الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ودعاؤهم للمسلمين عامة، ويدعوا ما سوى ذلك) «1» .
وكلام ابن عباس وعمر يحتمل الكراهة والحرمة.
[حكم السلام على غير الأنبياء]
وهذه المسألة- أعني: الصلاة على غير الأنبياء والملائكة- وقع فيها اضطراب بين العلماء:
فقيل: تجوز مطلقا، قال القاضي عياض:(وعليه عامة أهل العلم) اهـ «2» ، ويدل له قوله تعالى: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ، وما صح من قوله صلى الله عليه وسلم:«اللهم؛ صلّ على آل أبي أوفى» «3» ، ومن قوله صلى الله عليه وسلم وقد رفع يديه:«اللهم؛ اجعل صلاتك ورحمتك على آل سعد بن عبادة» «4» ، وصحح ابن حبان خبر:(أن امرأة قالت للنبيّ صلى الله عليه وسلم صلّ عليّ وعلى زوجي، ففعل)«5» ، وفي خبر مسلم:
«إن الملائكة تقول لروح المؤمن: صلى الله عليك وعلى جسدك» «6» ، وفي حديث معضل:(أنه صلى الله عليه وسلم صلّى على كلّ من الخلفاء الأربعة وعمرو بن العاصي رضي الله تعالى عنهم)«7» .
(1) أخرجه القاضي إسماعيل الجهضمي في «فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم» (ص 70) .
(2)
الشفا بتعريف حقوق المصطفى (ص 577) .
(3)
تقدم (ص 39) .
(4)
أخرجه أبو داود (5185) ، والنسائي في «الكبرى» (10084) ، وأحمد في «مسنده» (3/ 421) ، والطبراني في «الكبير» (18/ 353) .
(5)
صحيح ابن حبان (984) .
(6)
أخرجه مسلم (2872) بنحوه.
(7)
قال الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 138) : (وروينا في «فوائد الخلعي» من حديث ابن يخامر السّكسكي معضلا، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم صلّ على أبي بكر؛ فإنه يحبّك ويحبّ رسولك، اللهم صلّ على عمر؛ فإنه يحبّك ويحبّ رسولك، اللهم صل على عثمان؛ فإنه يحبّك ويحبّ رسولك، اللهم صل على عليّ؛ فإنه يحبّك ويحبّ رسولك، اللهم صل على أبي عبيدة بن الجراح؛ فإنه يحبّك ويحبّ رسولك، اللهم صل على عمرو بن العاصي؛ فإنه يحبّك ويحبّ رسولك» ) ، وأخرجه ابن-
وقيل: لا تجوز إلّا على النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، وحكي عن مالك رحمه الله تعالى كما مر آخر (الفصل الأول)«1» .
وقيل: لا تجوز مطلقا استقلالا، وتجوز تبعا فيما ورد به النص، أو ألحق به، واختاره القرطبي وغيره.
وقيل: تجوز تبعا مطلقا، ولا تجوز استقلالا، وهو قول أبي حنيفة وجمع.
وقيل: تكره استقلالا لا تبعا، وهي رواية عن أحمد.
ومذهبنا: أنه خلاف الأولى.
قال عياض: (والذي أميل إليه قول مالك وسفيان، وهو قول المحققين من المتكلمين والفقهاء، قالوا: يذكر غير الأنبياء بالرضا والغفران، والصلاة على غير الأنبياء- يعني استقلالا- لم تكن من الأمر المعروف، وإنما أحدثت في دولة بني هاشم) اهـ «2»
ويوافقه قول الإمام أبي اليمن بن عساكر: (قد اختصّ الأنبياء بها يوقّرون بها، كما اختصّ الله تعالى عند ذكره بالتنزيه، فينبغي ألا يشاركهم فيه غيرهم، هذا هو مذهب أهل التحقيق) اهـ
واستدل المانعون بأن لفظ الصلاة صار شعارا لتعظيم الأنبياء وتوقيرهم، فلا يقال لغيرهم استقلالا، وإن صح معناه، كما لا يقال: محمد عز وجل وإن صح معناه؛ لأن هذا الثناء صار شعارا لله سبحانه وتعالى، فلا يشاركه فيه غيره.
وأجابوا عما مرّ بأنه صدر من الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم،
- عساكر في «تاريخه» (46/ 136) بنحوه.
(1)
انظر (ص 82) .
(2)
الشفا بتعريف حقوق المصطفى (ص 581) .
ولهما أن يخصّا من شاآ بما شاآ، وليس ذلك لغيرهما إلا بإذنهما، ولم يثبت عنهما إذن في ذلك.
ومن ثمّ قال أبو اليمن بن عساكر: (له صلى الله عليه وسلم أن يصلي على غيره مطلقا؛ لأنه حقه ومنصبه، فله التصرف فيه كيف شاء، بخلاف أمته صلى الله عليه وسلم؛ إذ ليس لهم أن يؤثروا غيره صلى الله عليه وسلم بما هو له) لكن نازع فيه صاحب «المعتمد» «1» من أئمتنا بأنه لا دليل على الخصوصية، وحمل البيهقي القول بالمنع على ما إذا جعل ذلك تعظيما وتحية، وبالجواز على ما إذا كان دعاء وتبركا.
واختار بعض الحنابلة أنها على الآل مشروعة تبعا، وجائزة استقلالا، وعلى الملائكة وأهل الطاعة عموما جائزة أيضا، وعلى شخص معيّن أو جماعة مكروهة، ولو قيل بتحريمها لم يبعد، سيما إذا جعله شعارا له وحده دون مساويه ومن هو خير منه، كما يفعله الرافضة بعليّ رضي الله تعالى عنه، ولا بأس بها أحيانا، كما صلى صلى الله عليه وسلم على المرأة وزوجها، وكما صلى عليّ على عمر رضي الله تعالى عنهما لمّا دخل عليه وهو مسجّى، قال:(وبهذا التفصيل تتفق الأدلة) اهـ
ويردّ بأنها متفقة بما قدمناه من الجواب عما استدل به المجوّزون.
والسلام كالصلاة فيما ذكر إلا إذا كان لحاضر، أو تحية على غائب.
وفرّق آخرون بأنه يشرع في حق كل مؤمن بخلافها، وهو فرق بالمدّعى، فلا يقبل، ولا شاهد في (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) لأنه وارد في محل مخصوص، وليس غيره في معناه، على أنه تبع لا استقلال.
وحقق بعضهم فقال ما حاصله مع الزيادة عليه: (السلام الذي يعم الحي والميت.. هو الذي يقصد به التحية، كالسلام عند تلاق، أو زيارة قبر، وهو مستدع للرد وجوب كفاية أو عين، بنفسه في الحاضر، ورسوله أو كتابه في
(1) في (ج) : (صاحب «التتمة» ) .