الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ تَجَلَّى الْكُسُوفُ فِيهَا أتَمَّهَا خَفِيفَةً، وَإنْ تَجَلَّى قَبْلَهَا، أَوْ غَابَتِ الشَّمْسُ كَاسِفَةً، أوْ طَلَعَتْ وَالْقَمَرُ خَاسِفٌ، لَمْ يُصَلِّ.
ــ
النبىُّ صلى الله عليه وسلم بعدَ الصلاةِ ليُعَلِّمَهم حُكْمَها، وهذا مُخْتَصٌّ به، ليس في الخَبَرِ ما يَدُلُّ على أنَّه خَطَب خُطْبَتَى الجُمُعَةِ. واسْتُحِبَّ ذِكْرُ اللَّهِ تعالى، والدُّعاءُ، والتَّكْبِيرُ، والاسْتِغْفارُ، والصَّدَقَةُ، والعِتْقُ، والتَّقَرُّبُ إلى اللَّهِ تعالى بما اسْتَطاعَ؛ للخَبَرِ المَذْكُورِ. وفى خَبَرِ أبى موسى:«فَافْزَعُوا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ تعالى، وَدُعَائِهِ، وَاسْتِغْفَارِهِ» (1). ورُوِى عن أسماءَ، أنَّها قالت: إنَّا كُنَّا لنُؤْمَرُ بالعِتْقِ في الكُسُوفِ (2).
699 - مسألة: (فإن تَجَلَّى الكُسُوفُ فيها أتَمَّها خَفِيفَةً، وإن تَجَلَّى قَبْلَها، أو غابَتِ الشَّمْسُ كاسِفَةً، أو طَلَعَتْ والقَمَرُ خاسِفٌ، لم يُصَلِّ)
وقْتُ صلاةٍ الكُسُوفِ مِنْ حينِ الكُسُوفِ إلى حينِ التَّجَلِّى. فإن فاتَتْ لم تُقْضَ؛ لأنَّه قد رُوِىَ عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: «إِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ
(1) أخرجه البخارى، في: باب الذكر في الكسوف، من كتاب الكسوف. صحيح البخارى 2/ 48. ومسلم، في: باب ذكر النداء بصلاة الكسوف «الصلاة جامعة»، من كتاب الكسوف. صحيح مسلم 2/ 628، 629. والنسائى، في: باب الأمر بالاستغفار في الكسوف، من كتاب الكسوف. المجتبى 3/ 124.
(2)
أخرجه البخارى، في: باب من أحب العتاقة في كسوف الشمس، من كتاب الكسوف، صحيح البخارى 2/ 47. وأبو داود، في: باب العتق فيها، من كتاب الاستسقاء. سنن أبى داود 1/ 272. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 345.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فَافْزَعُوا إلَى الصَّلَاةِ حَتَّى تَنْجَلِىَ» (1). فجَعَلَ الانْجِلاءَ غايَةً للصلاةِ. ولأنَّ الصلاةَ إنَّما سُنَّتْ رَغْبَةً إلى اللَّهِ في رَدِّها، فإذا حَصَل ذلك حَصَل مَقْصُودُ الصَّلاةِ. وإن تَجَلَّتْ وهو في الصَّلاةِ أتَمَّها خَفِيفةً؛ لأنَّ المَقْصُودَ التَّجَلِّى، وقد حَصَل. وإنِ اسْتَتَرَتِ الشَّمْسُ والقَمَرُ بالسَّحابِ، وهما مُنْكَسِفان، صَلَّى؛ لأنَّ الأصْلَ بَقاءُ الكُسُوفِ. وإن تَجَلَّى السَّحابُ عن بعقِمها فرَأوْه صافِيًا، صَلَّوْا، ولأنَّ الباقِىَ لا يُعْلَمُ حالُه. وإن غابَتِ الشَّمْسُ كاسِفَةً، أو طَلَعَتْ على القَمَرِ وهو خاسِفٌ، لم يُصَلِّ؛ لأنَّه قد ذَهَب وَقْتُ الانْتِفاعِ بنُورِهما. وإن غاب القَمَرُ لَيْلًا، فقال القاضى: يُصَلِّى؛ لأنَّه لم يَذْهَبْ وَقْتُ الانْتِفاعِ بنُورِه. ويَحْتَمِلُ أن لا يُصَلِّىَ؛ لأنَّ ما يُصَلِّى له قد غاب، أشْبَهَ ما لو غابَتِ الشَّمْسُ. فإن لم يُصَلِّ حتى طَلَع الفَجْرُ الثَّانِى ولم يَغِبْ، أو ابْتَدَأ الخَسْفُ بعدَ طُلُوعِ
(1) أخرجه البخارى، في: باب الدعاء في الخسوف، من كتاب الكسوف. صحيح البخارى 2/ 48، 49. ومسلم، في: باب ما عرض على النبى صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف من أمر الجنة والنار، وباب ذكر النداء بصلاة الكسوف «الصلاة جامعة»، من كتاب الكسوف. صحيح مسلم 2/ 622، 630. وأبو داود، في: باب من قال: أربع كعات، من كتاب الاستسقاء. سنن أبى داود 1/ 619. والنسائى، في: باب نوع آخر، من كتاب الكسوف. المجتبى 3/ 110، 111. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 318، 349، 374.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الفَجْرِ وغاب قبلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، ففيه احْتِمالان ذَكَرَهما القاضى؛ أحَدُهما، لا يُصَلِّى؛ لأنَّ القَمَرَ آيَةُ اللَّيْلِ وقد ذَهَب اللَّيْلُ، أشْبَهَ إذا طَلَعَتِ الشَّمْسُ. والثانِى، يُصَلِّى؛ لأنَّ الانْتِفاعَ بنُورِه باقٍ، أشْبَهَ ما قبلَ الفَجْرِ. وإن فَرَغ مِن الصَّلاةِ والكُسُوفُ قائِم لم يُصَلِّ صلاةً أُخْرَى، واشْتَغَلَ بالذِّكْرِ والدُّعاءِ؛ لأنَّ الصَّحِيحَ عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه لم يَزِدْ على رَكْعَتَيْن.
فصل: وإذا اجْتَمَعَ مع الكُسُوفِ صلاةٌ أُخْرَى كالجُمُعَةِ، والعِيدِ، أو الوِتْرِ، أو صلاةٍ مَكْتُوبَةٍ، بَدَأ بأخْوَفِهما فَوْتًا. فإن خِيفَ فَوْتُهما بَدَأ بالواجِبَةِ، فإن لم يكنْ فيهما واجِبَةٌ بَدَأ بالكُسُوفِ؛ لتَأكُّدِه، ولهذا تُسَنُّ له الجَماعَةُ، ولأنَّ الوِتْرَ يُقْضَى، وصلاةُ الكُسُوفِ لا تُقْضَى. فإنِ اجْتَمَعتِ التَّراويِحُ والكُسُوفُ، ففيه وَجْهان عندَ أصْحابِنا. وقال شيخُنا (1): الصَّحِيحُ أنَّ الصَّلَواتِ الواجبَةَ التى تُصَلَّى في الجَماعَةِ تُقَدَّمُ على الكُسُوفِ بكلِّ حالٍ؛ لأنَّ تَقْدِيمَ الكُسُوفِ عليها يُفْضِى إلى المَشَقَّةِ؛
(1) في: المغنى 3/ 331.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لإِلْزامِ الحاضِرِين بفِعْلِها مع كَوْنِها ليست واجِبَةً عليهم، وانْتِظارِهم الصلاةَ الواجِبَةَ، مع أنَّ فيهم الضَّعِيفَ والكَبِيرَ وذا الحاجَةِ. وقد أمَرَ النبىُّ صلى الله عليه وسلم بتَخْفِيفِ الصَّلاةِ الواجِبَةِ؛ لئلَّا يَشُقَّ على المَأْمُومِين، فتَأْخِيرُ هذه الصَّلاةِ الطَّوِيلَةِ الشّاقَّةِ، مع [أنَّها غيرُ](1) واجِبَةٍ، أوْلَى، وإنِ اجْتَمَعَتْ مع التَّراوِيحِ، قُدِّمَتِ التَّراوِيحُ لذلك. وإنِ اجْتَمَعَتْ مع الوِتْرِ في أوَّلِ وَقْتِ الوِتْرِ، قُدِّمَتْ؛ لأنَّ الوِتْرَ لا يَفُوتُ، وإن خِيفَ فَواتُ الوِتْرِ قُدِّمَ؛ لأنَّه يَسِيرٌ يُمْكِنُ فِعْلُه وإدْراكُ وَقْتِ الكُسُوفِ، وإن لم يَبْقَ إلَّا قَدْرُ الوِتْرِ، فلا حاجَةَ إلى التَّلبّسِ بصلاةِ الكُسُوفِ؛ لأنَّها تَقَعُ في وَقْتِ النَّهْى. فإنِ اجْتَمَعَتْ مع صلاةِ الجِنازَةِ، قُدِّمَتِ الجِنازَةُ وجْهًا واحِدًا؛ لأنَّ المَيِّتَ يُخافُ عليه. واللَّهُ أعلمُ.
(1) في م: «أن غيرها» .