الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْمَرَضِ الَّذِى يَلْحَقُهُ [بِتَرْكِ الْجَمْعِ](1) فِيهِ مَشَقَّةٌ وَضَعْفٌ،
ــ
فصل: وإنَّما يَجُوزُ الجَمْعُ في السَّفَرِ الذى يُبِيحُ القَصْرَ. وقال مالكٌ، والشافعىُّ، في أحَدِ قَولَيْه: يَجُوزُ في السَّفَرِ القَصِيرِ؛ لأنَّ أهْلَ مَكَّةَ يَجْمَعُون بعَرَفَةَ ومُزْدَلِفَةَ، وهو سَفَرٌ قَصِيرٌ. ولَنا، أنَّه رُخْصَةٌ ثَبَتَتْ لدَفْعِ المَشَقَّةِ في السَّفَرِ، فاخْتَصَّتْ بالطَّوِيلِ، كالقَصْرِ والمَسْحِ ثَلاثًا؛ ولأنَّ دَلِيلَ الجَمْعِ فِعْلُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم، والفِعْلُ لا صِيغَةَ له، وإنَّما هو قَضِيَّةٌ في عَيْنٍ، فلا يَثْبُت حُكْمُها إلَّا في مِثْلِها، ولم يُنْقَلْ أنه جَمَع إلَّا في سَفَرٍ طَوِيلٍ.
609 - مسألة: (والمَرَضِ الذى يَلْحَقُه بتَرْكِ الجَمْعِ فيه مَشَقَّةٌ
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وضَعْفٌ) نَصَّ أحمدُ على جَوازِ الجَمْعِ للمَرِيض، ورُوِىَ عنه التَّوَقُّفُ فيه، وقال: أهابُ ذلك. والصَّحِيحُ الأوَّلُ. وهذا قولُ عطاءٍ، ومالكٍ. وقال أصحابُ الرأىِ، والشافعىُّ: لا يَجُوزُ؛ لأنَّ أخْبارَ التَّوْقِيتِ (1) ثابتَةٌ، فلا تُتْرَكُ بأمْرٍ مُحْتَمِلٍ. ولَنا، ما روَى ابنُ عباسٍ، قال: جَمَع رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بينَ الظّهْرِ والعَصْرِ، والمَغْرِبِ والعِشاءِ، مِن غيرِ خَوْفٍ ولا مَطرٍ. وفى رِوايَةٍ: مِن غيرِ خَوْفٍ ولا سَفَرٍ. رَواهما مسلمٌ (2). وقد أجْمَعْنا على أنَّ الجَمْعَ لا يَجُوزُ لغيرِ عُذْرٍ، ثَبَت أنَّه كان لمَرَضٍ. وقد رُوِىَ عن أبى عبدِ اللَّهِ، أنَّه قال في هذا الحَدِيثِ: هذا عندِى رُخْصَةٌ للمَرِيضِ والمُرْضِع. وقد ثَبَت أن النبىَّ صلى الله عليه وسلم أمَرَ سَهْلَةَ بنتَ سهَيْلٍ، وحَمْنَةَ بنتَ جَحْشٍ، لَمّا كانَتا مُسْتَحاضَتَيْن بتَأخِيرِ الظُّهْرِ وتَعْجِيلِ العَصْرِ، والجَمْعِ بينَهما (3).
(1) في م: «التوقيف» .
(2)
الرواية الأول أخرجها مسلم، في: باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، من كتاب المسافرين. صحيح مسلم 1/ 490. كما أخرجها أبو داود، في: باب الجمع بين الصلاتين، من كتاب السفر. سنن أبى داود 1/ 276. والنسائى، في: باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، من كتاب المواقيت. المجتبى 1/ 233. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 283.
والثانية أخرجها مسلم، في: باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، من كتاب المسافرين. صحيح مسلم 1/ 491. كما أخرجها أبو داود، في: باب الجمع بن الصلاتين، من كتاب السفر. سنن أبى داود 1/ 276. والترمذى، في: باب ما جاء في الجمع بين الصلاتين، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 1/ 303. والنسائى، في: باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، من كتاب الصلاة. المجتبى 1/ 234. الإمام أحمد، في: المسند 1/ 223، 346، 354.
(3)
حديث سهلة تقدم تخريجه فيه 2/ 61.
وحديث حمنة تقدم تخريجه في 2/ 395.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فأباحَ الجَمْعَ لأجْلِ الاسْتِحاضَةِ. وأخْبارُ المَواقِيتِ مَخْصُوصَةٌ بالصُّوَرِ المُجْمَع على جَوازِ الجَمْعِ فيها، فنَخُصُّ مَحَلَّ النِّزاعِ بما ذَكَرْنا.
فصل: والمَرَضُ المُبِيحُ للجَمْع هو ما يَلْحَقُه بتَرْكِه مَشَقَّةٌ وضَعْفٌ. قال الأثْرَمُ: قِيلَ لأبى عبدِ اللَّهِ: المَرِيضُ يَجْمَعُ بينَ الصَّلَاتيْن؟ قال: إنِّى لأرْجُو ذلك إذا ضَعُف. وكذلك الجَمْعُ، للمُسْتَحاضَةِ، ولمَن به سَلَسُ البَوْلِ، ومَن في مَعناهما (1)؛ لِما ذَكَرْنا مِن الحَدِيثِ.
(1) في م: «معناها» .