الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
[خطبة الكتاب]
الحمد لله الذي اختصّ نبيّنا محمدا صلى الله عليه وسلم بما امتاز به على سائر الأنبياء والمرسلين، والملائكة المقرّبين، وأوجب على الكافّة توقيره وتعظيمه والقيام بحقوقه سرّا وعلنا؛ ليكونوا من المهتدين.
وأشهد ألاإله إلا الله وحده لا شريك له شهادة أنتظم بها في سلك الأئمة الوارثين.
وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، الّذي شرّفه الله تعالى بصلاته وسلامه عليه في الملأ الأعلى من ملائكته، وبأمره بذلك لعباده المؤمنين.
صلّى الله وسلّم عليه وعلى آله وأصحابه وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، صلاة وسلاما دائمين بدوام ربّ العالمين.
أمّا بعد: فإن خدمة الجناب المحمّديّ من آكد الواجبات، وأهمّ المطلوبات، وأشرف الوسائل، وأفضل الشمائل؛ فلذلك أردت أن أنتظم في سلك من فاز بهذا الفخر الأعظم، وسلك سنن هذا الصراط الأقوم، بجمع كتاب في فضائل الصلاة والسلام عليه؛ ليكون وسيلة لي أقدّمها بين يديه، رجاء أن يقابلها بباهر جوده، وأن يثيب عليها بالتأهيل لاستجلاء ماثره وشهوده، وأن يلحظها منه بعين القبول، وأن يبلّغني بسببها أعظم المأمول، حتى تصير كفاية لي في المهمّات، وعدّة أتحصّن بها من جميع المحن والنائبات، وقربة أكتسب بها مواهبه السنية، وسوابغ نعمه العليّة.
فقصدت إلى ذلك على غاية من الإيجاز، حتى إنها بالنسبة إلى غيرها تكاد
أن تعدّ من الألغاز، لمّا أنّ همم أبناء الزمان آلت إلى الدّعة والرفاهية، ومالت عن المعالي الباقية، إلى الأعراض الفانية، فلا ترى منهم من أحاط ببعض كتب هذا المقصد الأسنى إلا الشاذّ النادر، الذي خلّصه الله تعالى من الحظوظ والعنا؛ لاشتمالها على بعض البسط وزيادة التأصيل والتفريع، ككتاب الحافظ «1» المسمى ب «القول البديع» ، هذا مع أنه أحسنها جمعا، وأحكمها وضعا، وأحقّها بالتقديم، وأولاها بالإحاطة، بما فيه من التحقيق والتقسيم.
فمن ثمّ أدرجات مقاصده في كتابي هذا، مع زيادات عليه، إليها يفتقر العاملون، وعليها يعوّل المحققون، وتحقيق لما أهمله، وتقييد لما أرسله، وإيضاح لما أغفله، بتحرير بديع، وأسلوب منيع «2» ، سائلا من ذي الجلال والإكرام بجاه من جعلت هذا خدمة لجنابه الرفيع: أن يتقبله مني بفضله، ويجعله متكفّلا لي بجميع ما أؤمّله من جوده الوسيع؛ إنه بكل خير كفيل، وهو حسبي ونعم الوكيل.
وسميته:
«الدر المنضود في الصلاة والسلام على صاحب المقام المحمود» وقد رتّبته على مقدّمة، وفصول، وخاتمة.
(1) يعني: الإمام الحافظ محمد بن عبد الرحمن بن محمد شمس الدين السخاوي رحمه الله تعالى، المتوفى سنة (902 هـ) .
(2)
في هامش (ج) : (تحرير الكتاب: تقويمه، وبديع: غير مسبوق بمثله، الأسلوب: الطريق، المنيع: العزيز) .