الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ جَمَعَ في وَقْتِ الثَّانِيَةِ كَفَاهُ نِيَّةُ الْجَمْعِ في وَقْتِ الأُولَى، مَا لَمْ يَضِقْ عَنْ فِعْلِهَا، واسْتِمْرَارُ الْعُذْرِ إِلَى دُخُولِ وَقْتِ الثَّانِيَةِ مِنْهُمَا،
ــ
ويُوتِرَ قبلَ دُخُولِ الثَّانِيَةِ؛ لأنَّ سُنَّتَهَا تابِعَةٌ لها، فَتَتْبَعُها في فِعْلِها ووَقْتِها، ولأنَّ الوِتْرَ وَقْتُه ما بينَ صلاةِ العِشاءِ والصُّبْحِ، وقد صَلَّى العِشاءَ، فدَخَلَ وَقْتُه.
614 - مسألة: (وإن جَمَع في وَقْتِ الثَّانيةِ كَفَاهُ نِيَّةُ الجَمْعِ في وَقْتِ الأُولَى، ما لم يَضِقْ عن فِعْلِها، واسْتِمْرارُ العُذْرِ إلى دُخُولِ وَقْتِ الثَّانِيَةِ
وَلَا يُشْتَرَطُ غَيْرُ ذَلِكَ.
ــ
منهما، ولا يُشْتَرَطُ غيرُ ذلك) متى جَمَع في وَقْتِ الثَّانيةِ، فلا بُدَّ من نِيَّةِ الجَمْعِ في وَقْتِ الأُولَى، فمَوْضِعُ النِّيَّةِ في وَقْتِ الأُولَى من أوَّلِه إلى أن يَبْقَى منه قَدْرُ ما يُصَلِّيها، هكذا ذَكَرَه أصحابُنا؛ لأنَّه متى أخَّرَها عن ذلك بغيرِ نِيَّةٍ صارَتْ قَضاءً لا جَمْعًا، ولأنَّ تأْخِيرَها عن القَدْرِ الذى يَضِيقُ عن فِعْلِها حَرامٌ. قال شيخُنا (1): ويَحْتَمِلُ أن يكونَ وَقْتُ النِّيَّةِ أن يَبْقَى منه قَدْرُ ما يُدْرِكُها به، وهو رَكْعَةٌ، أو تَكْبِيرَةٌ، على ما ذَكَرْنا مُتَقَدِّمًا. ويُعْتَبَرُ بَقاءُ العُذْرِ إلى حينِ دُخُولِ وَقْتِ الثَّانِيَةِ، فإن زال في وَقْتِ الأُولَى،
(1) في: المغنى 3/ 138.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كالمَرِيضِ يَبْرَأُ، والمُسافِرِ يَقْدَمُ، والمَطرَ يَنْقَطِعُ، لم يُبَح الجَمْعُ لزَوالِ سَبَبِه، وإنِ اسْتَمَرَّ إلى وَقْتِ الثَّانِيَةِ جَمَع وإن زال العُذْرُ؛ لأنَّهما صارَتا واجِبَتَيْن في ذِمَّتِه، فلا بُدَّ له مِن فِعْلِهما (1).
فصل: ولا تُشْتَرَطُ المُواصَلَةُ بينَهما إذا جَمَع في وَقْتِ الثَّانِيَةِ؛ لأنَّه متى صلَّى الأُولَى، فالثّانِيَةُ في وَقْتِها لا يَخرُجُ بتَأْخِيرِها عن كَوْنِها مُؤَدّاةً.
(1) في م: «فعلها» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وفيه وَجْهٌ، أنَّ المُواصَلَةَ مُشْتَرَطَةٌ؛ لأنَّ حَقِيقَةَ الجَمْعِ ضَمُّ الشَّىْءِ إلى الشئِ، ولا يَحْصُلُ مع التَّفْرِيقِ. والصَّحِيحُ الأوَّلُ؛ لأنَّ الأُولَى بعدَ وُقُوعِها صَحِيحَةً لا تَبْطُلُ بشئٍ يُوجَدُ بعدَها، والثَّانِيَةُ لا تَقَعُ إلَّا في وَقْتِها.
فصل: وإذا صَلَّى إحْدَى صَلاتَى الجَمْعَ مع الإِمامَ، والثّانِيَةَ مع إمامٍ آخَرَ، أو صَلَّى معه مَأْمُومٌ في إحْدَى الصلاتَيْن، وصَلَّى معه في الثّانِيَةِ مَأْمُومٌ آخَرُ، صَحَّ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: لا يَصِحُّ؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ مِن الإِمام والمَأْمُومِ أحدُ مَن يَتِمُّ به الجَمْعُ، فاشْتُرِطَ دَوامُه (1)، كالعُذْرِ. ولَنا، أنَّ لكلِّ صلاةٍ حُكْمَ نَفْسِها، وهي مُنْفَرِدَةٌ بنِيَّتِها، فلم يُشْتَرَطِ اتَّحادُ الإِمامِ والمَأْمُومِ، كغيرِ المَجْمُوعَتَيْن. وقولُه: إنَّ الإمامَ والمَأْمُومَ أحَدُ مَن يَتِمُّ به الجَمْعُ. لا يَصِحُّ في المُسافِرِ والمَرِيضِ؛ لجَوازِ الجَمْعِ لكلِّ واحِدٍ منهما مُنْفَرِدًا، وفى المَطَرِ في أَحَد الوَجْهَيْن. وإن قُلْنا: إنَّ الجَمْعَ في المَطرَ لا يَجُوزُ للمُنْفَرِدِ. فالذي يَتِمُّ به الجَمْعُ الجَماعَةُ، لا عَيْنُ الإِمامِ والمَأْمُومِ، ولم تَخْتَلَّ الجماعةُ. وعلى ما قُلْنا، لو ائْتَمَّ المَأْمُومُ بإمامٍ (2) لا يَنْوِي الجَمْعَ ونَواهُ المَأْمُومُ (3)، فلَمَّاْ سَلَّمَ الإِمَامُ صَلَّى المأْمُومُ الثّانِيَةَ،
(1) في م: «وجود دوامه» .
(2)
في م: «بالإمام» .
(3)
في م: «الإمام» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
جازَ؛ لأنَّنا أبَحْنا له مُفارَقَةَ إمامِه في الصَّلاةِ الواحِدَةِ لعُذْرٍ، ففي الصَّلاتَيْنِ أَولَى، وإنَّما نَوَى أن يَفْعَلَ في غيرِها، فلم يُؤَثِّرْ، كما لو نَوَى المُسافِرُ في الأُولَى إتْمامَ الثانِيَةِ، فلم تَخْتَلِفْ نِيَّتهما في الصّلاةِ الأُولَى. وهكذا لو صَلَّى المُسافِرُ بِمُقِيمِينَ، ونَوَى الجمْعَ، فلَمَّا صَلَّى بهم الأُولَى قام فصَلَّى الثانِيَةَ، جازَ. وهكذا لو صَلَّى إحْدَى صَلاتَى الجَمْع مُنْفَرِدًا، ثم حَضَرَتْ جماعَةٌ يُصَلُّونَ الثانيةَ، فأمَّهُم فيها، أو صَلَّى (1) معهم مَأْمُومًا، جاز. وقولُ ابنِ عَقِيلٍ يَقْتَضِى أن لا يَجُوزَ شئ مِن ذلك. واللَّهُ أعلمُ.
(1) في م: «فصلى» .