الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
بَابُ صَلَاةِ أَهْلِ الْأَعْذَارِ
وَيُصَلِّى الْمَرِيضُ كَمَا قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: «صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ» .
ــ
بابُ صلاةِ أَهْلِ الأعْذارِ
590 - مسألة: (ويُصَلِّى المَرِيضُ كما قال النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم لعِمْرانَ بنِ حُصَيْنِ: «صَلِّ قَائِمًا، فَإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ»)
رَواه البُخارِيُّ (1). أَجْمَعَ أهلُ العلمِ على أنَّ مَن لا يُطِيقُ القِيامَ، له أن يُصَلِّى جَالِسًا؛ لهذا الحَديثِ؛ ولِما روَى أنَسٌ، قال: سَقَط رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عن فَرَسٍ، فجُحِشَ (2)، أو خُدِش شِقُّه الأيْمَنُ، فدَخَلْنا
(1) في: باب إذا لم يطق قاعدًا صلى على جنب، من كتاب التقصير. البخارى 2/ 60.
كما أخرجه أبو داود، في: باب في صلاة القاعد، من كتاب الصلاة. سنن أبى داود 1/ 218. والترمذى، في: باب ما جاء أن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 2/ 166. وابن ماجه، في: باب ما جاء في صلاة المريض، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 386. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 426.
(2)
الجحش: سجح الجلد وقشره.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عليه نَعُودُه، فحَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فصَلَّى قاعِدًا، وصَلَّيْنا قُعُودًا. مُتَفَّقٌ عليه (1).
فصل: فإن أمْكَنه القِيامُ، إلَّا أنَّه يَخْشَى تَبَاطُؤَ بُرْئِه، أو زِيادَةَ مَرَضِه، أو يَشُقُّ عليه مَشَقَّةً شديدةً، فلَه أن يُصَلِّى قاعِدًا. ونَحْوَه قال مالكٌ، وإسحاقُ. وقال مَيْمُونُ بنُ مِهْرَانَ (2): إذا لم يَسْتَطِعْ أن يَقُومَ
(1) أخرجه البخارى، في: باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب، من كتاب الصلاة، وفى: باب إنما جعل الإمام ليؤتم به، وباب إيجاب التكبير وافتتاح الصلاة، وباب يهوى بالتكبير حين يسجد، من كتاب الأذان، وفى: باب صلاة القاعد، من كتاب التقصير. صحيح البخارى 1/ 106، 177، 187، 203، 2/ 59 ومسلم، في: باب ائتمام المأموم بالإمام، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم 1/ 308. كما أخرجه أبو داود، في: باب الإمام يصلى من قعود، من كتاب الصلاة. سنن أبى داود 1/ 141. والترمذى، في: باب ما جاء إذا صلى الإمام قاعدا فصلوا قعودا، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 2/ 156. والنسائى، في: باب الائتمام بالإمام يصلى قاعدا، من كتاب الإمامة. المجتبى 2/ 77. وابن ماجه، في: باب في إنما جعل الإمام ليؤتم به، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 392. والدارمى، في: باب في من يصلى خلف الإمام والإمام جالس، من كتاب الصلاة. سنن الدارمى 1/ 286، 287. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 110، 162، 300.
(2)
أبو أيوب ميمون بن مهران، مولى الأزد، من فقهاء التابعين بالجزيرة، توفى سنة سبع عشرة ومائة. طبقات الفقهاء، للشيرازى 77.
وقوله في مصنف عبد الرزاق 2/ 473.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لدُنْياه، فَلْيُصَلِّ جالِسًا. وحُكِىَ نَحْوُ (1) ذلك عن أحمدَ. ولَنا، قَوْلُ اللَّهِ تعالىِ:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (2). وهذا حَرَجٌ، ولأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى جالِسًا لَمّا جُحِش شِقُّه، والظّاهِرُ أنَّ مَن جُحِش شِقُّه لا يَعْجِزُ عن القِيامِ بالكُلِّيَّة. ومتى صَلَّى قاعِدًا، فإنَّه يكونُ على صِفَةِ صلاةِ المُتَطَوِّعِ جالِسًا، على ما ذَكَرْنا (3).
فصل: فإن قَدَر على القِيامِ؛ بأن يَتَّكِئ على عَصًا أو يَسْتَنِدَ إلى (4) حائِطٍ، أو يَعْتَمِدَ على أحَدِ جانِبَيْه لَزِمَه؛ لأنَّه قادِرٌ على القِيامِ مِن غيرِ ضَرَرٍ، فلَزِمَه، كما لو قَدَر بغيرِ هذه الأشياءِ. وإن قَدَر على القِيامِ، إلَّا أنَّه يكونُ على هَيْئَةِ الرّاكِعِ كالأحْدَبِ والكَبِيرِ، لَزِمَه ذلك؛ لأنَّه قِيامُ مِثْلِه. وإن كان لقِصَرِ سَقْفٍ لا يُمْكِنُه الخُرُوجُ، أو سَفِينةٍ، أو خائِفٍ لا يُعْلَمُ به إلَّا إذا رَفَع رَأْسَه، ففيه احْتِمالان؛ أحَدُهما، يَلْزَمُه القِيامُ، كالأحْدَبِ.
(1) في م: «بجواز» .
(2)
سورة الحج 78.
(3)
انظر ما تقدم في 4/ 200.
(4)
في م: «على» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والثّانِى، لا يَلْزَمُه، فإنَّ أحمدَ قال، في (1) الذى في السَّفِينَةِ لا يَقْدِرُ أن يَسْتَتِمَّ قائِمًا؛ لقِصَرِ سَماءِ السَّفِينَةِ: يُصَلِّى قاعِدًا، إلَّا أن يكونَ شيئًا يَسِيرًا. فيُقاسُ عليه ما في مَعْناه؛ لحدِيثِ عِمْرانَ المَذْكُورِ.
فصل: فإن قَدَر المَرِيضُ على الصلاةِ وَحْدَه قائِمًا، ولا يَقْدِرُ مع الإِمامِ لتَطْوِيلِه، احْتَمَلَ أن يَلْزَمَه القِيامُ (2)، ويُصَلِّى وَحْدَه؛ لأنَّ القِيامَ رُكْنٌ لا تَتِمُّ صَلاتُه إلَّا به، والجَماعَةُ تَصِحُّ الصلاةُ بدُونِها. واحْتَمَلَ أنَّه مُخَيَّرٌ بينَ الأمْرَيْنِ؛ لأنّا أبَحْنا له تَرْكَ القِيامِ المَقْدُورِ عليه مع إمامِ الحَىِّ العاجِزِ عنه، مُراعاةً للجَماعَةِ، فههُنا أوْلَى، ولأنَّ الأجْرَ يَتَضاعَفُ بالجَماعَةِ أكْثَرَ مِن تَضاعُفِه بالِقيامِ؛ لأنَّ صلاةَ القاعدِ على النِّصْفِ مِن صلاةِ القائِمِ،
(1) سقط من: م.
(2)
في م: «القياس» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ عَلَى صَلَاتِهِ وَحْدَهُ سَبْعًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» (1). وهذا أحسنُ. وهو مَذْهَبُ الشافعيِّ.
فصل: فإن عَجَز عن القُعُودِ صَلَّى على جَنْبٍ؛ لِما ذَكَرْنا مِن الحديثِ، ويَسْتَقْبِلُ القِبْلَةَ بوَجْهِه. وهذا قولُ مالكٍ، والشافعىِّ، وابنِ المُنْذِرِ. وقال سعيدُ بنُ المُسَيَّبِ، وأبو ثَوْرِ، وأصحابُ الرَّأْى: يُصَلِّى مُسْتَلْقِيًا ورجْلاه إلى القِبْلَةِ، ليَكُونَ إيماؤُه إليها، فإنَّه إذا صَلَّى على جَنْبِه
(1) أخرجه البخارى، في: باب الصلاة في مسجد السوق، من كتاب الصلاة، وفى: باب فضل صلاة الجماعة من كتاب الأذان، وفى: باب ما ذكر في الأسواق، من كتاب البيوع، وفى: باب {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} من كتاب التفسير. صحيح البخارى 1/ 129، 166، 3/ 86، 6/ 108. ومسلم، في: باب فضل صلاة الجماعة وانتظار الصلاة، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 449 - 451، 459. وأبو داود، في: باب ما جاء في المشى إلى الصلاة، من كتاب الصلاة. سنن أبى داود 1/ 132. والترمذى، في: باب ما جاء في فضل الجماعة، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 2/ 15. والنسائي، في: باب فضل صلاة الجماعة، من كتاب الصلاة، في: باب فضل الجماعة، من كتاب الإمامة. المجتبى 2/ 80. وابن ماجه، في: باب فضل الصلاة. في جماعة، من كتاب المساجد. سنن ابن ماجه 1/ 259. والدارمى، في: باب في فضل صلاة الجماعة، من كتاب الصلاة. سنن الدارمى 1/ 293. والإمام مالك، في: باب فضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ، من كتاب الجماعة. الموطأ 1/ 129. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 376، 382، 437، 452، 2/ 65، 102، 112، 233، 252، 264، 328، 396، 454، 473، 475، 486، 501، 520، 525، 3/ 55، 6/ 49.