الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صلى الله عليه وسلم، قاله الرازي «1» .
وعدّيت الصلاة هنا ب (على) مع أنها تعدّى لغة ب (اللّام) للخير وب (على) للشر؛ لأنها ضمّنت معنى الإنزال؛ أي: ينزل عليه رحمته، أو اللهم أنزل عليه رحمتك، أو معنى الاستعطاف؛ أي: يعطف عليه رحمته، أو اللهم اعطف عليه رحمتك، ورجّح هذا لما بين الصلاة والعطف من المناسبة، بخلافها مع الإنزال.
تنبيه:
حكى الإمام أبو بكر بن فورك: (أن المراد بالصلاة في خبر «وجعلت قرّة عيني في الصلاة» «2» : صلاة الله عز وجل عليه وملائكته، وأمره الأمة بذلك إلى يوم القيامة؛ لأنه تعالى لما قطع حكمه بالصلاة عليه، وأخبر عن ملائكته بمثله.. تحقّق صلى الله عليه وسلم ذلك، فاعتمده وقرّت عينه فيها بالقطع بما له عند الله تعالى من تمام الرحمة وكمال النعمة.
وعبّر بالجعل ليدلّنا أنه فعل به، لا أنه بنفسه مدّع فيه، أو ناظر إليه من حيث هو، فلا يعجب به، ولا يعدل عنه.
وكما أنه حبّب إليه من الدنيا ما حرس فيه.. كذلك جعل ثمّ قرّة عينه فيما عظّم به؛ ليكون في ظاهر الدنيا والدين جميعا محروسا محفوظا منظورا إليه مكلوآ محوطا «3» صلى الله عليه وسلم اهـ ملخّصا
وهذا وإن احتمل، لكن الأصحّ: أن المراد الصلاة المعهودة ذات الأركان، لما فيها من المناجاة، وكشف المعارج، وشرح الصدر.
وعبّر بالنبيّ دون اسمه على خلاف الغالب في حكايته تعالى عن أنبيائه؛
(1) التفسير الكبير (6/ 200) .
(2)
أخرجه النسائي (1/ 61) ، وأحمد (3/ 285) ، وأبو يعلى (3530) .
(3)
في هامش (ج) : (محروسا: مرعيا بجند الله، منظورا: مهابا، محوطا: مصونا) .
إشعارا بما اختصّ به صلى الله عليه وسلم من مزيد الفخامة «1» والكرامة وعلوّ القدر، كما أشير لذلك أيضا بقوله تعالى: إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ ثم أكّد ذلك الإشعار ب (أل) التي هي للصلة «2» ؛ إشارة إلى أنه صلى الله عليه وسلم المعروف الحقيق بهذا الوصف، المقدّم به على سائر الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
وفيه الهمز من النّبأ؛ أي: الخبر، فهو فعيل بمعنى فاعل أو مفعول؛ لأنه مخبر ومخبر عن الله عز وجل.
وتركه من النّبوة وهي المكان المرتفع، لا الرفعة- خلافا لمن زعمه كالزّمخشريّ ومن تبعه، كما حقّقه صاحب «القاموس» - سمّي به لارتفاع مكانته عند ربّه تعالى، وبهما قرىء في السبع، وقرأ نافع بالهمز في جميع القرآن إلا في موضعين: إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ، لكن قال سيبويه: الهمز رديء لقلة استعماله، لا لمخالفته القياس، ويؤيّده أن أعرابيا قال له صلى الله عليه وسلم: يا نبيء الله- بالهمز- فقال صلى الله عليه وسلم: «لست بنبيء الله، ولكن نبيّ الله» «3» ، وفي رواية «المستدرك» للحاكم:«لا يغيّر اسمي» ، أي: لإيهامه خلاف المراد، وهو أنه أخرج من مكة إلى المدينة، من قولهم: نبأت من أرض إلى أرض إذا أخرجت منها إليها، ويؤيّد ذلك ما في رواية أنه لما أنكر عليه.. قال له:«إنا معشر قريش لا ننبر» «4» ، وأشار الزمخشريّ إلى أن سبب النهي أن عدم الهمزة يستلزم الرّفعة بخلاف الهمز؛ إذ ليس كل منبأ رفيع المحل، والأظهر الأول «5» .
(1) في هامش (ج) : (الفخامة: عظم القدر) .
(2)
أي: (أل) التي هي اسم موصول، وهي التي تدخل على أسماء الفاعلين والمفعولين.
(3)
أخرجه الحاكم (2/ 231) ، والديلمي في «الفردوس» (5284) .
(4)
النبر في الكلام: الهمز، نبرت الحرف أي: همزته.
(5)
قال المؤلف رحمه الله تعالى في كتابه «المنح المكية في شرح الهمزية» : (ونهيه-