الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثَّالِثُ، حَضُورُ أَرْبَعِينَ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ، فِى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ، تَنْعَقِدُ بِثَلَاثَةٍ.
ــ
فصل: وإذا كان أهلُ المِصْرِ دُونَ الأرْبَعِين، فجاءَهم أهلُ قَرْيَةٍ، فأَقامُوا الجُمُعَةَ في المِصْرِ، لم تَصِحَّ؛ لأنَّ أهلَ القَرْيَةِ غيرُ مُسْتَوْطِنينَ في المِصْرِ، وأهلَ المِصْرِ لا تَنْعَقِدُ بهم الجُمُعَةُ؛ لقلَّتِهم. وإن كان أهلُ القَرْيَةِ مِمَّن تَجِبُ عليهم الجُمُعَةُ بأنْفُسِهم، لَزِم أهلَ المِصْرِ السَّعْىُ إليهم إذا كان بينهما أقلُّ مِن فَرْسَخٍ؛ [لأنَّ بينَهم وبينَ مَوْضِعِ الجُمُعَةِ أقَلَّ مِن فَرْسَخٍ](1) فلزمَهم السَّعْىُ إليها، كما يَلْزَمُ أهلَ القَريةِ السَّعْىُ إلى المِصْرِ إذا أُقِيمَتْ به، وكان أهلُ القَرْيَةِ دُونَ الأرْبَعِين، وإن كان في كُلِّ واحِدٍ دُونَ الأَرْبَعِين لم تَجُزْ إقامَةُ الجُمُعَةِ في واحِدٍ منهما.
638 - مسألة: (الثالثُ، حُضورُ أرْبَعِين مِن أَهْلِ القَرْيَةِ، في ظاهِرِ المَذْهَبِ. وعنه، تَنْعَقِدُ بثَلاثَةٍ)
حُضُورُ أرْبَعِين شَرْطٌ لوُجُوبِ الجُمُعَةِ وصِحَّتِها، في ظاهِرِ المَذْهَبِ. رُوِىَ ذلك عن عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ، وعُبَيْدِ اللَّهِ بنِ عبدِ اللَّهِ. وهو قولُ مالكٍ، والشافعىِّ. ورُوِىَ
عن الإِمامِ أحمدَ، أنَّها لا تَنْعَقِدُ إلَّا بخَمْسِين، لِما روَى أبو بكرِ النَّجَّادُ، عن عبدِ الملِكِ الرَّقَاشِىِّ، حدثنا رَجاءُ بنُ سلَمَةَ، حدثنا عَبّادُ بنُ عَبَّادٍ المُهَلَّبِىُّ،
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عن جَعْفَرِ بنِ الزُّبَيْرِ، عن القاسِمِ، عن أبى أُمامَةَ، قال: قال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى خمْسِينَ، رَجُلًا، وَلَا تَجِبُ عَلَى مَنْ دُونَ ذَلِكَ» (1). وبإسنادِه عن الزُّهْرىِّ، عن أبى سَلَمَةَ، قال: قُلْتُ لأبى هُرَيْرَةَ: على كم تَجِبُ الجُمُعَةُ مِن رجلٍ؟ قال: لَمّا بَلَغ أصحابُ رسولِ اللَّهِ خَمْسِين جَمَّعَ بهم رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وعنه رِوايَةٌ ثالِثَةٌ، أنَّها تَنْعَقِدُ بثَلاثَةٍ. وهو قَوْلُ الأوْزَاعِىِّ؛ لأنَّ اسْمَ الجَمْعِ يتَناوَلُه، فانْعَقَدَتْ به الجُمُعَةُ، كالأرْبَعِين، ولأنَّ اللَّهَ تعالى قال:{فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (2). بصِيغَةِ الجَمْعِ، فيَدْخُلُ فيه الثَّلاثَةُ. وحَكَى أبو الحارثِ، عن الإِمامِ أحمدَ، إذا كانوا ثَلَاثَةً مِن أهْلِ القُرَى جَمَّعُوا. فيَحْتَمِلُ أن يَخْتَصَّ ذلك أهلَ القُرَى لقِلَّتِهم. وقال أبو حنيفةَ: تَنْعَقِدُ بأَرْبَعَةٍ؛ لأنَّه عَدَدٌ زِيدَ على أقَلِّ الجَمْعِ المُطلَقِ، أشْبَهَ الأرْبَعِين. وقال رَبِيعَةُ: تَنْعَقِدُ باثْنَىْ عَشَرَ؛ لِما رُوِىَ أنَّ
(1) أخرجه الدارقطنى، في: باب ذكر العدد في الجمعة، من كتاب الجمعة. سنن الدارقطنى 2/ 4. وقال: جعفر بن الزبير متروك. وعزاه الهيثمى إلى الطبرانى في الكبير، وقال: جعفر بن الزبير صاحب القاسم ضعيف جدًّا. مجمع الزوائد 2/ 176.
(2)
سورة الجمعة 9.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
النبىَّ صلى الله عليه وسلم كَتَب إلى مُصْعَبِ بنِ عُمَيْر بالمَدِينَةِ، فأمَرَه أن يُصَلِّىَ عندَ الزَّوَالِ رَكْعَتَيْن، وأن يَخْطُبَ فيهما. فجَمَّعَ مُصْعَبِ بنُ عُمَيْرٍ في بَيْتِ سَعْدِ بنِ خَيْثَمَةَ باثْنَىْ عَشَرَ رَجُلًا (1). وعن جابِرٍ، قال: كُنَّا مع النبىِّ صلى الله عليه وسلم يومَ الجُمُعَةِ فَقَدِمَتْ سُوَيْقَةٌ، فخَرَجَ النّاسُ إليها، فلم يَبْقَ إلَّا اثْنا عَشَرَ رجلًا، أنا فيهم، فأنْزَلَ اللَّهُ:{وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا} (2) الآيةُ. رواه مسلمٌ (3). وما يُشْتَرَطُ للابْتِداءِ يُشْتَرَطُ للاسْتِدامَةِ. ولَنا، حديثُ كَعْبٍ الذى رَوَيْناه. وفى الحديث: قُلْتُ له: كم كُنْتُم يَوْمَئِذٍ؟ قال: أَرْبَعِين. رواه الدّارَقُطْنِىُّ (4). وقولُ الصَّحابِىِّ: مَضَتِ
(1) أخرج البيهقى ما يقاربه، في: باب العدد الذين إذا كانوا في قرية وجبت عليهم الجمعة، من كتاب الجمعة، ولفظه: أن مصعب بن عمير حين بعثه النبى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة جمع بهم وهم اثنا عشر رجلا. السنن الكبرى 3/ 179.
(2)
سورة الجمعة 11.
(3)
في: باب في قوله تعالي {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا. . .} من كتاب الجمعة. صحيح مسلم 2/ 590. كما أخرحه البخارى، في: باب إذا نفر الناس عن الإمام في صلاة الجمعة. . .، من كتاب الجمعة، وفى: باب قول اللَّه تعالى {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا. . .} وباب {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا. . .} ، من كتاب البيوع، وفى: تفسير سورة الجمعة، من كتاب التفسير. صحيح البخارى 2/ 16، 3/ 71، 73، 6/ 189. والترمذى، في: تفسير سورة الجمعة، من أبواب التفسير. عارضة الأحوذى 12/ 199.
(4)
في: باب ذكر العدد في الجمعة، من كتاب الجمعة. سنن الدارقطنى 2/ 6.
وتقدم تخريجه في صفحة 196.