الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهَلْ يَجُوزُ لأجْلِ الْوَحْلِ، أَو الرِّيِحِ الشَّدِيدَةِ الْبَارِدَةِ، أَوْ لِمَنْ يُصَلِّى في بَيْتِهِ، أَو فِى مَسْجِدٍ طَرِيقُهُ تحْتَ سَابَاطٍ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
ــ
611 - مسألة: (وهل يَجُوزُ ذلك لأجْلِ الوَحْلِ، أو الرِّيحِ الشَّدِيدَةِ الباردَةِ، أو لمَن يُصَلِّى في بَيْتِه، أو في مَسْجِدٍ طَرِيقه تَحْتَ سَابَاطٍ
(1)؟ على وَجْهَيْن) اخْتَلَفَ أصْحابُنا في الوَحْلِ بمُجَرَّدِه، فقال القاضى: قال أصحابُنا: هو عُذْرٌ يُبِيحُ الجَمْعَ؛ لأنَّ المَشَقَّةَ تَلْحَقُ بذلك في الثِّيابِ والنِّعَالِ، كما تَلْحَقُ بالمَطرَ. وهو قولُ مالكٍ. وذَكَر أبو الخَطَّابِ فيه وَجْهًا
(1) الساباط: سقيفة بين دارين تحتها طريق.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ثانِيًا، أنَّه لا يُبِيحُ. وهو قولُ الشافعىِّ؛ لأنَّ مَشَقَّتَه (1) دُونَ مَشَقَّةِ المطَرِ، فلا يَصِحُّ قِياسُه عليه. قال شيخُنا (2): والأوَّلُ أَصَحُّ؛ لأنَّ الوَحْلَ يُلَوِّثُ الثِّيابَ والنِّعالَ، ويُعَرضُ الإِنْسانَ للزَّلَقِ (3)، فيَتَأذَّى نَفْسُه وثِيابُه، وذلك أعْظَمُ ضَرَرًا مِن البَلَلِ، وقد سَاوَى المَطرَ في العُذْرِ في تَرْكِ الجُمُعَةِ والجَماعَةِ، فدَلَّ على تَسَاوِيهما في المَشَقَّةِ المَرْعِيَّةِ في الحُكْمِ.
فصل (4): فأمَّا الرِّيحُ الشَّدِيدَةُ، في اللَّيْلَةِ البارِدَةِ، ففيها وَجْهان؛
(1) في م: «المشقة» .
(2)
في: المغنى 3/ 133.
(3)
في الأصل: «التلويث» .
(4)
هذا الفصل ليس في الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أحَدُهما، يُبِيحُ الجَمْعَ. قال الآمِدِىُّ: وهو أَصَحُّ. يُرْوَى عن عمرَ بن عبدِ العزِيزِ؛ لأنَّ ذلك عُذْرٌ في تَرْكِ الجُمُعَةِ والجمَاعَةِ، بدَلِيلِ ما روَى محمدُ ابنُ الصَّبّاحِ، حدَّثنا سُفْيانُ، عن أيُّوبَ، عن نافِعٍ، عن ابنِ عمرَ: قال: كان رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُنَادِى مُنادِيه في اللَّيْلَةِ المَطِيرَةِ، واللَّيْلَةِ البارِدَةِ ذاتِ الرِّيِحِ:«صَلُّوا في رِحَالِكُمْ» رَواه ابنُ ماجه (1). والثَّانِى، لا يُبِيحُه؛ لأنَّ مَشَقَّتَه دُونَ مَشَقَّةِ المَطرَ، فلا يَصِحُّ القِياسُ، ولأنَّ مَشَقَّتَها مِن غيرِ جِنْسِ مَشَقَّةِ المَطرَ، ولا ضابِطَ لذلك يَجْتَمِعان فيه، فلم يَصِحَّ الإِلحاقُ.
فصل: وهل يَجُوزُ الجَمْعُ لمُنْفَرِدٍ، أو لمَن طرِيقُه تحتَ سَابَاطٍ يَمْنَعُ وُصُولَ المطرَ إليه، أو مَن كان مُقامُه في المَسْجِدِ، أو لمَن يُصَلِّى في بَيْتِه؟ على وَجْهَيْنِ؛ أحَدُهما، الجَوازُ. قال القاضى: وهو ظاهِرُ كَلامِ أحمدَ؛
(1) تقدم تخريجه في 4/ 472.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لأنَّ الرُّخْصَةَ العامَّةَ يَسْتَوِى فيها حالُ وُجُودِ المَشَقَّةِ وعَدَمِها، كالسَّفَرِ، وكإباحَةِ السَّلَمِ في حَقِّ مَن ليس له إليه حاجَةٌ، [وإِباحَةِ اقْتِناءِ](1) الكَلْبِ للصَّيْدِ والماشِيَةِ لمَن لا يَحْتاجُ إليها. وقد رُوِيَ أنَّه عليه السلام جَمَع في مَطرَ وليس بينَ حُجْرَتِه ومَسْجِدِه شئٌ. والثَّانِى، المَنْعُ. اخْتارَه ابنُ عَقِيل؛ لأنَّ الجَمْع لأجْلِ المَشَقَّةِ، فاخْتَصَّ بمَن تَلْحَقُه المَشَقَّةُ، [كالرُّخْصَة في التَّخَلُّفِ عن الجُمُعَةِ والجَماعَةِ](2)، دُونَ مَن لا تَلْحَقُه، كمَن في الجامِعِ والقَرِيبِ منه.
(1) في م: «كاقتناء» .
(2)
سقط من: الأصل.