي مشتملة عليها مع زيادة وصف الرسالة، وعلى فرض التغاير، فوصف الرسالة فيه الإقبال بالناس على الحق، وتعريفهم إيّاه، والنبوة قاصرة عن ذلك، فكانت الرسالة أفضل على كل تقدير، وتقدّم النبوة لكونها وسيلة.. لا يقتضي أفضليتها، بل مفضوليتها «2» .
[بلاغة قوله تعالى: وملائكته]
وعبّر ب (ملائكته) دون الملائكة؛ إشارة إلى عظيم قدرهم، ومزيد شرفهم بإضافتهم إليه تعالى، وذلك مستلزم لتعظيمه صلى الله عليه وسلم بما
صلى الله عليه وسلم عن المهموز بقوله: «لا تقولوا: يا نبيء الله» أي: بالهمز «بل قولوا: يا نبي الله» أي: بلا همز؛ لأنه قد يرد بمعنى الضرير، فخشي صلى الله عليه وسلم في الابتداء سبق هذا المعنى إلى بعض الأذهان، فنهاهم عنه، فلما قوي الإسلام وتواترت به القراءة.. نسخ النهي عنه؛ لزوال سببه) .
(1)
القواعد الكبرى (2/ 386) .
(2)
قال المؤلف رحمه الله تعالى في «التحفة» (1/ 26) : (وهو- أي: الرسول- أفضل من النبي إجماعا؛ لتميّزه بالرسالة التي على الأصح- خلافا لابن عبد السلام- أفضل من النبوة فيه، وزعم تعلقها بالحقّ.. يردّه أن الرسالة فيها ذلك مع التعلق بالخلق، فهو زيادة كمال فيها) قال الإمام الشرواني: (والكلام في نبوة رسول ورسالته، وإلا.. فالرسول أفضل من النبي قطعا) .
يصل إليه منهم؛ فإن العظيم لا يصدر عنه إلا عظيم.
ثم فيه التنبيه على كثرتهم، وأن الصلاة من هذا الجمع الكثير الذي لا يحيط بمنتهاه غير خالقه وبارئه.. واصلة إليه صلى الله عليه وسلم على ممرّ الأيام والدهور، مع تجددها من سائر أفرادهم عليه كل وقت وحين، وهذا أبلغ تعظيم وأنهاه، وأشمله وأكمله وأزكاه.
وقد ورد في كثرتهم ما يبهر العقل ويفوق الحصر، ومنه حديث الطبري:
«إن لكل آدمي عشرة منهم موكلون به ليلا، وعشرة نهارا» .
وصحّ: «إن الله عز وجل جزّأ الخلق عشرة أجزاء، فجعل الملائكة تسعة أجزاء، وجزآ سائر الخلق
…
» الحديث «1» .
وفي حديث المعراج المتفق على صحته: «إن البيت المعمور يصلّي فيه كل يوم سبعون ألف ملك، إذا خرجوا.. لم يعودوا إليه آخر ما عليهم» «2» .
وفي حديث الترمذي وغيره: «أطّت السماء وحقّ لها أن تئطّ «3» ، ما فيها موضع أربع أصابع.. إلا وعليه ملك واضع جبهته ساجدا» «4» ، زاد الطبراني والطبري في حديثيهما:«ما في السماوات السبع موضع قدم ولا شبر ولا كفّ.. إلا وفيه ملك قائم أو راكع أو ساجد» «5» .
وروى ابن المبارك، وإسماعيل القاضي، وابن بشكوال، والبيهقي، والدارمي عن كعب أنه قال: «ما من يوم وليلة.. إلا وينزل عند الفجر سبعون
(1) أخرجه الحاكم (4/ 490) .
(2)
صحيح البخاري (3207) ، صحيح مسلم (162) .
(3)
الأطيط: الصوت؛ أي: أن كثرة ما فيها من الملائكة قد أثقلتها حتى أطّت، وهذا مثل وإيذان بكثرة الملائكة، وإن لم يكن ثمّ أطيط، وإنما هو كلام تقريب أريد به تقرير عظمة الله تعالى.
(4)
أخرجه الحاكم (2/ 510) ، والترمذي (2312) ، وابن ماجه (4190) وأحمد (5/ 173) .
(5)
الطبراني في «الأوسط» (3592) .