الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[المسألة] الخامسة:
في بيان ألفاظ مرّت في صلاة التشهد:
منها: [معنى قوله: (اللهم) ]
(اللهم) كلمة كثر استعمالها في الدعاء، وهي بمعنى: يا ألله، ف (الميم) عوض عن (يا) ، ومن ثمّ لا يجمع بينهما إلا نادرا، ولا يقال:
اللهم عفو، بل اعف، أو عفوا بالنصب، وقيل: ميمها ك (واو) الجمع؛ أي: يا من اجتمعت له الأسماء الحسنى، وشدّدت لتكون عوضا عن علامة الجمع، ومن ثمّ جاء عن الحسن البصري: أنها مجتمع الدعاء، وعن النضر بن شميل: من قالها.. فقد سأل الله تعالى بجميع أسمائه، وعن أبي رجاء: أن في مادتها تسعة وتسعين اسما من أسمائه تعالى.
[معنى قوله: (محمد) ]
و (محمّد) : علم منقول من اسم مفعول المضعّف، لمن كثرت خصاله المحمودة، وقد كثرت محامده صلى الله عليه وسلم حتى صار هو صاحب المقام المحمود، الذي يغبطه به الأولون والآخرون، ويحمده فيه أهل الموقف كلّهم، فجمعت له معاني الحمد وأنواعه، وجعل لواؤه صلى الله عليه وسلم لواء الحمد، وهو اللواء الجامع الذي دخل تحته آدم ومن دونه، ومما يدل على عظم موقعه: أنه تعالى يلهمه نبيّه صلى الله عليه وسلم حين يخر ساجدا.
ولم يسمّ ب (أحمد) أحد قبله صلى الله عليه وسلم ولا ب (محمد) ، لكن لما شاع قبيل ولادته صلى الله عليه وسلم أن نبيا يبعث اسمه محمد.. سمّى قوم من العرب أبناءهم بذلك؛ رجاء أن يكون أحدهم هو، والله أعلم حيث يجعل رسالته، وعدتهم خمسة عشر، خلافا لما في «الشفا» و «الروض» «1» ، وفيه كبقية أسمائه صلى الله عليه وسلم أبحاث بينت المهم
(1) قال الإمام محمد بن يوسف الصالحي الشامي في «سبل الهدى والرشاد» (1/ 503) : (والذين سمّوا محمدا في الجاهلية دون العشرين، وحمى الله تعالى هؤلاء أن يدّعي أحد منهم النبوة، أو يدعيها أحد له، أو يظهر عليه شيء من سماتها، حتى تحققت لنبينا صلى الله عليه وسلم وذكرهم ستة عشر: -
منها في «شرح الشمائل» «1» .
- محمّد بن أحيحة بن الجلاح بن الحريش، ومحمّد بن أسامة بن مالك بن حبيب بن العنبر، ومحمّد بن البرّ بن طريف بن عتوارة، ومحمّد بن الحارث بن حديج بن حويص، ومحمّد بن حرماز، ومحمّد بن حمران بن أبي حمران، ومحمّد بن خزاعي، ومحمّد بن خولي الهمداني، ومحمّد بن سفيان بن مجاشع جدّ جدّ الفرزدق، ومحمّد بن عديّ بن ربيعة بن سواد بن جشم، ومحمّد بن عمر بن مغافل، ومحمّد بن اليحمد، ومحمّد بن يزيد بن عمرو بن ربيعة، ومحمّد الأسديّ، ومحمّد الفقيمي، ومحمّد بن عقبة بن أحيحة بن الجلاح الأوسي، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في «فتح الباري» (6/ 556) في الأخير والأول:(لا أدري أهما واحد نسب مرة إلى جده، أم هما اثنان) . وذكرهم القاضي عياض ستة لا سابع لهم فقال في «الشفا» (ص 287) : (هم: محمد بن أحيحة بن الجلاح الأوسي، ومحمد بن مسلمة الأنصاري، ومحمد بن براء البكري، ومحمد بن سفيان بن مجاشع، ومحمد بن حمران الجعفي، ومحمد بن خزاعيّ السّلمي) . وذكرهم السهيلي في «الروض الأنف» (2/ 95) ثلاثة: (هم: محمد بن سفيان بن مجاشع جد الفرزدق الشاعر، والآخر محمد بن أحيحة بن الحريش، والآخر محمد بن حمران بن ربيعة) .
(1)
في هامش (ج) : (قال شيخنا المؤلف في «شرحه على الشمائل» : إذ صيغة التفعيل في محمد منبئة على التضعيف والتكثير إلى ما لا نهاية له، وصيغة أفعل في أحمد منبئة عن الوصول لغاية ليس وراءها منتهى؛ إذ معنى أحمد: أحمد الحامدين لربه بما يفتح عليه يوم القيامة بمحامد لم يفتح بها على أحد قبله، فيحمد ربه بها؛ ولذا يعقد له لواء الحمد ثمّ، ولم يكن محمدا حتى كان أحمد، حمد ربه فكناه وشرفه؛ ولذلك تقدم في قول موسى: «اللهم؛ اجعلني من أمة أحمد» ، وقول عيسى: اسْمُهُ أَحْمَدُ [الصف: 6] على محمد؛ لأن حمده لربه كان قبل خلق حمد الناس له، فلما وجد وبعث.. كان محمدا بالفعل، فبأحمد ذكر قبل أن يذكر بمحمد، وكذلك في الشفاعة يحمد ربه بتلك المحامد التي لم يفتح بها على أحد قبله، فيكون أحمد الحامدين لربه، ثم يشفع فيحمد على شفاعته، فتقدم أحمد ذكرا ووجودا ودنيا وأخرى. هذا حاصل كلام السهيلي [الروض (2/ 96) ] ، وجرى عليه القاضي في «الشفا» [ص 286] وغيره، وهو أظهر من دعوى ابن القيم في أحمد: أنه قيل فيه: إنه بمعنى مفعول؛ أي: إنه أولى الناس بأن يحمد، فهو بمعنى: محمد وإن تفارقا: أن محمدا كثير خصال يحمد عليها، وأحمد: هو الذي يحمد أفضل مما يحمد غيره، ولو أريد أكثر حمدا لربه.. لكان أولى به الحمّاد، ومن مزاياهما مساواتهما لحروف الجلالة، ومن مزايا محمد موافقته لمحمود من أسمائه تعالى، ومن ثمّ-