المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الفائدة] السادسة: [في حكم الصلاة عليه ص] - الدر المنضود في الصلاة والسلام على صاحب المقام المحمود

[ابن حجر الهيتمي]

فهرس الكتاب

- ‌‌‌بين يدي‌‌ الكتاب

- ‌ب

- ‌ ا

- ‌د

- ‌ج

- ‌ترجمة الإمام الفقيه أحمد ابن حجر الهيتمي المكي

- ‌اسمه ونسبه:

- ‌مولده ونشأته:

- ‌طلبه للعلم:

- ‌شيوخه:

- ‌مقاساته في الطلب وخروجه إلى مكة:

- ‌زملاؤه وأقرانه:

- ‌تلامذته:

- ‌مؤلفاته:

- ‌وفاته:

- ‌وصف النسخ الخطّيّة

- ‌منهج العمل في الكتاب

- ‌خاتمة

- ‌صور المخطوطات المستعان بها

- ‌[خطبة الكتاب]

- ‌مقدّمة في الكلام على قوله تعالى:

- ‌[فوائد هذه الآية:]

- ‌[الفائدة] الأولى:

- ‌[الفائدة] الثانية:

- ‌[الفائدة] الثالثة:

- ‌وأما صلاة الملائكة عليه صلى الله عليه وسلم:

- ‌وأما صلاة مؤمني الإنس والجنّ عليه

- ‌فائدة:

- ‌[الفائدة] الرابعة:

- ‌تنبيه:

- ‌فائدة:

- ‌أحدها:

- ‌الأمر الثاني:

- ‌الأمر الثالث:

- ‌[الفائدة] الخامسة

- ‌تنبيه:

- ‌[الرسول أخصّ مطلقا من النبيّ]

- ‌[قول ابن عبد السلام: النبوّة أفضل من الرسالة]

- ‌[بلاغة قوله تعالى: وملائكته]

- ‌[بلاغة قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا]

- ‌[الكفار مخاطبون بالفروع المجمع عليها]

- ‌[أنه صلى الله عليه وسلم مرسل للخلق عامة]

- ‌[الأنبياء أفضل من الملائكة والأدلة على ذلك]

- ‌منها: قوله تعالى

- ‌ومنها: اختصاص الأنبياء بأنهم الذين قامت بهم حجة الله على خلقه

- ‌ومنها: أن للبشر طاعات لم يثبت مثلها للملائكة كالجهاد

- ‌ومنها: أن طاعات البشر أكمل

- ‌[بلاغة قوله تعالى يا أَيُّهَا]

- ‌[اختلاف الأصوليين في دخوله ص في صيغة: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ونحوها]

- ‌[الفائدة] السادسة: [في حكم الصلاة عليه ص]

- ‌[أدلة وجوب الصلاة عليه ص في التشهد عند الشافعية]

- ‌تتمة: [في صلاة رسول الله ص على نفسه]

- ‌[حكم السلام عليه ص]

- ‌السابعة:

- ‌تنبيه:

- ‌[في حديث سيدنا علي رضي الله عنه: «اللهم؛ داحي المدحوات

- ‌تنبيه:

- ‌الفصل الثالث في مسائل وفوائد تتعلق بما مضى في الفصلين الأولين

- ‌[المسألة] الأولى:

- ‌[حكم السلام على غير الأنبياء]

- ‌[المسألة] الثانية:

- ‌[الصيغة التي مال إليها المصنف في الصلاة عليه ص]

- ‌[الصلاة على غير الأنبياء تبعا]

- ‌[عدم جواز إبدال لفظ (محمد) ب (أحمد) ، وبالضمير في التشهد]

- ‌[الصلاة عليه ص خارج الصلاة بصيغة الطلب أفضل منها بصيغة الخبر]

- ‌[الحكمة من اقتصاره ص في كثير من الروايات على اسمه العلم]

- ‌[المسألة] الثالثة:

- ‌[معنى السلام عليه ص]

- ‌[حكمة الالتفات من الغيبة إلى الخطاب في التشهد]

- ‌[المسألة] الرابعة:

- ‌[المسألة] الخامسة:

- ‌منها: [معنى قوله: (اللهم) ]

- ‌[معنى قوله: (محمد) ]

- ‌[معنى قوله: (الأمي) ]

- ‌[معنى قوله: (أزواجه) ]

- ‌تنبيه:

- ‌[معنى قوله: (الذرية) ]

- ‌[معنى قوله: (الآل) ]

- ‌[معنى قوله: (البركة) ]

- ‌[معنى قوله: (إبراهيم) ]

- ‌[معنى قوله: (آل إبراهيم) ]

- ‌[معنى قوله: (العالمون) ]

- ‌[معنى قوله: (الحميد) ]

- ‌[معنى قوله: (المجيد) ]

- ‌[معنى قوله: (الأعلون) ]

- ‌[معنى قوله: (المصطفون) ]

- ‌[معنى قوله: (المقربون) ]

- ‌[معنى قوله: (المكيال الأوفى) ]

- ‌[المسألة] السادسة:

- ‌[المسألة] السابعة:

- ‌[المسألة] الثامنة:

- ‌الفصل الرابع في فوائد الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ منها: صلاة الله تعالى وملائكته ورسوله صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيه:

- ‌ ومنها: أنها سبب لمحبة الملائكة وإعانتهم وترحيبهم

- ‌ ومنها: أنها سبب لشفاعته وشهادته صلى الله عليه وسلم

- ‌ ومنها: أنها سبب للبراءة من النفاق ومن النار

- ‌ ومنها: أنها كفارة لنا وزكاة لأعمالنا

- ‌ ومنها: أنها سبب لمزاحمة كتفه صلى الله عليه وسلم على باب الجنة

- ‌ ومنها: أنها تستغفر لقائلها

- ‌ ومنها: أن المرة الواحدة منها بقيراط كجبل أحد

- ‌ ومنها: أن ملكا قائما على قبره يبلغه إياها

- ‌تنبيه:

- ‌[مطلب في الحث على زيارة القبر الشريف]

- ‌[مطلب في معنى رد الروح إليه ص]

- ‌خاتمة:

- ‌ ومنها: أنها سبب للكيل بالمكيال الأوفى من الثواب

- ‌ ومنها: أنها سبب لكفاية المهمات في الدنيا والآخرة

- ‌ ومنها: أنها أمحق للخطايا من الماء للنار

- ‌ ومنها: أن المرة الواحدة منها تمحو ذنوب ثمانين سنة

- ‌ ومنها: أنها سبب للنجاة من أهوال يوم القيامة

- ‌ ومنها: أنها سبب لرضا الله تعالى

- ‌ ومنها: أنها سبب لغشيان الرحمة

- ‌ ومنها: أنها سبب للأمان من سخط الله تعالى

- ‌ ومنها: أنها سبب للدخول تحت ظل العرش

- ‌ ومنها: أنها سبب لثقل الميزان والنجاة من النار

- ‌ ومنها: أنها سبب للأمن من العطش يوم القيامة

- ‌ ومنها: أنها تأخذ بيد من يعثر على الصراط حتى يمر عليه

- ‌ ومنها: أن من صلى عليه صلى الله عليه وسلم في يوم ألف مرة

- ‌ ومنها: أنها سبب لكثرة الأزواج في الجنة

- ‌ ومنها: أنها تعدل عشرين غزوة في سبيل الله تعالى

- ‌ ومنها: أنها تعدل الصدقة

- ‌ ومنها: أن صلاة مئة في يوم بألف ألف حسنة

- ‌ ومنها: أن صلاة مئة كل يوم سبب لقضاء مئة حاجة

- ‌ ومنها: أن صلاة واحدة سبب لقضاء مئة حاجة

- ‌ ومنها: أن من صلى عليه صلى الله عليه وسلم مئة مرة في اليوم

- ‌ ومنها: أنها أحبّ الأعمال إلى الله تعالى

- ‌ ومنها: أنها زينة للمجالس

- ‌ ومنها: أنها تنفي الفقر

- ‌ ومنها: أن من أكثر منها.. يكون أولى الناس به صلى الله عليه وسلم

- ‌ ومنها: أن بركتها وفائدتها تدرك الرجل وولده وولد ولده

- ‌ ومنها: أن أحبّ ما يكون العبد إلى الله تعالى وأقربه إذا أكثر منها

- ‌ ومنها: أن الآتي بها قد لا يسأله الله تعالى فيما افترض عليه

- ‌ ومنها: أن من صلّى عليه صلى الله عليه وسلم في يوم خمسين مرة.. صافحه يوم القيامة

- ‌ ومنها: أنها طهارة للقلوب من الصدأ

- ‌خاتمة في ذكر منامات ونحوها، لا بأس بالإشارة إلى بعضها لأن فيها حثا لمن سمعها على الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الخامس في ذكر عقوبات وقبائح لمن لم يصلّ على النبي ص

- ‌ منها: أن من ذكر صلى الله عليه وسلم عنده فلم يصلّ عليه.. كان شقيّا

- ‌ ومنها: أن من ذكر عنده فلم يصلّ عليه.. خطىء طريق الجنة

- ‌ ومنها: أن من ذكر عنده فلم يصلّ عليه صلى الله عليه وسلم.. فقد جفاه

- ‌ ومنها: أن البخيل كلّ البخيل الذي لا يراه يوم القيامة

- ‌ ومنها: أن من لم يصلّ عليه صلى الله عليه وسلم عند ذكره.. ملعون

- ‌ ومنها: أن من ذكر صلى الله عليه وسلم عنده فلم يصلّ عليه ألأم الناس

- ‌ ومنها: أن كل مجلس خلا عن ذكره صلى الله عليه وسلم كان على أهله ترة من الله عز وجل يوم القيامة

- ‌ ومنها: أن من لم يصلّ عليه صلى الله عليه وسلم.. فلا دين له

- ‌ ومنها: أن من لم يصلّ عليه صلى الله عليه وسلم.. لا يرى وجهه

- ‌الفصل السادس في ذكر أمور مخصوصة تشرع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيها

- ‌الأول: بعد الفراغ من الوضوء والغسل والتيمم

- ‌الثاني: في الصلاة إذا مرّ فيها باية فيها ذكره صلى الله عليه وسلم

- ‌الثالث: عقبها [عقب الصلاة]

- ‌الرابع: عقب إقامتها

- ‌فائدة:

- ‌[الخامس: عند القيام لصلاة الليل من النوم]

- ‌[السادس: بعد الفراغ من التهجّد]

- ‌[السابع: عند المرور بالمساجد ودخولها والخروج منها]

- ‌[الثامن: في يوم الجمعة وليلتها]

- ‌[التاسع: في الخطب]

- ‌العاشر: في أثناء تكبيرات صلاة العيدين

- ‌[الحادي عشر: في صلاة الجنازة]

- ‌[الثاني عشر: في الحج عقب التلبية]

- ‌الثالث عشر: الصلاة والسلام عليه عند قبره الشريف صلى الله عليه وسلم

- ‌[الرابع عشر: عند الذبيحة]

- ‌[الخامس عشر: عند عقد البيع]

- ‌[السادس عشر: عند كتابة الوصية]

- ‌[السابع عشر: في خطبة التزويج]

- ‌الثامن عشر: في طرفي النهار، وعند إرادة النوم

- ‌[التاسع عشر: عند إرادة السفر]

- ‌[العشرون: عند ركوب الدابة]

- ‌[الحادي والعشرون: عند الخروج إلى السوق، وحضور دعوة]

- ‌[الثاني والعشرون: عند دخول المنزل]

- ‌الثالث والعشرون: في الرسائل وبعد البسملة

- ‌[الرابع والعشرون: عند الهمّ، والشدائد]

- ‌الخامس والعشرون: عند خوف الغرق

- ‌السادس والعشرون: في أول الدعاء ووسطه وآخره

- ‌[السابع والعشرون: عند طنين الأذن]

- ‌[الثامن والعشرون: عند خدر الرّجل]

- ‌[التاسع والعشرون: عند العطاس]

- ‌تنبيه:

- ‌فائدة:

- ‌الثلاثون: عند تذكّر منسيّ، أو خوف نسيان

- ‌[الحادي والثلاثون: عند استحسان الشيء]

- ‌[الثاني والثلاثون: عند أكل الفجل]

- ‌[الثالث والثلاثون: عند نهيق الحمير]

- ‌الرابع والثلاثون: عقب الذنب لتكفّره

- ‌[الخامس والثلاثون: عند عروض حاجة]

- ‌[السادس والثلاثون: في سائر الأحوال]

- ‌السابع والثلاثون: لمن اتّهم وهو بريء

- ‌[الثامن والثلاثون: عند لقاء الإخوان]

- ‌التاسع والثلاثون: عند تفرّق القوم بعد اجتماعهم

- ‌[الأربعون: عند ختم القرآن]

- ‌[الحادي والأربعون: في الدعاء لحفظ القرآن]

- ‌الثاني والأربعون: عند افتتاح كل كلام

- ‌[الثالث والأربعون: عند ذكره صلى الله عليه وسلم]

- ‌الرابع والأربعون: عند نشر العلم والوعظ

- ‌[الخامس والأربعون: عند الإفتاء]

- ‌[السادس والأربعون: عند كتابة اسمه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[في ذكر منامات حسنة لأصحاب الحديث]

- ‌خاتمة: في العمل بالحديث الضعيف والموضوع

الفصل: ‌[الفائدة] السادسة: [في حكم الصلاة عليه ص]

[اختلاف الأصوليين في دخوله ص في صيغة: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ونحوها]

واختلفوا أيضا في تناول هذه الصيغة للإناث، وجمهور الأصوليين على عدم دخولهن، ونص عليه الشافعي رضي الله تعالى عنه، ومن انتقد بأنه يلزم عليه ألا يشاركن الذكور في ذلك الحكم.. فقد أبعد؛ لأنا نلتزم ذلك، ونقول: لم تستفد المشاركة إلا من خارج كإجماع أو قياس جليّ؛ أي: أنه لا فارق إلا الذكورة والأنوثة، ولا معنى لها في نحو ما نحن فيه، بخلاف الجهاد ونحوه.

[الفائدة] السادسة: [في حكم الصلاة عليه ص]

استفيد من قوله تعالى: صَلُّوا عَلَيْهِ أنّا مأمورون بالصلاة عليه، وقد اختلف العلماء في ذلك على عشرة أقوال:

1-

مستحبة، وزعم ابن جرير الإجماع عليه.. مردود، ويتعين حمل هذا القول على ما زاد على المرة؛ لقول القرطبي المفسر:(لا خلاف في وجوبها في العمر مرة)«1» .

2-

واجبة في الجملة بغير حصر، وأقل ما يحصل به الإجزاء مرة في العمر، وزعم بعض المالكية الإجماع عليه، ولا دليل له في قول ابن عبد البر:(أجمع العلماء على أنها فرض على كل مؤمن بهذه الآية) .

3-

واجبة مرة في العمر ككلمة التوحيد؛ لأن الأمر مطلق لا يقتضي تكرارا، والماهية تحصل بمرة، وعليه جمهور الأمة، منهم أبو حنيفة ومالك وغيرهما.

4-

واجبة في التشهد.

5-

واجبة في مطلق الصلاة، وتفرد بعض الحنابلة بتعين دعاء الافتتاح لها.

6-

يجب الإكثار منها من غير تعيين بعدد.

7-

تجب في كل مجلس مرة، وإن تكرر ذكره مرارا.

(1) تفسير القرطبي (14/ 232) .

ص: 65

8-

تجب في كل دعاء.

9-

تجب كلما ذكر، وبه قال جمع من الحنفية، منهم الطحاوي، وعبارته:(تجب كلما سمع ذكره من غيره، أو ذكره بنفسه) ، وجمع من الشافعية، رضي الله تعالى عنهم، منهم الأئمة المجتهدون: الحليمي، والأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني، والشيخ أبو حامد الإسفراييني، وجمع من المالكية، منهم: الطّرطوشي «1» ، وابن العربي، والفاكهاني، وبعض الحنابلة، وقيل: وهو مبني على القول الضعيف في الأصول: إن الأمر المطلق يفيد التكرار، وليس كذلك، بل له أدلة أخرى كالأحاديث الآتية التي فيها الدعاء بالرغم والإبعاد والشقاء، والوصف بالبخل والجفاء «2» ، وغير ذلك مما يقتضي الوعيد، وهو على الترك من علامات الوجوب.

واعترض هذا القول كثيرون بأنه مخالف للإجماع المنعقد قبل قائله؛ إذ لم يعرف عن صحابي ولا تابعي.

وبأنه يلزم على عمومه ألا يتفرغ السامع لعبادة أخرى.

وأنها تجب على المؤذن، وسامعه، والقارىء المارّ بذكره، والمتلفظ بكلمتي الشهادة، وفيه من الحرج ما جاءت الشريعة السمحة بخلافه.

وبأنّ الثناء على الله تعالى كلما ذكر أحق بالوجوب، ولم يقولوا به.

وبأنه لا يحفظ عن صحابي أنه قال: يا رسول الله صلى الله عليك.

وبأن تلك الأحاديث المحتج بها للوجوب خرجت مخرج المبالغة في تأكيد

(1) في هامش (ج) : (بضم الطاءين وبالشين نسبة إلى طرطوشة مدينة بالأندلس) .

(2)

في هامش (ج) : (معنى الحديث الوارد بلفظ «رغم أنف من لم يصل عليّ» : ذل، وبلفظ «أبعده الله» : نحّاه عن الخير ولعنه، وبلفظ «أشقاه» : عالجه في حرب ونحوه من الشدائد، وبلفظ «شقي» : وقع في شدة وعسرة، وبلفظ «جفاني» : لم يلزم مكاني؛ أي: تخلف عن حقي وما أستحقه، وبلفظ «بخيل» أي: لئيم؛ أي: موصوف بالمذمة، ومعنى «رغم أنف» : لصق بالرّغام، وهو التراب، أي: أذله الله حتى يصير كالذي يلصق أنفه بالتراب لذله وحقارته) .

ص: 66

ذلك وطلبه، وفي حق من اعتاد ترك الصلاة ديدنا.

ويمكن الانتصال عن جميع ذلك «1» :

أما الأول: فلأن القائلين بالوجوب من أئمة النقل، فكيف يسعهم خرق الإجماع؟! على أنه لا يكفي في الرد عليهم كونه لم يحفظ عن صحابي أو تابعي، وإنما يتم الرد إن حفظ إجماع مصرّح بعدم الوجوب كذلك، وأنّى بذلك؟!.

وأما الثاني: فممنوع، بل يمكن التفرغ لعبادات أخر.

وأما الثالث: فللقائلين بالوجوب التزامه، وليس فيه كبير حرج.

وأما الرابع: فلأن جمعا صرحوا بالوجوب في حقه تعالى أيضا.

وأما الخامس: فلأنه ورد في عدة طرق عن عدة من الصحابة رضي الله تعالى عنهم: أنهم لمّا قالوا: يا رسول الله.. قالوا صلى الله عليك.

وأما السادس: فلأن حمل الأحاديث على ما ذكر لا يكفي إلا مع بيان سنده، ولم يبينوه.

ثم القائلون بالوجوب كلما ذكر.. أكثرهم على أن ذلك فرض عين على كل فرد فرد، وبعضهم على أنه فرض كفاية.

واختلفوا أيضا هل يتكرّر الوجوب بتكرّر ذكره صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد؟ قال بعض شراح «الهداية» من الحنفية: (يكفي مرة على الصحيح)، وقال صاحب «المجتبى» منهم:(يتكرر، وفي تكرر ذكر الله تعالى لا يتكرر) ، وفرّق بينهما هو وغيره بما فيه نظر، ويمكن الفرق بأن حقوق الله تعالى مبنية على المسامحة والتوسعة، وحقوق العباد مبنية على المشاحّة والتضييق ما أمكن.

10-

وعاشر الأقوال: أنها تجب حتى عليه صلى الله عليه وسلم في القعود

(1) في هامش (ج) : (الانتصال: التخلص والتخلي) .

ص: 67

آخر الصلاة بين التشهد وسلام التحلّل، وهذا هو مذهب الشافعي رضي الله تعالى عنه، ومن نسب إليه قولا بعدم الوجوب.. فقد أغرب، ووافقه عليه جماعة من الصحابة والتابعين، ومن بعدهم من فقهاء الأمصار.

فمن الصحابة رضوان الله عليهم: ابن مسعود، فقد صح عنه أنه قال:

(يتشهد الرجل في الصلاة، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو لنفسه)«1» ، وعنه أيضا: (لا صلاة لمن لم يصلّ فيها على النبي صلى الله عليه وسلم «2» ، وأبو مسعود البدري، وابن عمر، فقد صح عنه:

(لا تكون صلاة إلا بقراءة وتشهّد وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فإن نسيت من ذلك شيئا.. فاسجد سجدتين بعد السلام)«3» .

ومن التابعين: الشعبي، فقد صح عنه: (كنا نعلّم التشهد، فإذا قال:

«وأن محمدا عبده ورسوله» .. يحمد ربه ويثني عليه، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يسأل حاجته) «4» ، وأخرج البيهقي عنه:(من لم يصلّ على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد.. فليعد صلاته)، أو قال:

(لا تجزىء صلاته)«5» ، والإمام أبو جعفر محمد الباقر، فقد روى البيهقيّ عنه نحو ما ذكر عن الشعبي، وصوّبه الدارقطني، ومحمد بن كعب القرظيّ، ومقاتل بن حيّان، بل قال شيخ الإسلام والحفّاظ الشهاب ابن حجر: (لم أر عن أحد من الصحابة والتابعين التصريح بعدم الوجوب إلا ما نقل عن إبراهيم

(1) أخرجه الحاكم (1/ 268) ، والبيهقي في «الصغرى» (479) ، وابن أبي شيبة (1/ 331) .

(2)

أخرجه ابن عبد البر في «التمهيد» (16/ 195) عن سهل بن سعد الساعدي مرفوعا.

(3)

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في «فتح الباري» (11/ 164) : (أخرجه اليعمري في «عمل اليوم والليلة» عن ابن عمر بسند جيد) .

(4)

قال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (11/ 164) : (أخرج الطبري بسند صحيح عن مطرف بن عبد الله بن الشخير وهو من كبار التابعين قال: كنا نعلم التشهد

) وذكره.

(5)

السنن الكبرى (2/ 379) .

ص: 68