الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الغائب، وأما السلام الذي يقصد به الدعاء منّا بالتسليم من الله تعالى على المدعو له، سواء أكان بلفظ غيبة أو حضور.. فهذا هو الذي اختص به صلى الله عليه وسلم عن الأمة، فلا يسلّم على غيره منهم إلا تبعا، كما أشار إليه التقي السبكي في «شفاء السّقام» «1» ، وحينئذ فقد أشبه قولنا:«عليه السلام» قولنا: «عليه الصلاة» من حيث إن المراد: عليه السلام من الله تعالى؛ ففيه إشعار بالتعظيم الذي في الصلاة من حيث الطلب لأن يكون المسلّم عليه الله تعالى، كما في الصلاة، وهذا النوع من السلام هو الذي جوز الحليمي كون الصلاة بمعناه) اهـ
[المسألة] الثانية:
استدل بتعليمه صلى الله عليه وسلم لأصحابه كيفية الصلاة عليه بعد سؤالهم عنها: أنها أفضل الكيفيات في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لا يختار لنفسه إلا الأشرف والأفضل.
ومن ثمّ صوّب في «الروضة» : (أنه لو حلف ليصلين على النبي صلى الله عليه وسلم أفضل الصلاة.. لم يبرّ إلا بتلك الكيفية)«2» .
ووجّهه السبكي بأن من أتى بها.. فقد صلى على النبي صلى الله عليه وسلم بيقين، وكان له الجزاء الوارد في أحاديث الصلاة بيقين، وكل من جاء بلفظ غيرها.. فهو من إتيانه بالصلاة المطلوبة في شك؛ لأنهم قالوا: كيف نصلي عليك؟ قال: «قولوا
…
» فجعل الصلاة عليه منهم هي قول ذا. اهـ
ونقل الرافعي رحمه الله تعالى عن المروزي: أنه يبرّ ب (اللهم؛ صلّ على محمد وآل محمد كلما ذكره «3» الذاكرون، وكلما سها عنه الغافلون) ، وأخذ
(1) شفاء السقام (ص 44) .
(2)
روضة الطالبين (11/ 65) .
(3)
في النسخ: (ذكرك) ، وصوابه ما أثبت.
ذلك من ذكر الشافعي رضي الله تعالى عنه لها في خطبة «الرسالة» «1» ، لكن بلفظ (غفل) بدل (سها) وأوثرا على (سكت) ؛ لأن الساكت قد يكون ذاكرا بقلبه، والساهي والغافل من لم يذكر بقلبه ولا لسانه.
وظاهر سياق «الرسالة» : أن ضمير (ذكره) و (غفل عنه) راجع إلى الله تعالى، قال الأذرعي رحمه الله تعالى: وهو الوجه، وبيّنه غيره بأن الرب سبحانه وتعالى هو الذي يوصف بكثرة الذكر عادة، وبغافلة الذاكر عنه، وإن كان الكل صحيحا والمعنى لا يختلف، ولو استحضر المصلي الأمرين جميعا.. لكان حسنا.
وقول بعضهم: ذاكر النبي صلى الله عليه وسلم يعدّ من الذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ، والغافل عن ذكره يعدّ من الغافلين.. لا يجدي توجيها؛ لأن ذاكر الله تعالى كذلك.
قال النووي رضي الله تعالى عنه: (ولعل الشافعي رضي الله تعالى عنه أول من استعمل تلك الكيفية)«2» .
وقال القاضي حسين وغيره: طريق البرّ: (اللهم؛ صلّ على محمد كما هو أهله ومستحقه) .
ونحوه قول بعضهم: أفضل الحمد والصلاة: (اللهم؛ لك الحمد كما أنت أهله، فصلّ على محمد كما أنت أهله، وافعل بنا ما أنت أهله؛ فإنك أهل التقوى وأهل المغفرة) .
واختار البارزي أن الأفضل: (اللهم؛ صلّ على محمد وعلى آل محمد أفضل صلاتك وعدد معلوماتك) ؛ فإنه أبلغ.
وقيل: هو: (اللهم؛ صلّ على سيدنا محمد النبي الأمي، وعلى كل نبي وملك وولي، عدد الشفع والوتر، وعدد كلمات ربنا التامات المباركات) .
(1) الرسالة (ص 16) .
(2)
روضة الطالبين (11/ 66) .