الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَيُصَلِّى بِهِمْ، ثُمَّ يَخْطُبُ خُطْبَةً وَاحِدَةً، يَفْتَتِحُهَا بِالتَّكْبِيرِ كَخُطْبَةِ الْعِيدِ،
ــ
711 - مسألة: (فيُصَلِّى بهم، ثم يَخْطُبُ خُطْبَةً واحِدَةً، يَفْتَتِحُها بالتَّكْبِيرِ، كخُطْبَةِ العِيدِ)
قد ذَكَرْنا الاخْتِلافَ في مَشرُوعِيَّةِ صلاةِ الاسْتِسْقاء وصِفَتِها. واخْتَلَفَتِ الرِّوايَةُ في خُطْبَةِ الاسْتِسْقاءِ وفى مَوْضِعِها، فرُوِىَ، أنَّه لا يَخْطُبُ، وإنَّما يَدْعُو ويَتَضَرَّعُ؛ لقولِ ابنِ عباسٍ: لم يَخْطُبْ كخُطْبَتِكُم هذه، لكنْ لم يَزَلْ في الدُّعاءِ والتَّضَرُّعِ. والمَشْهُورُ أن فيها خُطْبَةً بعدَ الصَّلاةِ. قال أبو بكر: اتَّفَقُوا عن أبى عبدِ اللَّهِ، أنَّ في صلاةِ الاسْتِسْقاءِ خُطْبَةً، وصُعُودًا على المِنْبَرِ. والصَّحِيحُ أنَّها بعدَ الصَّلاةِ. وبه قال مالكٌ، والشافعىُّ، ومحمدُ بنُ الحسنِ. قال ابنُ عبدِ البَرِّ: وعليه جَماعَةُ الفُقَهاءِ؛ لقولِ أبى هُرَيْرَةَ: صَلَّى رَكْعَتَيْن، ثم
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
خَطَبَنا (1). لأنَّها صلاةٌ ذَاتُ تَكْبِيرٍ، فأشْبَهَتْ صلاةَ العِيدَيْن. وفيها رِوايَةٌ ثانيةٌ، أنَّه يَخْطُبُ قبلَ الصَّلاةِ. رُوِىَ ذلك عن عُمَرَ، وابنِ الزُّبَيْرِ، وأبانَ بنِ عُثْمان (2)، وهِشَامِ بنِ إسماعِيلَ (3)، وأبى بكرِ بنِ محمدِ بنِ عَمْرِو بنِ حَزْمٍ. وبه قال اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ، وابنُ المُنْذِرِ؛ لما روَى أنَسٌ، وعائشةُ، أنَّ النبىَّ رضي الله عنه خَطَب وصَلَّى (4). وعن عبد اللَّهِ بنِ زيدٍ، قال: رَأيْتُ النبىَّ صلى الله عليه وسلم، يَوْمَ خَرَج يَسْتَسْقِى، فحَوَّلَ ظَهْرَه إلى النّاسِ، واسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ يَدْعُو، ثم حَوَّلَ رِداءَه، ثم صَلَّى رَكْعَتَيْن، جَهَر فيهما بالقِراءَةِ. مُتَّفَقٌ عليه (5). وفيها رِوايَةٌ ثالثةٌ، أنَّه مُخَيَّرٌ في الخُطْبَةِ قبلَ
(1) تقدم تخريجه في صفحة 410.
(2)
أبو سعيد أبان بن عمان بن عفان الأموى التابعى؛ ثقة من فقهاء المدينة، توفى في خلافة يزيد بن عبد الملك. وكانت وفاة في يد سنة خمس ومائة. تهذيب التهذيب 1/ 97.
(3)
أبو عبد الملك هشام بن إسماعيل الدمشقى العطار، الزاهد القدوة، كان ثقة، توفى سنة سبع عشرة ومائتين. العبر 1/ 372.
(4)
تقدم تخريجه في صفحة 411.
(5)
تقدم تخريجه في صفحة 409.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الصَّلاةِ وبعدَها؛ لوُرُودِ الأخْبارِ بكِلا الأمْرَيْن، ودلالَتِها على كِلْتا الصِّفَتَيْن (1)، فحُمِلَ على أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم فَعَل الأمْرَيْن. وأيًّا ما فَعَل مِن ذلك فهو جائِزٌ؛ لأنَّ الخُطْبَةَ غيرُ واجِبَةٍ على جَمِيِعِ الرِّواياتِ. والأَوْلَى أن يَخْطُبَ بعدَ الصَّلاةِ، كالعِيدِ، وليكونُوا قد فرغُوا مِن الصَّلاةِ، فإن أُجِيبَ دُعاؤُهم وأُغِيثُوا لم يَحْتاجُوِا إلى الصَّلاةِ في المَطَر. وقولُ ابنِ عباسٍ: لم يَخْطُبْ كخُطْبَتِكم. نفْىٌ لصِفَةِ الخُطْبَةِ لا لأصْلِها؛ بدَلِيلِ قَوْلِه: إنَّما كان جُلُّ خُطْبَتِه الدُّعاءَ والتَّضَرُّعَ والتَّكْبِيرَ. ويُسْتَحَبُّ أن يَفْتَتِحَها بالتَّكْبِيرِ، كخُطْبَةِ العِيدِ.
فصل: والمَشْرُوعُ خُطْبَةٌ واحِدَةٌ، وبهذا قال عبدُ الرحمنِ بنُ مَهْدِىٍّ. وقال مالكٌ والشافعىُّ: يَخْطُبُ كخُطْبَتَى العِيدَيْن؛ لقَوْلِ ابنِ عباسٍ: صَنَع النبىُّ صلى الله عليه وسلم كما صَنَع في العِيدِ (2). ولأنَّها
(1) في م: «الصنفين» .
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 411.