المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

من طلب ثناء الله تعالى على نبيه صلى الله عليه - الدر المنضود في الصلاة والسلام على صاحب المقام المحمود

[ابن حجر الهيتمي]

فهرس الكتاب

- ‌‌‌بين يدي‌‌ الكتاب

- ‌ب

- ‌ ا

- ‌د

- ‌ج

- ‌ترجمة الإمام الفقيه أحمد ابن حجر الهيتمي المكي

- ‌اسمه ونسبه:

- ‌مولده ونشأته:

- ‌طلبه للعلم:

- ‌شيوخه:

- ‌مقاساته في الطلب وخروجه إلى مكة:

- ‌زملاؤه وأقرانه:

- ‌تلامذته:

- ‌مؤلفاته:

- ‌وفاته:

- ‌وصف النسخ الخطّيّة

- ‌منهج العمل في الكتاب

- ‌خاتمة

- ‌صور المخطوطات المستعان بها

- ‌[خطبة الكتاب]

- ‌مقدّمة في الكلام على قوله تعالى:

- ‌[فوائد هذه الآية:]

- ‌[الفائدة] الأولى:

- ‌[الفائدة] الثانية:

- ‌[الفائدة] الثالثة:

- ‌وأما صلاة الملائكة عليه صلى الله عليه وسلم:

- ‌وأما صلاة مؤمني الإنس والجنّ عليه

- ‌فائدة:

- ‌[الفائدة] الرابعة:

- ‌تنبيه:

- ‌فائدة:

- ‌أحدها:

- ‌الأمر الثاني:

- ‌الأمر الثالث:

- ‌[الفائدة] الخامسة

- ‌تنبيه:

- ‌[الرسول أخصّ مطلقا من النبيّ]

- ‌[قول ابن عبد السلام: النبوّة أفضل من الرسالة]

- ‌[بلاغة قوله تعالى: وملائكته]

- ‌[بلاغة قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا]

- ‌[الكفار مخاطبون بالفروع المجمع عليها]

- ‌[أنه صلى الله عليه وسلم مرسل للخلق عامة]

- ‌[الأنبياء أفضل من الملائكة والأدلة على ذلك]

- ‌منها: قوله تعالى

- ‌ومنها: اختصاص الأنبياء بأنهم الذين قامت بهم حجة الله على خلقه

- ‌ومنها: أن للبشر طاعات لم يثبت مثلها للملائكة كالجهاد

- ‌ومنها: أن طاعات البشر أكمل

- ‌[بلاغة قوله تعالى يا أَيُّهَا]

- ‌[اختلاف الأصوليين في دخوله ص في صيغة: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ونحوها]

- ‌[الفائدة] السادسة: [في حكم الصلاة عليه ص]

- ‌[أدلة وجوب الصلاة عليه ص في التشهد عند الشافعية]

- ‌تتمة: [في صلاة رسول الله ص على نفسه]

- ‌[حكم السلام عليه ص]

- ‌السابعة:

- ‌تنبيه:

- ‌[في حديث سيدنا علي رضي الله عنه: «اللهم؛ داحي المدحوات

- ‌تنبيه:

- ‌الفصل الثالث في مسائل وفوائد تتعلق بما مضى في الفصلين الأولين

- ‌[المسألة] الأولى:

- ‌[حكم السلام على غير الأنبياء]

- ‌[المسألة] الثانية:

- ‌[الصيغة التي مال إليها المصنف في الصلاة عليه ص]

- ‌[الصلاة على غير الأنبياء تبعا]

- ‌[عدم جواز إبدال لفظ (محمد) ب (أحمد) ، وبالضمير في التشهد]

- ‌[الصلاة عليه ص خارج الصلاة بصيغة الطلب أفضل منها بصيغة الخبر]

- ‌[الحكمة من اقتصاره ص في كثير من الروايات على اسمه العلم]

- ‌[المسألة] الثالثة:

- ‌[معنى السلام عليه ص]

- ‌[حكمة الالتفات من الغيبة إلى الخطاب في التشهد]

- ‌[المسألة] الرابعة:

- ‌[المسألة] الخامسة:

- ‌منها: [معنى قوله: (اللهم) ]

- ‌[معنى قوله: (محمد) ]

- ‌[معنى قوله: (الأمي) ]

- ‌[معنى قوله: (أزواجه) ]

- ‌تنبيه:

- ‌[معنى قوله: (الذرية) ]

- ‌[معنى قوله: (الآل) ]

- ‌[معنى قوله: (البركة) ]

- ‌[معنى قوله: (إبراهيم) ]

- ‌[معنى قوله: (آل إبراهيم) ]

- ‌[معنى قوله: (العالمون) ]

- ‌[معنى قوله: (الحميد) ]

- ‌[معنى قوله: (المجيد) ]

- ‌[معنى قوله: (الأعلون) ]

- ‌[معنى قوله: (المصطفون) ]

- ‌[معنى قوله: (المقربون) ]

- ‌[معنى قوله: (المكيال الأوفى) ]

- ‌[المسألة] السادسة:

- ‌[المسألة] السابعة:

- ‌[المسألة] الثامنة:

- ‌الفصل الرابع في فوائد الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ منها: صلاة الله تعالى وملائكته ورسوله صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيه:

- ‌ ومنها: أنها سبب لمحبة الملائكة وإعانتهم وترحيبهم

- ‌ ومنها: أنها سبب لشفاعته وشهادته صلى الله عليه وسلم

- ‌ ومنها: أنها سبب للبراءة من النفاق ومن النار

- ‌ ومنها: أنها كفارة لنا وزكاة لأعمالنا

- ‌ ومنها: أنها سبب لمزاحمة كتفه صلى الله عليه وسلم على باب الجنة

- ‌ ومنها: أنها تستغفر لقائلها

- ‌ ومنها: أن المرة الواحدة منها بقيراط كجبل أحد

- ‌ ومنها: أن ملكا قائما على قبره يبلغه إياها

- ‌تنبيه:

- ‌[مطلب في الحث على زيارة القبر الشريف]

- ‌[مطلب في معنى رد الروح إليه ص]

- ‌خاتمة:

- ‌ ومنها: أنها سبب للكيل بالمكيال الأوفى من الثواب

- ‌ ومنها: أنها سبب لكفاية المهمات في الدنيا والآخرة

- ‌ ومنها: أنها أمحق للخطايا من الماء للنار

- ‌ ومنها: أن المرة الواحدة منها تمحو ذنوب ثمانين سنة

- ‌ ومنها: أنها سبب للنجاة من أهوال يوم القيامة

- ‌ ومنها: أنها سبب لرضا الله تعالى

- ‌ ومنها: أنها سبب لغشيان الرحمة

- ‌ ومنها: أنها سبب للأمان من سخط الله تعالى

- ‌ ومنها: أنها سبب للدخول تحت ظل العرش

- ‌ ومنها: أنها سبب لثقل الميزان والنجاة من النار

- ‌ ومنها: أنها سبب للأمن من العطش يوم القيامة

- ‌ ومنها: أنها تأخذ بيد من يعثر على الصراط حتى يمر عليه

- ‌ ومنها: أن من صلى عليه صلى الله عليه وسلم في يوم ألف مرة

- ‌ ومنها: أنها سبب لكثرة الأزواج في الجنة

- ‌ ومنها: أنها تعدل عشرين غزوة في سبيل الله تعالى

- ‌ ومنها: أنها تعدل الصدقة

- ‌ ومنها: أن صلاة مئة في يوم بألف ألف حسنة

- ‌ ومنها: أن صلاة مئة كل يوم سبب لقضاء مئة حاجة

- ‌ ومنها: أن صلاة واحدة سبب لقضاء مئة حاجة

- ‌ ومنها: أن من صلى عليه صلى الله عليه وسلم مئة مرة في اليوم

- ‌ ومنها: أنها أحبّ الأعمال إلى الله تعالى

- ‌ ومنها: أنها زينة للمجالس

- ‌ ومنها: أنها تنفي الفقر

- ‌ ومنها: أن من أكثر منها.. يكون أولى الناس به صلى الله عليه وسلم

- ‌ ومنها: أن بركتها وفائدتها تدرك الرجل وولده وولد ولده

- ‌ ومنها: أن أحبّ ما يكون العبد إلى الله تعالى وأقربه إذا أكثر منها

- ‌ ومنها: أن الآتي بها قد لا يسأله الله تعالى فيما افترض عليه

- ‌ ومنها: أن من صلّى عليه صلى الله عليه وسلم في يوم خمسين مرة.. صافحه يوم القيامة

- ‌ ومنها: أنها طهارة للقلوب من الصدأ

- ‌خاتمة في ذكر منامات ونحوها، لا بأس بالإشارة إلى بعضها لأن فيها حثا لمن سمعها على الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الخامس في ذكر عقوبات وقبائح لمن لم يصلّ على النبي ص

- ‌ منها: أن من ذكر صلى الله عليه وسلم عنده فلم يصلّ عليه.. كان شقيّا

- ‌ ومنها: أن من ذكر عنده فلم يصلّ عليه.. خطىء طريق الجنة

- ‌ ومنها: أن من ذكر عنده فلم يصلّ عليه صلى الله عليه وسلم.. فقد جفاه

- ‌ ومنها: أن البخيل كلّ البخيل الذي لا يراه يوم القيامة

- ‌ ومنها: أن من لم يصلّ عليه صلى الله عليه وسلم عند ذكره.. ملعون

- ‌ ومنها: أن من ذكر صلى الله عليه وسلم عنده فلم يصلّ عليه ألأم الناس

- ‌ ومنها: أن كل مجلس خلا عن ذكره صلى الله عليه وسلم كان على أهله ترة من الله عز وجل يوم القيامة

- ‌ ومنها: أن من لم يصلّ عليه صلى الله عليه وسلم.. فلا دين له

- ‌ ومنها: أن من لم يصلّ عليه صلى الله عليه وسلم.. لا يرى وجهه

- ‌الفصل السادس في ذكر أمور مخصوصة تشرع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيها

- ‌الأول: بعد الفراغ من الوضوء والغسل والتيمم

- ‌الثاني: في الصلاة إذا مرّ فيها باية فيها ذكره صلى الله عليه وسلم

- ‌الثالث: عقبها [عقب الصلاة]

- ‌الرابع: عقب إقامتها

- ‌فائدة:

- ‌[الخامس: عند القيام لصلاة الليل من النوم]

- ‌[السادس: بعد الفراغ من التهجّد]

- ‌[السابع: عند المرور بالمساجد ودخولها والخروج منها]

- ‌[الثامن: في يوم الجمعة وليلتها]

- ‌[التاسع: في الخطب]

- ‌العاشر: في أثناء تكبيرات صلاة العيدين

- ‌[الحادي عشر: في صلاة الجنازة]

- ‌[الثاني عشر: في الحج عقب التلبية]

- ‌الثالث عشر: الصلاة والسلام عليه عند قبره الشريف صلى الله عليه وسلم

- ‌[الرابع عشر: عند الذبيحة]

- ‌[الخامس عشر: عند عقد البيع]

- ‌[السادس عشر: عند كتابة الوصية]

- ‌[السابع عشر: في خطبة التزويج]

- ‌الثامن عشر: في طرفي النهار، وعند إرادة النوم

- ‌[التاسع عشر: عند إرادة السفر]

- ‌[العشرون: عند ركوب الدابة]

- ‌[الحادي والعشرون: عند الخروج إلى السوق، وحضور دعوة]

- ‌[الثاني والعشرون: عند دخول المنزل]

- ‌الثالث والعشرون: في الرسائل وبعد البسملة

- ‌[الرابع والعشرون: عند الهمّ، والشدائد]

- ‌الخامس والعشرون: عند خوف الغرق

- ‌السادس والعشرون: في أول الدعاء ووسطه وآخره

- ‌[السابع والعشرون: عند طنين الأذن]

- ‌[الثامن والعشرون: عند خدر الرّجل]

- ‌[التاسع والعشرون: عند العطاس]

- ‌تنبيه:

- ‌فائدة:

- ‌الثلاثون: عند تذكّر منسيّ، أو خوف نسيان

- ‌[الحادي والثلاثون: عند استحسان الشيء]

- ‌[الثاني والثلاثون: عند أكل الفجل]

- ‌[الثالث والثلاثون: عند نهيق الحمير]

- ‌الرابع والثلاثون: عقب الذنب لتكفّره

- ‌[الخامس والثلاثون: عند عروض حاجة]

- ‌[السادس والثلاثون: في سائر الأحوال]

- ‌السابع والثلاثون: لمن اتّهم وهو بريء

- ‌[الثامن والثلاثون: عند لقاء الإخوان]

- ‌التاسع والثلاثون: عند تفرّق القوم بعد اجتماعهم

- ‌[الأربعون: عند ختم القرآن]

- ‌[الحادي والأربعون: في الدعاء لحفظ القرآن]

- ‌الثاني والأربعون: عند افتتاح كل كلام

- ‌[الثالث والأربعون: عند ذكره صلى الله عليه وسلم]

- ‌الرابع والأربعون: عند نشر العلم والوعظ

- ‌[الخامس والأربعون: عند الإفتاء]

- ‌[السادس والأربعون: عند كتابة اسمه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[في ذكر منامات حسنة لأصحاب الحديث]

- ‌خاتمة: في العمل بالحديث الضعيف والموضوع

الفصل: من طلب ثناء الله تعالى على نبيه صلى الله عليه

من طلب ثناء الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم وشرّف وكرّم، والتنويه به، وتكريمه بزيادة تقريبه، فهما كالتعليل لذلك، أو التذييل له.

[معنى قوله: (الأعلون) ]

و (الأعلون) في الرواية السابقة- بفتح اللام-: الملائكة؛ لأنهم يسكنون السماوات، والأسفلون: الجن لسكناهم أسفل الأرض.

[معنى قوله: (المصطفون) ]

و (المصطفون) فيها أيضا- بفتح الفاء-: المختارون من أبناء جنسهم، فهم بقية أولي العزم: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، وقيل: هم المصفّون من الدنس، وقيل: الصحابة، وقيل: الأمة.

[معنى قوله: (المقربون) ]

و (المقرّبون) فيها أيضا هم:

من الملائكة: خواصّهم المعنيون بقوله تعالى: لَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ

واختلف فيهم، فقيل: حملة العرش، وجزم به البغوي، وقيل: الكروبيّون الذين حوله «1» ، كجبريل وميكائيل، وقيل: مدبّر والأجرام السماوية، وقيل: هم سبعة: إسرافيل، وجبرائيل، وميكائيل، وعزرائيل، ورضوان، ومالك، وروح القدس بناء على أنه غير جبرائيل.

ومن البشر: السابقون؛ لقوله تعالى: وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ. أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ.

[معنى قوله: (المكيال الأوفى) ]

و (المكيال الأوفى) في الرواية السابقة أيضا: كناية عن كثرة الثواب؛ إذ التقدير به يغلب في الكثير، وبالوزن يغلب في القليل، وأكد ذلك بقوله:

(الأوفى)، وقيل: التقدير أن يكتال بالمكيال الأوفى الماء من حوضه صلى الله عليه وسلم؛ لأثر عن الحسن يدل له، وهو تقدير بعيد.

[المسألة] السادسة:

وجه تخصيص إبراهيم صلّى الله على نبينا وعليه وسلّم بالتشبيه به وباله..

أنه لم يجمع لأحد غيرهم بين الرحمة والبركة؛ قال تعالى: رَحْمَتُ اللَّهِ

(1) الكروبيون: سادة الملائكة.

ص: 126

وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

وأيضا: فإبراهيم أفضل الأنبياء بعد محمد صلّى الله عليهما وسلّم؛ فلذا أوثر بالذكر، أو أنه كوفىء بذلك على دعائه صلى الله عليه وسلم لهذه الأمة بقوله: اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ كذا قيل، وأنصّ منه دعاؤه لهم بقوله:

وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ، وأجيب بأجوبة أخرى فيها نظر، على أنها تحتاج إلى صحة النقل بما ادعاه قائلوها.

ووجه ذلك التشبيه مع ما هو مقرر: أن المشبّه دون المشبّه به، ومحمد صلى الله عليه وسلم أفضل من إبراهيم وآله:

- إمّا أنه قاله قبل أن يعلم أنه أفضل؛ لخبر مسلم: أن رجلا قال له:

يا خير البرية، قال:«ذاك إبراهيم» «1» ، واعترض بأنه لو كان كذلك.. لغيّر صفة الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم بعد أن علم أنه الأفضل.

- وإمّا أنه قاله تواضعا، وشرع لأمته ليكتسبوا به الفضيلة.

- وإمّا أنه تشبيه لأصل الصلاة بالصلاة، دون القدر بالقدر؛ أي: قد تقدمت منك الصلاة على إبراهيم وآله، فنسألها منك على سيدنا محمد وآله بالأولى؛ إذ ما ثبت للفاضل.. أولى أن يثبت للأفضل؛ فالتشبيه للتهييج ونحوه.

- وإمّا أن الكاف للتعليل، كما في: وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ.

- وإما أنه لطلب أن يضاف لما اختص به صلى الله عليه وسلم من المحبة الخلة ولِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ اللذان امتاز بهما إبراهيم، فأضيفا له، كما أخبر عن أولهما بقوله:«ولكن صاحبكم خليل الله» «2» .

(1) أخرجه مسلم (2369) ، وأبو داود (4672) ، والترمذي (3352) ، وأحمد (3/ 178) .

(2)

أخرجه مسلم (2383/ 6) ، والطبراني في «الكبير» (3/ 246) وغيرهما.

ص: 127

ومثال ذلك رجلان يملك أحدهما ألفا والآخر ألفين، فيسأل صاحب الألفين: أن يعطى ألفا أخرى نظير ألف الأول، فيجتمع له أضعاف ما للأول.

- وإما أن التشبيه عائد لآل محمد فقط، وفي «البيان» عن الشيخ أبي حامد: أن الشافعي رضي الله تعالى عنه نص عليه «1» ، وغير الأنبياء وإن لم يساوهم، لكن المطلوب هنا صلاة على آل محمد صلى الله عليه وسلم مثل الصلاة على إبراهيم- صلّى الله على نبينا وعليه وسلّم- وآله في أصل الثواب والتعظيم، دون كمالهما لاستحالة مساواة غير النبي صلى الله عليه وسلم له فيه.

وزعم ابن القيم بطلان ذلك عن الشافعي رضي الله تعالى عنه؛ لأن فصاحته تأباه؛ لأنه تركيب ركيك «2» .. ليس في محله، وليس بركيك؛ إذ التقدير:

وصلّ على آل محمد كما صليت على إبراهيم؛ فهو متعلق بالجملة الثانية، وليس مخالفا لقاعدة الشافعي رحمه الله تعالى: أن المتعلقات ترجع إلى جميع الجمل، خلافا للزركشي؛ لأن محله ما لم يمنع منه مانع، وهنا المانع إيهام أن إبراهيم أفضل.

نعم؛ جاء التشبيه في رواية من غير ذكر الآل.

- وإما أن التشبيه للمجموع بالمجموع؛ فإن الأنبياء من آل إبراهيم كثيرون، فإذا قوبلت تلك الذوات الكثيرة من إبراهيم وآله بالصفات الكثيرة التي لمحمد صلى الله عليه وسلم.. أمكن انتفاء التفاضل، ويقرب منه قول أبي اليمن بن عساكر، وابن عبد السلام ما حاصله: (أن الصلاة على النبي وآله شبهت بالصلاة على إبراهيم وآله، فيحصل لنبينا صلى الله عليه وسلم وآله من آثار الرضوان ما يقارب الحاصل لإبراهيم وآله، الذين هم معظم الأنبياء،

(1) البيان (2/ 240) .

(2)

انظر «جلاء الأفهام» (ص 215) .

ص: 128

ثم تقسم الجملة، فلا يحصل لآله منها ما حصل لآل إبراهيم؛ إذ غير الأنبياء لا يساويهم، فيتوفر ما بقي من آثار الرضوان الشاملة لمحمد وآله على محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا يشعر بأنه أفضل من إبراهيم) اهـ «1»

واعترض بأنه جاء في رواية مقابلة الاسم بالاسم فقط، ولفظها:«اللهم؛ صلّ على محمد، كما صليت على إبراهيم» «2» .

- وإما أن التشبيه هنا إنما وقع بين عطية تحصل لرسول الله صلى الله عليه وسلم لم تكن حصلت له قبل؛ إذ الدعاء إنما يتعلق بمعدوم مستقبل، وبين عطية حصلت لإبراهيم، وحينئذ فالذي حصل له قبل الدعاء لم يدخل في التشبيه، وهو الذي فضل به سيدنا إبراهيم عليهما الصلاة والسلام، فسقط الإشكال من أصله، وإنما يرد لو وقع التشبيه في الخبر بأن يقال: العطية الحاصلة لمحمد صلى الله عليه وسلم كالعطية الحاصلة لإبراهيم صلى الله عليه وسلم.

- وإما أن التشبيه باعتبار ما يحصل لمحمد وآله من صلاة كل فرد فرد، فيحصل من مجموع ذلك أضعاف ما لإبراهيم وآله، مما لا يحصيه إلا الله تعالى.

وبيّنه السبكي وولده بأن كل من صلّى بهذه الكيفية يستجاب له؛ إذ الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم دعوة مستجابة، وما طلبه كلّ غير ما طلبه الآخر، وإلا كان تحصيلا للحاصل، وحينئذ فالله تعالى يصلّي على نبيه صلى الله عليه وسلم صلاة مماثلة لصلاته على إبراهيم صلى الله على نبينا وعليه وسلم وآله كلما صلّي عليه؛ فلا تنحصر الصلوات عليه من ربه عز وجل، التي كل واحدة منها بقدر ما حصل لإبراهيم وآله؛ إذ لا ينحصر عدد من صلّى عليه بهذه الصلاة.

(1) مقاصد الصلاة (ص 35) .

(2)

أخرجه النسائي في «الكبرى» (1215) ، وأبو يعلى (653) ، والطبراني في «الكبير» (17/ 250) .

ص: 129

- وإما أن التشبيه راجع للمصلي؛ أي: أعطني ثوابا على صلاتي على النبي صلى الله عليه وسلم مثل ثواب المصلي على إبراهيم، وفيه من البعد والتكلف ما لا يخفى.

- وإما أن التشبيه بالأعلى غير مطرد، بل قد يكون بالأدون، كما في قوله تعالى: مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ وأين يقع نورها من نوره تعالى؟! ولكن لمّا كان المراد ثمّ الظهور والوضوح للسامع.. حسن تشبيه النور بالمشكاة، وكذا هنا لمّا كان تعظيم إبراهيم وآله مشهورا عند سائر الطوائف.. حسن أن يطلب لمحمد وآله مثل ذلك، ويؤيده قوله في خبر مسلم وغيره:«في العالمين» عقب ذكر آل إبراهيم دون آل محمد «1» ؛ أي: كما أظهرت الصلاة على إبراهيم وآله في العالمين، فالتشبيه من باب إلحاق ما لم يشتهر بما اشتهر، لا من باب إلحاق ناقص بكامل.

- وإما أن سببه أن محمدا صلى الله عليه وسلم من آل إبراهيم صلّى الله على نبينا وعليه وسلّم، كما صح عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، فكأنه أمرنا أن نصلّي على محمد وآله خصوصا بقدر ما صلينا عليه مع إبراهيم وآله عموما، فيحصل لآل محمد صلى الله عليه وسلم ما يليق بهم، ويبقى الباقي كله له، وهو أزيد مما لغيره من آل إبراهيم قطعا، فحينئذ ظهرت فائدة التشبيه، وأن المطلوب له بهذا اللفظ أفضل من المطلوب بغيره من الألفاظ.

- وإما أن المراد ب (اللهم صلّ على محمد) : اجعل من أتباعه من يبلغ النهاية في أمر الدين، (كما صليت على إبراهيم) بأن جعلت في آله أنبياء يخبرون بالمغيّبات، (وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم) بما أعطيتهم من التشريع والوحي، فأعطاهم التحديث؛ فمنهم محدّثون- بفتح الدال- وشرع لهم الاجتهاد، وقرره حكما شرعيّا، فأشبهوا الأنبياء في ذلك، وفيه من البعد ما لا يخفى.

(1) أخرجه مسلم (405) ، وابن حبان (1958) .

ص: 130