الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَدْعُوَ لِلْمُسْلِمِينَ.
ــ
المَوْعِظَةَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، إنَّما هى كَلِماتٌ يَسِيراتٌ. رَواه أبو داود (1).
654 - مسألة: (و)
يُسْتَحَبُّ أن (يَدْعُوَ) لنَفْسِه، (والمسلمين) والمُسْلِماتِ، والحاضِرِينَ، وإن دَعَا لسُلْطانِ المسلمين بالصَّلاحِ، فحَسَنٌ. وقد روَى ضَبَّةُ بنُ مُحْصَنٍ (2)، أنَّ أبا موسى كان إذا خَطَب فحَمِدَ اللَّهَ، وأثْنَى عليه، وصَلَّى على النبىِّ صلى الله عليه وسلم، يَدْعُو لعمرَ. وقال القاضى: لا يُسْتَحَبُّ ذلك؛ لأنَّ عَطاءً قال: هو مُحْدَثٌ. وفِعْلُ الصحابةِ أوْلَى مِن قولِ عَطَاءٍ؛ ولأنَّ سُلْطَانَ المسلمين إذا صَلَح كان فيه صَلاحٌ لهم، ففى الدُّعاءِ له دُعاءٌ لهم، وذلك مُسْتَحَبٌّ غيرُ مَكْرُوهٍ.
فصل: وسُئِلَ الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله، عمَّن قَرَأ سُورَةَ الحَجِّ على المِنْبَرِ، أيُجْزِئُه؟ قال: لا، لم يَزَلِ النَّاسُ يَخْطُبُون بالثَّناءِ على اللَّهِ والصلاةِ على رسولِه صلى الله عليه وسلم. وقال: لا تكونُ الخُطْبَةُ إلَّا كما خَطَب النبىُّ صلى الله عليه وسلم. أو خُطْبَةٌ تَامَّةٌ. ولأنَّ هذا لا يُسَمَّى خُطْبَةً، ولا يَجْمَعُ الشُّروطَ. فإن قَرَأ آيَاتٍ فيها حَمْدُ اللَّهِ تعالى، والمَوْعِظَةُ، وصَلَّى على النبىِّ صلى الله عليه وسلم، صَحَّ؛ لاجْتِماعِ الشُّروطِ.
(1) في: باب إقصار الخطب، من كتاب الصلاة. سنن أبى داود 1/ 253.
(2)
ضبة بن محصن العنزى الكوفى، ثقة، انظر ترجمته في تهذيب التهذيب 4/ 442.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وإن قَرَأ سَجْدَةً في أثْناءِ الخُطْبَةِ، فإن شاء نَزَل فسَجَدَ، وإن أمْكَنَه السُّجودُ على المِنْبَرِ، سَجَد عليه. وإن تَرَك السُّجودَ فلا حَرَج، فَعَلَه عمرُ وتَرَك (1). وبهذا قال الإِمامُ الشافعىُّ. ونَزَل عثمانُ، وأبو موسى، وعَمّارٌ، والنُّعْمانُ، وعُقْبَةُ بنُ عامرٍ. وبه قال أصحابُ الرَّأْى. وقال الإِمامُ مالكٌ: لا يَنْزِلُ؛ لأنَّه تَطَوُّعٌ بصلاةٍ، فلم يَشْتَغِلْ به في أثْناءِ الخُطْبَةِ، كصلاةِ رَكْعَتَيْن. ولَنا، فِعْلُ عمرَ، وفِعْلُ مَن سَمَّينا مِن الصحابةِ، -رَضِىَ اللَّهُ عنهم-، ولأنَّه سُنَّةٌ وُجِدَ سَبَبُها في أثْناءِ الخُطْبَةِ، لا يَطُولُ الفَصْلُ بها، فاسْتُحِبَّ فِعْلُها، كحَمْدِ اللَّهِ إذا عَطَس. ولا يَجِبُ ذلك؛ لِما قَدَّمْنَا مِن أنَّ سُجُودَ التِّلاوَةِ غيرُ واجِبٍ. ويُفارِقُ صلاةَ رَكْعَتَيْن؛ لأنَّ سَبَبَها لم يُوجَدْ في الخُطْبَةِ، ويَطُولُ بها الفَصْلُ.
فصل: ويُسْتَحَبُّ الأذانُ إذا صَعِدَ الإِمامُ على المِنْبَرِ، بغيرِ خِلافٍ؛ لأنَّه قد كان يُؤَذَّنُ للنبىِّ صلى الله عليه وسلم. قال السَّائِبُ بنُ يَزِيدَ: كان النِّداءُ يَوْمَ الجُمُعَةِ إذا جَلَس الإِمامُ على المِنْبَرِ على عَهْدِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وأبى بكرٍ، وعمرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنهما، فلمَّا كان زَمَنُ عثمانَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، وكَثُرَ
(1) تقدم تخريجه في 4/ 212.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
النَّاسُ، زاد النِّداءَ الثَّالِثَ على الزَّوْرَاءِ. رَواه البخارىُّ (1). فهذا النِّداءُ الأوُسَطُ هو الذى يَتَعَلَّقُ به وُجُوبُ السَّعْى، وتَحْرِيمُ البَيْعِ؛ لقَوْلِه سبحانه:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} (2). وهذا النِّداءُ الذى كان على عَهْدِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حينَ نُزولِ الآيَةِ، فَتعَلَّقَتِ الأحْكِامُ به. والنِّداءُ الأوَّلُ مُسْتَحَبٌّ في أوَّلِ الوَقْتِ، سَنَّه عثمانُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، وعَمِلَت به الأُمَّةُ بعدَه، وهو للإِعْلامِ بالوَقْتِ، والثَّانِى للإِعْلامِ بالخُطْبَةِ، والثَّالِثُ للإِعْلامِ بقِيامِ الصَّلاةِ. وذَكَر ابنُ عَقِيلٍ روايةً (3) أنَّ الأذانَ الذى يُوجِبُ السَّعْىَ ويُحَرِّمُ البَيْعَ هو الأذانُ الأوَّلُ على المَنارَةِ. والصَّحِيحُ الأوَّلُ.
فصل: فأمَّا مَن يَكُونُ مَنْزِلُه بَعيدًا، لا يُدْرِكُ الجُمُعَةَ بالسَّعْى وَقْتَ النِّداءِ، فعليه السَّعْىُ في الوقتِ الذى يَكُونُ مُدْرِكًا للجُمُعَةِ؛ لكَوْنِه مِن ضَرُورَةِ إدْراكِها، وما لا يَتِمُّ الواجِبُ إلَّا به واجِبٌ، كاسْتِسْقاءِ الماءِ مِن البئْرِ للوُضُوءِ إذا احْتاجَ إليه.
(1) في: باب المؤذن الواحد يوم الجمعة، وباب التأذين عند الجمعة، من كتاب الجمعة. صحيح البخارى 2/ 10، 11.
كما أخرجه أبو داود، في: باب النداء يوم الجمعة، من كتاب الصلاة. سنن أبى داود 1/ 250. والترمذى، في: باب ما جاء في أذان الجمعة، من أبواب الجمعة. عارضة الأحوذى 2/ 304، 305. والنسائى، في: باب الأذان للجمعة، من كتاب الجمعة. المجتبى 3/ 81، 82. وابن ماجه، في: باب ما جاء في الأذان يوم الجمعة، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 359.
(2)
سورة الجمعة 9.
(3)
سقط من: م.