المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[أدلة وجوب الصلاة عليه ص في التشهد عند الشافعية] - الدر المنضود في الصلاة والسلام على صاحب المقام المحمود

[ابن حجر الهيتمي]

فهرس الكتاب

- ‌‌‌بين يدي‌‌ الكتاب

- ‌ب

- ‌ ا

- ‌د

- ‌ج

- ‌ترجمة الإمام الفقيه أحمد ابن حجر الهيتمي المكي

- ‌اسمه ونسبه:

- ‌مولده ونشأته:

- ‌طلبه للعلم:

- ‌شيوخه:

- ‌مقاساته في الطلب وخروجه إلى مكة:

- ‌زملاؤه وأقرانه:

- ‌تلامذته:

- ‌مؤلفاته:

- ‌وفاته:

- ‌وصف النسخ الخطّيّة

- ‌منهج العمل في الكتاب

- ‌خاتمة

- ‌صور المخطوطات المستعان بها

- ‌[خطبة الكتاب]

- ‌مقدّمة في الكلام على قوله تعالى:

- ‌[فوائد هذه الآية:]

- ‌[الفائدة] الأولى:

- ‌[الفائدة] الثانية:

- ‌[الفائدة] الثالثة:

- ‌وأما صلاة الملائكة عليه صلى الله عليه وسلم:

- ‌وأما صلاة مؤمني الإنس والجنّ عليه

- ‌فائدة:

- ‌[الفائدة] الرابعة:

- ‌تنبيه:

- ‌فائدة:

- ‌أحدها:

- ‌الأمر الثاني:

- ‌الأمر الثالث:

- ‌[الفائدة] الخامسة

- ‌تنبيه:

- ‌[الرسول أخصّ مطلقا من النبيّ]

- ‌[قول ابن عبد السلام: النبوّة أفضل من الرسالة]

- ‌[بلاغة قوله تعالى: وملائكته]

- ‌[بلاغة قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا]

- ‌[الكفار مخاطبون بالفروع المجمع عليها]

- ‌[أنه صلى الله عليه وسلم مرسل للخلق عامة]

- ‌[الأنبياء أفضل من الملائكة والأدلة على ذلك]

- ‌منها: قوله تعالى

- ‌ومنها: اختصاص الأنبياء بأنهم الذين قامت بهم حجة الله على خلقه

- ‌ومنها: أن للبشر طاعات لم يثبت مثلها للملائكة كالجهاد

- ‌ومنها: أن طاعات البشر أكمل

- ‌[بلاغة قوله تعالى يا أَيُّهَا]

- ‌[اختلاف الأصوليين في دخوله ص في صيغة: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ونحوها]

- ‌[الفائدة] السادسة: [في حكم الصلاة عليه ص]

- ‌[أدلة وجوب الصلاة عليه ص في التشهد عند الشافعية]

- ‌تتمة: [في صلاة رسول الله ص على نفسه]

- ‌[حكم السلام عليه ص]

- ‌السابعة:

- ‌تنبيه:

- ‌[في حديث سيدنا علي رضي الله عنه: «اللهم؛ داحي المدحوات

- ‌تنبيه:

- ‌الفصل الثالث في مسائل وفوائد تتعلق بما مضى في الفصلين الأولين

- ‌[المسألة] الأولى:

- ‌[حكم السلام على غير الأنبياء]

- ‌[المسألة] الثانية:

- ‌[الصيغة التي مال إليها المصنف في الصلاة عليه ص]

- ‌[الصلاة على غير الأنبياء تبعا]

- ‌[عدم جواز إبدال لفظ (محمد) ب (أحمد) ، وبالضمير في التشهد]

- ‌[الصلاة عليه ص خارج الصلاة بصيغة الطلب أفضل منها بصيغة الخبر]

- ‌[الحكمة من اقتصاره ص في كثير من الروايات على اسمه العلم]

- ‌[المسألة] الثالثة:

- ‌[معنى السلام عليه ص]

- ‌[حكمة الالتفات من الغيبة إلى الخطاب في التشهد]

- ‌[المسألة] الرابعة:

- ‌[المسألة] الخامسة:

- ‌منها: [معنى قوله: (اللهم) ]

- ‌[معنى قوله: (محمد) ]

- ‌[معنى قوله: (الأمي) ]

- ‌[معنى قوله: (أزواجه) ]

- ‌تنبيه:

- ‌[معنى قوله: (الذرية) ]

- ‌[معنى قوله: (الآل) ]

- ‌[معنى قوله: (البركة) ]

- ‌[معنى قوله: (إبراهيم) ]

- ‌[معنى قوله: (آل إبراهيم) ]

- ‌[معنى قوله: (العالمون) ]

- ‌[معنى قوله: (الحميد) ]

- ‌[معنى قوله: (المجيد) ]

- ‌[معنى قوله: (الأعلون) ]

- ‌[معنى قوله: (المصطفون) ]

- ‌[معنى قوله: (المقربون) ]

- ‌[معنى قوله: (المكيال الأوفى) ]

- ‌[المسألة] السادسة:

- ‌[المسألة] السابعة:

- ‌[المسألة] الثامنة:

- ‌الفصل الرابع في فوائد الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ منها: صلاة الله تعالى وملائكته ورسوله صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيه:

- ‌ ومنها: أنها سبب لمحبة الملائكة وإعانتهم وترحيبهم

- ‌ ومنها: أنها سبب لشفاعته وشهادته صلى الله عليه وسلم

- ‌ ومنها: أنها سبب للبراءة من النفاق ومن النار

- ‌ ومنها: أنها كفارة لنا وزكاة لأعمالنا

- ‌ ومنها: أنها سبب لمزاحمة كتفه صلى الله عليه وسلم على باب الجنة

- ‌ ومنها: أنها تستغفر لقائلها

- ‌ ومنها: أن المرة الواحدة منها بقيراط كجبل أحد

- ‌ ومنها: أن ملكا قائما على قبره يبلغه إياها

- ‌تنبيه:

- ‌[مطلب في الحث على زيارة القبر الشريف]

- ‌[مطلب في معنى رد الروح إليه ص]

- ‌خاتمة:

- ‌ ومنها: أنها سبب للكيل بالمكيال الأوفى من الثواب

- ‌ ومنها: أنها سبب لكفاية المهمات في الدنيا والآخرة

- ‌ ومنها: أنها أمحق للخطايا من الماء للنار

- ‌ ومنها: أن المرة الواحدة منها تمحو ذنوب ثمانين سنة

- ‌ ومنها: أنها سبب للنجاة من أهوال يوم القيامة

- ‌ ومنها: أنها سبب لرضا الله تعالى

- ‌ ومنها: أنها سبب لغشيان الرحمة

- ‌ ومنها: أنها سبب للأمان من سخط الله تعالى

- ‌ ومنها: أنها سبب للدخول تحت ظل العرش

- ‌ ومنها: أنها سبب لثقل الميزان والنجاة من النار

- ‌ ومنها: أنها سبب للأمن من العطش يوم القيامة

- ‌ ومنها: أنها تأخذ بيد من يعثر على الصراط حتى يمر عليه

- ‌ ومنها: أن من صلى عليه صلى الله عليه وسلم في يوم ألف مرة

- ‌ ومنها: أنها سبب لكثرة الأزواج في الجنة

- ‌ ومنها: أنها تعدل عشرين غزوة في سبيل الله تعالى

- ‌ ومنها: أنها تعدل الصدقة

- ‌ ومنها: أن صلاة مئة في يوم بألف ألف حسنة

- ‌ ومنها: أن صلاة مئة كل يوم سبب لقضاء مئة حاجة

- ‌ ومنها: أن صلاة واحدة سبب لقضاء مئة حاجة

- ‌ ومنها: أن من صلى عليه صلى الله عليه وسلم مئة مرة في اليوم

- ‌ ومنها: أنها أحبّ الأعمال إلى الله تعالى

- ‌ ومنها: أنها زينة للمجالس

- ‌ ومنها: أنها تنفي الفقر

- ‌ ومنها: أن من أكثر منها.. يكون أولى الناس به صلى الله عليه وسلم

- ‌ ومنها: أن بركتها وفائدتها تدرك الرجل وولده وولد ولده

- ‌ ومنها: أن أحبّ ما يكون العبد إلى الله تعالى وأقربه إذا أكثر منها

- ‌ ومنها: أن الآتي بها قد لا يسأله الله تعالى فيما افترض عليه

- ‌ ومنها: أن من صلّى عليه صلى الله عليه وسلم في يوم خمسين مرة.. صافحه يوم القيامة

- ‌ ومنها: أنها طهارة للقلوب من الصدأ

- ‌خاتمة في ذكر منامات ونحوها، لا بأس بالإشارة إلى بعضها لأن فيها حثا لمن سمعها على الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الخامس في ذكر عقوبات وقبائح لمن لم يصلّ على النبي ص

- ‌ منها: أن من ذكر صلى الله عليه وسلم عنده فلم يصلّ عليه.. كان شقيّا

- ‌ ومنها: أن من ذكر عنده فلم يصلّ عليه.. خطىء طريق الجنة

- ‌ ومنها: أن من ذكر عنده فلم يصلّ عليه صلى الله عليه وسلم.. فقد جفاه

- ‌ ومنها: أن البخيل كلّ البخيل الذي لا يراه يوم القيامة

- ‌ ومنها: أن من لم يصلّ عليه صلى الله عليه وسلم عند ذكره.. ملعون

- ‌ ومنها: أن من ذكر صلى الله عليه وسلم عنده فلم يصلّ عليه ألأم الناس

- ‌ ومنها: أن كل مجلس خلا عن ذكره صلى الله عليه وسلم كان على أهله ترة من الله عز وجل يوم القيامة

- ‌ ومنها: أن من لم يصلّ عليه صلى الله عليه وسلم.. فلا دين له

- ‌ ومنها: أن من لم يصلّ عليه صلى الله عليه وسلم.. لا يرى وجهه

- ‌الفصل السادس في ذكر أمور مخصوصة تشرع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيها

- ‌الأول: بعد الفراغ من الوضوء والغسل والتيمم

- ‌الثاني: في الصلاة إذا مرّ فيها باية فيها ذكره صلى الله عليه وسلم

- ‌الثالث: عقبها [عقب الصلاة]

- ‌الرابع: عقب إقامتها

- ‌فائدة:

- ‌[الخامس: عند القيام لصلاة الليل من النوم]

- ‌[السادس: بعد الفراغ من التهجّد]

- ‌[السابع: عند المرور بالمساجد ودخولها والخروج منها]

- ‌[الثامن: في يوم الجمعة وليلتها]

- ‌[التاسع: في الخطب]

- ‌العاشر: في أثناء تكبيرات صلاة العيدين

- ‌[الحادي عشر: في صلاة الجنازة]

- ‌[الثاني عشر: في الحج عقب التلبية]

- ‌الثالث عشر: الصلاة والسلام عليه عند قبره الشريف صلى الله عليه وسلم

- ‌[الرابع عشر: عند الذبيحة]

- ‌[الخامس عشر: عند عقد البيع]

- ‌[السادس عشر: عند كتابة الوصية]

- ‌[السابع عشر: في خطبة التزويج]

- ‌الثامن عشر: في طرفي النهار، وعند إرادة النوم

- ‌[التاسع عشر: عند إرادة السفر]

- ‌[العشرون: عند ركوب الدابة]

- ‌[الحادي والعشرون: عند الخروج إلى السوق، وحضور دعوة]

- ‌[الثاني والعشرون: عند دخول المنزل]

- ‌الثالث والعشرون: في الرسائل وبعد البسملة

- ‌[الرابع والعشرون: عند الهمّ، والشدائد]

- ‌الخامس والعشرون: عند خوف الغرق

- ‌السادس والعشرون: في أول الدعاء ووسطه وآخره

- ‌[السابع والعشرون: عند طنين الأذن]

- ‌[الثامن والعشرون: عند خدر الرّجل]

- ‌[التاسع والعشرون: عند العطاس]

- ‌تنبيه:

- ‌فائدة:

- ‌الثلاثون: عند تذكّر منسيّ، أو خوف نسيان

- ‌[الحادي والثلاثون: عند استحسان الشيء]

- ‌[الثاني والثلاثون: عند أكل الفجل]

- ‌[الثالث والثلاثون: عند نهيق الحمير]

- ‌الرابع والثلاثون: عقب الذنب لتكفّره

- ‌[الخامس والثلاثون: عند عروض حاجة]

- ‌[السادس والثلاثون: في سائر الأحوال]

- ‌السابع والثلاثون: لمن اتّهم وهو بريء

- ‌[الثامن والثلاثون: عند لقاء الإخوان]

- ‌التاسع والثلاثون: عند تفرّق القوم بعد اجتماعهم

- ‌[الأربعون: عند ختم القرآن]

- ‌[الحادي والأربعون: في الدعاء لحفظ القرآن]

- ‌الثاني والأربعون: عند افتتاح كل كلام

- ‌[الثالث والأربعون: عند ذكره صلى الله عليه وسلم]

- ‌الرابع والأربعون: عند نشر العلم والوعظ

- ‌[الخامس والأربعون: عند الإفتاء]

- ‌[السادس والأربعون: عند كتابة اسمه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[في ذكر منامات حسنة لأصحاب الحديث]

- ‌خاتمة: في العمل بالحديث الضعيف والموضوع

الفصل: ‌[أدلة وجوب الصلاة عليه ص في التشهد عند الشافعية]

النّخعي، مع أنه يشعر بأن غيره كان قائلا بالوجوب) «1» .

ومن فقهاء الأمصار: أحمد، فإنه جاء عنه روايتان، والظاهر أن رواية الوجوب هي الأخيرة؛ فإنه قال: كنت أتهيّب ذلك، ثم تبيّنت؛ فإذا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم واجبة، قال صاحب «المغني» :(فظاهر هذا: أنه رجع عن قوله الأول إلى هذا)«2» ، وإسحاق بن راهواه فقال في آخر الروايتين عنه:(إذا تركها عمدا.. بطلت صلاته، أو سهوا.. رجوت أن تجزئه) ، وهو قول عند المالكية اختاره ابن العربي منهم، وهو لازم للقائلين بوجوبها كلما ذكر صلى الله عليه وسلم؛ لتقدم ذكره في التشهد، وقد صرح به من الحنفية أصحاب «المحيط» و «التحفة» و «الغنية» و «المفيد» .

[أدلة وجوب الصلاة عليه ص في التشهد عند الشافعية]

نعم؛ وجوبها بعد التشهد لتقدم ذكره آخره لا يستلزم كونه شرطا لصحة الصلاة، إلا أنه يردّ على القائلين بأن الشافعي رضي الله عنه شذّ في قوله بالوجوب.

إذا تقرر ذلك.. فالأدلة على الوجوب متظاهرة متكاثرة.

منها: أن رجلا قال: يا رسول الله؛ أما السلام عليك.. فقد عرفناه، فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا في صلاتنا صلى الله عليك؟ فصمت صلى الله عليه وسلم، ثم قال: «إذا أنتم صليتم.. فقولوا: اللهم صلّ على محمد النبي الأميّ وعلى آل محمد

» الحديث «3» ، رواه جماعات وصححه الترمذي وابن خزيمة والحاكم، وقال الدارقطني: إسناده حسن متصل، والبيهقي: إسناده صحيح، وابن إسحاق وإن كان فيه، لكنّه صرّح بالتحديث في رواية؛ فصار حديثه مقبولا صحيحا على شرط مسلم، كما ذكره الحاكم، فتأمل قوله:«إذا نحن صلينا في صلاتنا» ، وجوابه صلى الله عليه

(1) فتح الباري (11/ 165) .

(2)

المغني (2/ 229) .

(3)

أخرجه ابن خزيمة (711) ، وابن حبان (1985) ، والحاكم (1/ 268) ، والترمذي (3220) ، والبيهقي (2/ 378) ، والدارقطني (1/ 355) .

ص: 69

وسلم بقوله: «إذا أنتم صليتم.. فقولوا اللهم صلّ

» إلخ.

ونوزع فيه: (بأنه إنما يفيد إيجاب الإتيان بهذه الألفاظ على من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد، وعلى تقدير أن يدل على إيجاب الصلاة.. فلا يدل على هذا المحل المخصوص) اهـ

ويردّ بأن الأحاديث الآتية ناصّة على الوجوب، وعلى محله؛ بقوله: «إذا صليت فقعدت

» «1» إلخ، فعلى تسليم ألادلالة في هذا.. فالدلالة في غيره الآتي، بل ثمّ دليل آخر أبداه البيهقي، وهو: أن الآية لمّا نزلت وكان صلى الله عليه وسلم قد علّمهم كيفية السلام عليه في التشهد- وهو داخل الصلاة- فسألوا عن كيفية الصلاة فعلّمهم.. فدل على أن المراد بذلك إيقاع الصلاة عليه في التشهد بعد الفراغ من التشهد الذي تقدم تعليمه لهم، واحتمال كونه خارج الصلاة بعيد، كما قاله عياض وغيره، وقول ابن دقيق العيد:

(ليس فيه تنصيص على أن الأمر به مخصوص بالصلاة) .. يجاب عنه بأن فيه إيماء إلى ذلك كما تقرر، وعلى التنزّل فالدلالة في غيره كما مرّ، وإنما لم تجب الصلاة على الآل بهذا الحديث؛ لما يأتي في مبحثها.

ومنها: حديث ابن مسعود أنه صلى الله عليه وسلم قال: «إذا تشهد أحدكم في الصلاة.. فليقل: اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد» «2» وصححه جماعة، ووهّموا بأن فيه مجهولا عن مبهم، وله طريق أخرى فيها ضعيف، وأخرى فيها مختلط، لكنه ثقة، وقد يؤخذ من تعدد طرقه: أنه حسن، وبه مع ما هو مقرر: أن الحسن عند جمع مرادف للصحيح.. يردّ على من وهّم المصححين له.

ومنها: للشافعي رضي الله عنه عن كعب بن عجرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول في الصلاة: «اللهم صلّ على محمد وآل

(1) أخرجه الترمذي (3476) ، والطبراني في «الكبير» (18/ 307) .

(2)

أخرجه الحاكم (1/ 269) ، والبيهقي (2/ 379) .

ص: 70

محمد

» الحديث «1» ، أخرجه البيهقي من طريقه، وزعم أنه يحتمل أن المراد بقوله:(في الصلاة) أي: في صفة الصلاة عليه؛ لأن أكثر الطرق تدل على أن السؤال وقع عن صفة الصلاة، لا عن محلها.. يردّ بأنه لا أثر لهذا الاحتمال البعيد، على أن الحديث الذي قبله والذي بعده يبطل هذا الاحتمال؛ للتصريح فيهما بالصلاة ذات الأركان.

وإذا ثبت أنه كان يقول ذلك في صلاته.. فيلزمنا التأسي به فيه؛ لقوله في الحديث الصحيح: «صلوا كما رأيتموني أصلي» «2» ، ومن المقرر أن الأصل وجوب مثل فعله إلا ما خصه الدليل.

ومنها: حديث فضالة أنه صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يدعو في صلاته لم يمجّد الله، ولم يصلّ على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم:«عجل هذا» ، ثم دعاه فقال له- أو لغيره-: «إذا صلى أحدكم..

فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو بعد بما شاء» أخرجه أبو داود والترمذي وصححه، وكذا ابن خزيمة، وابن حبّان، والحاكم وقال: هو على شرط مسلم، وفي موضع آخر: على شرطهما، ولا أعرف له علة «3» .

وفي رواية للترمذي: «ثم ليصلّ على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ليدع بعد بما شاء» «4» .

وفي أخرى له أيضا وللطبراني وابن بشكوال- ورجالها ثقات إلا رشدين بن سعد، لكن حديثه مقبول في الرقائق-: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1) أخرجه البيهقي (2/ 147) ، والشافعي في «مسنده» (142) .

(2)

أخرجه البخاري (631) ، وابن حبان (1658) ، والبيهقي (2/ 345) ، والدارقطني (1/ 273) .

(3)

أخرجه ابن خزيمة (710) ، وابن حبان (1960) ، والحاكم (1/ 230) ، وأبو داود (1481) .

(4)

الترمذي (3477) .

ص: 71

قاعد؛ إذ دخل رجل فصلّى، فقال: اللهم اغفر لي وارحمني، فقال صلى الله عليه وسلم:«عجلت أيّها المصلّي، إذا صليت فقعدت.. فاحمد الله بما هو أهله، ثم صلّ عليّ، ثم ادعه» ، ثم صلى رجل آخر بعد ذلك، فحمد الله وصلّى على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم:«أيها المصلّي، ادع تجب» ، وفي رواية:«سل تعطه» «1» ، ففي هذه الأحاديث الصحيحة دلالة ظاهرة، بل صريحة لما ذهب إليه الشافعي من إيجابها وتعين محلها.

وبقيت أحاديث أخر منها، لكنها لا تقوم بها الحجة وحدها، وإنما تفيد التقوية بانضمامها إلى الأولى، كحديث: «كان صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد: التحيات لله

إلخ، ثم يصلّي على النبي صلى الله عليه وسلم» وفيه ضعيف «2» .

وحديث: «يا بريدة؛ إذا جلست في صلاتك.. فلا تتركنّ الصلاة عليّ» وسنده ضعيف أيضا «3» .

وحديث: «لا صلاة إلا بطهور، وإلا بالصلاة عليّ» وفيه متروك وضعيف «4» .

وحديث: «لا صلاة لمن لم يصلّ على نبيه صلى الله عليه وسلم» وفيه من ليس بالقوي «5» ، ولكن له طريق أخرى صححها المجد الشيرازي «6» ، لكن نظر فيه بأنه إنما يعرف من الأولى.

(1) المعجم الكبير (794) ، القربة (31) .

(2)

أخرجه الدارقطني (1/ 351) .

(3)

أخرجه الدارقطني (1/ 355) ، والديلمي في «الفردوس» (8527) .

(4)

أخرجه الدارقطني (1/ 355) .

(5)

أخرجه الدارقطني (1/ 355) ، والبيهقي في «معرفة الآثار والسنن» (3720) .

(6)

الصّلات والبشر (ص 62) .

ص: 72

وحديث: «من صلّى صلاة لم يصلّ فيها عليّ وعلى أهل بيتي.. لم تقبل منه» وفيه ضعيف «1» .

إذا علمت ما ذكرته من أن الشافعي لم يتفرّد بالقول بوجوبها في الصلاة، بل وافقه جماعة من الصحابة، وجماعة من التابعين، وكثيرون ممن بعدهم، ومن أن الأحاديث الصحيحة الكثيرة مصرحة بما قاله.. ظهر لك بطلان قول ابن جرير وابن المنذر والخطابي والطحاوي تشنيعا عليه:(لا سلف له في هذا القول، ولا سنّة يتبعها) ، وأن الشناعة والشذوذ بهم أحق وألصق، وأنهم تساهلوا في ذلك ولم ينصفوا.

وممن شذّ وتساهل وتقوّل: ابن بطال المالكي، حيث زعم:(أن من أوجبها.. فقد رد الآثار، وما مضى عليه السلف، وأجمع عليه الخلف، وروته الأمة عن نبيّها) اهـ

وكذلك ما وقع لعياض في «الشفا» من إنكاره على الشافعي رضي الله تعالى عنه، ونسبته إلى الشذوذ بنحو هذا التعصب والتساهل «2» ، ومن ثم شنّع عليه جماعة، منهم: ابن القيّم الحنبلي، فقال:(قوله: «إن الناس شنعوا على الشافعي رضي الله تعالى عنه» .. لا معنى له، فأيّ شناعة في ذلك؛ وهو لم يخالف نصا ولا إجماعا ولا قياسا ولا مصلحة راجحة؟! بل القول بالوجوب من محاسن مذهبه، وأما نقله للإجماع.. فقد تقدم رده، وأما دعواه أن الشافعي رضي الله تعالى عنه اختار تشهّد ابن مسعود.. فيدل على عدم معرفته باختيارات الشافعي رضي الله تعالى عنه؛ فإنه إنما اختار تشهّد ابن عباس) اهـ «3»

قال ابن الصلاح: (قد نسبوا الشافعي رضي الله تعالى عنه للتفرد، وليس كذلك، ولو تفرد بذلك.. لكفى بتفرده) اهـ

(1) أخرجه الدارقطني (1/ 355) .

(2)

الشفا بتعريف حقوق المصطفى (ص 547) .

(3)

جلاء الأفهام (ص 256) .

ص: 73

وزعم أنه لا دلالة في حديث فضالة؛ لأنها لو كانت واجبة لأمر تاركها بالإعادة، كما أمر المسيء صلاته.. مردود باحتمال أن الصلاة هنا نافلة، أو أنه لمّا سمع ذلك الأمر.. بادر إلى الإعادة من غير أن يؤمر بها، أو أن الوجوب وقع عند فراغه.

وبه ردّ على من زعم أيضا: أنه يلزم من وجوبها تأخير البيان عن وقت الحاجة؛ لأنه علّمهم التشهد، وقال:«ثم ليتخيّر من الدعاء ما شاء» «1» ، ولم يذكر الصلاة عليه.

ووجه رده: احتمال أن فرضيته إنما طرأت بعد تعليمهم التشهد.

وقول الخطابي: إن في آخر حديث ابن مسعود: «إذا قلت هذا- أي:

التشهد- فقد قضيت صلاتك» «2» .. مردود بأن هذه زيادة مدرجة، وعلى تقدير ثبوتها.. فتحمل على أن مشروعية الصلاة عليه وردت بعد تعليم التشهد.

وأجاب بعضهم عما مرّ من عدم الأمر بالإعادة: (بأن الترك نشأ عن اعتقاد عدم الوجوب جهلا، والأمر إنما يفيد الوجوب عليه من حينئذ؛ ففيه دليل على عذر الجاهل بعدم الوجوب، ومن ثم لم يأمر المسيء صلاته بإعادة ما مضى من الصلوات، مع إخباره له بأنه لا يحسن غير تلك الصلاة عذرا له بالجهل) اهـ

وفيه نظر؛ لأن قضية كلام أئمتنا أن محل العذر بالجهل إنما هو في نحو الكلام القليل وغيره مما لا يخلّ بأجزاء ماهية الصلاة، وأما ما يخلّ بذلك، كترك ركن من أركانها.. فلا عذر بجهله مطلقا، سواء أعذر الجاهل لقرب إسلامه ونشأته ببادية بعيدة أم لا، والفرق: أن الأركان ونحوها يجب تعلّم

(1) أخرجه البيهقي (2/ 153) ، وأحمد (1/ 382) .

(2)

أخرجه ابن حبان (1961) ، وأبو داود (968) ، والدارمي (1380) والدارقطني (1/ 353) ، والبيهقي (2/ 174) ، وأحمد (1/ 422) .

ص: 74